شبكة ذي قار
عـاجـل










غيرت رياح التغيير التي هبت على منطقتنا انظمة وحكام وفرضت رؤية جديدة في معادلة العلاقة بين الحاكم والمحكوم تستند الى نزوع الشعوب للتغيير وانتزاع حقوقها بأساليب وطرق غير التي كانت سائدة خلال العقود الماضية.


وما تحقق في تونس ومصر وربما في ليبيا يعكس الحاجة الى ان تراجع الانظمة التي تواجه رياح التغيير هذه الموجة الجديدة بروح العصر والانفتاح والواقعية وليس برفض المطالب المشروعة للساعين للتغيير.


وهذا المنهج في التعاطي مع هذه المتغيرات ربما يؤسس لمرحلة عنوانها الانفتاح وتوسيع المشاركة الشعبية في صنع القرار وتلبية حاجات وتطلعات المواطن وتجنب الجميع الدخول بالفوضى كما يحدث في ليبيا واليمن الان.


وطبقا للوقائع الجديدة التي فرضتها رياح التغيير في عالمنا العربي فإن دولا مثل العراق تتعامل مع هذه الوقائع وكأنها بمأمن عنها ومحصنا من تداعياتها المحتملة رغم ان الظروف مهيأة تماما لاحداث التغيير. فالعراق منذ احتلاله عام 2003 ولحد الان لم يتعاف ومازال متداعيا وتنخر جسده الطائفية والفساد والبطالة.


وبفعل هذه التداعيات التي تستند الى عملية سياسية عرجاء ومحاصصة طائفية وسياسية حولت العراق الى اقطاعيات المتضرر الوحيد منها هو المواطن الذي كان يأمل ان تتحسن ظروفه واحواله المعاشية. ويضاف الى هذه الظروف التي يعيشها العراق فإن تداعيات ماجرى في التاسع من ابريل 2003 مازالت مستمرة وتعطل اي جهد مخلص لتعافي العراق خصوصا تعديل الدستور وتحقيق المصالحة الوطنية. اضافة الى ذلك تكريس واستثمار اموال العراق المتأتية من العوائد النفطية لرفاهية العراقيين ومحاسبة وملاحقة اللصوص ومبددي المال العام.


وبتقديرنا فإن هذه المعضلات والاخفاقات التي يعيشها العراق وفشل القائمين على العملية السياسية في تحقيق الحد الادنى لحاجات المواطن خصوصا الخدمات الحياتية مثل الكهرباء وتوفير المياه الصالحة للشرب وتوفير مواد البطاقة التموينية تتطلب معالجة هذه الاخفاقات بإجراءات تعيد الامل للمواطن وتلبي حاجاته وتطلعاته من دون وعود سرعان ما تبخرت بعد الانتخابات.


ورغم ذلك فإن ما جرى في الجمعة الماضية بخروج الاف العراقيين من شمال الوطن الى جنوبه يشير الى ان المتظاهرين يريدون احداث التغيير المطلوب ومعالجة تداعيات المرحلة الماضية السياسية والاجتماعية والاقتصادية ومحاسبة وملاحقة سراق اموالهم. وهذه مطالب مشروعة غير ان هذه المطالبة جوبهت بإجراءات خجولة تعكس النزعة الاستعلائية في التعاطي مع هذه المطالب.


وما يثير القلق حقا ان جميع محافظات العراق شهدت تظاهرات انحصرت مطالبها بعيدا عن الشعارات السياسية قوبلت برصاص الشرطة الذي ادى الى مقتل وجرح العشرات.


ويقابل ما يجري بالعراق صمت الدول التي تضامنت ووقفت مع مطالب شعوب تونس ومصر وليبيا واليمن والجزائر ودعت الى الاستجابة الفورية لمطالب المحتجين. نقول لماذا هذا الصمت عن ما يجري بالعراق والتغاضي عن مطالب العراقيين. هل ان العراق استثناء ومطالب شعبه غير مشروعة ام انها تكشف عورة الديمقراطية التي بشر بها من قرر غزو العراق واستمر ان يتعامل مع هذه الحقائق بازدواجية واضحة؟

 

 





الخميس٢٨ ربيع الاول ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٣ / أذار / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب احمد صبري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة