شبكة ذي قار
عـاجـل










سأترك المقدمات الى نهاية هذا المقال وأدخل فورا في النتيجة:
وصل الى بغداد عاصمة العراق (المحرر الحر تام السيادة) الذي تحكمه حكومة منتخبة من الشعب وذات شرعية تامة غير منقوصة, نائب رئيس الولايات المتحدة الامريكية التي حررت العراق عام 2003 من الاحتلال البعثي الوطني القومي المسلم , وهو طبعا كما معروف للقاصي والداني نائب رئيس أعظم دولة في الكون, وجرت لسيادته مراسيم زيارة رفع فيها ( ..عفوا .. لم يرفع شئ ..) وكان على رأس مستقبلي الضيف الكبير جدا وفقا لتسلسل الاهمية السيادية:


سفير الولايات المتحدة في العراق الحر جدا يليه .. قائد القوات الأمريكية التي حررت العراق من أهله وثالث المستقبلين وفق تسلسل المصافحة والوقوف كان وزير خارجية العراق (الحر السيد المحرر من نظام البعث القومي العربي) السيد هوش يار زيباري  ومن ثم تلاه في التسلسل أركان سفارة الولايات المحررة الامريكية وكبار جنرالات التحرير.


انتهت النتيجة وسأعود الى المقدمات.
والمؤكد اني لا أعرف بالضبط ما سأقوله ولا كيف سأقوله لاني أتيه جذلا من غبطة تعتريني منذ لحظة وقوع نظري على لقطات الاستقبال التي بثتها فضائيات العالم وكنت أتوقع أن أرى فيها طبقا لبروتوكولات ومراسيم تبادل الزيارات بين كبار المسؤولين في الدول ذات السيادة, كنت أتوقع ان أرى رئيس جمهورية العراق ورئيس الوزراء ورئيس البرلمان وعدد من الوزراء من أعضاء حكومة وبرلمان العراق المنتخبين من قبل شعبنا العظيم ديمقراطيا وبمواصفات حرية لم تجرب من قبل في كل بلدان العالم الثالث كما يزعم تجار المنطقة الخضراء .غير ان تخميناتي المعلنةهنا في صورة استقبال الرجل لم يتحقق منها شئ سوى حضور هامشي مهين وذليل لوزير خارجية المنطقة الخضراء، حيث كان يتيما ملطوشا في المرتبة الثالثة كما أسلفت وطبعا هو هذا بعينه مبعث غبطتي وشماتتي الكبيرة بالقادم وبالمستقبلين على حد سواء.


ما يدهشني حقا وقررت من تحت رحى ضغطه على صدري أن أكتب هذه السطور هو العار والذل الذي يعلو هام نائب رئيس أعظم دولة في العالم تدّعي بأنها حررت العراق وأقامت فيه جمهورية الديمقراطية التعددية الطائفية العرقية الممثلة لكل طيف العراق الوطني المتنوع دينيا وطائفيا وعرقيا وبعد أكثر من سبع سنوات يدخل الى العراق, مختبأ تحت ستار من السرية والتكتم ولا تجرى له مراسم زيارة وقورة محترمة كتلك التي ستجرى له لو زار بلدا صغيرا مثل جزر القمر أو بلدا كبيرا مثل مصر. وقد ركب رأسي ان العار كل العار ليس على زعماء ( الحكومة) المضيّفة بقدر ما هو على بايدن الذليل الذي يعاني حتما من عدد هائل من الاحباطات ليس أقلها عدم قدرة أعضاء الحكومة المنصّبة منه أن يستقبلوه كما يفعل كل رجال الحكم الحقيقيين في العالم فضلا عن احباطات أخرى مدمرة له ولبلده الذي يتغنى بعظمة لا نظير لها منها على سبيل المثال لا الحصر:


1- ان قوى المعارضة لنظام العراق الوطني التي جمعتها الولايات المتحدة من زوايا قمامات العالم وسلموها السلطة في بغداد لم تغادر فشلها المزمن الذي رافقها قبل الغزو ولم يرتق أي من أطرافها ولو الى أدنى مستوى مطلوب لوصف رجال دولة.


2- ان رجال قمامات العالم المتنوعة الذين لملمتهم أميركا لم يتمكنوا من تشكيل حكومة محاصصة ولا مشاركة ولا استحقاق انتخابي رغم مضي أربع شهور الاّ بضعة ساعات فقط على تاريخ اجراء الانتخابات الامريكية الاخيرة في العراق وأسوأ من ذلك انه لا تلوح في الافق أية دلالة أو اشارة ايجابية على قدرة هؤلاء الاوباش على تخطي محنة العملية السياسية الامريكية التي أسقطهم بها شعبنا العظيم ومقاومته البطلة.


3- ان رجال بايدن في العراق من المعممين الفرس والعراقيين وأهل الاربطة أو مقلدي راغب علامة او أحمدي نجاد قد أدخلوا العملية السياسية الامريكية في أنفاق مظلمة تجعل ريق بايدن لا يمر به العسل وهم واقعون تحت تاثيرات الزهو بالديمقراطية الامريكية في العراق التي أباحت لهم نهب ثروات العراق ونقلها الى حسابات وعقارات في كل أنحاء العالم دون أن يلتفتوا بما يكفي لاعطاء العملية السياسية التي يلعبون في ساحتها المحمية بارادة وقوة أميركا أي حق يذكر.


4- الاحباط الأهم في صدر نائب الرئيس الزائر للبلد الذي حرروه من أهله قبل سبع سنوات هو اليقين الذي يغلف كل خطوة خطاها باتجاه العراق بانه لا يستطيع ابراز العصى الامريكية في هذه الزيارة الفاشلة لان يد ايران قد صارت أعلى بكثير مما ارادت لها أميركا في العراق وسحبت الجزء الاعظم من البساط من تحت أقدام أميركا بحيث ان أي اشهار للعصى سيضع أميركا في موقف لا تحسد عليه وان من الافضل له أن يظل يقضم الجزرة حتى يكتمل الهرب الامريكي المسؤول وبعدها سيكون للعراقيين القول الفصل في مَن يتبقى معتديا على وطنهم.


هذا وغيره الكثير .. هو ما يحكم حال الامريكان زوارا جبناء لا يقدرون على تنظيم حفل استقبال رسمي أو محتلين يواجهون الموت اليومي والفزع المستديم في العراق المجاهد الابي حيث لم يقدروا لا هم ولا القردة الذين سلطوهم في بغداد أن يحققوا مترا آمنا يأويهم. وهذا هو مصدر غبطتي انا وكل عراقي وعربي ومسلم نجيب. وهو ذاته ما نعلنه كل يوم ونفتخر به ونعتبره العلامة الاكثر وضوحا في وضع العراق المحتل من أن النصر يطرق أبواب العراقيين وهزيمة الغزاة والعملاء قادمة لا ريب فيها لقوتهم العسكرية المتجبرة ولعمليتهم السياسية المجرمة ولكل أدواتها العرقية والطائفية الطارئة على عراق التحابب والتسامح والاخوة الوطنية. وتبقى دلالات الاستقبال الرسمي لبايدن يوم أمس تشير بما لا يقبل أي جدل بأنه استقبال يليق بالقادم وبمضّيفه لانه استقبال خائبين لسيدهم الخائب.

 

 

أ.د. كاظم عبد الحسين عباس - أكاديمي عراقي
aarabnation@yahoo.com





الاحد٢٢ رجــــب ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٤ / تموز / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أ.د. كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة