شبكة ذي قار
عـاجـل











تدمير كُل ما في العراق .. هدف الاحتلال الأمريكي/الصهيوني / الإيراني للعراق
والحكومات التي تعاقبت على حُكمهِ ..

 


كانت حرباً ظالمه ضد العراق، لم يشهد مثلها التاريخ الحديث والمُعاصر كونياً، حرباً قامت على أخبارٍ غير موثوقه/غير مُؤكده، ولم تقُمْ على معلوماتٍ موثوقةٍ/مؤكده؟ وشتان بين "الأخبار" و "المعلومات"، التي يختص بها على الأعم منتسبوا أجهزة الأمن، وبإيجاز شديد: "الأخبارُ" لا يُركن إليها، ومن ثُم لا يُمكن أنْ تكون مصدراً، أو دافعاً للاتخاذ القرار، حتى وإن كان، على مستوى دون ما يتعلق، بالأمن القومي لأي بلدٍ كان، سيما وأنها تحتاج إلى تدقيقٍ، من وكالات/مصادر أخرى، فإما أنْ تصبح "معلومات"، ويُركن إليها بعد أنْ تم تدقيقها، أو تُهمل بشكل كُلي، ولا يُلتفتُ إليها، لأنها لم ترتقِ إلى أنْ تكون "معلومات".


أما الـ "المعلومات"، فهي التي يُركن إليها، بعد أنْ تم التأكد منها، من خلال جملة من عمليات التدقيق، والتمحيص، والمُقارنه، والتحليل، سيما تأكدها من "المصدر البشري" الذي قدّمها، لذا، فإنه بعد ذلك، تُصبحُ "معلومات"، تم التأكدُ من صحتها، وأنها أصبحت مصدراً مُهماً، للأصحاب القرار، لكي يتخذوا في ضوئها القرار المناسب.


قيل الكثير عن قوة أجهزة المخابرات الأمريكية، ثم البريطانية، والصهيونية، و .. إلخ، تُشاركهم في ذلك أجهزة مُخابرات دول عربية، ناهيك عن الدور اللا أخلاقي الثابت لجارة الشر إيران، الذي كان لها دور فاعل في هذا المضمار، من خلال اذرعها الدموية، وبالذات مليشيا بدر الإرهابية الجناح العسكري للمجلس الأعلى للثورة الإيرانية في العراق، وقادة الكُرد الانفصاليين "الطالباني والبرزاني"، حيث أصبحت محافظات الحُكم الذاتي شمال العراق "السليمانية، أربيل، دهوك" مرتعا علنياً لتلك المُخابرات، وعُملائها، لم تستطع الأجهزة المُخابراتيه تلك، أنْ تتوصل إلى "معلوماتٍ" مؤكده فيما إذا كان العراق يمتلك ما أُشيع عنهُ، من أسلحة دمار شامل من عدمه؟! وبقيت تدور في حلقةٍ من "الأخبار الإعلامية" التي ضختها وسائل إعلام تلك الدول، بكمياتٍ هائلة، مع إخراجٍ استفزازي، ومُفربك، ومُبالغاً فيه؟! بالرغم من أنَّ لجان التفتيش الأُممية، عن تلك الأسلحة، لم تترك مكاناً في العراق، أرادت تفتيشه، ولم تُفتّشهُ؟ ولم تجد مؤشراً، أو دليلاً واحداً يقودها إلى الشك، بأن العراق يمتلك من مثل تلك الأسلحة، وليس دليلاً دامغاً يُركن إليه، بهذا الخصوص.


وبالرغم من ذلك، تم القرار أمريكياً على غزو، واحتلال العراق.؟!
أُحتل العراق .. وسيطرة القوات الأمريكية، وجيوش مَنْ شارك معها على العراق، وبدأت حملة تفتيش لا هوادة فيها، بحثاً عن تلك الأسلحة المزعومه، التي من أجلها شُنت الحرب عليهِ؟ وشارك تلك القوات في البحث عنها ، القادمين مع تلك القوات، على ذات الدبابة، والطائرة، من الشخصيات، والأحزاب التي كانت، ولا زالت، مُجرد مجموعه من العُملاء لذلك الاحتلال، ثم تجنيد شبكة هائلة من المُخبرين، للبحث، والإخبار عنها؟


المُهم ما هي نتيجة البحث، المُكثف؟:
هل وجدوا تلك الأسلحة المزعومة؟
هل وجدوا آثاراً، دلائل، شواهد تُثبت أن العراق كان يمتلكها؟
لن أُساهم في الإجابة، لكي لا يُقال، أنَّ كاتب هذه السطور، بحكم كونه عراقياً، وبلدهُ قد أحتل ظُلماً، تعامل مع الإجابة بصيغةٍ عاطفية، خاليه من الدليل، والشاهد، والحُجه.؟!


الإجابة سأترُكها، لمن دعم قرار الحرب على العراق بقوه، ثم كان مُشاركاً، ومُطلعاً على نتائج البحث والتقصي عنها، بعد الغزو والاحتلال، حيثُ كان هو مَنْ يحكُم العراق؟ ولذا فإنه معنياً بشكل أساسي، في الوصولِ، إلى ما يؤكد وجودها في العراق، لكي يُبرر هو وقادته الحرب عليه.


الإجابة التي سأتناولُها، هي إجابة "معلومات" مؤكدة، لا لبس فيها، ولا شك، مُدققة وفق ذات المراحل التي اشرنا إليها آنفاً، فلذا جاءت، بما لا يُمكن التنصل منها، أو تبريرها بما هو على الضد، أو تكذيبها، أو .. إلخ، بل أنه لا مناص من الاعتراف بصحتها، لأنها كما اشرنا "معلومات"، سيما وأنَّ أحد المُعترفين بها، هو المفوض/المندوب السامي الأمريكي "بول بريمر"، التي سطّرها في مذكراتهِ،التي نصُها، وبالحرف:


(( ففي أوائل تموز/يوليو (2003)، قدم إلى العمل رئيس محطة وكالة الاستخبارات المركزية، في سلطة الائتلاف المؤقته، كان "بيل" مُحترفاً، نحيلاً مرن الأطراف، خدم عدة سنوات في المنطقة، ويتحدث العربية، وكانت محطة بغداد، أكبر محطة في العالم بالفعل، لذا يُعتبر ذلك عملاً كبيراً بالنسبة إليهِ، وقد رأيتُ جزءاً من المُشكلة يكمنُ، في أنَّ واشنطن، حددت أولويات المحطة، بتعقبِ أسلحة الدمار الشامل ..


كانت قوات الائتلاف تبحثُ عن مخازن الأسلحة العراقية، منذُ أواخر آذار/مارس (2003)، لكنها لم تكتشف، أسلحة دمار شامل حتى الآن، وعلمتُ أن "بيل" يخضع لضغط من مقر قيادة الوكالة في لانغلي، فيرجينيا، فهو يُشرفُ على مجموعه مسح العراق، وهي هيئة مُخابراتيه، بقيادة المسؤول في الوكالة "ديفيد كاي"، والعميد في الجيش "كيث دايتون"، وتضمُ نحو 1,400 مدني، وعسكري من الائتلاف يبحثون عن أسلحة الدمار الشامل، ولا بد أن هذا الجهد، شكّل عبئاَ إدارياً ضاغطاً على محطة بغداد .. ))( ).


ثم يعود "بريمر"، ذاته في مكانٍ آخر من كتابه، ليُسطر اعترافاً آخر، تم عرضه على المراجع العليا في الحكومة الأمريكية، أنه التقرير النهائي، الذي تضمن النتائج النهائية لمحطة المخابرات الأمريكية، و"مجموعة مسح العراق"، آنفتي الذكر أعلاه، حيث يعترفُ، وبالحرف:


(( من المشاكل التي تواجه الحكومة الأمريكية، أننا لم نعثر، على مخزونات أسلحة الدمار الشامل، وهي السبب الرئيسي المؤدي إلى الحرب، لقد جاب الدكتور "ديفيد كاي"، ومجموعة مسح العراق الكبيرة، البلاد لمدة عدة أشهر، وفي 2 تشرين الأول /أكتوبر (2003)، قدم "كاي" تقريره الأولي إلى اللجنة المُشتركة لمجلس الشيوخ، والنواب، وكانت النتيجة التي خلُص إليها واضحه: من المؤكد تقريباً، أنَّ صادم حسين، لم يكُن يمتلكُ عند اندلاع الحرب، آلاف من الأطنان، من الغازات السامة، والرؤوس الحربية لإطلاقها، أو مئات الكيلوغرامات، من عوامل الحرب البيولوجية القاتلة، أو المنظومة الصناعية، والمواد الانشطارية اللازمة لإنتاج الأسلحة النووية، التي قالت أجهزة استخبارات البلدان الغربية الكبرى أنه يمتلكه .. ؟!)) ( )


يعترف "بريمر" أنه فوجئ، بمضمون تقرير "كاي"، الذي أعترف، وكما مُشار أعلاه، بأن العراق خالٍ مما أُشيع عنهُ، من امتلاك ما هو محظور دولياً؟ والطامة أن هذا المحظور، يمتلكُه الكيان الصهيوني، ولم تُشنُ حرباً عليه، بل لم يَسمح حتى بتفتيش مُنشآته النووية؟ المهم، أن ذلك الـ: "بريمر" يصف وقع المُفاجئة عليه، بالقول: (( وقفتُ بقوةٍ خلف قرار الرئيس بغزو العراق، وإسقاط نظام صدام الخطير، وعلى غرار "ديفيد"، فوجئت عندما لم تعثر مجموعه مسح العراق، على مخزونات أسلحة الدمار الشامل .. لا بد أن استنتاجات "كاي" شكّلت أخباراً مريرة للحلقة الخارجية في البنتاغون ؟!)).( )


ثم يستعرض بإيجاز، ذلك الـ: "بريمر"، كيف حصلت دولته العظمى، على تلك الأخبار الكاذبه، التي لم تثبت صحتها، وقبلتها تلك الدولة العظمى ومعها بريطانيا، وغيرهما، بالرغم من تحذيرات دولية أخرى، وبالذات الألمانية، التي حذّرت من أن المعلومات التي قدمها الهاربون من العراق "كاذبه"؟! المهم لدى "بوش وصقور الحرب على العراق"، أنْ يتم غزوه واحتلالهُ، وكان لهم ما أرادوه، ولكن بثمن أدمى قلوبهم، وأبكى عيونهم، فالدم العراقي غالي الثمن. يقول المذكور، بهذا الخصوص، ما نصه: (( فقد قدّم المنفيون في المؤتمر الوطني العراقي، الذي يرأسه "أحمد الجلبي" بعض المعلومات الاستخبارية قبل الحرب، إلى مكتب وزير الدفاع، والآن لا يوجد أشرطة فيديو، تُظهر مخزونات الرؤوس الحربية لغاز السارين، أو قوارير أبواغ الجمرة الخبيثه، لمواجهة السلبية المتواصلة في وسال الإعلام العالمية .. ؟!)). ( )


ما ورد آنفاً من "معلومات بريمرية" مؤكده، يُثير جملة من الأسئلة، والتحاليل، التي منها:


(1) أن محطة المخابرات الأمريكية في العراق، هي أكبر محطة مخابرات بالعالم، وهو ما اعترف به "بريمر" أعلاه، وهذا يعكس مدى الاهتمام الأمريكي بالعراق، سيما وأن من أهداف تلك المحطة العثور على أسلحة الدمار الشامل، وفشلت في الوصول إليها، لعدم وجودها أساساً.


(2) ثم ساندت المحطة أعلاه، مجموعه أخرى، أطلق عليها "مجموعة مسح العراق"، بعدد هائل من الأفراد، وعدد أكثر هولاً ممن تم تجنديهم، فضلاً عن الوسائل العلمية المتطورة، التي استخدمت من قبلهم، والنتيجة: أنْ لا أسلحة دمار شامل في العراق.؟!


(3) ما ورد آنفاً، توصلت إليه لجان التفتيش الأُممية، حيث لم يرد في أي تقرير من تقاريرها، أن العراق يمتلك مثل تلك الأسلحة، والأنكى من هذا، أن بعضهم حصلت له صحوة ضمير، سيما بعد أنْ حرّفت تلك اللجان مُهمتها لأمور أخرى، تمثلت بالذات تسيس عملها، لصالح جهات دولية سيما الكيان الصهيوني، وصقور الحرب في البيت الأبيض وبريطانيا؟! حيث اعترفوا رسمياً، أمام الجهات ذات العلاقة: أن لا أسلحة محظورة في العراق؟ وأن عمل اللجان مُسيس و .. إلخ.


(4) المُهم، بعد كُل ما ورد آنفاً، ما هو دور الحكومات العراقية التي تعاقبت على الحكم في العراق المُحتل؟ كان دورها وكأن الأمر لا يعنيها؟ المهم بالنسبة لها أنْ تبوأت السلطة، وليكن ما يكون؟! فلم تتخذ تلك الحكومات، أية إجراءات ردعية قانونية، تطالب الولايات المُتحدة الأمريكية، وبريطانيا، وغيرهما بالمثول أمام القوانين الدولية، التي حرّمت غزو دولة لدولةٍ أخرى؟ كما لم تُطالبهما بتعويض الضرر الفادح، الذي لحق بالإنسان، والثروات، والبُنى الاقتصادية، والذاكرة التاريخية، والثقافية، و .. إلخ العراقية من أضرارٍ جسيمة.


(5) وعلى ذات المنوال أعلاه، كان الموقف الدولي، حيث لم تتخذ الأُمم المتحدة أي قرار، يؤكد على حق العراق، وفق ميثاق الأمم المتحدة، والقوانين الدولية، بالتعويض على ما لحقه من أضرار، وتجريم الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، و .. إلخ، بغزوهما دولة حرة، موحده، ذات سيادة، دون وجود مُبرر لذلك الغزو.؟!


(6) لم يكن دور تلك الحكومات التي تحكم العراق، مما تقوم بهِ "محطة المُخابرات الأمريكية في بغداد"، وفق الوصف المُشار إليه أعلاه، إلا موقف المُستسلم الذي لا يستطيع فعل شيء، فتركت عناصر تلك المحطة، تصول وتجول في العراق، لتزرع سموم الأحقاد العرقية، والمذهبية، والطائفية، وتُدرب عملاءها على المزيد من عمليات قتل النُخبة العلمية العراقية، وتأجيج الصراعات المذهبية، و .. إلخ.

 


الدكتور ثروت الحنكاوي اللهيبي
Almostfa.7070@yahoo.com


[1] السفير بول بريمر بالاشتراك مع مالكوم ماك-كونل، عام قضيته في العراق، النضال لبناء غدٍ مرجو، ترجمة عمر الأيوبي، دار الكتاب العربي (بيروت-2006)، الفصل الخامس: أمل بعيد، ص 141.
[2] المصدر السابق، الفصل السابع: هل تستطيع أمريكا تحمل الحرارة، ص236– 237..
[3] المصدر السابق، الفصل السابع: هل تستطيع أمريكا تحمل الحرارة، ص 237 – 238..
[4] المصدر السابق، الفصل السابع: هل تستطيع أمريكا تحمل الحرارة، ص238.

 

 





الاربعاء٢٧ ربيع الاول ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٢ / أذار / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. ثروت الحنكاوي اللهيبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة