شبكة ذي قار
عـاجـل










بعد النجاح الساحق الذي حققته منظمة مجاهدي خلق في مؤتمرها الأخير الذي عقد في باريس بتأريخ 6/6/2010 وافتتحته الرئيسة المنتخبة المناضلة مريم رجوي، خطت المنظمة خطوات مهمة في تأريخها النضالي بإستقطاب الرأي العام العالمي الى صفها بعد محاولات النظام الإيراني تشويهه وإلحاقه بالمنظمات الإرهابية بصفقات ومساومات مكشوفة مع بعض الأطراف الدولية ولاسيما الشيطان الأكبرالذي تبنى توجيهات الشيطان الأصغر في هذا المسعى. فقد ثبت للقوى السياسية والتحررية في العالم وحشية نظام الملالي وتمثيله لأقصى أنواع الفوضى والفساد السياسي والأنحدار الأخلاقي ومحاولاته الدائمة للعبث بالروح الوطنية الإيرانية والتزام سياسة العنف والأقصاء ضد مواطنية مع تغليب المنطق المذهبي والشوفيني على المنطق الوطني من خلال التمييز وتغيب الشرعية الجمعية الوطنية أمام الشرعية الفردية المتمثلة بالولي الفقيه.


النجاح في مؤتمر باريس تمثل بحضور أكثر من(3000) برلماني أوربي وأكثر من مائة ألف من مؤيدي المنظمة والمعارضين السياسيين لنظام الملالي ارتدوا الملابس البنفسجية حاملين صور شهدائهم الأبرار. كما حضره شخصيات مهمة من بينها (خوزيه أزنار) رئيس وزراء اسبانيا و(جان بولتون) الممثل الامريكي الدائم سابقا في الأمم المتحدة. وقد عبر أزنار عن أسفه من الموقف الأوربي السابق بقوله" فقد المجتمع الدولي موقفاً مهماً قبل عام حينما لم يعلن دعمه القوي لمناضلي الحرية في شوارع طهران والمدن الايرانية الأخرى" مستدركا بالقول" ولكننا سنواصل دعمنا منذ هذه الحظة". كما أشار بولتون إلى ضرورة" شطب إسم منظمة مجاهدي خلق من قائمة المنظمات الإرهابية". مشيرا بأن التظاهرات الإيرانية التي اعقبت الإنتخابات الأخيرة وتواصلها يؤكد رغبة الشعب الإيراني بنظام ديمقراطي بدلا من النظام الحالي.


وأكدت الرئيسة الإيرانية من ناحيتها مواصلة النضال الشعبي حتى إسقاط النظام الدكتاتوري للولي الفقية، تحت شعار"لا للفاشية المعممة ولا لعمليات الرجم والإعدام وبتر أطراف الجسد ولا للحجاب القسري ولا للديانة القسرية ولا للحكومة المفروضة على الشعب". كما شدد الكثير من الحضور خلال الخطب واللقاءات الإعلامية على مواصلة وتشديد العقوبات على النظام الحاكم. وذكر أزنار بأن" العقوبات على النظام الإيراني ليست كافية بحد ذاتها " مؤكدا ضرورة تعزيزها، طالما يتعنت هذا النظام المتغطرس ويتحدى الإرادة الدولية التي تطالبه بنزع أسلحة التدمير الشامل, وهو نفس ما طرحه الممثل الأمريكي الدائم في الأمم المتحدة مؤكدا على ضرورة"منع النظام الإيراني من الحصول على أسلحة نووية".


وما أن إنتهى المؤتمر الدولي في باريس حتى أعقبته خطوة ثانية لا تقل أهمية عن المؤتمر تمثلت في القرار الجريء الذي اتخذته محكمة الإستئناف في واشنطن بتأريخ 16/7/2010 والذي جاء متزامنا مع خطوات أخرى عرت نظام الملالي من ورقة التوت الأخيرة وتركت أثرا طيبا في نفوس الكثير من المناصرين لمنظمة مجاهدي خلق بإعتبارها المعبر الحقيقي عن آمال وتطلعات وضمائر الشعوب الإيرانية. فقد إعتبرت المحكمة إدراج منظمة مجاهدي خلق كمنظمة إرهابية مخالفة صريحة للقوانين النافذة وروح العدالة. فأعادته إلى وزارة الخارجية الأمريكية لإعادة النظر فيه.


قرار محكمة الإستئناف في حقيقة أمره لم يكن مكرمة أو فضلا منها لمجاهدي خلق بقدر ما هو إقرارا للحق ورفع للحيف والظلم الذي الصق بالمنظمة طوال السنوات الماضية. فهذه المنظمة الجهادية ناضلت بشدة ضد استبداد الشاه وقدمت الكثير من التضحيات والخسائر في مشوارها النضالي الطويل والشاق منذ تأسيسها عام 1965 ولحد الآن، وكانت ركيزة مهمة في إسقاط نظامه، وانضوى تحت لوائها رجال الدين أنفسهم قبل أن يقلبوا ظهر المجن وينفردوا بالساحة. فاستأنفت مجددا نضالها ضد الطغمة الحاكمة حاليا, مما يمثل امتدادا وتواصلا طبيعيا لمسيرتها النضالية الميمونة. وان هذه الصفحات التأريخية المشرقة من الجهاد المرير والتضحيات الجسيمة لا يمكن أن تمحى من ذاكرة الشعوب الإيرانية على مدى الدهور. مما جعلهم يلتفون بشدة حول منظمة مجاهدي خلق ومجاهدي بقية تشكيلات المعارضة الإيرانية كمجاهدي عربستان والأكراد والبلوش وغيرهم.


لا أحد يجهل بأن القرار الذي اتخذته الإدارة الأمريكية السابقة بإدراج المنظمة في قائمة المنظمات الإرهابية كان صفقة رخيصة مع نظام الملالي. وأن إعادته مرة أخرى بنفس الصيغة من قبل وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون أمر شاذ لا يتناسب مع روح العدالة. بل يناقض جوهريا مع تصريحاتها السابقة " لم نرغب أن نضع أنفسنا بين السلطات والإيرانيين الذين يعترضون في صورة شرعية. لأننا لو تدخلنا في وقت مبكر وبشكل قوي جدا لحاولت السلطات الإيرانية إستخدامنا لتوحيد البلاد ضد المعارضين. لكننا بذلنا جهدا كبيرا في الكواليس وقمنا بجهود كبيرة لدعم المعارضين دون أن نضع أنفسنا بينهم وبين النظام. ونحن نواصل دعم المعارضة الإيرانية". لذلك حملت المحكمة إدارة أوباما الجديدة المسئولية كاملة عن" الفشل في توفير إجراءات الحماية اللازمة لمنظمة مجاهدي خلق" مشيرة في هذا الصدد" بأن عرضه ثانية من قبل وزارة الخارجية على المحكمة يمثل حالة من عدم الإلتزام بالقرارات التي أصدرتها المحكمة فيما يخص المنظمة".


من المؤكد أن قرار محكمة الإستئناف قرارا حكيما وصائبا وأن جاء متأخرا عن زمانه، لكنه مع هذا جاء أيضا في وقت مناسب. فهو يمثل إنقلابا غير معلن على قرارات الإدارة الأمريكية السابقة وتسفيها لها. كما أنه يمثل انعطافة حادة في الموقف الأمريكي تجاه المنظمة، معترفة بأنها لسان حال الشعوب الإيرانية المضطهدة التي ترزخ تحت نظام جائر جبلً على العنف والغطرسة وعدم إحترام الشرعية الدولية وتهديده المستمر للأمن والسلام الدوليين، وتدخله السافر في الشئون الداخلية لبقية الدول ولاسيما في منطقة الشرق الأوسط. وهذا ما شهده العالم بأسره خلال انتفاضة الشعوب الإيرانية بعد الإنتخابات الصورية الأخيرة والتظاهرات التي أندلعت شرارتها مؤخرا في عموم إيران، وما تزال مستمرة لحد النصر القريب والإطاحة بعمائم الشر.


وقد تزامن مع هذا الأمر، الفشل الذريع للنظام الإيراني في إرسال شحنة من المساعدات لكسر الحصار الصهيوني على غزة. فقد ارسلت سفينة يتيمة إلى غزة ولكنها سرعان ما غيرت خريطة مسيرها وحطت في مصر بعد تلقيها تهديدا مباشرة من الكيان الصهيوني واضعة حدا للمهاترات الإيرانية والثرثرة المستديمة في دعم الفلسطينيين. وحاول النظام الإيراني أن يعلق فشله المخزي على شماعة مصر على أساس انها منعت السفينة من دخول قناة السويس لكنه لم يفلح. حيث فضحت القيادة المصرية الإدعاء الكاذب في بيانها بعدم تسلمها أي إشعار إيراني للسماح بدخول سفينة إيرانية للقناة. وأن المرور متاح لكل سفن العالم بإستثناء الدول الداخلة في حرب مع مصر( وهو موضوع مقالنا القادم بعنوان النظام إلإيراني والمتاجرة بالقضية الفلسطينية بإذن الله ). إذن فقد وجهت القيادة التركية بحكمتها صفعة شديدة لنظام الملالي بعد أن كسرت الحصار المفروض على غزة. وأفقدت المفاجأة رشد الملالي وجعلتهم في دوار وصداع لا علاج له. فقد سرقت تركيا الأضواء منهم بسرعة خاطفة دون ان تطبل لنفسها وتمارس سياسة الثرثرة التي جبلً عليها النظام الإيراني بشأن دعمه القضية الفلسطينية.


هذه المستجدات على الساحة الدولية وإستمرار الإنتفاضة الشعبية داخل إيران وتصاعدها يوما بعد آخر، علاوة على العقوبات الإقتصادية التي فرضتها الشرعية الدولية والمطالبة الأوربية بتشديد العقوبات لكسر أنف النظام المتعجرف. كلها جعلت عمائم الشر يتخبطون في ردًة فعلهم مثل من يقاتل الأشباح بعصا. لذلك لم يجد المرشد الأعلى الخامنئي حرجا أو خجلا في إتهام الوهابية بتفجيرات زهدان الأخيرة متجاهلا أن هذا ليس أول تفجير يجري في إيران! وهل يا ترى التفجيرات السابقة تتحمل مسئوليتها الوهابية أيضا؟ إذا كان هذا التفجير أفقد المرشد الأعلى رشده. عسى أن يكون ذلك درسا ليكف أذاه واذى ميليشياته وعملائه عن الشعب العراقي.، فهذه التفجيرات جزء من بضاعتكم وقد ردًت اليكم. ولأن الظلام بدأ يزحف والأشباح تتزايد واليد الماسكة للعصا تثكل، لم يجد الملالي من يقف معهم في مثل هذه اللحظات المرعبة سوى عبيدهم أشباه الرجال حكام العراق.


لا أحد يجهل بأن السلطة القضائية في العراق المحتل مطية مطعية للنظام الحاكم. فالقضاء مسيس مائة بالمائة ويخدم مصلحة النظام. ومنذ أن افتت المحكمة الدستورية بأن تشكيل الحكومة القادمة يرتبط بالكتلة البرلمانية الأكبر وليس بعدد الأصوات التي تحصل عليها الكتلة الفائزة. حتى أمسى القضاء العراقي في قمة هرم الخزي والعار. وبدًل المثل من (حكم قره قوش) إلى حكم (قضاة العراق). هذا القضاء الفأر الذي فشل في محاكمة أكثر المفسدين في العالم من أيهم السامرائي وحازم الشعلان وفلاح السوداني وحاكم الزاملي والمئات غيرهم أو حكم ببرائتهم بعد تسلمه الرشاوي أو عجز عن تنفيذ أحكامه, خرج مستأسدا هذه المرة أمام مجاهدي خلق! فيا للعار وأي عار.


جاء في الأخبار بأن المحكمة الجنائية العراقية العليا اصدرت مذكرة القاء القبض بحق السيد مسعود رجوي رئيس منظمة مجاهدي خلق الايرانية المعارضة بالاضافة الى مذكرات إعتقال شملت 37 شخصا من بينهم الرئيسة مريم رجوي وأمير كاظمي، وفق المادة (12) من قانون المحكمة رقم 10 لسنة 2005 مما يعني أن وزارة الداخلية العراقية والانتربول الدولي سيلاحقهم ويقدمهم للمحكمة! لكن لماذا في هذا الوقت بالذات صدرت هذه المذكرة؟ ولماذا ينكرها البعض ويؤكدها البعض الآخر؟ هل هو قضاء أم فزورات رمضانية؟


أين هذا القضاء المسيس ورمزه (مدحت المذموم) كما يسميه العراقيون مما يحصل في البلد؟ ولماذا لا يوجهوا أنظارهم الضعيفة صوب المشاكل الحقيقية التي تعصف يوميا بكل شرائح الشعب من إرهاب و قتل وسلب وتزوير وإغتصاب وتهجير؟ وأين القضاء من عبث الميليشيات بأمن المواطن وتهديده؟ وأين هو من ملفات المفسدين؟ هذا رحيم العكيلي رئيس ما يسمى بهيئة النزاهة العامة العراقية يذكر بأنه خلال عام 2009 تم رفع (889) قضية فساد ضد( 1084) متهما. بلغت قيمة الاموال فيها 841 مليار و620 مليون و485 الف دينار عراقي وهو رقم يعادل ما احيل الى القضاء خلال السنوات الخمس الماضية منذ تأسيس الهيئة عام 2004 حيث بلغت القضايا خلالها 937 قضية. فأين القضاء الغارق في مستنقع الرشاوى من ذلك الفساد الرهيب؟ وهل تمكن من إرجاع أقل من عشر هذه المبالغ؟ ولماذا المفسدون أحرارا ولا يلقى القبض عليهم؟ في حين تعج السجون بالأبرياء بدون مذكرات قضائية؟ وهل هناك قضاء يأخذ بدسائس المخبرين السريين دون أن يتحقق من هوياتهم؟ هل هذا قضاء أم مهزلة؟ السبب واضح وهو أن القضاء لا يستطيع أن يفرض سلطانه لأن الحكام الذين يأتمر بأوامرهم يرفضون ذلك. الكل لصوص ومجرمين ومفسدين وينفذون سياسية( شيلني واشيلك) فمن يحاسب من؟ أليس من مصلحتهم كتمان أمرهم طالما أن القضاء فاسد مثلهم.


القضاء العراقي المسيس يفتقر إلى الحد الأدنى ليس من المعرفة القانونية والعدالة فحسب بل الذوق السليم والرزانة, وإلا فما علاقة الرئيسة مريم رجوي بالمادة القانونية(12)؟ ولماذا يلاحق الأنتربول قادة منظمة مجاهدي خلق وبأي صفة؟ وبأي حق؟ ألا يكفيكم المآسي التي يعيشها سكان أشرف والحصار الغذائي والدوائي المفروض عليهم من قبل سادتكم الساسة، خدم ولاية الفقيه لتلاحقوا قادتهم في شتى أنحاء العالم؟ فأي إستهتارهذا؟ ندرك جميعنا بأن القضاء العراقي أشبه ببالوعة! فلماذا تريدون رفع الغطاء عنها وتزكموا الآخرين بعفونتكم؟


لماذا لا ينفذ القضاء نص المادة(7) من الدستور الذي يحظر" كل كيانٍ أو نهجٍ يتبنى العنصرية أو الإرهاب أو التكفير أو التطهير الطائفي، أو يحرض أو يمهد أو يمجد أو يروج أو يبرر له"؟ أين القضاء من نائب أعرج اللقب وأعوج اللسان وأفحج القدم يذكر بكل صلافة وسلاطة لسان أمام وسائل الإعلام بأن المؤامرة على طائفته الحاكمة الآن مستمرة منذ خلافة أبي بكر ولحد الآن! وأين القضاء أمام سقطات حازم الأعرجي وتحريضه بملاحقة وقتل النواصب عبر وسائل الإعلام وأين هو أمام سقطات جلال براثا وخالد العطية وعدنان الدليمي ونوري المالكي وإياد السامرائي ومسعود البرزاني ومقتدى الصدر وغيرهم. لماذا لا ينفذ القضاء مذكرته الصادرة بحق مقتدى الصدر المسئول عن مقتل مجيد الخوئي واصحابه والهارب حاليا إلى إيران بحجة الحصول على مرتبة دينية أعلى؟


لو كان هناك قضاء شريفا ونزيها في العراق لم حصل كل هذا القتل والإرهاب والنهب والسلب والإغتصاب والتزويروالتهجير والفساد بكل أنواعه؟ أليس القضاء هو من يقطع دابر الشر ويضمن سلامة الأمة من العابثين ويحافظ على حقوق المواطنيين ويضمن العدالة والمساواة للجميع. وليس القضاء من يبني للمفسدين أعشاشا ويغذيهم ويحميهم كما يجري في العراق.


من المؤسف أن ينخر الفساد في جسد القضاء فيسوس العدالة ويسفه القوانيين ويغتال الحقوق مبشرا بعهد جديد من الظلم والفوضى والخراب دون أن يدرك عواقبه على المدى البعيد.


من المؤسف أن يكون القضاء جبارا شديدا على الضعفاء وذليلا حقيرا أمام الأقوياء.
من المؤسف أن يرسخ القضاء الظلم والضرر بدلا من أن يرسخ الحق والعدالة.
من المؤسف أن يكون القضاء خفا يحتذيه السياسيون متى شاءوا وينزعوه متى شاءوا.
ولكن في بلد محتل يحكمه العملاء والجواسيس، ويتربع على عرش الفساد في العالم لا نستغرب ذلك.
كلمة أخيرة! من يظن بأن القضاء العراقي سينظف أدرانه من النجاسة التي غطس فيها حتى رأسه فهو على وهم كبير. ومن يظن بأن ضمير هذا القضاء سوف يصحو فهو على وهم أكبر. لأن الأموات لا يصحوا.

 

علي الكاش - كاتب ومفكر عراقي





الخميس١٠ شعبـان ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٢ / تموز / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب علي الكاش نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة