شبكة ذي قار
عـاجـل










ما يعانيه العراقيون ليس بعيدا عما يعانيه أبناء الأمة العربية في كل الأقطار الأخرى ,فهذا القطر المحتل من القوات الأمريكية وأعوانها الذين ينفذون أجندة إيرانية بامتياز ,يعاني أهله من الاضطهاد والظلم والفقر , رغم انه يملك اكبر ثروة نفطية في المنطقة ,ففي هذا القطر 4,5 مليون يتيم , وحولي 4 ملايين مشرد خارج بلدهم , ومئات الألوف من القتلى والمعتقلين .والعراقيون لا يطالبون أكثر من الإصلاح , وتحسين أوضاعهم المعيشية , إضافة إلى مطالبة بعضهم بخروج المحتل الأمريكي .
المشهد الذي حصل في جمعة الغضب العراقية يختلف عن مشاهد ما حصل في شارع بورقيبة في تونس , وفي ميدان التحرير في مصر , وفي بنغازي والمدن الليبية الأخرى . فقد استعدت حكومة نوري المالكي قبل جمعة الغضب الماضية .


عندما وجهت حوالي 90 من البلطجية ( السرسرية او الشقاوات ) حسب التعبير العراقي , حيث أنهم يريدون أن يتميزوا في التسمية , لمهاجمة المعتصمين في ساحة التحرير يوم الاثنين الماضي للمطالبة بتحسين أوضاعهم الماشية وتوفير الخدمات للمواطنين , وتشغيل العاطلين عن العمل , وانهالوا عليهم بالضرب بالعصي والكبلات الكهربائية والسكاكين , الأمر الذي أوقع عددا من الإصابات .


اتبع هذه الحادثة تحذير رئيس الحكومة نوري المالكي العراقيين من مغبة الاشتراك في مظاهرة يوم الغضب يوم الجمعة ( الماضية ) وقوله إنها مظاهرة " مريبة يقف ورائها أنصار صدام حسين والإرهابيون والقاعدة, كما خوفهم من المتفجرات.


واتبع هذا التحذير من المالكي مذكرات اعتقال بحق صحفيين, ومداهمة مقار ( مرصد الحريات, وشبكة عين الإخبارية, وعدد من الوكالات الإخبارية ) والعبث بمحتوياتها ومصادرة أجهزة التصوير, وذلك بدعوى أن هذه الوسائل الإعلامية تحرض على التظاهر والإخلال بالأمن.


يبدو أن حكومة المالكي قد حذرت وأنذرت قبل يوم جمعة الغضب , وبالتالي على المتظاهرين تحمل النتائج , وهذا ما حصل عندما هب العراقيون في بغداد والموصل والبصرة وسامراء والانبار والفلوجه وبابل وبعض المدن الأخرى , ففي الموصل سار المتظاهرون في مسيرات سلمية , وهتفوا مطالبين بالإصلاح وتقديم الخدمات للمواطنين , حتى قدمت مجموعات مسلحة بزي مدني من بغداد من قوات ( صقر الرافدين ) التي تتبع المالكي وقوامها 10 ألاف مقاتل يتقاضون مرتبات عالية , وقامت بإطلاق النار على المتظاهرين فقتلت عددا وجرحت آخرين , الأمر الذي حول المظاهرة من مسارها السلمي إلى مسار أخر ,مما حذا بعشائر الموصل المطالبة بتقديم المجرمين إلى المحاكمة ونيل جزائهم العادل , وكذلك الدعوة للاشتراك بيوم الغضب الذي اسماه العراقيون ( يوم الصمود ) بوم الجمعة المقبلة.


أما في بغداد فقد كان المشهد أكثر رعبا وخوفا من قبل حكومة المنطقة الخضراء ,فقد وضعت حواجز كونكريتية فوق جسري الجمهورية والسنك الموصلين إلى المنطقة الخضراء , كما دفعت بألوف الجنود وقوات من صقر الرافدين وفيلق القدس إلى الشوارع المحيطة بساحة التحرير لمنع السيارات والمواطنين من الوصول إلى الساحة والاشتراك في التظاهرات .


لقد تعاملت هذه القوات مع المتظاهرين بعنف مفرط , حيث استخدمت خراطيم المياه والرصاص المطاطي والهراوات ,وكانت المعاملة اشد مع الصحفيين حصرا ,
فقد استهدفت وكالات الأنباء والفضائيات العراقية حصرا , وبالذات ( الديار والبغدادية والسومرية والشرقية ) , كما استهدفت ( جمعية الدفاع عن حرية الصحافة , ومرصد الحريات ) , كما تم اعتقال عددا من الإعلاميين العاملين في الفضائيات الذين كانوا يصورون في ساحة التحرير , أو من مقرات الفضائيات كما حصل لقناة الديار حيث تم اقتحام المقر الكائن في إحدى بنايات ساحة التحرير واعتقال 10 من العاملين فيها , وتكسير معداتها , ولم يقتصر الأمر على هذا بل لاحقت قوات الأمن الصحفيين في الأحياء البعيدة , فقد اعتقلت أربعة منهم في إحدى مطاعم حي الكرادة .


رافق الاعتقال تعذيب وتهديد ووعيد , حيث تعرض الصحفيون إلى اللكمات والضرب بالعصي والصعق بالكهرباء , والاهم هو اتهامهم بالانتماء إلى منظمات إرهابية , وطالبتهم الاعتراف بانتمائهم إلى إما إلى تنظيمات الصداميين أو التكفيريين أو إلى القاعدة , وبعد هذا الاعتراف عليهم إعلان براءتهم من هذه التنظيمات ,ولم تدرك هذه القوات أن الفكر ألصدامي ألبعثي ما زال في قلوب العراقيين الذين عانوا ويلات المحتل وأعوانه في المنطقة الخضراء .


لقد خرج المواطنون عن صمتهم وصرخوا بأعلى صوتهم لقد طفح الكيل, كلما طالبنا بحقوقنا التي كفلها الدستور اتهمونا بالانتماء إلى البعث أو إلى نظام صدام حسين, أو إلى التكفيريين أو إلى تنظيم القاعدة. إنها اسطوانة مشروخة مللنا من تردادها , إنها حكومة بوليسية إرهابية فاقت في استخدام العنف كل الارهابين الذين تتكلم عنهم حكومة المالكي ,حتى أن النائب صباح ألساعدي وصف قمع المتظاهرين بأنه يؤشر قسوة الدولة البوليسية , وبالمقابل كان النائب كمال ألساعدي التابع لدولة القانون أو التابع إلى نوري المالكي يقف في بناية المطعم التركي ا لمهدمة منذ عام 2003 , يراقب أداء قوات القمع ضد المتظاهرين ليقدم تقريره إلى سيده المالكي .


ولان حكومة المالكي منعت الفضائيات العربية وخاصة الجزيرة من التواجد في بغداد , لم تنل مظاهرات يوم الغضب بالتغطية الإعلامية التي تنسجم مع ما حدث في ذاك اليوم ,وقد وجه المتظاهرون نقدا شديدا للإعلام العربي والغربي على عدم تغطية ما حدث في العراق , كما غطت التظاهرات في تونس ومصر وليبيا .


الأمر الملفت للنظر أن المتظاهرين وجلهم من الشباب , طالبوا عدم تدخل شيوخ العشائر ,ورجال الدين من الطائفتين السنية والشيعية في تظاهرة يوم الجمعة المقبلة التي أسموها ( جمعة الصمود ) , وهذا يعني نضج المتظاهرين ومعرفتهم مقدار سيطرة الحكومة على هذه الشرائح , واستخدامها أداة بيدها , فقد سقطت مظلة رجال الدين , وخفتت سطوة العشائر , كما سقط ادعاء المالكي بان حكومته ديمقراطية .


لقد تركزت مطالب المتظاهرين على الخدمات من ماء وكهرباء وتشغيل العاطلين عن العمل وزيادة رواتب المتقاعدين من مدنيين وعسكريين. ومع ذلك ظهرت شعارات تطالب برحيل المحتل الأمريكي من البلاد, وقد تتطور مطالب المتظاهرين يوم الجمعة المقبلة إلى إسقاط النظام بالكامل لأنه اثبت فشله في المجالات الداخلية والخارجية.


لقد حذرت شبكة المنصور ( صوت المقاومة والبعث ) من مغبة اندساس عناصر مشبوهة في المظاهرة المقبلة قد يرفعون شعارات باسم البعث , أو يرفعون صورا للشهيد صدام حسين او رمز الجهاد عزت الدوري , لتبرير استخدام العنف ضد المتظاهرين وارتكاب جرائم جديدة تضاف إلى الجريمة التي ارتكبها يوم الجمعة الماضية ,حيث قتلت قوات المالكي 40 شخصا وجرح 300 آخرين .

 

 





الاثنين٢٥ ربيع الاول ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٨ / شبــاط / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د . حسن طوالبة نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة