شبكة ذي قار
عـاجـل










منذ عصور القرون الوسطى وبداية عصر النهضة الاوربية يعيش الغرب حالة من الصراع الدائم يرتقي الى مستوى التناحر لكنه دون ان يصل حد تصفية الآخر بين ما يعلن من شعارات عن الديمقراطية وحقوق الانسان وحرية الفكر وباقي مجموعة المفاهيم التي تصب في هذا الاتجاه من جهة , وبين ما يفرضه طمع الرأسمال الذي ينعت خطأ بالجبان على صفاته في الطمع والجشع دون الاكتراث الى اي قيمة انسانية , وحسب تجارب البشرية مع هذا العالم الذي يسمي نفسه العالم الاول على اساس عنصري ونظرة فوقية شوفينية وبما حفظ لنا التاريخ فان النتائج دائما تكون لصالح رؤوس الاموال حيث يجتمع في هذا الطرف القوة والنفوذ التي يفتقد اليها طرف المعادلة الثاني فتتسببت نتيجة لهذا الفهم الكثير من الحروب والكوارث العالمية التي يندى لها جبين الانسانية اودت بملايين البشر من شعوب كانوا يسمونها مستعمرات .


سياسة الاستعمار بين فترة واخرى تبدل ثوبها حسب ما تفرزه قوة حركات الشعوب التواقة الى التحرر والانعتاق التي يقع عليها الاستعمار ومقاومتها للسيطرة الاجنبية, وبدافع شراهتها في الاستحواذ على مصادر الثروات ولكي تترجم دول الغرب سطوتها على شعوب الارض (( وبطبيعة الحال نحن العرب من بينهم )) من خلف واجهة تخفي صورتها القبيحة وتبدو للوهلة الاولى بشكل مقبول تسخر كل الامكانيات المتاحة بما فيها الفكر الانساني التحرري على غرار ما يحصل في جنوب السودان لتحقيق غاية هي ابعد بكثير من مسألة حقوق سلبت هناك , وذات الاسلوب الذي ينتهجه حسن نصر الله في جنوب لبنان وهو ذاته ما يدفع الحوثيين في اليمن , ومن هذا المنطلق كان اندفاع الولايات المتحدة الامريكية لاعادة فرض سيطرتها العسكرية على الخليج العربي بعد احداث الكويت في تسعينات القرن الماضي تحت ذريعة تحريرها , وعلى هذا فاي معنى تشكله مشيخة مثل الكويت او حتى الخليج العربي  قاطبة في قاموس الانسانية الامريكية لتكبد نفسها كل هذا العناء وتلك الخسائر وهي لم تبدي ادنى درجات الاحترام للانسان في امريكا (( كالهنود الحمر وكل الملونين ملايين المهاجرين الذين يتسكعون في انفاق المترو وتحت الجسور والمرافق العامة  )) فهل تنتصر للعربي الذي يسيل دمه باردا يوميا بلا ثمن على امتداد موطنه ولم تظهر اي احترام للمقدسات العربية والاسلامية ابتداءا من تدنيس الحرم المكي الشريف وانتهاءا بالاعتداء على القرآن الكريم في العديد من المناسبات غير ما تكبدته في خسائرها البشرية والمادية , وما معنى ان يكون الشعب العراقي بملايينه ضحية مقابل مليون كويتي هم اصلا من نسب واحد والادعم  .


وفي هذا السياق وكما هو معلوم فان تشابك المصالح بين قوى الشر الاقليمية امثال الفرس والكيان الصهيوني وبين الولايات المتحدة الامريكية والتقائها عند النقطة الاكثر اهمية في نهب ثروات المنطقة كان الدافع الاكبر لتحطيم اي قوة عربية تطرح مشروعا تحرريا عربيا وينمو هذا التعاون كلما اقترب من تهديد مصالح الكيان الصهيوني خصوصا لما يشكل هذا الكيان من بوابة تسهل اختراق الامة العربية وعموم المنطقة وبكل الاتجاهات, وكان الصوت العراقي اكبر تهديد اقليمي فشلت كل الجهود في النيل منه واستنزاف قدراته , فكان لابد لهم من اعداد سيناريو كانت اداة التنفيذ فيه حكام الكويت لاسكاته بعد ان فشلت وذهبت مع الريح كل المحاولات السابقة بما فيها الاعتداءات الفارسية التي استمرت ثماني سنوات وخروج القطر منها سالما بل واشد قوة وبأسا, ولاجل انجاز الصورة النهائية وبشرعية ومباركة النظام الرسمي العربي اعلنت امريكا حصارها الظالم على الشعب العراقي .


لم يكن الحصار يستهدف حكم حزب البعث العربي الاشتراكي لانه طرح مشروعا يعمل على اعادة نهضة الامة العربية وتخليصها من كل اسباب التخلف فحسب بل كانت تستهدف الشعب العراقي باكمله في اكبر واقسى جريمة ابادة جماعية عرفتها الانسانية في تاريخها وفتح اكبر نافذة لاختراق الامة العربية , وبعد ان استجاب العراق للمساعي الدولية لحل المشكلة العالقة بالطرق السلمية شنت الولايات المتحدة الامريكية وباصرار عدوانها العسكري لتدمر كل البنى التحتية العراقية .


لقد جمع حصار الولايات المتحدة الامريكية للشعب العراقي كل عناصر الجريمة المنظمة من خلال اغلاق جميع المنافذ الحدودية للقطر بقوة السلاح او بتطوع الدول المجاورة للعراق وعدم السماح بتنمية الاقتصاد العراقي الذي يعتمد اصلا على تصدير الثروات الطبيعية وخصوصا النفط ولم تسمح بان تدخل القطر اي مادة حتى الغذائية بل ذهبت الى منع دخول حليب الاطفال واكرر مع الاسف الشديد بمباركة ومساندة وتأييد وممارسة النظام لرسمي العربي الذي كان اشد ايلاما من حصار الولايات المتحدة الامريكية وقد عانى شعبنا ويلات كبيرة من التجويع ومنع عنه حتى الدواء بل وراحت الطائرات الامريكية تقصف وتدمر ما ينتجه شعبنا من مواد غذائية فحرقت مزارع الحبوب ودمرت المصانع ومارست تجريب اسلحتها التي لم تجرب وحتى المحرمة دوليا امعانا في الايذاء .


لقد جاءت نتائج الحصار عكس ما كانت ترغب الولايات المتحدة الامريكية لما تسبب من تصدير النفط من الابار العراقية الى ارتفاع احتياطيه في كل الحقول واصبح القطر يمتلك اعلى احتياطي نفطي في العالم بعد المملكة العربية السعودية وتمكن المواطن العراقي من الاستغناء عن استيراد اغلب المواد بالاعتماد على المنتج المحلي الذي ارتفعت كفاءته الى مستوى نظيره الاجنبي تبعته خطوات جبارة في تنمية الصناعات المدنية والعسكرية التي تصب في مصلحة الاقتصاد المحلي بالتزامن مع النمو والتطور المجتمعي العالي مما ولد حالة رعب اضافية في اوساط صناعة القرار الامبريالي موضوع بحثنا حيث ان هذه النتائج ستمكن العراق مستقبلا من لعب دور مهم ليس على الصعيد المحلي او الاقليمي بل على الصعيد العالمي .


هذه الحالة عجلت من شن العدوان على الشعب العراقي وما رافقها من ممارسات لا انسانية قامت بها الجيوش الغازية مع المواطنين تجاوزت اعتداءات على الاعراض وانتهاك لكرامة الانسان ناهيك عن اتلاف كل مقومات الدولة العراقية ولم تنجو اي مدينة عراقية من التدمير وما تبعها من تشريعات وقوانين سنها العملاء اثبتت كذب الشعارات التي تنادي بحقوق الانسان التي رفعها الغرب وعالمهم الاول .


ان المواطن العربي حالة واحدة , في العراق او فلسطين او في الخليج العربي او اليمن او السوادان او تونس او المغرب هو واحد في اي قطر ومن يهتم بحقوق الانسان لا يمكنه التفريق بين العرب في اي مكان وقطرة الدم العربية واحدة ولا يمكن السماح باراقتها ونحن كعرب وكمسلمين وما ندرك من مفاهيم شريعتنا السماوية مكنتنا من انقاذ كثير من شعوب الارض واممها من براثن الدكتاتورية وظلم الاباطرة ونحن اولى بحفظ دمائنا واقامة دولتنا الواحدة اذا ما تمكنا من دحر اطماع الغرب في بلادنا وتفهمنا ان ثقافتهم مبنية وفق مبدأ صراع الحضارات وسيادة القطب الواحد الذي يقوده الحفاظ على قوة رأس المال وتسلطه .


 
Iraq_almutery@yahoo.com

alqadsiten@yahoo.com

 

 





الثلاثاء٢١ صفر ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٥ / كانون الثاني / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عراق المطيري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة