شبكة ذي قار
عـاجـل










ثمة مَن ركب موجة أميركا الغازية ليحافظ على راتبه، وامتيازاته الحياتية أو ليحسنها مع إطلالة حالة تشي بأن الحالة ستتحسن عما كانت عليه في زمن الحصار الأمريكي الذي جوّع شعب العراق وأهلك من أهله ما أهلك. وحيث إن هؤلاء البعض يدركون إدراكا تاما إن اشتغالهم مع حكومة منصبة أمريكيا وتحت ظل الاحتلال الأمريكي يندرج في وصف العمالة والخيانة للوطن فإنهم مسكوا المشهد من جهته المذهبية التي حملت ألويتها عساكر الغزو القادمة من جهة إيران والتي جاءت تعلن عن ولادة عهد المذهب من رحم أميركا الصهيونية!. انتمى بعض مَن نعرفهم إلى عهد المذهب معتقدين واهمين بأن المذهبية ستقيهم نيران رب العزة جلّ في علاه نتيجة لخيانتهم لعهد الوطن. هكذا ببساطة يخونون الوطن لأنهم يريدون حكومة مذهب تجلس على كراسي السلطة التي هي سلطة مغتصبة بالاحتلال والغزو ليسوغوا خطيئتهم. لعلها المرة الأولى في تاريخ المذاهب التي يجلب فيها المذهبيون قوات غازية لتحتل البلد كي يجلسوا تحت بأساطيلها وهيمنتها المطلقة إداريا وسياسيا تحت يافطة توق المذهب للحكم ومن ثم توق بعض من والاهم لإدامة الحياة تحت ظلال عار الخيانة. نحن لا نتحدث طبعا عن موظفين بسطاء ومعلمين ومدرسين غلابة وفقراء ومساكين، بل نتحدث عن بعض كوادر الدولة العراقية من موظفين وضباط ممن تبرقعوا بالمذهبية ليسوغوا دخلوهم في زمن عهر المذاهب العميلة وعهر الساسة البغيضة.


لأننا نحب الإسلام الحنيف ومذاهبه الكريمة حبا حقيقيا فنحن نتساءل الآن.. ما ذا جنى المذهب في حكمه تحت بسطال المحتل ؟هل حقق انجازا يخدم العقيدة ؟ هل حقق شيئا خدم به أهل المذهب والمذهبيون أفضل مما أنجزه عهد الوطن لكل أبناءه؟


الثمرة المرة الأولى هي إن المذهب قد تحول من سلطة الاجتهاد والعلمية والتنوّر بصلة روحية رفيعة بالله سبحانه وتعالى وبالدين الحنيف إلى مركب لسلطة مجرمة خائنة. تحول المذهب من ادعاء المظلومية عبر سطور للتاريخ يختلف الناس في الركون إلى صدقيتها إلى حقيقة كونه الظالموالمجرم بالوقائع. تحول المذهب من صلة بالدين وأصوله إلى قارب خيانة لله وللوطن لا ينفع معها قناعات من يسوّغون عملتهم السوداء حتى لو كتبوا أطنان كتب عن هذه القناعة المزيّفة الكاذبة.


ما جناه المذهب هو انه تحول إلى قاتل للمذاهب الأخرى لكي تسود سلطته الدنيوية الفاجرة المتأتية من ولاء لأعداء الله من غزاة كفرة فجرة. تحول بالوقائع والأحداث المرئية والمسموعة إلى قاتل وجلاد وسجان وسارق ومتواطئ وأفّاك وصعلوك ثأر بليد أجوف لا حياة فيه للثأر الذي عرفناه عبر قواعد واستدلالات العرب والمسلمين. أي انه تحول من مذهب كان يعبر عن طريقة فقهية للانتماء إلى دين شريف حنيف, إلى حزب أو فئة تحترف الإجرام والرذيلة تحت ستار المذهب والدين وهذه هي النتيجة والمال الذي لا مناص منه لعملية تسييس المذاهب .


لأول مرة في العصر الحديث يتم تفجير متعمد, ومقصود ومع سبق الإصرار والترصد, مراقد لرموز المذهب ,وساسة المذهب هم مَن يحكمون البلد بحماية اكبر قوة عسكرية في العالم هي أميركا ومعها عشرات الدول العظمى والكبرى والصغرى !!. لأول مرة في العصر الحديث يؤدي إجرام ونذالة وحقارة وخيانة مسييسي المذهب إلى أن تصبح مراقد آل البيت الأطهار هدفا للرصاص والمتفجرات في وضح النهار ولا يمكن لأحد أن يثبت إن هذا الرصاص وقنابل التفجير قد استخدمها سياسيوا المذهب أنفسهم لكي يفجروا ردود الأفعال في نفوس المذهبيين وبذلك يسقط الوطن والشعب كلّه ضحية لأهواءهم النزقة الإجرامية مثلما تسقط رمزية وهيبة وقدسية الأئمة الأطهار سلام الله عليهم.


لأول مرة في التاريخ الحديث ينزع أدعياء المذهب عمائمهم في أروقة ودهاليز البيت الأبيض الأمريكي لكي يسمح لهم البيت الأبيض بالبقاء بالسلطة تحت سطوته الاحتلالية الاستعمارية ويتبارى المعممون مع نازعي أربطة العنق من ذات الفصيلة في قصور طهران وقم لكي يفوز احد الطرفين في رضا الاحتلال المركب ليتزعم حملات تفتيت العراق بالفيدراليات والكونفدراليات والولاءات الفئوية. المذهب هنا يقع في دائرة التقاطع لأول مرة من غير أن يفقه زعماء المذهبية دلالات هذا السقوط بين الدعوة للفيدرالية والبحث الدءوب عن منافذ لتطبيقها في البصرة مثلا وبين شعب البصرة الذي رفضها بذات الصيغة الديمقراطية التي رعتها أميركا وإيران. ما حصل هنا هو تعارض أبناء المذهب البسطاء المنتمين إلى وطنهم مع ساسة المذهب وهذا مظهر من مظاهر احتقار الشعب لساسة المذهب وموطئ قدم للحظة ستأتي لانتفاضة شعبية تطيح بهم وبمن رعاهم في واشنطن أو لندن أو طهران... أنها نهضة الوطن المنتظرة للثأر من أبناءه ضد مَن ذبحه وأحلّ دماء أبناءه.


المذهب يتحول إلى معارض للوطن وللوطنية بفضل ساسته الباحثين عن السلطة. المذهب يتحول من علامة مضيئة في سفر الفكر والتعبير عن العقيدة إلى بؤرة صراع دموي بين الوطن وبين المذهب لأن المذهبيين استقووا بالغزو لذبح الوطن وانتهجوا سياسات إجرامية قاتلة وفاسدة لجني المغانم على حساب الشعب والوطن. المذهب يتحول إلى أداة بيد المحتل ويتطوع لاحتواء فعل الشعب ضد الاحتلال ويتبنى تطبيق أجندات الاحتلال وتفريخاته فيكون بذلك الخنجر المسموم الذي يمزق خاصرة الوطن. وهذا جانب جلي واضح في بيدر الحصاد الطائفي الملعون.


المذهب وسياساته وحكمه الأمريكي الصهيوني الفارسي أدى إلى اصطفافات مذهبية لم يشهدها العراق من قبل وانتشرت في الجسد العربي نافذة كما السم في جسد الأمة وبذلك حصد المذهبيون عداء العرب والمسلمين وأحرار العالم وأعطوا الفرصة لآلاف المجاهر الفاحصة لتعيد تسليط الأضواء على الشرائح الميكروسكوبية التي تصف التكوين الديني للمذهب. المذهب تحت المشرط بفضل إجرام وخيانة وهوس من سيّسوا المذهب فأسقطوه في وحل السياسة القذرة.


المذهبيون فشلوا في إدارة الحكم وحولوا الدولة إلى مؤسسة فاسدة، بل إنهم اسقطوا مفهوم الدولة بالكامل. وهذا حصاد آخر مخزي، بل ومدمر للمذهب. العالم الآن كله ينظر إلى حال العراق تحت إدارة المذهبيين العملاء على انه ليس فقط دولة فاشلة، بل هو في حالة اللا دولة. واليقين إن القادم أسوأ بعد أن ولدت حكومة الاحتلال الخامسة وهي تحمل كل مكونات الفشل بدءا من الضخامة المصطنعة لإرضاء كل العملاء وانتهاءا بانعدام تام للكفاءة والتخصص.


المذهب الآن يتحمل وزر وخطايا قتل مليونين ونصف المليون من العراقيين الأبرياء لكي تتأسس أركان دولة وعهد المذهب. هذا العدد من الضحايا يفوق مرة ونصف الضحايا الذين ذبحهم إسماعيل الصفوي في عمليات التشييع الإجباري التي تبناها في أشهر وأقذر عملية تطهير عرقي عرفها التاريخ الإنساني وانتمى لها بلا حياء ولا خجل سياسيو المذهب من خونة العراق والأمة والدين. الجريمة الأكبر هي إن المذهبيين يدركون جيدا إن العراق لا يمكن أن يقبل بدولة وعهد المذهب. وساسة المذهب كبلوه بخطايا الملايين من الأيتام والأرامل والمغيبين والمعتقلين والمهجرين ومئات الآلاف من المقطوعة أرزاقهم.. فأي مذهب هذا ولأي دين ينتمي؟


المذهبيون قامروا .. والعراق الآن كله ينهض ليقبر مقامراتهم ومغامراتهم الإجرامية. وعلى هذا فان ما حصده المذهب هو العيش في عهد الاحتلال الذي يجعله غريبا على الإسلام الحنيف والفشل في مضمونه الديني وخسارة مؤكدة لأي احتمال لنجاح الخطة الصفوية الجديدة لان العراق ليس إيران وشعب العراق ليس كأي شعب آخر في المنطقة .. انه شعب حر كريم لا يمكن أن يتعاطى بالتطرف والبغضاء والضغائن. انه شعب حر وستكون مقاومته الباسلة هي من يقرر نتائج الصراع في نهاية المطاف .. طال الزمن أم قصر وعلى أبناء العراق المحسوبين على المذهب أن يتبرؤوا من ساسة المذهب ومن عهده بالانتماء إلى المقاومة البطلة وبكل ما يبيض وجوههم كعراقيين نجباء عبر أفعال المقاومة المدنية والعسكرية.


aarabnation@yahoo.com

 

 





السبت١١ صفر ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٥ / كانون الثاني / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أ.د. كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة