شبكة ذي قار
عـاجـل










الملاحظ في المجتمع العراقي هو انه عبارة عن نسيج فسيفسائي جميل اختلط فيه الدم العربي بالدم الكردي بالتركماني بالآثوري بباقي مكوناته بوشائج صميمية تكاد تذيب البعض بالكل فلا يستطيع المرء أن يميز بين الرجال في هذا المذهب أو تلك القومية خصوصا إذا توحد الزى ولذلك دلالات كثيرة امتدت عبر ألاف السنين انصهر فيها الجميع في الاشتراك ببوتقة الدفاع عن العراق وعن هويته العربية ولا يختلف في ذلك اثنين , ولن نذيع خبرا أو نفشي سرا إذا قلنا رغم إني يشهد الله اكره التطرق إلى هذا الموضوع وهذه التسمية أن غالبية مواطنيه هم على المذهب الجعفري أو كما نسميها الشيعة وهؤلاء وأنا منهم يختلفون في طريقة أدائهم لمناسكهم التعبدية أو تطرفهم من مجموعة لأخرى حسب وجهة نظر المرجع الديني الذي يقلده كل منهم حتى يصل بين الأخوان في العائلة الواحدة وهذا ليس بالشيء المعيب ما دام لا يتقاطع أو يتصادم مع الآخرين ومعتنقهم الديني أو المذهبي.


هذه الخصوصية التي تتركز في وسط وجنوب العراق كانت عامل مهم عملت عليها سلطات الاحتلال الأمريكية في إدارة الصراع على مسرح الإحداث العراقية الأخيرة وبالتحديد منذ غزو القطر عام 2003 إلى يومنا هذا وسيستمر تأثيرها لأكثر من جيل إذا بقيت لا سامح الله تدار أمور الدولة العراقية بنفس الطريقة الطائفية التي تدار بها ما يسمونها العملية السياسية وهي ما ساعد على التدخل الإيراني في المنطقة والتمدد والانتشار وبسط نفوذها في باقي مناطق القطر وأقاليمه في ظل توفر الحماية الأمريكية التي نؤكد نحن العراقيين ويتفق معنا من استطاع الوصول إلى الحقيقة أنها حليفة إستراتيجية لإيران وتعمل الأخيرة على تنفيذ مشروعين وفق خط متوازي الأول فيه فارسي توسعي استعماري والثاني أمريكي وهما معا يخدمان المشروع الصهيوني الأمريكي وفق تحالف ثلاثي هدفه الأول تمزيق وحدة الصف العربي لتسهيل عملية ابتلاعه .


وثمة من يقول أن إيران دولة إسلامية وقد تطوعت للدفاع عن المصالح العربية والإسلامية بعد العجز الواضح الذي ظهر به النظام الرسمي العربي اثر توالي الانتكاسات التي لحقت بالأمة العربية طوال أكثر من خمسة عقود مضت خصوصا وأنها مدت يد المساعدة بسخاء إلى العرب لمواجهة العدوان الصهيوني المتكرر وتحالفت مع دول المواجهة ورغم إننا نعي أن هذا مجرد ادعاء خالي مما يدعمه ليصبح حقيقة يمكن تصديقها وهنا يصبح من حقنا للوقوف على حقيقة إيران وطبيعة علاقاتها مع العرب لتحديد هويتها أن كانت معادية لنا وتعمل على تذويبنا وشطب وجود هويتنا القومية كأمة عربية أم هي شريك حقيقي لنا في الدفاع عن وجودنا على أن نعود للوضع العراقي على اعتبار انه وضع استثنائي لأنه مستباح وفق العرف الأمريكي الذي فرضه واقع ما بعد الغزو .


إذا كانت إيران في ظل نظامها الحالي تعمل على مساعدتنا كعرب على التحرر من استعمار الأجنبي في كل مكان فما معنى سيطرتها على الجزر العربية الثلاث في الخليج العربي طمب الصغرى وطمب الكبرى وأبو موسى , وإذا كان ثمة من يقول أن نظامها الحالي ورثها من نظام الشاه الذي كان يحتل المرتبة الخامسة بين جيوش العالم في القوة العسكرية والتسليح , أليس من المفترض بنظام يدعي التزامه بالدفاع عن حقوقنا أن يبدأ بنفسه ويعيدها إلينا حيث اغتصبها سلفه ونفس الحال ينطبق على الأحواز العربية فهل الحال يسمى في فلسطين احتلالا أجنبيا بينما في الخليج لا نطلق عليه هذه التسمية ولماذا شنت بقادتها الجدد حرب ضروس طيلة أكثر من ثماني سنوات على العراق ولا نتحدث عن دور العراق المشرف في كل الحروب العربية القومية على الإطلاق.


قد يظهر من مروجي ثقافة الانضمام تحت الجناح الإيراني تحت أي عنوان من يقول أن إيران تتعامل بالحسنى مع العرب في المناطق التي تسيطر عليها وهي أمانة لديها بحكم وصاية الجوار على العرب بينما يتعرض شعبنا العربي في فلسطين إلى أبشع أنواع التعذيب والقتل الجماعي والتهجير وانتزاع الأرض من أصحابها وهنا نقول طيب ولتكذب ما يعرفه الجميع عن سوء معاملة كل القوميات غير الفارسية ويشمل هذا حتى الفرس من غير الشيعة وممن لا يؤمن بولاية الفقيه ولنقارن الحال مع الوجود السوري في لبنان وهو حقيقة لازالت أحداثها عالقة في الأذهان وليكون سؤالنا لماذا يعتبر احتلالا سوريا للبنان رغم إن قمة الطائف قد أقرت وجود قوات سورية لحفظ الأمن اللبناني ورغم أنها فعلا قد أنهت قتالا داميا بين أبناء القطر الواحد استمر لأكثر من عقدين ؟ وحينها قامت الدنيا بمجلس أمنها تحت تطبيل سيء الذكر جورج بوش الابن ولم تقعد تطالب بخروج القوات السورية ولا تستيقظ هذه الدنيا من غفوتها قبل أن تقوم لتطالب بتحرير الأراضي العربية التي قضمتها إيران ؟


كثيرون صاروا يتحدثون عن دعم إيراني لحماس وهي تخالفها المذهب فماذا قدمت إيران للشعب الفلسطيني وقضيته عن طريق حماس ؟؟


هل سمع احد أو شاهد متطوعا واحدا إيرانيا يقاتل على ارض فلسطين وهل ظهر في الإعلام يوما أن انتحاريا واحدا نفذ عملية ضد مصالح الكيان الصهيوني في فلسطين أو في أي بقعة من بقاع الأرض كما تفعل في العراق وكما تعمل على تنميته الثقافة المجوسية ؟


هل وقفت إيران ونظامها الإسلامي وقفة حقيقية تتجاوز الكلام والتصريحات النارية ضد مصالح الكيان الصهيوني خصوصا وانه شن عدوانين مدمرين خلال مدة قصيرة الأول دمر فيه لبنان والثاني ساوى بناء غزة التي يحاصرها بالأرض ناهيك عن آلاف الشهداء والجرحى وفي الحالتين كان للسعودية دورا ماديا في إعادة الحياة الطبيعية لشعبنا فيهما , وهذا الفرض ينطبق على كل الوجود الإيراني في الأراضي العربية دون استثناء ولا اضن أننا بحاجة لفتح ملفات كملف بطل التصريحات العنترية وممثل إيران وحامي مصالحها في لبنان حسن نصر الله ودور إيران في اليمن أو البحرين والسودان والصومال وسيطرتها على حاكم جيبوتي ومحاولاتها إثارة الفتن الطائفية في مصر وبلدان المغرب العربية .


وبالعودة إلى الشأن العراقي فان إيران حققت ما عجزت عن تحقيقه كل القوات الأمريكية مجتمعة بأساطيلها البرية والبحرية والجوية وهي تعي تماما أنها لا تستطيع الولوج إلى الحصن الشعبي العربي إلا عن طريق بوابته فالعراق جمجمة العرب وذراعهم القوي في مشرق بلادهم لذلك انتهزت الفرصة التي وفرتها أمريكا ونحن هنا في العراق عانينا ما لم يعانيه غيرنا من ويلات إيران ابتداءا من تهديم البني التحتية وسرقة معامل القطر وثرواته وخبراته العلمية مرورا بالحصار المائي وتغيير مجاري الأنهار التي تنبع من أراضيها وقضم أراضينا والاستيلاء على آبار النفط الحدودية والقصف اليومي لقرانا الحدودية وليس أخيرا دورها في الفتنة الطائفية ومطاردة ضباط الجيش العراقي الوطني وكفاءاته العلمية وتصفية كل معارض للاحتلال أما بشكل مباشر عن طريق جهاز اطلاعات أو غير مباشر عن طريق المليشيات التي دربتها ورعتها وسلحتها وزرعت قادتها فيما يسمونه العملية السياسية , وجدلا لنقتنع إن إيران ترعى مصالحنا كعراقيين أو كعرب فماذا قدمت لنا لنغير قناعتنا ؟؟


هل تدمير العراق وتذويب وجوده وإلغاء هويته كدولة عربية فيه مصلحة للعرب أم هو خدمة فعلية لأهداف الكيان الصهيوني؟
هل ينبغي لنا أن نختار بين التبعية أما لإيران , وأما الغرب خصوصا مع السعي الأمريكي لترسيخ سياسة القطب الواحد ؟


إيران بحثت عن قائد ينهض بها وكذلك أمريكا ونفس الحال ينطبق على كل شعوب الأرض وأممها وهذا حقها الطبيعي ونحن امة حية ساهمت وتساهم في صناعة التاريخ البشري المتحضر ولا نتحدث عن دورنا في وضع أسس العلوم التي لم تتبدل ونحن من يمتلك اكبر ثروة في العالم ونحن أقوى شعوب الأرض ولسنا بحاجة إلى الاعتماد على الغرب أو على إيران أو أي احد آخر وإذا ما توفرت لنا قيادة مثالية فلن نكون بحاجة إلى احد وبدلا من البحث عمن نستند آلية لديمومة وجودنا يتوجب علينا الالتفاف حول قائد من بيننا ليقود جموعنا .


نحن اليوم بحاجة إلى قراءة التاريخ قراءة متأنية لكي نفهم ما يجري اليوم للوقوف على الحقائق والعبر ونستلهما فقد يظلم نفسه قبل أن يظلم الأمة العربية من يتجاهل إن سيدنا الرسول الكريم محمد (ص) قد وحد العرب بعد أن اختارهم الجليل ليكونوا مادة الإسلام وأداته في نشر مفاهيمه وتعاليمه بين شعوب سادت فيها شريعة الغاب ومن بعده أنجبت امتنا كثير من القادة الذين نتفاخر بعظمة بطولاتهم التي خدموا من خلالها كل شعوب الأرض ونحن اليوم اشد ما يكون إلى هكذا قائد ليعيد انبعاث امتنا لتأخذ وضعها الطبيعي.


من المؤكد إن هذا الموضوع يحتاج إلى نقاش أوسع لنؤكد إننا يجب أن لا نحب إيران .


Iraq_almutery@yahoo.com
http://www.alqadsiten.net/index.php

 

 





الجمعة٠٦ ذي الحجة ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٢ / تشرين الثاني / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عراق المطيري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة