شبكة ذي قار
عـاجـل










ماهي الديمقراطية التي يحتاجها شعبنا في العراق ؟ وماهو شكلها ؟


الديمقراطية تعني حكم الشعب ، اي ان الشعب وحده له الحق في ممارسة السلطة في الدولة بوصفه صاحب السيادة فيها والديمقراطية تقوم على مباديء اساسية وهي الحرية والمساواة والمشاركة وديمقراطية من هذا النوع تسهم في بناء مجتمع مدني ، والمجتمع المدني المنشود لاياتي بوصفه سحرية او بقرار او عبر بندقية المحتل ، بل يأتي عبر عملية تراكمية طويلة ومستمرة و العملية الديمقراطية وبناء المجتمع المدني عملية تتداخل فيها عناصر عديدة من اهمها الحرية التي تساعد في بناء المجتمع الديمقراطي.


وشعبنا العراقي من الشعوب الحية التي تتمتع بعمق حضاري متميز وهو جديرببناء تجربته الديمقراطية الحقيقية التي يتطلع اليها بالرغم من الظروف التي مر بها جراء الحروب المفروضة عليه وجراء الحصار الجائر الذي تسبب في خلق وضعا اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا متخلفا ، الديمقراطية التي يحتاجها شعبنا هي الديمقراطية التي تتناسب مع ارثه الحضاري ودوره في خلق تاريخه الخاص ومساهمته في اغناء الحضارة الانسانية عبر هذا التاريخ، فالديمقراطية التقليدية التي جاء بها المحتل كصيغة جاهزة لما هو موجود في الدول البرجوازية او الديمقراطية الشكلية التي عرفتها البلدان المجاورة للعراق ومنها البلدان العربية التي اتخذت اشكالا مختلفة من حيث البناء الخارجي للديمقراطية كالدستور والمجالس النيابية والاحزاب الكارتونية الخالية من اي مضمون حقيقي (جوهر) لاتتناسب باي حال من الاحوال مع الشعب العراقي الذي يتمتع بمواصفات خاصة لايعرفها المحتل والوافدين معه.


الديمقراطية الشكلية التي ليس لها مضمون هي التي تتستر بستار عصري تخفي وراءه القوة المحافظة والرجعية بميولها الاستبداية والتي عرفها شعبنا خلال سنوات الاحتلال ،فالقوى الدينية الظلامية التي لبست العباءة الديمقراطية و التي جاء بها المحتل جاهزة استطاعت ان تتحكم بمقدرات شعبنا عبر شعارات ديمقراطية زائفة لاتنسجم مع حقيقتها المعروفة، كلنا سمع وشاهد ماحدث ويحدث في السجون السرية من عمليات سلخ الجلود واغتصاب الرجال والنساء على حد سواء ، وديمقراطية من هذا النوع لايمكن ان تكون هي الديمقراطية التي يتطلع لها شعبنا وهي لاتتعدى ان تكون ديمقراطية شكلية تضفي الشرعية على القيم والمعتقدات التي يؤمن بها هذا الرهط الذي يمثل المصالح الاستعمارية الجديدة في ثروات بلادنا ، والديمقراطية هذه ستكون مصدر ازمة للبلد يتعذر معها تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي المنشود.


ان ماحدث في البرلمان العراقي الذي جاء عبر الديمقراطية المشوهة التي فرضها المحتل على شعبنا قبل يومين يعتبر تجاوزا على الديمقراطية المصنعة امريكيا حينما تمكن البعض من اعضاءه من انتزاع مشروع قرار تشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول الظروف المحيطة بغلق مكاتب قناة البغداية في العراق الامر الذي جعل البعض من اعضاء البرلمان الذين صوتوا لهذا القرار وجها لوجه مع القوى الظلامية وبالتالي المحتل الذي لايريد للاعلام في العراق المحتل حتى التابع له من ممارسة دوره الذي يفترض ان يكون منحازا للشعب ، فقرارالانتصار لوسيلة اعلامية وحسب اعتقادنا سيكون له عواقب وخيمة على المدى المنظور ، فالمحتل والقوى الظلامية سوف لن تسكت على هذا التجاوز وستعمل على تراجع الاصوات التي يعتقدون انها تعزف خارج اطار المعزوفة الامريكية المعدة سلفا وقد يتطور الامر الى حل هذا البرلمان لصالح حكم يتناغم في عزفه مع المايستروا الامريكي .


الديمقراطية التي يحتاجها شعبنا هي الديمقراطية التي تقود الى قيام حكم شعبي يمثل ارادة الشعب ويخضع لرقابته وهي التي تمنح الشعب كافة الحقوق والوسائل التي تكفل توعيته وزيادة مساهمته في البناء وهي التي تمنح الشعب القدرة على انجاز التحرر الناجز من الاحتلال الجاثم على صدور ابناء العراق والديمقراطية المنشودة هي التي يجب ان تحقق العدالة الاجتماعية التي تعطي الفئات المسحوقة فرصة تنظيم نفسها سياسيا ونقابيا من اجل الوصول الى مجتمع خاليا من اي شكل من اشكار الصراع الطبقي.


ان المقياس الصحيح للديمقراطية هو ممارسة الشعب الاختيارية لحقوقه وليس مظاهرات التاييد والتصفيق المدفوعة الثمن التي تمارسها السلطة الحاكمة او التحشيد بالمناسبات الدينية التي تمثل اعتزاز وتمسك المجتمع العراقي بتراثه الديني، فديمقراطية الاثارة الحماسية ديمقراطية مزيفة لدخول عوامل التهيئة والخوف والانتهازية فيها ، وكل حكم يشكل على اساس التأييد وجعله اكثر ضجيجا هو تشويه للديمقراطية ، اذ ان الحكم الشعبي الصحيح هو الذي يمثل القاعدة الجماهيرية واراءها وليس الذي ينقل اراء الحاكم ويدفع الشعب دفعا وباساليب واشكال ملتوية لتبني هذه الاراء .


ان اي فصل بين الديمقراطية وبين نزوع الشعب الى التحرر والانعتاق من اي شكل من اشكال الهيمنة الاستعمارية سيقود الى افراغ الديمقراطية من محتواها وكذلك الفصل بين الديمقراطية وبين التطور الاجتماعي والاقتصادي (الغاء التمايز الطبقي) سيقود حتما الى نفس النتيجة ، فالديمقراطية الحقيقية هي ديمقراطية الشكل الذي يعبر بصدق عن المضمون المنحاز الى تطلعات الجماهير ويشكل سياجه الخارجي الجميل .

 

 





الاثنين٢١ محرم ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٧ / كانون الاول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب فالح حسن شمخي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة