شبكة ذي قار
عـاجـل










أحد المطبلين للعهد القاسمي الأسود (من الذين يحاولون كتم الأصوات بتطبيلهم) ،، يصف عبد الكريم قاسم بـ (الأسطورة)!!،، ويشبهه بالمسيح والحسين ،، وكذلك يقول ،، "قاسم معروف عنه الرحمة فهو أول حاكم عراقي بشر بروح التسامح وشعاره المعروف (عفا الله عما سلف)"،، كما نفى (المطبل) عن قاسم صفة الدكتاتورية ،، حيث قال ،، "لا تنطبق صفات الدكتاتور على قاسم ،، بل كان من أقرب السياسيين إلى الديمقراطية ،، فعندما أقدم حسين جميل وزير الإرشاد (الإعلام) على غلق صحيفة الحزب الشيوعي (إتحاد الشعب) ،، رفض (قاسم) ذلك القرار وأعاد نشرها ،، وعندها استقال الوزير احتجاجاً على ذلك"،، ويتناول في حديثه السجون في عهد قاسم حيث ذكر،، "اعترف سجناء سياسيون من البعثيين أن السجن كان أشبه بالفندق ،، تتوفر لهم الفرص لنشر أفكار حزبهم وتنظيم الآخرين"،، وهناك الكثير والكثير جداً من المبالغة في (قرقعة الطبول) التي أتحفنا بها (ضابط الإيقاع) ،، لكننا أخذنا جزء يسير منها لنقارنه مع الواقع.

 

من الملاحظ أن (المطبل) لعبد الكريم قاسم أشاد بروح التسامح والرحمة وشعار (عفا الله عما سلف) ،، وهو ذاته ،، يشيد بالحزب الشيوعي الذي حمل شعار (ماكو مؤامرة تصير والحبال موجودة) !!،، فهل يؤمن صاحبنا بالرحمة والسحل في آن واحد!!،، كما كان يؤمن عبد الكريم قاسم بكليهما من قبل!!،، ومن الجدير بالذكر أن مطبلو العهد القاسمي (الأسود) يتحاشوا ذكر جرائم السحل بالشوارع والتعليق على أعمدة الكهرباء والتمثيل بالجثث ونبش القبور في كتاباتهم !!،، التي كانت تمثل واقع دموي مظلم ومآساوي في عهد (الأسطورة) ،، عبد الكريم قاسم ،، الذي يشبه المسيح من ناحية التسامح والمغفرة !!،، والرحمة!!،، لأن تلك الجرائم تعكس الصورة الحقيقية لذلك العهد الدموي وبشاعة المتنفذين فيه ،، فأي رحمة يمتلكها قاسم وهو يؤيد سياسة السحل والقتل بطرق بربرية؟!،، بل هو من كان يدفع بهذا الاتجاه ،، فقد أتهم مهدي حميد (قائد المقاومة الشعبية في الموصل) أثناء محاكمته ،، عبد الكريم قاسم بأصداره أوامر إبادة كل من أظهر مقاومة أو حمل السلاح ضد الحكومة ،، وأن هذا شجّع الاعمال المتهورة والافعال الانتقامية ،، وذكر أيضاً ،، أن قاسم أشار في لحظة معينة وعبر قائد الحامية الى عدم وجود حاجة الى إرسال عدد الكبير من المعتقلين الى بغداد ،، فأمرهم بالتخلص منهم في الموصل ،، أذن أين رحمة قاسم وتسامحه؟!،، هل كان سيفعل المسيح هكذا ،، أو الحسين ؟!،، لو كان لقاسم جزء ضئيل من الرحمة والانصاف والعدالة لقام بمقاضاة من نصب نفسه قاضي وجلاد وأطلق النار على فيصل الثاني وعائلته رجال ونساء وأرداهم قتلى (كائن من يكون) ،، وكذلك معاقبة من قام بجرائم السحل والتمثيل بجثتي عبد الاله ونوري السعيد وغيرهم كثيرون ،، وهذا الموقف يذكرنا بموقف للرئيس الراحل صدام حسين (رحمه الله) بعد الأحتلال ،، عندما أغتيل محمد باقر الحكيم في النجف ،، تعهد صدام حسين بإجراء تحقيق في الموضوع عندما ترجع الأمور طبيعية وينتهي الأحتلال ،، لاحظ الفارق بين الموقفين !!،، رغم أن الحكيم واحد من الذين تآمروا على العراق وقتل أبناءه!! ،، فأين عدالة ورحمة قاسم التي يقصدها المطبل؟!.

 

أما عن الدكتاتورية فأن الحزب الشيوعي هو من أتهم قاسم بها ،، من خلال الرسالة التي كتبها سكرتير الحزب الشيوعي حسين أحمد الرضي (سلام عادل) قبل أعدامه في السابع من آذار عام 1963،، حيث ذكر "إنَّ السبب الرئيسي الذي أدى الى سيطرة الانقلابيين على الحكم هو العزلة التي أصابت تدريجياً دكتاتورية قاسم عن الشعب وعن القوى الوطنية"!!،، وبخصوص ما استند إليه (المطبل) في قضية حسين جميل (وزير الارشاد) كدليل على الديمقراطية يثير العجب !!،، فهذا الحادثة تؤكد عدم وجود استقلالية للوزير في اتخاذ القرارات الخاصة بوزارته ،، فأي ديمقراطية هذه التي يفرض فيها قاسم إرادته ويلغي قرار وزاري بالقوة ،، بسبب جريدة (أتحاد الشعب) المؤيدة له ولحكومته !!،، فهل ستمنح هذه التجربة (التي أنتهت بأستقالة الوزير) أي دافع للوزراء الآخرين بالتمتع بصلاحياتهم الوزارية أم ستحجم دورهم ويصبحوا تحت رحمة قاسم؟!،، لكن السؤال الذي لن يستطيع (المطبل) أن يجب عليه هو ،، لماذا لم يتدخل قاسم عندما أغلق حميد الحصونه مكاتب الحزب الشيوعي ومنع توزيع جريدة أتحاد الشعب عام 1960؟!.

 

بعد شهرين من أعلان الجمهورية العراقية ،، بالتحديد في ،، 12/أيلول/1958 ،، أنقلب عبد الكريم قاسم على رفيقه وشريكه والرجل الثاني في الدولة عبد السلام عارف ،، والسبب ،، خلافات في وجهات النظر وتباين بالمواقف ،، أنتهت بعزل عبد السلام عارف من منصبه كنائب لرئيس الوزراء ووزير للداخلية ،، وتعينه سفيراً في ألمانيا الغربية ،، ثم لفق له قاسم تهمة التآمر ومحاولة قلب نظام الحكم ،، فحكم عليه بالإعدام ثم خفف إلى السجن المؤبد ثم الإقامة الجبرية لعدم كفاية الأدلة !!،، أذن ،، الزعيم الديمقراطي (البعيد عن الدكتاتورية) ،، لم يتسع صدره لخلاف وجهات النظر والرؤى ،، فعزل من أختلف معه ،، كما قام بحل مجلس السيادة الذي كان رئيسهُ يتمتع بصلاحيات رئيس الجمهورية، وحولهُ إلى مكتبٍ استشاري ،، وتصفية الاحزاب التي شكلت منهم الحكومة الأئتلافية ،، وخصوصا حزب البعث العربي الاشتراكي ،، الذي قدم أمين سر قيادته القطرية المهندس فؤاد الركابي الذي كان يشغل منصب وزير الإعمار إلى تقديم استقالتهِ (التي قبلها قاسم فوراً) وسحب معه البعثيين الذين كانوا أعضاء في الحكومة بسبب المضايقات التي تعرضوا لها ،، كما قام قاسم بإبعاد الضباط الوطنيين ممن هم بنفس رتبتهِ العسكرية إلى وحدات بعيدة عن بغداد وأستبدلهم بضباط من رتب صغيرة عينهم قادةً للوحدات المهمة في بغداد.

 

أستغل عبد الكريم قاسم أنتفاضة الموصل التي قادها العقيد عبد والوهاب الشواف ،، فأطلق العنان للميليشيات الشيوعية (المقاومة الشعبية) لتنفذ عقاب ما أنزل الله به من سلطان (سنتطرق لها بالتفصيل في الجزء الرابع)،، مورست فيها أبشع أنواع البطش ،، بدون محاكمات ،، قتل ،، سحل ،، تعليق على أعمدة الكهرباء ،، تقطيع أوصال ،، حرق ،، ألخ ،، ومن جانب أخر ،، أعتقل قاسم كل الذين يريد التخلص منهم ،، وأتهمهم بالاشتراك بالانتفاضة ،، ومنهم رشيد عالي الكيلاني (أطلق سراحه فيما بعد) وهو بعمر أربعة وثمانون عام ،، بسبب أن الكيلاني كان ينتقد سياسة عبد الكريم قاسم الفردية في الحكم ،، كما اعتقل معه أحمد مختار بابان (أطلق سراحه فيما بعد) ،، وكذلك نخبه من الوطنيين من بينهم ،، ناظم الطبقجلي ،، ورفعت الحاج سري ،، وقام باعدامهم!!.

 

أثار حكم الأعدام الصادر بحق الطبقجلي ورفعت الحاج سري ردود فعل محلية ودولية ،، وتدخل لاقناع قاسم بالعدول عن قرار التنفيذ شخصيات من الخارج والداخل ،، لكن دون جدوى ،، وقد ذكرت أحد المصادر ما ورد عن فؤاد عارف (وزير دولة في حكومة قاسم) النص التالي "ينقل عن وزير الدولة فؤاد عارف انه جاء الى وزارة الدفاع لحضور اجتماع مجلس الوزراء وانه شاهد قبل انعقاد المجلس رئيس مجلس السيادة ووزير المعارف والحاكم العسكري العام جالسين في احدى الغرف وعلامات عدم الارتياح بادية على وجوههم بل ان عيونهم كانت تترقرق بالدمع بسبب اصرار عبد الكريم قاسم على تنفيذ حكم الاعدام بالطبقجلي ورفعت الحاج سري وبقية المتهمين بالاشتراك بانتفاضة الشواف ،، ويذكر فؤاد عارف انهم طلبوا منه السعي لاقناع قاسم بالعدول عن قراره لكن محاولته لم يحالفها النجاح فقد كان قاسم في غاية الانفعال والتوتر ووصف الطبقجلي ورفاقه بانهم خونة كانوا يهدفون الى اغتيال وتحطيم الثورة وقد احتد قاسم الى الحد الذي جعله يمسك بياقة فؤاد عارف ودفعه خارج الغرفة، مؤكدا انه يرفض النقاش في هذا الموضوع"،، أين التسامح والرحمة وشعار (عفا الله عما سلف) ،، يا مطبلين؟!.

 

وأما عن سجون العهد القاسمي الأسود ،، فقد أظهر ناظم الطبقجلي امام محكمة المهداوي و عبر شاشات التلفزيون آثار إهانته ووحشية تعذيبه التي تلقاها في (الفندق خمس نجوم) ،، ثم أغرقت عيناه بالدموع وقال "لايمكن لكرامتي تتحمل ان اكمل ما فعلوا بي أثناء التحقيق من قبل شذاذ الافاق"!!،، وهذا الدليل يصفع (المطبل) على وجهه ويرد عليه ما يدعيه بشأن السجون القاسمية التي شبهها بالفندق ،، والعجيب أن كل شيء يتكرر اليوم ونراه ونلمسه ،، فسجون المالكي السرية حدثت بها نفس ما حدث في سجون قاسم ،، من تعذيب وصل إلى حد انتهاك انسانية المعتقل ومع هذا يظهر لنا بعض المطبلين ليمتدح المالكي ويصف سجونه بالانسانية ،، لك الله ياعراق.   

 

( يتبع )

 

 

المصادر

* جوانب من شخصية الزعيم عبد الكريم قاسم – عبد الخالق حسين - الجزء الثاني.

* انتفاضة الموصل/ ثورة الشواف 7 آذار 1959 – حازم حسن العلي – الدار العربية للموسوعات.

* ناظم الطبقجلي ودوره العسكري والسياسي في العراق – احمد كاظم محسن البياتي – الدار العربية للموسوعات.

*  العراق في عهد قاسم.. تاريخ سياسي1958-1963- أوريل دان

* مذكرات صبحي عبد الحميد -  صبحي عبد الحميد - الدار العربية للموسوعات

* رسالة الرئيس صدام حسين التاسعة في 1 أيلول/سبتمبر2003

*  صفحات من تاريخ العراق المعاصر - جارلس تريب

* حتى لاننسى/ ثورة 14 رمضان، (رمضان مبارك) – د. فاضل بدران

* محكمة المهداوي – محمد مهدي الجعفري – الطبعة الأولى.

*  العراق: الشيوعيون والبعثيون والضباط الاحرار – حنا بطاطو – الجزء الثالث.

* عبد الكريم قاسم ومجازر آذار / مارس في الموصل 1959م - نبيـل الكرخي

 

 





الجمعة١٥ شوال ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٤/ أيلول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب بلال الهاشمي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة