شبكة ذي قار
عـاجـل










لطالما حاولت الأستماع لتلك الطبول التي تقرع لـ (عبد الكريم قاسم) ،، لكن دردبتها لم تصل لطبلة الأذن!!،، فحجم المبالغة في ذلك العهد (الأسود) وشخصية (قاسم) ودوره السياسي والأجتماعي فاق كل الحدود ،، حتى فاض منها مايجعل من (الحبة گبة) ،، والحقيقة إن تلك الفترة التي حكم فيها قاسم لاتستحق كل هذا النواح و(اللطم) ،، بل على العكس كانت هناك أخطاء جسيمة و(كوارث) حدثت لازال العراق يعاني من أثار بعضها ،، وكذلك هناك مواقف تركت خلفها علامات استفهام كبرى ،، بالأضافة إلى الدموية التي أقترنت بها تلك الحقبة ،، بسبب حملات الأعدامات العشوائية والسحل بالحبال والتمثيل بالجثث!!،، ومع هذا كله والتطبيل والتزمير و(الهلاهل) للعهد القاسمي على قدم وساق ،، ولثلاث أسباب (حسب وجهة نظري) ،، الأول ليكون طلاء براق يخفي ماتحته من خدوش نتيجتها الدور السلبي للمحيطين بـ (عبد الكريم قاسم) في التأثير على الواقع السياسي آنذاك ،، والسبب الثاني ،، سياسة الكيل بمكيالين التي تخضع عادة لقانون المحسوبيات ،، حيث لعبت دوراً كبيراً في تزكية عبد الكريم قاسم ،، وبررت له أفعال وأحداث حُسبت على غيره كوارث !!،، وهناك حادثة (طريفة) ومشهورة تعكس سياسة الكيل بمكيالين كان بطلها (المهرج) فاضل عباس المهداوي (رئيس محكمة المهداوي) ،، حيث سأل أحد المتهميين ،، "لماذا لم تتزوج وأنت في هذا العمر ،، لابد أنك تعاني من مرض ،، فكل شخص يبلغ هذا العمر ولم يتزوج هو مريض (فتذكر أن عبد الكريم قاسم غير متزوج) ،، فأكمل المهداوي حديثه قائلاً ،، إلا سيادة الزعيم ،، فبادر الحضور بالتصفيق والهتافات (كما هي عادتهم)!!،، أما السبب الثالث هو تعظيم المواقف والأدوار للوقوف بأكتاف متساوية مع البعثيين الذين حققوا أنجازات كبيرة خصوصاً بعد عام 1968،، وقد لعبت سياسة (الكيل بمكيالين ،، والمحسوبية ،، وتعظيم المواقف) دوراً كبيراً في تغيير العديد من الحقائق ،، وتشويه محاسن كثيرة وتجميل عيوب أكثر ،، ومصادرة منجزات الآخرين ،، حتى بات عبد الكريم قاسم معصوماً من الخطأ والعثرات وطاهراً مطهراً من العيوب!!.

 

وعلى ذكر الأخطاء والعثرات ،، فقد ذكر الرئيس الراحل صدام حسين (رحمه الله) ،، أن فترة حكم أمتدت لخمسة وثلاثون عام لابد أن يكون فيها أخطاء ،، فنحن بشر غير (معصومين) من الخطأ ،، (كان هذا الحديث في ما تسمى المحاكمة الخاصة بقضية الدجيل) ،، أذن ،، رغم الأنجازات الكبيرة التي حققها البعثيون على مدى ثلاث عقود ونصف يؤكدون على وجود أخطاء أرتكبت ،، وهذه (فضيلة) تحسب لهم ،، فما بال من (يعصم) عبد الكريم قاسم من الخطأ لايمتلك مثل هذه الفضيلة؟!.

 

لنقلب بعض الصفحات ونتأمل المواقف ،، ولتكن مع معاهدة بورتسموث التي وقعت عام 1948على ظهر البارجة البريطانية (فكتوريا) بين حكومة صالح جبر (رئيس وزراء النظام الملكي) والحكومة البريطانية ،، والتي استقبلت برفض كبير نتج عنه أضرابات وأعتصامات ومظاهرات في جميع أنحاء العراق ،، سميت تلك الأحداث بـ (وثبة كانون) ،، وكانت هناك العديد من المطالب التي تقدم بها الحزب الشيوعي أهمها ،، إلغاء معاهدة بورتسموث مع بريطانيا وكذلك معاهدة 1930،، ومن الطبيعي أن تكون هذه المطالب مشروعة وذات طابع وطني ،، ولا خلاف على ذلك ،، ورغم أن حكومة (صالح جبر) لم تستجيب لهذه المطالب في حينها إلا أن المعاهدات إلغيت جميعها بعد عقد من الزمن ،، حيث دفع الحزب الشيوعي (عبد الكريم قاسم) لإلغاء جميع المعاهدات ومن ضمنها الإتفاقية الخاصة مع بريطانيا ،، وإتفاقية الأمن المتبادل وملحقاتها الإقتصادية والعسكرية مع أمريكا ،، إلا أن الأمر لم ينتهي على هذا الحال ،، بل أستبدلت تلك المعاهدات بأخرى مع الأتحاد السوفيتي والدول الأشتراكية!!،، وهذا يوضح موقف الحزب الشيوعي من توقيع الاتفاقيات والمعاهدات مع بريطانيا ،، فالمعارضة لم تكن لوجه الله ،، وأنما لخاطر عبد الله !!،، وهذا يعني أن بكاء و(لطم) الشيوعيين كان على مصالح الاتحاد السوفيتي وليس العراق !!،، وبهذا يصبح عبد الكريم قاسم وطنياً (من وجهة نظر الشيوعيين) لأنه حقق لهم مايريدون!!،، وقد تناول بعض الأخوه من الحزب الشيوعي (الذين لانختلف معهم سوى بوجهات النظر ،، وهذا لايفسد من الود قضية) هذا الموضوع فقالوا ،، أن العراق بحاجة لمثل تلك المعاهدات والاتفاقات لحماية مصالحه ،، لكن ما أبرمته حكومات النظام الملكي كان لصالح بريطانيا وشركاءها ،، بسبب أن بريطانيا كانت موجودة على الساحة العراقية وذات تأثير كبير على رجال الدولة والحكومة في تلك الفترة ،، فمن المؤكد أنها ستفرض ماتريد من موقع قوة وأقتدار ،، بينما الحالة مختلفة مع الاتحاد السوفيتي!!،، هذا التبرير مقنع وليس هناك خلاف عليه مطلقاً ،، وبما أن الحزب الشيوعي مؤمن بفكرة قوة الأحتلال وقدرته على فرض إرادته ومصالحه ،، فلماذا نجد (بعض) الشيوعيين اليوم يؤيدون قانون النفط والغاز ،، والاتفاقية الأمنية التي وقعت بين حكومة (القامّة والزنجيل) في المنطقة الخضراء والأحتلال الأمريكي الموجود على الساحة العراقية وذو التأثير على ماتسمى بالحكومة ،، كما وإن أمريكا باستطاعتها فرض ماتريد من موقع قوة وأقتدار كما فعلتها بريطانيا من قبل وأعترضوا عليها الشيوعيين؟!!،، لماذا هذا التباين في المواقف والكيل بمكيالين يا ،، (وطنيين)؟!.

 

لو لم يفعل عبد الكريم قاسم مايريده الحزب الشيوعي آنذاك ،، أو أنه عدل على بنود الاتفاقيات والمعاهدات مع بريطانيا وأمريكا بدلا من إلغاءها ،، لأتهموه بالعمالة للمعسكر الغربي !!،، كما أتهموا من قبل نوري السعيد وصالح جبر بعمالتهم لبريطانيا ،، وياسبحان الله ،، أن الشيوعيين لم يتهموا أنفسهم بالعمالة ،، رغم الأندفاع الكبير نحو الاتحاد السوفيتي!!،، وكما يبدو أنها سياسية الكيل بمكيالين التي جعلت المناصرين للمعسكر الشرقي وطنيين وغيرهم لا!! ،، كما يحدث اليوم مع إيران ،، فالبعض يعتقد (عن قناعة تامة) أن الوطنية والنضال والطريق المشروع هو في أتباع عمامة الولي الفقيه وخدمة مصالح إيران ،، حتى وإن كانت تلك المصالح على حساب العراق ،، لك الله ياعراق.

 

( يتبع ) ...

 

 

المصادر

* محكمة المهداوي – محمد مهدي الجعفري –الطبعة الأولى.

* في ذكرى وثبة كانون المجيدة – حامد الحمداني – الحوار المتمدن – العدد 44 – 2002.

* في ذكـرى وثبة كانون الثاني / 1948الوثبة التي قبرت معاهدة بورتسموث - فائز عبد الرزاق الحيدر.

* عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي – عزيز سباهي.

* العراق في عهد قاسم .. تاريخ سياسي 1958-1963- أوريل دان.

 

 





الاحد١٠ شوال ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٩ / أيلول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب بلال الهاشمي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة