شبكة ذي قار
عـاجـل










 

 

 

 

ابتدءاً، تم إنشاء صندوق تنمية العراقDFI  في أيار/مايو 2003 من قبل مُدير سلطة الائتلاف المؤقته CPA  وتم الاعتراف به، بموجب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحد رقم 1483 وكان ينبغي أن يتم استخدام أموال صندوق تنمية العراق بشفافية لصالح شعب العراق، وبعد حل سلطة الائتلاف المؤقته CPA في حُزيران/يونيو 2004، تم تفويض الحكومة الأمريكية DOD من قبل حكومة العراق GOI لإدارة أموال صندوق تنمية العراق، التي أتيحت لمشاريع إعادة الإعمار، وقد قامت وزارة الدفاع الأمريكية، بإدارة أموال الصندوق المذكور نيابة عن الحكومة الأمريكية، وقد تم سحب التفويض اعتباراً من 31 كانون الأول/ديسمبر 2007.

لم تكن تلك الوزارة التي تبنت مسؤولية استخدام الأموال المودعه في الصندوق أعلاه على مستوى يُمكن الركون إليه من حيث الأمانة، بل الأمر على الضد من ذلك، حيثُ كان الفساد، إن لم تكن السرقة المُتعمدة لأموال العراق، الأساس الذي مارسته في آلية استخدام تلك الأموال، الأمر الذي دفع "مكتب المُفتش العام الخاص لإعادة إعمار العراق SIGIR" إلى تكليف السيد "آر. وارين"، مُساعد المُفتش العام للإشراف على فريق عمل، للتدقيق في الوثائق الحسابية المُعتمدة في صرف المبالغ المودعه في الصندوق، الذي جرى فعلاً، وتم صدور التقرير النهائي من "مكتب المفتش العام الخاص لإعادة إعمار العراق 10-020 في 27 تموز/يوليو 2010" ([1])، وسأتناول القسم الأول من التقرير وفق التسلسل الآتي:

 

1-  حجم المبالغ المودعه في صندوق تنمية العراق DFI:

من الضروري أولاً بيان حجم المبالغ المودعه بصندوق تنمية العراق، وفق ما ذكرهُ/تضمنهُ التقرير أعلاه، قبل أن أتناول بعضاً مما ورد فيه بالبيان والتحليل:

 

جدول يوضح مصادر أموال صندوق تنمية العراق DFI

المؤتمنه عليها وزارة الدفاع الأمريكية DOD منذُ عام 2004

 

 

المبلغ/بملايين الدولارات

السنة التي تم فيها الاستلام

المصدر

1,274,8

2004

الحساب الرئيسي لصندوق تنمية العراق.

827,6

2004

الحساب الفرعي لصندوق تنمية العراق.

6,641,1

2004

أموال نقدية محولة من سلطة الائتلاف المؤقته.

136,0

2004-2005

الحكومة العراقية المؤقته.

270,0

2008

الحكومة العراقية.

9,149,5

المبلغ الإجمالي المودع في الصندوق.

 

من المهم جداً التساؤل: هل تم فعلاً توظيف المبلغ الإجمالي المودع في صندوق تنمية العراق أعلاه البالغ 9,149,5 مليار دولار لإعادة إعمار العراق؟

الجواب: بالنفي؟! ولكنهُ على الطرف الآخر ليس مُفاجئاً؟! فمثلما كانت المُبررات التي ساقها قادة "البيت الأبيض" لغزو واحتلال العراق عام 2003 غير مُفاجئه؟ حيث كان الرأي العام الأمريكي بشكل خاص، والرأي العام الكوني بشكل عام، يعلمُ جيداً أنها مُبررات مُظللة، إلا أن "الصقور" أصروا على غزو واحتلال للعراق، وتم ذلك، ثم تبيّن صدق حدس وتقدير ذلك الرأي العام الإنساني، أن المُبررات المُعلنه، كانت فعلاً مُظللة، لا بل كاذبه؟

 

ولم يتعض قادة "البيت الأبيض" من المآسي التي خلّفوها في العراق جراء قرارهم الخاطئ بالغزو والاحتلال، بل مارسوا أبشع عمليات القتل والإرهاب، ثم سرقة ونهب، ثم تجذير الطائفية/والمذهبية/ والعنصرية، ثم نشر الفساد بشكل مُنهج، ومُنظم في مؤسسات الدولة العراقية، ثم تقسيم وتجزئة العراق، و...إلخ، حيثُ لم تكُنْ إدارة الرئيس "أوباما" إلا الوجه الآخر لإدارة الرئيس "جورج بوش"، ولم يجد شعب العراق أي شكلاً من أشكال الانفراج في آلية تعامل الإدارة الأمريكية في عهده، سيما وأنهُ  جاء مُدعياً بما بما لم يستطع أنْ يفي بهِ؟!

 

2-  حقائق وشواهد ذكرها التقرير تؤكد فساد وزارة الدفاع الأمريكية DOD في آلية التعامل مع المبالغ المودعه في صندوق تنمية العراق PFI:

أ‌-     من الدلائل، والحجج، والشواهد المؤكدة التي تؤكد طرفاً مما أشرتُ إليه أعلاه، سرقة أموال شعب العراق التي أودعت في عهدةِ وزارة الدفاع الأمريكية، من أجل إعادة بناء ما خربته هي، جراء حرب ظالمة غير إنسانية، ومُخالفة للقوانين والأعراف الدولية، هو ما ورد في مضمون التقرير النهائي لمكتب المُفتش العام الخاص لإعادة إعمار العراق SIGIR، تحت عنوان: ((صندوق تنمية العراق: وزارة الدفاع (الأمريكية) بحاجة إلى تحسين إجراءات الرقابة))، فمن جملة شواهد فساد تلك الوزارة أنها لم تستطع  تحديد أوجه صرف 96% من المبلغ الكُلي المودع في صندوق تنمية العراق DFI، وهذا دليل فساد لا يُمكن نكرانه من قبل أقطاب تلك الوزارة، التي لم تُكلف نفسها أيضاً بإنشاء آلية صرف حسابي، ثم تدقيق لتلك الحسابات، كما هو معمول بهِ، ليس في مؤسسة بمستوى وزارة الدفاع الأمريكية DOD، بل في مستوى محلات صغيرة لبيع المواد الغذائية، وهذا يؤكد على أن تلك الوزارة تتعامل مع أموال شعب العراق، بذات الصيغة التي تعاملت مع مُبررات شن الحرب على العراق، فالكذب، والتظليل، والفساد أصبحوا من سمات بعضاً من قادتها ما قبل/وبعد غزو واحتلال العراق، حيث يقول التقرير بهذا الخصوص، ما نصه: (( ما الذي وجدهُ المُفتش العام لإعادة إعمار العراق: إن نُقاط الضعف في إجراءات الرقابة الإدارية والمالية، جعلت وزارة الدفاع (الأمريكية) غير قادرة، بشكل ملائم على تحديد أوجه صرف 8,7 مليار دولار من أصل 9,1 مليار دولار من أموال صندوق وتنمية العراق التي تلقتها أنشطة إعادة الإعمار في العراق، قد ظهر هذا الوضع لأن مُعظم مُنظمات وزارة الدفاع التي تتلقى أموال صندوق تنمية العراق، لم تقم بإنشاء الحسابات المطلوبة لوزارة المالية، ولم يتم تعيين مُنظمة تابعة لوزارة الدفاع كوكيل تنفيذي لإدارة استخدام أموال صندوق تنمية العراق، إلا أن الخلل في إجراءات الرقابة جعلت الأموال عرضه لاستخدامات غير مُلائمة، وخسارة غير مُكتشفه.

 

وقد وضعت وزارة المالية توجهات بشأن تحديد أوجه صرف الأموال التي لا تخصُ الحكومة الأمريكية عندما تعمل وكالات أمريكية بمثابة وصي على تلك الأموال، إلا أن وزارة الدفاع لم تنفذ التوجيهات في الوقت المُناسب، والأهم من ذلك هو أن معظم منظمات وزارة الدفاع التي تلقت أموال صندوق تنمية أموال العراق لم تتبع التوجيهات.

 

وقد قامت مُنظمة واحدة فقط من هذه المُنظمات، بإنشاء الحساب المطلوب، ونتيجة لذلك، لم يتم تحديد أوجه صرف 8,7 مليار دولار "96%" من أموال صندوق تنمية العراق المُتاحة لوزارة الدفاع.

 

كما أوعزت توجيهات وزارة الدفاع للمنظمات التي حصلت على أموال صندوق تنمية العراق، بتسوية جميع المُعاملات قبل صدور التوجيهات، مع ذلك لم يتم إنجاز التسويات، ونظراً لعدم وجود سجلات، وعدم وجود موظفين مُطلعين على القرارات المالية والإدارية، فإنه لم يكن بإمكاننا تحديد السبب في عدم إتباع الإرشادات، ولأنه لم تتم تسوية الحسابات، فإنه يتعين على وزارة الدفاع الاعتماد على سجلات حسابات مُنظماتها لتحديد وضع أموال صندوق تنمية العراق، ويُبين استعراضنا الانتقائي أن السجلات لم تكن كاملة دائماً، على سبيل المثال، لم تتمكن وزارة الدفاع من توفير توثيق لإثبات كيف أنفقت 2,6 مليار دولار.)).

 

ومن جُملة ما يُلاحظ على النص أعلاه:

أولاً: أن وزارة الدفاع الأمريكية ذاتها لم تُنفذ التوجيهات الصادرة إليها من وزارة المالية، فكيف إذن ستتصرف تشكيلاتها في التعامل مع المبالغ المودعة في صندوق تنمية العراق؟!

 

ثانياً: أصدرت وزارة الدفاع توجيهات بتسوية الحسابات لتشكيلاتها في العراق، والنتيجة أن تلك التشكيلات لم تستجب؟ بمعنى عدم تنفيذ الأوامر! وهذا ما يُشكل خللاً كبيراً يُحاسب عليه حتماً القانون العسكر الأمريكي؟!

 

ثالثاً: عجز المُفتش العام الخاص لإعادة إعمار العراق، تحديد الأسباب التي حدت بالتشكيلات العسكرية الأمريكية بالعراق، عدم أتباع الإرشادات الصادرة من وزارة الدفاع..؟!

 

رابعاً: وصل الفساد في وزارة الدفاع الأمريكية لدرجةِ عدم وجود سجلات حسابات توثق آلية تداولها للمبالغ المودعة في الصندوق المذكور؟! وإنْ وجدت فهي غير مُستدامه/غير مُتكامله؟! مما حدا بالمفتش العام إصدار توجيهاته للوزارة، باعتماد السجلات الحسابية.؟!.

 

خامساً: فقدان الرقابة المركزية من قبل الوزارة أعلاه، على آلية تداول المبالغ المذكورة، مما جعل تشكيلاتها تتصرف وفق ما يُحقق لها من نهب، وسرقة أكبر ما يُمكن منها.؟!

 

ب‌-    التعاقد غير القانوني من قبل وزارة الدفاع الأمريكية DOD:

شخّص التقرير آلية التعامل غير القانونية مع مبالغ شعب العراق المودعه في صندوق تنمية العراق DFI، حيثُ يقول: ((وقد وجدنا كذلك اختلافات في ممارسة وزارة الدفاع في التعاقد، ما أثر على إعادة أموال صندوق تنمية العراق إلى الحكومة العراقية، في حين أن سلاح الهندسة في الجيش الأمريكي USACE، ومركز القوات الجوية للهندسة والبيئة AFCEE  قد قامت بالتعاقد نيابةً عن الحكومة الأمريكية، ما يؤدي إلى وجود إمكانية في أن تكون تلك الوكالات مسؤوله عن التسديد، ونتيجة لذلك، فإنه لم يكن بإمكان سلاح الهندسة.. والقوات الجوية للامتياز البيئي، إنهاء عقديهما، وإعادة باقي أموال صندوق تنمية العراق، عندما أوعزت الحكومة العراقية، لوزارة الدفاع بفعل ذلك نهاية عام 2007 .

 

لقد ساهم عدم وجود الرقابة والتوجيه، في استمرار منظمات وزارة الدفاع في الاحتفاظ بأموال صندوق تنمية العراق، وقد وجدنا مُنظمات بعقود مفتوحه تحتفظ بأموال، كما تُنفقُ أموالاً في بعض الأحيان، ويحتفظ سلاح الهندسة في الجيش الأمريكي، وأحد المُتعاقدين معهُ، والقيادة المركزية للجيش الأمريكي بحوالي 5,4 مليون دولار و 28,9 مليون دولار على التوالي، وفي تشرين الأول/أكتوبر 2009 أوصى المفتش الخاص لإعادة إعمار العراق أنْ تُقدم وزارة الدفاع توجيهاً لسلاح الهندسة.. بشأن استخدام الأموال التي ما زال يحتفظ بها، والتصرف بشكل نهائي بها، إلا أن وزارة الدفاع لم تقُم بإصدار التوجيهات، والأموال التي يحتفظ بها سلاح الهندسة..، والقيادة المركزية للجيش الأمريكي، عُرضه لأن يتمُ إنفاقها. وبينما قامت وزارة الدفاع، باتخاذ خطوات لتقديم توجيهات بشأن عمليات يُمكن أنْ تحدث بالمُستقبل، فإن هذه التوجيهات لا تُغطي المُحاسبة والإبلاغ ع الأموال كما حدث مع صندوق تنمية العراق.))

 

ويُلاحظ على ما ورد آنفاً:

أولاً: العقود العشوائية التي كانت تقوم بها تشكيلات الجيش الأمريكي في العراق مع مقاولين من ذات منبع الفساد المُشترك الذي يجمعهم.؟!

ثانياً: أن العقود كانت تُبرم من قبل تلك التشكيلات دون علم وزارة الدفاع الأمريكية؟!

 

ثالثاً: أن العقود التي عُقدت بين تلك التشكيلات الفاسدة، مع المقاولين الفاسدين، لم تُغلق حسابياً، وبقيت مفتوحة، ولم يُشر التقرير إلى أسباب ذلك؟ ربما لسرقة أكبر ما يُمكن من المبالغ، وهذا ما نُرجحهُ.؟

 

رابعاً: يؤكد التقرير على فقدان الرقابة والتوجيه من قبل وزارة الدفاع، وربما ذلك يعني إعطاء الأذن لتلك التشكيلات لنهب وسرقة أموال شعب العراق كما تشاء؟!

أختم القسم الأول من قراءتي للتقرير أعلاه، بالتساؤل:

 

ألا يعني المستوى الذي وصل إليه أصحاب القرار بوزارة الدفاع الأمريكية DOD، نزولاً.. من فساد مُتعمد في سرقة ونهب ثروة شعب العراق المودعه في صندوق تنمية العراق PFI، يُعد تصرُفاً، مُبرمجاُ ومُخطط لهُ ؟! لإبقاء شعب العراق ضمن خط الفقر، وصولاً للفقر المُدقع؟!

 

 

الدكتور ثروت الحنكاوي اللهيبي
Almostfa.7070@yahoo.
com


 

 

[1] للإطلاع على النص الكامل للتقرير بشكل PDF  أنظر الموقع الالكتروني: http://web.worldbank.org

 

 

 

 





الجمعة٠٨ ربيع الاول ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١١ / شبــاط / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. ثروت الحنكاوي اللهيبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة