شبكة ذي قار
عـاجـل










 

الغُرباء دنسوا بغداد ...  واللُقطاء خربوا حضارة بغداد

المشكوك بعراقيتهم، وعروبتهم، وبدينهم ممن يتناوبون على حُكم بغداد ...  باعوا بغداد ...  وقبلها باعوا أنفُسهم، وعرضِهم، ودينهم ...

بغداد يحكُمها مَنْ بصم مع الكافر الأمريكي المُحتل، والإيراني المُنافق عهداً وميثاقاً لا شرعياً، ولا وطنياً، ولا أخلاقياً أنْ يجعل من بغداد دار خراب ...  وداراً يسرحُ ويمرحُ فيها الكافر والمُنافق ...

 

بغداد التاريخ لن تقبل أنْ يُدنسها مثل تلك النماذج التي أرخها التاريخ عبر الزمن، أنهم ليسوا إلا من ذات فئة أبي رغال لعنةُ الله تعالى عليهِ وعلى مَنْ دنس، وتآمر، وباع بغداد ...

 

بغداد تغنى التاريخ بها، فكيف لا والتاريخ بغداد، وبغداد هي التاريخ ...

التاريخ أرخ للكثير ممن تغنوا ببغداد، فمنهم: [.. وأنشدنا التنوخي قال أنشدنا أبو سعد محمد بن علي بن محمد بن خلف الهمداني لنفسه:

 

فـدى لك يا بغداد كل قبيلة من         الأرض حتى خطتي ودياريا

فقد طفت في شرق البلاد وغربها        وسيرت رحلي بينها وركابيا

فلم أر فيها مثل بغـداد منـزلا         ولم أر فيها مثل دجلة واديا

ولا مثل أهليهـا أرق شمائـلاً          وأعذب ألفاظاً وأحلى معانيا

وكم قائل لو كان ودك صادقـا           لبغداد لم ترحل فكان جوابيا

يقيم الرجال الأغنياء بأرضهم            وترمى النوي بالمقترين المراميا.]([1])

 

وعلى ذات منواله يجيء وصف بغداد لمن كان كارهاً على دخولها، ولكن ما أن استقر به المقام حتى أبى الخروج منها، فقد: [ حدثنا القاضي أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الشافعي البصري قال انشد أبو محمد البافى قول الشاعر:

 

دخلنا كارهين لها فلما ألفناها خرجنا مكرهينا فقال يوشك أن يكون هذا في بغداد وأنشد لنفسه في معنى ذلك وضمنه البيت علي:

بغداد معدن كـل طيب        ومغـنى نزهة المتنزهينا

سلام كلما جرحت بلحظ     عيون المشتهين المشتهينا

دخلنا كارهين لها فلما     ألفنـاها خرجنا مُـكرهينا

وما حبُ الديار بنا ولكن      أمر العيش فرقة من هوينا.] ([2])

 

 

 ...  أنقر هنا رجاء ...

توثيق صور لبغداد الحبيبه مع مقام عراقي ينقلك حيث دجلة ونسيمه دواء العليل

 حيثُ هو الدواء

 

لم يكن احتلال الكفر والنفاق لبغداد سهلاً على أهلها، اللذين هاموا عشقاً وحُباً في كل زاوية من زواياها، وأبوا نسيانها، لأن في نسيانهم لها رحيلهم عن الدُنيا، سيما بعد أنْ وجد ذلك التحالف في بغداد بُغيته، لينفد فيها سمومه، وشعوبيته، وطائفيته التي أرخها التاريخ عنهُ، فكانت بغداد وستبقى محور شعر، ونثر، وكتابات أبناءها الأوفياء لها حتى رحيلهم عن الدنيا، إن لم تسنح لهم الفرصة ليُكحلوا عيونهم بتحريرها، وتتوارى أجسادهم تحت ترابها، عندئذٍ يتسلم أبناءهم من بعدهم أمانة الوفاء والإخلاص لبغداد.

 

من شعراء العراق الذين كانوا نموذجاً للوفاء والإخلاص لبغداد وما أكثرهم، هو الشاعر "رعد بندر"، ففي رائعته الشعرية، قصيدة "لا يرجفُ الجذع ُإن َّالراجف َالسَعَـفُ" التي أبدع فيها كعادته، يُناجي بمقاطع عده منها بغداد، قائلاً فيها :

 

أبـكِـيـكِ بغـــدادُ مأخـوذا ًبعـاصِفـتِـي

                         غـريـبـة ٌخـطـوَتي وَالأَعْــيُـن ُالذرُفُ

منذ ُافترَقـنَـا رَسَمـت ُالجـرح َنـافـذة ً

                          والدمـع َطـيـرَاً على أورامِـهـا يَكِـفُ

لا الطـيـرُ عَـادَ ولا ضـوء ٌبـنـافـذتي

                          أضاءَني ، وَارتدتْ جدرانَها الغُرَفُ

يا نخـلـة َالعـمر ِأيـامي الوَلُــودَة ُقـدْ

                          هـزَّتـك ِنــادبَـة ًفـاسّــاقــطَ الحَـشَـفُ

ويا عـيون َالمها بين َالرصافـةِ وَالْـ

                          كرْخ ِالحَزين ِاستعـادَ اللّهفة َاللَّهَفُ

مَنْ علَّـقَ القـيدَ بالحِنَّـاءِ وَالْتَرَفِ الـ

                          حَـانـي فـغــادَرَكِ الحِـنَّـاءُ وَالتَــرَفُ

فارقـت ُدِفــأكِ معـصُومـا ًبأَغـطِـيتي 

                         ولم ْيزل ْجَسَدي في الأرْضِ يرتَجفُ

يَـرِفُّ ضِلعي رَفيفَ الطـيـرِ تـذبحُـه ُ

                          سِـكّـيـنُ غـرْبَـتـهِ والمـارد ُالشَـغَـفُ

وَلاصـِقٌ أذنـي في الأفـق ِمـنـتـحِـبـاً

                          أَعــدّ ُأنـفـاسَــكِ الحــرّى وأقـتطِـفُ

وذكــرَيَـاتِـي حــيــاطــين ٌمـثــقـّـبَــة ٌ

                          أحـشُـو عيوني بفوضاها وأعتـكِفُ

أقــول ُ: هـل نـلـتـقي بغــدادُ ثـانـيَـة ً

                          فـلـمْ يُـرحْ منذ ُتــاهَ العاشِقُ الدَنِـفُ

وهـل تـبَـلّـلـنُـي أمـواج ُدَجْــلَـة َهَـل ْ

                         أَبكي فيمسَح ُدمعِي الطين ُوَالصَدَفُ

قـولـي لمـوتِـكِ لا تَـهْـدَأْ ْوَزدْ عَـنَـتَـا ً

                         ولتُطـمر ِالأرضُ والأرحَام ُوَالنُطَـفُ

غـدَاً سـيذْكـرُنِي قـومي إذا التـمعَـت ْ

                         بِيْضُ القـنا وَادّلَـهَـمَّ الليـلُ وَالعُصُفُ

وَيُــؤسَـفـون َأَضَـاعُــونـي مُــدَويَّــة ً

                         حولي المنايا كخطفِ البرق ِتنخطفُ

يُـمِـيـتُـني أَنْ قـومي الأَقـربـيـن َوقـدْ

                          أبــاح َهَــدْرَ دَمـي هَــاو ٍوَمُـحْـتَـرِفُ

يُـقـلّـبُـون َمــرايَــا المـوتِ بَـيْــنَـهُــم ُ

                          وَيَـشـهَـقـون َلِلُـقـيَـا وَاصِـفٍ يَصِفُ  

فمائـة ٌقـتِلُـوا .. لا مـائـتـان ِ.. نـعــم ْ

                         هم ْمـائـتان ِ.. وَلا.. لا قِيـل َهُم ْأ ُلُفُ

صَارَ الخِلافُ على أصفار ِمـيـتـتِـنَـا

                          وَلا يَـهِـمّ ُأضـافوا الصفرَ أم ْحـذفـوا

 

 

الدكتور ثروت اللهيبي

Almostfa.7070.yahoo.com

 

[1] الإمام الحافظ أبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي (ت 463هـ)، تاريخ بغداد أو مدينة السلام، ج 1، دراسة وتحقيق مصطفى عبد القادر عطا، الناشر محمد علي بيضون، دار الكتب العلمية، ط1(بيروت – 1997)، ص 75.
[2] المصدر نفسه، ج 1، ص 76.
تنويه: للأمانة العلمية التي علمنا إياها الإسلام العظيم، أودُ التنويه إلى أنَّ التوثيق المُتمثل بصور عن بغداد الحبيبة وجدته على بريدي الإلكتروني مُرسل من قبل السيد "عبد الله كافور".

 

 





السبت٢٩ ذي القعدة ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٦ / تشرين الثاني / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. ثروت اللهيبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة