شبكة ذي قار
عـاجـل










يحز في النفس أن تكون العلاقة بين دولتين أو أمتين جارتين متوترة إلى هذا الحد فتطلق قرارا لا تراجع فيه بأننا كعرب لا نحب إيران إلى الحد الذي نتمنى فيه أن يكون بيننا جبل من نار رغم إننا وحسب قول الجليل الذي لا يعلى قول عليه إننا خير امة أخرجت إلى الناس وعليه فنحن أصحاب فضل بإرادة الله القدير في الانتقال بهم من عهود التخلف والعبودية إلى نور الإسلام وما تخلل هذا الانتقال من تمدن وتحضر ارتفع بإنسانيتهم كما غيرهم إلى درجات متقدمة جدا في الرقي الحضاري, وفي مقالين سابقين كنا قد بينا بالحجة المقنعة والدليل القاطع جوانب من محاولات إيران في اضطهاد شعبنا في العراق وساحلي الخليج العربي خصوصا , وهنا نحتاج إلى مراجعة تاريخية بسيطة وخاطفة لا نغوص فيها باعماق وبطون التاريخ القديم ونكتفي بما ذكره لنا التاريخ الاسلامي رغم محاولات تشويه الحقائق التي يسوق لها الفكر الفارسي خصوصا والصفوي الذي يستند إلى الفكر المجوسي حيث كان سائدا مع غيره من الأفكار والديانات الوثنية كما هو معلوم قبل الإسلام , فلهؤلاء القوم كثير من المحاولات التي أثرت بشكل أو بآخر في الإساءة للدولة الإسلامية فما من فتنة حقيقية مؤثرة قامت إلا وكان سببها الفرس ابتداءا من اغتيال الخليفة الثاني عمر بن الخطاب (رض) على يد ابي لؤلؤة إلى سقوط الدولة العباسية على يد هولاكو وهي ليست موضوع بحثنا الآن .


بلاد فارس لبست ثوب الإسلام علنا لكنها لم تعتنقه أبدا بل استمر دهاقنة الفكر المجوسي يتوارثون حقدهم على العرب حيث انتهت بإرادة رب العالمين آخر إمبراطورية فارسية على أيديهم ، ففي مجالسهم الخاصة كانت تحاك المؤامرات والفتن عيونهم شاخصة باتجاه الأراضي العربية يسيل لعابهم وثتار فيهم شهية الانتقام ونهم الطمع بالاستحواذ على كل ما هو عربي فاستغلوا الإسلام للعبث بالإسلام فكانت الطائفية أقسى وأشرس أنواع الأسلحة التي استندوا إليها خصوصا في الفترة المظلمة التي تلت انهيار الدولة العباسية .


لا شك إن الجميع يعي إن أقوى الروابط في المجتمعات هي الروابط الدينية لأنها تستند إلى عقيدة سماوية غير قابلة للخطأ خصوصا في فترات الانحطاط وغياب سلطة الدولة ليس في المجتمعات الإسلامية فحسب بل في كل الديانات وعلى سبيل المثال كحقيقة شاخصة أمامنا يستند الفكر الصهيوني إلى الديانة اليهودية ومن خلالها يسعى لإقامة الدولة التي تعمل على تفتيت الوطن العربي وكذلك بالنسبة للديانة المسيحية قبلها حيث راحت الكنيسة تثير في أتباعها الاندفاع لحروب استمرت عقودا ذهبت بآلاف البشر سميت بالحروب الصليبية ، فكان لإدراك الفرس لما يوفره الدين غطاءا لتمرير مخططاتهم وسيلة لإعادة إمبراطوريتهم في اكبر ديانة على وجه الأرض آخرها تمكن الخميني من تزعم حركة فارسية سميت بنظرية ولاية الفقيه تقوم على إثارة الفتنة الطائفية وتقسيم الأمة الإسلامية .


نظرية ولاية الفقيه تقوم على أساس سلب إرادة معتنقها وتخليه حتى عن سيطرته على أفراد عائلته بل وحتى عن حريته الشخصية لصالح وكيل الإمام ( الولي الفقيه) الذي يقود الدولة الفارسية ويتعاظم التفاف معتنقيها مع تعاظم طموح الإمام وقدرته على إيجاد عدوا حتى وان كان افتراضيا وعلى هذا الأساس نجح الخميني وبدعم الغرب والتحالف مع الكيان الصهيوني في شن عدوان استمر لما يقرب العقد على العراق شهد إثارة الكثير من الخرافات والبدع لتحقيق جملة من الأهداف نختصرها في نقطتين:


1- محاولة إضعاف النظام الوطني الذي كان يقود نهضة قومية في العراق حيث كان يشكل أعظم خطر عربي على الوجود الصهيوني من جهة ورادعا لا يمكن تجاوزه أو اختراقه لآية أطماع فارسية باتجاه الأمة العربية , وبمعنى آخر إن النظام الوطني العراقي كان اكبر حاجز بين الفرس وتحقيق طموحهم في التغلغل والانتشار على الأراضي العربية ووجود هكذا نظام يعني قبر لتحقيق حلم الإمبراطورية الفارسية.


2- وفرت تلك الحرب فرصة ذهبية لتثبيت نظام حكم الخميني الطائفي من خلال التفاف الفرس حوله رغم هروب الكثير من المثقفين الإيرانيين وقد ساعده في ذلك ترويج خرافات ما انزل الله بها من سلطان كتوزيع مفاتيح الجنة.


إن إدراك العراق شعبا وقيادة لهذا النهج حينها كان أهم الأسباب التي جعلت الخميني يتجرع السم الزعاف في الرضوخ إلى إرادة المجتمع الدولي وإيقاف الحرب وتجميد فكرة التوسع .


كان الفرس يعملون باتجاهين الأول يجسده عدوانهم على العراق والثاني باتجاه تثبيت موطئ قدم لهم في قلب الوطن العربي في لبنان ومن ثم فلسطين من خلال حركة أمل وتأسيس حزب الله ودعمهما بأهم أسباب القوة ، المال والسلاح وقد قادت حركة أمل مع انشغال النظام الرسمي العربي بمشاكله الداخلية أو البينية أو تحالفه معها فتنة لبنانية استمرت لأكثر من عقدين ومذابح طالت المواطن اللبناني والفلسطيني على السواء يندى لها جبين الإنسانية , وكحقيقة يدركها الجميع إن أي فكر توسعي يعمل على تغير تكتيكاته المرحلية انتقلت إيران إلى تأسيس حزب الله وبين صراع المصالح والإرادات واثبات القدرة تمكن حسن نصر الله من تزعم هذا الحزب ونجح من خلال خطبه الجوفاء في استقطاب كثير من السذج وتحت عنوان المقاومة استطاع مع الأسف ضرب المقاومة امن حدود الكيان الصهيوني بثلاثة خطوط دفاعية برعاية أممية وأصبح بعد افتضاح أمره نموذج سيئا للوجود الإيراني في قلب الوطن العربي وصلت وقاحته إلى إعلان تبعيته لإيران وتبنيه لمشروعها التوسعي.


قد يتبادر إلى ذهن المواطن البسيط ما يؤكد إن تطور إيران الحضاري هو بحكم الالتزام الديني تطور للإسلام وانه سيؤول بشكل أو بآخر إلى تطور الأمة العربية ووفق هذا المنطق يجب علينا دعمها , وهذا سيكون منطقيا لو أن الفرس تخلوا عن طموحاتهم التوسعي وامتنعوا عن تصدير الدسائس وحياكة المؤامرات وهنا ينبغي لنا العودة إلى صدر المقال حيث قلنا إن إيران لبست الرداء الإسلامي للانقضاض على الإسلام وسنتطرق إلى حادثة واحدة فقط تثبت تحالف إيران مع أمريكا والكيان الصهيوني هي مسألة التطور النووي الإيراني وموقف المجتمع الدولي منها وسنتعرض إليها من خلال محاورة بسيطة تؤدي بنا إلى نتائج لا يمكن التشكيك فيها :


بعد أن أيقن الكيان الصهيوني أن في العراق نظام وطنيا جادا في مواجهته لم يسمح بتطور التكنولوجيا النووية العراقية فعمد إلى قصف المفاعل الذي صنعته فرنسا وهو في البحر باتجاه العراق ثم قصفه وهو في الأراضي العراقية بعد تشغيله دون الالتفات إلى ما يمكن أن يتسبب فيه من تأثيرات الإشعاعات النووية على المواطن العراقي فلماذا لا يفعل ذلك مع المفاعل النووي الإيراني واجزم انه لن يفعل رغم التصريحات النارية التي يطلقها رموزه .


إن وجود مفاعل نووي في الأراضي الإيرانية يمنح فرصة كبيرة للكيان الصهيوني بتطوير مفاعلاته تحت ذريعة توازن القوى الإقليمية وبالنتيجة سيدفع باتجاه تسابق التسلح النووي بين الطرفين من جانب ومن الجانب الآخر سيثير حفيظة الأنظمة الرسمية العربية وخصوصا الخليجية ليدفعها إلى المطالبة بالمزيد من الحماية الأجنبية والارتماء بحضن الغرب وبالتالي ستكون تحت سيف الابتزاز على غرار القواعد الأمريكية والفرنسية في الخليج العربي .


إذن المنفعة متبادلة بين الثالوث الأمريكي الصهيوني الفارسي ( منفعة لإيران والكيان الصهيوني في تطوير برنامجهم النووية ومنفعة مادية للغرب الذي يتحكم بخيوط اللعبة ) والمتضرر الوحيد هم العرب من خلال استنزاف أموالهم وما يترتب عليه من تخلف ومصادرة قراراتهم السياسية السيادية والإبقاء عليهم كسوق لتصريف المنتجات الغربية الخدمية التي لا يمكن أبدا أن تدنو من الإنتاجية بالإضافة إلى ترسيخ مفهوم العجز عن مواجهة العدو .


إذا كانت إيران هي عمق العرب ورصيدهم طيب ما الذي منعها من قصف الكيان الصهيوني خلال حربين شنت بوحشية ظالمة على لبنان وغزة في فترة قريبة وهي تمتلك صواريخ بعيدة المدى أو على اقل تقدير تهديد مصالح الكيان الصهيوني في أي بقعة من الأرض ؟


نحن كعرب من استهدفنا وتعرضنا إلى الظلم في العراق كما استهدفنا من قبل في فلسطين وكذلك الحال في لبنان والصومال والسودان وانشغلنا في الدفاع عن شعبنا وتحرير أقطارنا ويجدر بمن ينادي بالمبادئ الإنسانية وحرية الشعوب إن يدعمنا في وطننا ويقف إلى جانبنا أولا دون انتقاء لا أن يستغل ضعفنا ويتحالف مع عدونا في ذبح شعبنا وهذا ما لم ولن يحصل أبدا وإذا كان لنا من عتب فانه على أشقائنا العرب الذين سمحوا لإيران أن تستدرجهم فيكونوا أبواقا للترويج للمشروع الفارسي ألصفوي , أما نحن هنا في العراق البطل فقد اتكلنا على الله وعقدنا العزم على أن نقاوم كل وجود أجنبي أمريكيا كان أو فارسيا أو من أية جهة كان ولن نستكين إلا بتحقيق هدفنا وفرض حريتنا ثم مواصلة المشوار مع امتنا العربية في تطهير كل شبر عربي من المحيط إلى الخليج .


بالتأكيد هذا الموضوع يحتاج الى نقاش اوسع وتغطية اكبر لان اطماع هذا الجار السيء اكبر من ان يحيط بها حتى مجلدات فتاريخها معنا اكثر سوادا من افعالها الحالكة الظلمة ورحم الله الخليفة الثاني ( رض ) حين تمنى ان يكون بيننا وبين ايران جبل من نار .


Iraq_almutery@yahoo.com
http://www.alqadsiten.net/index.php 

 

 

 





السبت٢١ ذي الحجة ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٧ / تشرين الثاني / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عراق المطيري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة