شبكة ذي قار
عـاجـل










اليوم قد نحتاج الى محللين كثر ومنظرين أكثر لتفسي ما يجري في أقطار وطننا العربي الكبير ، فبصرخة محمد بوعزيري هرب زين العابدين بن علي اعتى رجال الحكم المنحدر من مدارس القوى الأمنية والمخابراتية العالمية والرابض على قلوب ومقدرات الشعب التونسي منذ نوفمبر 1987، وبمسيرة في العاصمة المصرية القاهرة حرص القائمون بها على ترديد كلمة (سلمية .. سلمية) أنهار اكبر الأنظمة العربية وخرج الرئيس (العراب) صاحب الجرائم المتعددة بحق شعبه وبحق العراق وبحق الأمة العربية عموما ليخزه الله ويذله وهو في أرذل العمر أصلا ، ثم مالبثت شوارع صنعاء وعدن والمنامة وبنغازي والدار البيضاء وعمان تتعرض لموجات بشرية أشبه ما تكون بالنسبة للحكام العرب بتسونامي سياسي واجتماعي وامني يعصف بالمنطقة برمتها .

 

اليوم ليس هناك وقت ولا مجال ولا فائدة حتى من تحليل أسباب ودوافع ما يجري ولا التنبؤ بمن يمتلك القدرة على تحريك أمة كاملة (دون بقية أمم العالم) في وقت ونسق وشعار واحد : نحن نريد أسقاط النظام ! لكننا وبقدر ما نشترك به مع اشقاءنا العرب في فرحتهم بالخلاص من أنظمة أستبدادية ألغت الزمن وأستصغرت شعوبها وتكبرت عليها وظنت أن لن يقدر عليها أحد ، بقدر هذا فإننا نفتح عيوننا وتبتهل ألسنتنا إلى ما يمكن أن يقوم به الشعب العراقي الذي وصف خلال العقد الأخير من عمره بالشعب المظلوم ، الشعب الذي اوغلت الماكنة العسكرية الأمريكية في تقتيل أبناءه وتدمير بناه التحتية ، ثم جاءت إيران لتدك أسس وحدة الشعب العراقي عبر إثارتها للنعرات الطائفية ووضعها لقيادات موالية لها لتتحكم بإموال واحوال العراق .

 

لقد سفكنا دما كثيرا ، لا لم نسفك دما كثيرا ، بل سفك دمنا بشكل لم تجد له ذاكرة التاريخ الحديث مثيلا ، خسرنا كل شيء ، الدار والمال والأمان ، وخسرنا قبل ذلك أن نرى حكومة عراقية نقول عنها أنها عراقية ونأمل منها أن تعمل للعراق وشعب العراق دون مساس بتوازنات الشرق والغرب ، خسرنا روح الأمل التي لطالما عاش عليها العراقيون عبر التاريخ قائلين مهما اشتدت عليهم وطأة وقسوة الزمن : (الله كريم) ، لم يعودوا يقولوها لإنهم فقدوا أو هكذا كان المشهد ما قبل الأخير الأمل بإن شيئا يمكن أن يغير من واقع الأحتلالين الجاثمين على صدورهم ، لكن (الله كريم) وحصلت المعجزة الألهية وبدأ إعصار تسونامي العربي يهب من غرب الأمة من تونس الخضراء صوب مدينة المدن بغداد العروبة مرورا بمصر وليبيا وغيرها من دول العناء العربي .

 

العراق على موعد مع تظاهرات مليونية كبيرة من أقصاه إلى أقصاه لكن تظاهرة ساحة التحرير ببغداد ستكون أم التظاهرات وميزان التعبير عن حالة الشعب العراقي ودرجة تمسكه بوجوده وعراقيته ، العراق العربي والكردي والتركماني ، العراق السني والشيعي والصابئي واليزيدي ، العراق من زاخو الى الفاو ومن خانقين الى الرويشد ، كله سيكون في ساحة التحرير ، لإن هذه الساحة لم تمثل إسمها يوما ، ولم تعبر عن أروع نصب تعبيري في الوطن العربي شامخ في وسطها ، الآن سيكون لإسمها معنى يذكر كل عراقي بمشاركته فيه ، وكما قال شاعر العراق الكبير رعد بندر :

 

اليــوم .. لا  تــرَاجُــعُ

                 تـزاحَـموا ، تـدافعـوا

هيَ ثـورة ٌسـيَـنحَـنـي       

                 لـهَـا الذلـيـل ُالخــانِـعُ

وصـرخـة ٌتُـقَـضّ ُمِـن        

                 دَويِّــهــا المـضَـاجِــعُ

 

إن الحديث عن الثورات قد كان الى زمن قريب ضربا من الخيال ، لكنه وخلال أقل من شهلا بات أمرا حتميا ، وثورة العراق هي من أكثر الثورات أستحقاقا ذاك أن كل أسباب العالم مجتمعا للثورة موجودة في العراق : أحتلال ، ظلم ، قهر ، بطالة ، غياب الخدمات ، غياب الأمن ، سجون ، اعتقالات دون محاكمة ، كبت للحريات ، فساد إداري ومالي ونهب للثروات ، أستخفاف بإرادة الشعب سواء من خلال الأنتخابات الهزيلة أو من خلال التمثيل غير الشرعي له ، التلاعب بالمناهج الدراسية ، اغتيال العلماء والمفكرين واساتذة الجامعات ، محاربة الإعلام والإعلاميين ، وهناك المزيد واكثر مما يمكن أن يقال لكن هاهي ساعة العمل تدق وسيسمع العراقيين اصواتهم المجروحة وسيهزون أركان المنطقة الخضراء وصدق الشاعر حيث قال  :  

 

قـد أ ُغـلِـقَ المـزاد ُ لا        

                 شــار ٍلـكـمْ أو بَــائِــعُ

والمسرحيِّـة ُانـتـهَـتْ

                 هَوَى السِـتارُ الفاقِــعُ

لا صبر بعـد َاليـوم ِقـد

                 مَـلَّ الشـقـوقَ الرَّاقِـعُ

 

 

 





الخميس٢١ ربيع الاول ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٤ / شبــاط / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. فارس الخطاب نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة