شبكة ذي قار
عـاجـل










اذن اتضح ان هناك في العراق اسلحة دمار شامل، رغم انها لم تكن موجودة حتى وصلنا هناك وبدأنا في استعمالها.


مع كل ماعملناه في الفلوجة - ايقاع عقاب جماعي على مدينة مقاومة (وهذه جريمة حرب) في تشرين ثاني 2004 - قتلنا الاف المدنيين ودمرنا البنى التحتية (بعد ست سنوات تقريبا مازال نظام الصرف الصحي مخربا يصب في الشوارع) وقد قمنا ايضا كما يبدو بضرب المدينة بالقوة النووية مخلفين فيها السرطان واللوكيميا ووفيات الاطفال والتشوهات الجينية.


الحرية ليست مجانية . تذكروا هذا التعبير الذي كان شائعا في اوساط المؤيدين للحرب، كلما ذكرنا لهم اعدادالضحايا المدنيين . ينتهي النقاش ويتوقف الفكر.


هذه هي قوة اللغة. اطلق على العملية (الحرب) ومعها يأتي المجد والواجب والشجاعة والتضحية : افضل مافي الانسانية . الكلمة تثير نبضات القلب. ويتجلى الرب ، يبارك القوات ويبارك الاسلحة . عملية تحرير العراق. سوف يرحبون بنا بأذرع مفتوحة.


في اي مرحلة يمكن ان نتعلم درسنا : أن الحرب هي بالوعة اخلاقية لها نتائج كارثية ؟


لهذا قامت في تشرين الثاني الماضي مجموعة من الاطباء البريطانيين والعراقيين بكتابة عريضة للامم المتحدة للتحقيق في الارتفاع المقلق لتشوهات الولادة في مستشفيات الفلوجة . كتب الأطباء في شكواهم "النساء الشابات في الفلوجة يشعرن بالذعر من ولادة اطفال بسبب زيادة عدد الاطفال المشوهين بفظاعة: بدون رؤوس او برأسين او بعين واحدة في وسط الجبهة او بدون اطراف . اضافة الى ان الاطفال في الفلوجة يعانون الان من السرطانات واللوكيميا"


كان رد فعل المسؤولين الامريكان هو قولهم ان الرسالة تذكر مصادفات قليلة. ليس هناك دراسات تبين ان هناك شيئا غير عاديا في الفلوجة اكثر من الدمار الذي تسببت فيه قنابل القوات الامريكية


ولكن هذا قد تغير الان.


لقد نشرت هذه الأيام مجلة الابحاث البيئية والصحة العامة الدولية The International Journal of Environmental Research and Public Health


دراسة وبائية بعنوان "السرطان وموت الاطفال ونسبة الولادات حسب الجنس في الفلوجة العراق 2005-2009"


وقد وجدت الدراسة انه من بين الاشياء الاخرى الكثيرة ، فإن الفلوجة تعاني من معدلات من السرطان واللوكيميا وموت الاطفال اعلى مما خلفته قنابل هيروشيما وناغاساكي في 1945.


ربما اكثر ما يرعب في الدراسة التي قام بها فريق من 11 باحث في كانون الثاني وشباط الماضيين ، انهم وجدوا في 711 عائلة ، تحولا جذريا في نسبة ولادات الاناث الى الذكور. في الاحوال الاعتيادية ، فإن النسبة الثابتة البشرية هي ولادة 1050 ذكر مقابل 1000 انثى . في الفلوجة النسبة الان هي 860 ذكر مقابل 1000 انثى - وهي مشابهة للتحول الذي حدث في هيروشيما بعد ضربها بالقنبلة الذرية .


يقول الدكتور كريس بزبي احد مؤلفي الدراسة انه لا يحدث هذا التحول الا "طفرة جينية كبيرة" سببها على اكثر الاحتمال هو اليورانيوم المنضب. وينفجر اليورانيوم المنضب متحولا الى غبار ناعم جدا مشع يستقر على الارض وتحمله الرياح. وفي حين ان الجيش الامريكي مازال ينكر ان استنشاقه مضر فكثير من العلماء يصرون على انه عالي السمية وهواحد الاسباب المحتملة لاعراض مرض الخليج. انه باختصار سلاح نووي ونتائجه بنفس خطورة القنبلة النووية.


يصيبنا الغثيان والانزعاج الشديد لمجرد قراءة هذه المعلومات ونبدأ بالتساؤل من نحن وماذا نفعله ونحن مازلنا نناقش الحرب ومازلنا نستنزف قيمنا الوطنية ومازلنا نقتل المدنيين في افغانستان وباكستان ثم نهرب من اية مسؤولية للجريمة الشنيعة التي ارتكبناها في العراق ومازلنا نستعد بصمت وبحتمية للحرب القادمة.


اتمنى ان نستطيع ان ننقل معاناة الفلوجة الى قلب امريكا ، على الاقل الى قلب الكونغرس الذي وافق لتوه على 59 بليون دولار اضافية لتمويل القوات في افغانستان


ان الكونغرس يخصص هذه الاموال الهائلة بسهولة اذا كانت مطلوبة لادامة ماكنة الحرب. اما الاموال المكرسة لبناء المستقبل او اصلاح الضرر الذي سببته حروبنا السابقة فهي مسألة مختلفة تماما. فجأة تصبح المسألة مؤلمة حقيقة وكأنها رطل من اللحم لا يمكن اقتطاعه الا بصراخ وألم .


على سبيل المثال ، من اجل المساعدة في تنظيف ارث العنصر البرتقالي في فيتنام، خصص الكونغرس مبلغ 9 ملايين دولار منذ 2007. لقد نثرنا 19 مليون غالون من هذا السم على البلاد مابين الاعوام 1962 و 1971 وسببنا الأذى لحوالي 3 مليون فيتنامي على الاقل. واحساسنا بالمسؤولية لم يزد الا على 3 دولارات لكل فيتنامي. وقد جاءت هذه الاموال بعد عقود من انكار اية مسؤولية لنا.


(تعليق : الفيتنامي = 3 دولار فكم يساوي الفلوجي في القياس الاميركي اذا توقعنا ان يعوضه الكونغرس بعد 40 سنة؟)


اعود للتفكير في الفلوجة . سوف تخيم معاناتها على احلامنا الوطنية لعقود قادمة . بعد جيل اواكثر، سوف يواجه اطفالنا نتائح ماعملناه ، ولكن في الوقت الحاضر، سوف نستمر في محاولة شراء "نصر" ونستمر في ضخ بلايين الدولارات في هذا المسعى حتى نصل الى مرحلة يتساوى فيها افلاسنا المادي مع افلاسنا الاخلاقي.


كويهلر - صحفي امريكا حائز على جوائز. له موقع على الانترنيت

 

 





الثلاثاء٢٩ شعبـان ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٠ / أب / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ترجمة عشتار العراقية نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة