شبكة ذي قار
عـاجـل










لكي نصل الى فهم حقيقي لما يدور على الساحة العراقية الان لابد لنا من الوقوف سريعا على دوافع الغزو الامريكي للقطر ولابد لنا من تفهم وبشكل مختصر طبيعة ارادات نسيج المجتمع العراقي اذا اعتبرنا انه خليط من مجموعة من المكونات رغم انها تذوب امام الوطن وطبيعة امتدادات علاقاته مع دول الجوار ومدى تبادل التأثير بينهما وماهية التأثير الامريكي المباشر او غير المباشر في تلك العلاقة .

 

من البديهيات المسلم بها ان الولايات المتحدة الامريكية لم تغزو العراق وتعمل على الانحدار بشعبه الى هاوية سحيقة من التخلف وتعود به الى عهود الظلام وتلغي ما يقارب النصف قرن من عمره المديد وفترة مهمة من نهضته وتطوره الحضاري وتعمل على بناء فواصل واسعة وواضحة قوية تشمل كل انماط الحياة بينه وبين محيطه الاقليمي من جهة وبين مكوناته الاجتماعية من جهة ثانية وهي الاهم الا من اجل هدف مهم غاية في الخطورة يخدم مصالحها اولا , فضمن استراتيجيتها خططت الادارة الامريكية لتكسيح الشعب العراقي (( سواء كانت بتنفيذ مباشر من قبلها او عن طريق ادواتها وحلفائها المحليين او الاقليميين وسيكون هذا المفهوم سياق عاما اثناء سرد الفكرة )) وافراغه من روابطه لما معروف عن قدرة المواطن العراقي على الصبر والمطاولة والاصرار على انجاز هدفه وبلوغ غايته ناهيك عن الميزات الاخرى التي يمنحه اياها الانتماء العربي كالشجاعة والاقدام وهذا ما يمنحه قدرة استثنائية على تحقيق النصر في اي معركة يزج فيها مرغما وقد ثبت ذلك من خلال المعارك الوطنية والقومية التي خاضها للدفاع عن العراق والامة العربية التي منحته خبرة قتالية عالية , وتعلقه في انتمائه القومي هذا في الوقت يزيد من تخوف اعدائه فانه يمنحه رافدا جديدا جديا للاصرار على صناعة النصر والفوز بثمرته , ولكي تحقق هذا التكسيح او التعجيز عملت سلطات الاحتلال باتجاهات مختلفة منها:

 

الاتجاه الاول // العمل على انجاز وتحقيق ردة فكرية لصالح الطائفية والعشائرية بلغت مستوى يفوق حد التطرف وتغليبها على ما انجزته النهضة الوطنية القومية التي قامت خلال فترة الحكم الوطني بقيادة حزب البعث العربي الاشراكي منذ الشروع بانتشاره في العراق مع بداية النصف الثاني من القرن الماضي وهي فترة كافية جدا لبناء الانسان الصحيح والسليم وفق مبادئ جديدة ووفق المعايير الانسانية العامة خالية من الشوائب , ولتحقيق هذا الهدف لابد لها , اي قوات الغزو من نشر ثقافة جديدة في المجتمع العراقي هي ثقافة العنف واشاعة القتل كاسلوب في اقصاء الطرف الاخر وبناءا على الموروث الاجتماعي العراقي سيتغذى هنا حتما مبدأ الثأر في تسوية النزاع بدل القانون خصوصا في ظل حكومة دولة هزيلة او اللجوء الى العشيرة والقبيلة في حل النزاعات الناتجة عن هذه الثقافة , وركز في ذلك على استثمار المناسبات الدينية وشعاراتها على الطريقة الصفوية المعروفة كاحدى طرق استقطاب الجماهير وتثقيفها لتغذية هذا الاتجاه .

 

الاتجاه الثاني // اشغال المواطن العراقي عن التفكير فيما يجري على مسرح الاحداث الساخنة بهموم ومشاكل يومية خاصة متجددة تبدأ بالبطالة ونقص الخدمات والقمع واسكات الاصوات الوطنية والخوف من المداهمات والاعتقالات التي تنفذها اجهزة الدولة او المليشيات ولا تنتهي بالارهاب المنظم واثارة الفوضى والموت باية وسيلة والتهجير داخل او خارج القطر لتمرير المخططات الخبيثة المعدة مسبقا التي تيسر عملية نهب الثروات العراقية وبذلك تضمن عجزه عن اداء دوره الوطني في مقاومة الاحتلال .

 

الاتجاه الثالث // عملت سلطات الاحتلال ومنذ مراحل الاعداد له ما قبل الغزو   على انشاء كيانات وتحزبات تتوحد في استراتيجياتها وتختلف في تكتيكاتها تديرها بالخفاء بعناوين فئوية في اغلبها ووطنية لقسم قليل منها وجندت لها وسائل اعلام مكثف تروج لمشاريعها وامكانيات مادية وسلطوية وطعمتها او زينتها بعناصر لها ماضي في العمل الوطن ولكن قيم الرجولة اهتزت فيها فتخاذلت تحت مختلف وسائل التأثير لتمنحها المصداقية المطلوبة ودفعتها للتحرك بمختلف الوسائل في محاولة منها لخلق قاعدة شعبية , ومن خلال عمر الاحتلال حاولت ان تبلور فكرة واضحة عنها لتقوي من اثبت منها مقدرة في التغلغل بين اطياف الشعب ليكون اداتها المعتمدة في الفترة المقبلة .

 

لقد عززت هذه التكتلات من فرض وجودها بتكوين مليشيات جمعت لها العتاة من قطاع الطرق والمارقين وسقط المتاع واكثرهم قد تم تدريبهم خارج الحدود وخصوصا في ايران او من غير العراقيين ومنحتهم حصانة تفوق قوة القانون غير الموجود اصلا  مارست انواع غريبة من العنف والبطش بالابرياء خلفت جيوش من الضعفاء ومكممي الافواه ومسلوبي الارادة حاولت هذه المليشيات ان تجعل من الشعب اما ساكت عن حقه او مع هذه التكتلات وبخلاق ذلك فلا مكان له في عراق ما بعد الاحتلال كما يريدون خاسئين .

 

واذا كانت وسيلة تلك التكتلات العنف الذي تمارسه مليشياتها لفرض ارادتها على المواطن المغلوب على امره فان اجنحة منها لتحصل على المصداقية والتأييد الجماهيري المطلوب انتهجت سياسة ركوب المطلب الشعبي الحيوي ومعاناة المواطن وحاجته وهي بذلك تحقق انجازين الاول استقطابه ليلتف حولها , والثاني لتخيدره وامتصاص غضبه والاتجاه به من دون ان يعرف الى غير ما يريد.

 

هذه الاتجاهات وغيرها اذن هي الادوات التي عملت الولايات المتحدة بادارتيها السابقة التي امتازت بالغباء والرعونة واستخدام القوة بشكل مفرط واوصلت العالم كله الى ما صار عليه الان بما فيه امريكا التي اصبحت راكعة ذليلة بفعل ما تعاني من ضربات المقاومة الباسلة في كل العالم وخصوصا العراق او الادارة الجديدة التي رسم باراك اوباما خطوطها العريضة والتي امتازت بالهدوء وتميل الى السياسة والمكر والمخادعة اكثر منها الى العنف وهي طبعا تكون بذلك اخطر من سابقتها , نقول هذه الاتجاهات عملت بجدية بالغة على محاولة تمزيق نسيج المجتمع العراقي لانها تنوعت واتسعت للالتفاف على ابناء شعبنا ومحاولة اشغاله بل وتخليه لا سمح الله عن دعم المقاومة الوطنية خصوصا بعد اكثر من سبع سنوات من الاقتتال والعنف الطائفي وما خلف من ويلات اتعبت المواطن وجعلته يتشبت في اي وسيلة تقربه من الخلاص .

 

اضافة الى ما تقدم فقد عملت سلطة الاحتلال على عدم تغليب فريق او تكتل على اخر ومهما حاولت ان تبرر لتثبت ان ما جرى في يوم 7 اذار من هذا العام هو عملية ديموقراطية حقيقية مارس فيها الشعب حقة في اختيار من يعبر به المرحلة الحالية فهي كاذبة فيما تدعيه على الاقل لما سبقها من عمليات اقصاء وابعاد واجتثاث للقوى الوطنية , لانها اصلا تسعى الى خلق حالة من الفوضى والصراع على الكراسي لكي لا تجعل لمن يجلس على كرسي العمالة امكانية التعبير بحرية في اتخاذ اي قرار وطني يعيد للعراق هيبته الدولية العروفة بينما جعلت هذا الصراع يدور بين شخصيات هزيلة مسلوبة الارادة معروفة بتاريخها القذر اثبتت السنوات السبع الماضية نجاحها فيما جندت اليه .

 

ان هذا المخطط المعقد في تركيباته ومفاصله اضاف للقوى الوطنية العراقية واجبات ومهام صعبة غير واجباتها في مقارعة الاحتلال ومقاومته ويحتم عليها التقيق في كل خطواته لفضح ابعادها ورموزها .

 

Iraq_almutery@yahoo.com

http://www.alqadsiten.net/index.php





الاحد٢٢ رجــــب ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٤ / تموز / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عراق المطيري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة