شبكة ذي قار
عـاجـل










أبدأ بآية قرآنية تُمثل وعد الله تعالى الحق كما هو شأن الآيات القرآنية الكريمة كافة، الوعد الحق يتمثل في قوله تعالى: ]وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ..[ ([1]) حيث مارس المُحتلون الأمريكان للعراق شتى أنواع الظلم الذي ربما أخزى حتى إبليس اللعين، في حين أخرس إبليس ذاته الإنسانية بصمتها المُطبق على ذلك الظلم الذي وقع على شعب العراق، فلم يسلم من ظلمهم طفلٍ صغير، ولا شيخٌ كبير، ولا امرأة..؟! ثم لم يسلم منهم كُل ما في العراق من حضارةٍ إنسانية، فمع بداية الاحتلال الأمريكي للعراق كان الظُلمُ بعينه، وبداية الظُلم بدأ بنُهب مؤسسات الدولة العراقية يُستثنى من ذلك فقط وزارة النفط العراقية التي سيطر عليها المحتلون ليحكموا قبضة سرقتهم ونهبهم لثروة العراق النفطية، ثم كانت سرقة ذاكرة العراق التاريخية بنهب المتحف العراقي الرئيس في بغداد المحتلة وما تبعه من سرقة المتاحف الفرعية في عدد من المحافظات العراقية تحت مرأى ومسمع من قوات الاحتلال الأمريكي التي كانت تقف مُتفرجة على ما يجري، والطامة الكُبرى أن الاحتلال الأمريكي أعترف به ولكنه صمت عنه لأنه كان من ضمن أهداف الاحتلال الأمريكي للعراق ألا وهو إعادته إلى فترة ما قبل الثورة الصناعية حيث كانت الحياة البدائية هي السائدة، ولا يُمكن تحقيق مثل هذا الأمر إلا بتدمير مؤسسات الدول العراقية دون استثناء مع التأكيد على نهب وتدمير الاقتصادية والمؤسسات الرسمية العراقية التي كانت تؤمن الأمن والأمان للعراق برُمته، مثل هذا الأمر الذي يُمثل "ظلم الاحتلال الأمريكي" المُبكر جداً في تدمير وتخريب العراق، يعترفُ به شخصياً الحاكم الأمريكي للعراق (بريمر)، فبعد وصولهِ إلى مطار صدام الدولي، نقلهُ موكب حماية من قوات الاحتلال الأمريكي لمقر عمله الجديد حيث كان ينتظره الجنرال "غارنر" الذي أثبتت الوقائع لاحقاً فشله الذريع في قيادة حُكم العراق بعد الاحتلال مُباشرة لذا تم تعيين السيد "بريمر" بأمرٍ رئاسي من الرئيس بوش بالذات بدلاً عنه، حيث يقول الأخير مُعترفاً بما نصهُ : ((ركب فريقي في سيارة شيفروليه سابربان مُصفحة في وسط قافلة صغيرة تحرُسها من المُقدمة والمؤخرة عربات همفي مُدرعة ومزودة بمدافع رشاشة، وقاذفات قنابل، وركب فريقان من الحراس الأمنيين يرتدون سترات واقية في سيارات كبيرة رباعية الدفع أمامنا.. سمي طريق مطار بغداد بمساربه الستة، وكان الطريق شبه مهجوره، فيما أسرعنا نحو وسط المدينة.. بعد ذلك سمعنا أصوات طلقات أسلحة نارية صغيرة إلى يميننا، ولمحتُ سيارة بيك آب تدور حول المُنعطف، ويمسك فيها رجلان بكومة من المفروشات غير متوازنة المُكدسة على سطح التحميل.. قال "سكوتي" من المقعد الخلفي "إنهم نهابون" وتدعوهم النشرات الحكومية "دافعي العربات" إذ لا يكون لديهم سيارة في العادة، أعتقد أن هؤلاء الأشخاص عثروا على شاحنة... هززتُ رأسي لهذه السُخرية، وتذكرت الحرق والنهب في لوس أنجلوس أثناء شغب رودني كنغ في سنة 1992.. لقد سهلت الموجة الأولية للنهب بعد احتلال بغداد في نيسان/أبريل تعييني مبعوثاًُ رئاسياً إلى العراق.. تحولت وسائل الإعلام الدولية إلى التغطية الدائمة لأعمال النهب.. والناهبين وهم يدمرون المباني الحكومية، ويحملون الطاولات والكراسي، والمُكيفات والثُريات البلورية والزهريات على ظهورهم..؟!)).([2]) ثم يُلقي السيد "بريمر" دون خجلٍ أو استحياء اللوم على وسائل المُختلفة التي نقلت عمليات النهب وما قام به النهابون دون أن يُلقي اللوم إلى قوات الاحتلال الأمريكي التي جاءت وفق ما أعلنته لبناء عراقٍ حضاري متطور، فكانت تلك الحضارة وذلك التطور وفق مفهوم الاحتلال الأمريكي ما ورد آنفاً وما سيرد أدناه من اعتراف بحجم تدمير المنظم للمؤسسات الرسمية العراقية، حيث يقول: ((لكن تركيز وسائل الإعلام الذي لا يلين على "الفوضى" في بغداد لطخ صورة غارنر، لم يكن ذلك يتوقف على المشهد الذي أشار إليه رامسفيلد عن الشاب الذي حملُ زهرية كبيرة زرقاء، وإنما على الأرتال الغاضبة المتوقفة أمام محطات الوقود، والنهب "التام" للمتحف الوطني العراقي، حيث سرق الناهبون مُتعمدين آلاف القطع الآثارية القدديمة التي لا تُقدر بثمن، وترجع إلى فجر الحضارة في بلاد ما بين النهرين، وربما أرتكب غارنر ومساعدوه أخطاء..)).([3]) ولم يعترف السيد "برايمر" أن الدبابات الأمريكية كانت تقف عند أبواب المتحف الوطني والنهابون الذين جاءوا وهم يميزون القطع الآثرية الأصلية من الجبسية...إلخ تتفرج عليهم كيف ينهبون ذاكرة العراق التاريخية وقد صورتها العديد من وسائل الإعلام على ما هي عليه أعلاه، ثم ينتقل السيد "بريمر" ليعترف في مكان آخر بنهب مؤسسات عراقية أخرى وبالذات مؤسسات الكهرباء العراقية، حيث يقول: ((فقد أجتاح الناهبون معمل الكهرباء والمحطات الفرعية لسرقة أدوات التحكم والعدادات والأجهزة الإلكترونية، كما أنهم دمروا أبراج نقل الكهرباء لسرقة الأسلاك النحاسية التي يُذيبونها في سبائك، ويُبيعونها في السوق السوداء في الكويت؟!)).([4]) ثم يعترف في مكان آخر أيضاً بنهب وتدمير العشرات من المنشآت التي تمتلكها الدولة العراقية، حيث يقول: ((كانت أهداف أعمال السلب واسعة الانتشار، فقد سويت بالأرض المباني المُرتبطة بالجيش.. كل أنحاء البلاد – لم يبق حجر على حجر في بعض الثكنات، ونُهبت العشرات من المنشآت التي تمتلكها الدولة.. ولم يبق منها سوى الجدران العارية، بل نُهبت حتى المواسير داخل الجدران..)). ([5]) مثل ما ورد آنفاً يُمثل مسؤولية الاحتلال الأمريكي عن كُل ما حدث من تخريب وتدمير لمؤسسات الدولة العراقية الذي كما اشرنا يُمثل الظُلم بعينه وهذا يُمثل جزئية من ملايين الجزئيات من المظالم التي مارسها أو كان سبباً فيها في عموم العراق المُحتل.  

 

 المُهم أن الله تعالى بالمرصاد للكفرة، فكان من ضمن عقوباته جلا جلاله أنه أبتلى الكفرة الأمريكان المُحتلين للعراق بمرضٍ غريب استعصى على أهل العلم والحضارة المادية في أمريكا، هذا المرض قيل عنه، أنه: (( تردد في العاصمة العراقية بغداد - عن تفشي مرض غريب، في صفوف القوات الأمريكية، يفتك بجنديين أو ثلاثة - يوميًا. وأفادت مصادر إعلامية في بغداد أن الناس بدئوا في الحديث عن تفشي مرض في صفوف جيش الاحتلال الأمريكي، قالوا عنه إنه يفتك بجنديين أو ثلاثة يوميًا. وقد ذكر مصدر طبي في مستشفى "ابن النفيس" الواقعة في المنطقة الخضراء بقلب بغداد، طلب عدم ذكر اسمه، تأكيدات حول ذلك المرض، الذي وصفه بالمتفشي بين وحدات الجيش الأمريكي في أغلب مناطق العراق، وأوضح الطبيب أن جنديًا - على الأقل - يقتل يوميًا بذلك المرض، والبعض منهم تم إعادته إلى بلاده؛ لغرض تلقي العلاج على وجه السرعة.

 

وعن أعراض، أو شكل هذا المرض، قال المصدر: إن الجنود يصابون في اليوم الأول بإسهال حاد جدًا، يصاحبه عدم تقبل أمعائهم لأي ماء أو طعام، حيث يقذفون ما يأكلونه خلال مدة لا تتجاوز الربع ساعة، وفي اليوم الثاني يتحول برازهم إلى غائط أسود اللون، مع خيوط دم متجمدة، مما تؤدي به في نهاية الأمر إلى شدة الإعياء، ثم الإغماء.

 

وأكد المصدر أن أكثر من ستين حالة استقبلتها المستشفى منذ خمسة أيام، أربعة منهم ماتوا، فيما تم نقل الباقين إلى ألمانيا بطائرة إسعاف كبيرة.

وعن سبب المرض، قال: لم نحدد - حتى الآن - سبب المرض، أو مصدره، كون الأكل الذي يتناوله جنود الاحتلال هو أكل الجيش الأمريكي الخاص، وليس أكلاً عراقيًا، كما أن مياههم هي معقمه، تصل إليهم من الكويت مباشرة.)). ([6])

 

مسارات ظُلم الاحتلال الأمريكي للعراق لا يُمكن إحصائها، ومما زاد في ظلاميتها أنه عقداً تحالفاً مع الحكومة والمؤسسة الدينية الحوزوية الإيرانية، حيث أطلق يدها لاستكمال مسارات ظلم الاحتلال الأمريكي، ومما يؤسف عليه أن تلك الحكومة والمؤسسة الدينية الإيرانية تدّعي الإسلام الذي نهى عن الظلُم، ويكفي في هذا المقام قوله تعالى: ]مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ [.([7]) في حين أنها مارست أبشع أنواع الظلم على يد ميلشيات الحرس الثوري الإيراني مثل ميلشيات بدر، وجيش المهدي، وقوات الحرس الوطني، وقوات بغداد...إلخ والقائمة تطول، وأختم بالقول أن الآية أعلاه التي ينفي الله جلال جلاله عن نفسه الظلم قد تكررت في القرآن الكريم خمسة مرات، ولمزيدٍ من الدقة فقد وردت بالذات في السور/رقم الآية: آل عمران/182، الأنفال/51، الحج/10 وفصلت/46 فاية أهمية إلهية أعطاها الخالق جلا جلاله لنبذُ الظلم والابتعاد، فإن كُنا لا نلوم ملة الكفر الاحتلال الأمريكي، فماذا دهى مَنْ يدعي الإسلام كالحكومة والمؤسسة الدينية الإيرانية؟!

 

وأختم بقوله تعالى وبالذات كيف أنَّ جلا جلالهُ قارن بين الكُفار والمُنافقين الذي يدعون الإسلام نظرياً/ظاهرياً إلا أن حقيقة أمرهم خلاف ذلك؟! حيث يقول الله تعالى بهذا الخصوص: ]وَعَدَ الله الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ[.([8]) فهكذا إذن سيكون مصير التحالف الأمريكي الكافر الظالم والإيراني المُنافق الظالم فضلاً عن العديد من الآيات القرآنية الكريمة الأخرى.

 

 

 

       الدكتور ثروت اللهيبي  

almostfa.7070@  yahoo.com

 

[1] إبراهيم/42، تفسير الآية كما وردت في تفسير الجلالين المُحمل على قرصِ كمبيوتري: (42 - (ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون) الكافرون من أهل مكة..
[2] السفير بول بريمر بالاشتراك مع مالكوم ماك – كونل، عام قضيته في العراق النضال لبناء غدٍ مرجو، ترجمة عمر الأيوبي، دار الكتاب العربي، بيروت-لبنان، القسم الأول، الفصل الأول: الفوضى، ص 21 – 23.
[3] المصدر نفسُهُ، القسم الأول، الفصل الأول: الفوضى، ص 24.        
[4] المصدر نفسُهُ، القسم الأول، الفصل الأول: الفوضى، ص 28.        
[5] المصدر نفسُهُ، القسم الأول، الفصل الأول: الفوضى، ص 29.        
[6] أنظر الموقع الإلكتروني: http://www.alwatanvoice.com، غزة- دنيا الوطن، مرض غريب يتفشي بين القوات الأمريكية في العراق يفتك بجنديين أو ثلاثة- يوميًا، تاريخ النشر : 2007-01-13.
[7] ق/29، الآية كما وردت في تفسير الجلالين المُحمل على قرصِ كمبيوتري: ((  29 - (ما يبدل) يغير (القول لدي) في ذلك (وما أنا بظلام للعبيد) فأعذبهم بغير جرم وظلام بمعنى ذي ظلم لقوله لا ظلم اليوم..
[8] التوبة/68، تفسير الآية كما وردت في تفسير الجلالين المُحمل على قرصِ كمبيوتري: ((68 - (وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم) جزاءً وعقاباً (ولعنهم الله) أبعدهم عن رحمته (ولهم عذاب مقيم) دائم..
 

 





السبت٠٤ رمضان ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٤ / أب / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الدكتور ثروت اللهيبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة