تصوروا انكم تشاهدون فيلما تاريخيا ضخم الانتاج. انه بعد أن غزا المغول العراق وقتلوا واحرقوا ودمروا .. ومازالوا يعيثون فسادا في العراق، تأتي امهات قتلاهم لمعانقة الامهات العراقيات ، ليس لطلب العفو والتأسف لما فعله ابناؤهم الوحوش وانما حتى تهدأ نفوسهن واحزانهن حين يرين الامهات العراقيات يرحبن بهن بالاحضان ويتأسفن لهن لموت اعزائهن، ويشكرنهن على انجاب الوحوش الذين أسدوا للامهات العراقيات أكبر الأفضال.

لو شاهدتم هذا في مسلسل عربي او تركي او هندي لأدرتم المحطة قائلين ان المخرج أو المؤلف شطح في خياله الى حد السخافة.

ولكن في الواقع ان هذا لا عربي ولاهندي وانما كردي. لقد حدث فعلا في السليمانية . حين جاءت منظمة (خيرية) اسمها (المستقبل Future) وهي اختصار جملة Families United Toward Universal Respect مقرها في فرجينيا ، بتسع امهات علوج قتلوا في العراق الى احضان امهات بيشمركة كرديات (فقدن ابناءهن في حروبهم الخائنة مع الحكومة الوطنية ) وهكذا التم المتعوس على خائب الرجا بحضور مكثف من ضباط المغول الجدد الامريكان، وشعر الجميع بالراحة النفسية اما المنظمة الخيرية فقد شعرت بالراحة المادية من هذه الصفقة . حفلة الاحضان الكردية حضرتها الى جانب الضباط الأمريكان وموظفي الخارجية الأمريكية سيدتكم الأولى هيرو خان زوجة الفطيس.

صاحبا المنظمة واحد اسمه فريد بطرس ويبدو من هيأته وشكله انه عراقي او مصري (انظر تعليق ابو هاشم في التعليقات) ، وزوجته جوان وتبدو امريكية وقد أسسا المنظمة في 2003 من خلال تجاربهما التربحية من خراب العراق، وهدفها البحث عن مصالحة بين امهات وعائلات القتلة والضحايا. جوان لديها خبرة 35 سنة في البث الاذاعي وعملت مديرة برامج تلفزيون المرأة والطفل في شبكة الاعلام العراقية التي انشأها البنتاغون وفريد كولونيل متقاعد في الجيش الأمريكي وخدم في الجيش وفي الادارات المدنية كمستشار الشرق الاوسط لدعم عملية اعادة البناء في العراق .

بتعبير آخر : الاثنان مرتزقة لدى البنتاغون.

تقول جوان بطرس " نحن هنا من أجل تمجيد أرواح أولادنا وأولادهن، ولأجل أن نكون أخوات لبعضنا البعض، ولنتعانق ونساعد بعضنا البعض. نحن نتفهم خسارتكم، لذا أحضرنا هؤلاء الأمهات إلى هنا لكي يتوحدوا معا في أحزانهن ولكن أيضا في عناقهن وتعاونهن على تجاوز معاناتهن والاتصال بينهن وبناء الأمة. ونحن ممتنون جدا للأمهات هنا"

وكانت المنظمة قد استقدمت نسوان عراقيات في نفس برنامج (الحضن huggs) وكما يقول الموقع الخاص بالمنظمة من اجل التعبير عن شكرهن للجنود الأمريكان الذين ( ضحوا بحياتهم في سبيل العراقيين وللعائلات التي قدمت هذه التضحيات) .. وكما ترون في الصور ان سفير العراق المحتل في الامم المتحدة سمير الصميدعي قد افتتح مراسيم الحضن ، كما في الصورة ادناه ، حتى تفهموا ان المقصود بالحضن العملية الحرفية للحضن وليس المجازية بمعنى الرعاية ، ولكنه والشهادة لله لم يحضن ايا من وفد النسوان العراقيات بل وقف خلفهن كما في الصورة التالية التي تبين نسوة عراقيات (متضررات كلش من الاحتلال). اضغطوا على الصور لترونها بالحجم الكبير.

القصة كما أفهمها هي هكذا:

آل بطرس أرادوا التربح لحسابهم بدلا من العمل لدى الجيش الأمريكي في اذاعاته او تعميراته.. وهكذا انشآ هذه المؤسسة القائمة على التبرعات. المقصود هو تقديم ورود وحلوى مؤجلة (كما وعدوا بها ) وتكريم للقتلى العلوج من قبل الأمهات العراقيات ! طبعا .. الامهات المقصودات هنا ليس الثكالى بسبب الاحتلال الأمريكي لأننا لم نر أم من الفلوجة مثلا تحتضن ام الجندي الذي قتل في الفلوجة ! وانما نرى الأمهات (المتعاونات والمتواطئات والسعيدات بقيام هولاكو الامريكي بتدمير الوطن) ، ولكن في عيون المتبرع الامريكي الساذج ، يقال له : هؤلاء امهات عراقيات فقدن أبناءهن بسبب الحرب والعنف !! war and violence. غير معروف اي حرب واي عنف.

**

الآن ماهو الإنجاز الذي قامت به هذه المؤسسة (الخيرية) ؟ كل ما فعلته ان جاءت بالعملاء ليحضنوا اصحاب الفضل عليهم. وهنا لامجال للخطاب حول التسامح والمستقبل وما ادري شنو لأن المسألة تحصيل حاصل وكافة العملاء شكروا اسيادهم بكل طرق الانبطاح الممكنة، ولكن الانجاز يكون حقا والحديث عن التسامح يكون صوابا حين يكون اللقاء بين ام جندي أمريكي قتل في العراق وأم قتيل عراقي قتله ذلك الجندي قبل موته.