شبكة ذي قار
عـاجـل










 

1 – إعتمد مجلس الأمن يوم 17/3/2011 القرار 1973 والذي يخول الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، منفردة أو عن طريق منظمات أو ترتيبات إقليمية، إستخدام القوة المسلحة ضد ليبيا تحت غطاء حماية المدنيين المعرضين لخطر الهجمات، وتحت غطاء إنفاذ منطقة حظر للطيران أنشأها القرار في ليبيا. كذلك عزز القرار الحظر التسليحي الذي سبق فرضه على ليبيا بالقرار 1970 المؤرخ 26/2/2011، وخوّل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تفتيش الطائرات والسفن الذاهبة الى ليبيا أو الخارجة منها، وأيضا وسّع هذا القرار تجميد الأرصدة اليبية المفروض بالقرار 1970 حيث شمل أفرادا ليبين جدد ومؤسسات مالية ليبية في مقدمتها المصرف المركزي الليبي ومؤسسة النفط الليبية والمؤسسة الليبية للإستثمار والمصرف الليبي الخارجي.

 

2 – القرار 1973 هو تخويل مفتوح للدول الغربية بقيادة أمريكا وفرنسا أن تدمر ما شاءت من مواقع مدنية وعسكرية وإقتصادية في ليبيا، وما عليها سوى أن تشعر الأمين العام للأمم المتحدة بإنها إستخدمت القوة المسلحة لحماية المدنيين الليبيين أو لإنفاذ منطقة حظر الطيران. والقيد الوحيد الوارد في القرار هو (إستبعاد أي قوة إحتلال أيا كان شكلها وعلى أي جزء من الأراضي الليبية) وهذه الفقرة ما وضعت لولا معرفة الغرب أن جحيم ليبيا على جنوده لن يكون باقل من جحيم أرض الرافدين. إن قرار مجلس الأمن إستخدام الفصل السابع للتخويل بإستخدام القوة تحت ذريعة (التدخل الإنساني) هو إجراء مرفوض من كثير من فقهاء القانون الدولي كونه يتعارض مع الفقرة السابعة من المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة والتي تنص على (ليس في هذا الميثاق ما يسوغ للأمم المتحدة أن تتدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي لدولة ما)، إضافة الى تعارضه مع الفقرة الثانية من المادة الاولى من الميثاق الخاصة بمساواة الشعوب في الحقوق وبأن يكون لكل منها الحق في تقرير مصيرها، وايضا لإن قضية التدخل الإنساني ليست من صلب هدف (حفظ السلم والأمن الدولي) الذي هو إختصاص مجلس الأمن، والأنكى من ذلك أن ما يحدث في ليبيا لم يرقى الى مستوى الأزمة الإنسانية التي تستوجب تخويل أطراف خارجية إستخدام القوة، وأن التجارب السابقة في العراق والصومال وكوسوفو أثبتت أن التدخل الخارجي فاقم المأساة الإنسانية ولم يخففها.

 

3 – الأكثر إيلاما في القرار 1973 أن فقراته أعطت الإنطباع أن مجلس الأمن قام بما أراده منه العرب وجامعتهم التي يرأسها عمرو موسى. فديباجة القرار، والتي هي بمثابة عرض للأسباب الموجبة لصدوره، إستندت إلى إدانه الجامعة العربية للإنتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان وللقانون الدولي الإنساني التي إرتكبت ولا زالت ترتكب في ليبيا (الفقرة 16 من الديباجة)، بينما أشارت الفقرة (18) من الديباجة الى أن مجلس الأمن
 

أحيط علما بقرار مجلس جامعة الدول العربية الصادر في 12/3/2011 الداعي إلى فرض منطقة لحظر الطيران على الطائرات العسكرية الليبية وإنشاء مناطق آمنة في الأماكن المعرضة للقصف. أما الفقرات التنفيذية أو العاملة فقد طلبت من الدول العربية التعاون لتنفيذ القرار حيث طلبت الفقرة العاملة الخامسة من الدول الأعضاء في الجامعة العربية أن تتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى في تنفيذ الفقرة الرابعة من القرار والخاصة بالتخويل باستخدام القوة لحماية المدنيين الليبيين. كما طلبت الفقرة العاملة الثامنة من الدول المساهمة في إنفاذ منطقة حظر الطيران (بالوسائل العسكرية طبعا) أن تتعاون مع جامعة الدول العربية بشأن التدابير التي تتخذها من أجل تنفيذ حظر الطيران. كما نصت القفرة العاملة (11) على أن تبلغ الدول الأعضاء المعنية الأمين العام للأمم المتحدة والأمين العام لجامعة الدول العربية فورا بالتدابير المتخذة لإنفاذ الحظر الجوي.

وفور صدور القرار 1973 هرع عمرو موسى للمشاركة في إجتماع باريس يوم 19/3/2011 ليعطي موافقته على إنطلاق الحملة العسكرية الغربية على ليبيا، وكان واضحا أنه بفعلته هذه أراد تقديم فروض الطاعة لأمريكا وللكيان الصهيوني لدعم ترشيحه للرئاسة المصرية.

 

4 – ليس معروفا لحد الآن المدى الذي سيذهب إليه الغرب في تدمير ليبيا بموجب هذا التخويل. هل سيستخدمه كما استخدمت أمريكا التخويل الوارد في القرار 678(1990) لإلقاء مايعادل ثمانية قنابل نووية على العراق، أم أقل من ذلك أم أكثر؟ وهل سيستخدمه لفرض (مجلس حكم) وفيدرالية ومحاصصة ونهب النفط وموارد ليبيا كما فعلت أمريكا في العراق؟ لكن الأمر في النهاية منوط برد شعب ليبيا والشعب العربي على هذا العدوان. الشعب العربي مطالب اليوم أن يعلن رفضه لقرار مجلس الأمن 1973 وأن يعلن أن من دعم هذا القرار من الحكام العرب لا يمثلون شعوبهم. إن هذا الموقف لا يعني مطلقا الإنحياز للعقيد القذافي ولا للنظام السياسي الحالي في ليبيا. إن شكل النظام السياسي في ليبيا هو أمر يقرره شعب ليبيا، لكن الدفاع عن ليبيا بوجه العدوان الغربي لا تنحصر بالليبيين بل هي مسؤولية العرب والمجتمع الدولي بأجمعه، خاصة وأن غطاء هذا العدوان هو مجلس الأمن الذي يدعي أنه يتصرف بإسم الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. ولا بد هنا من قول كلمة الى الدولتين دائمتي العضوية اللتين صوتتا بالإمتناع (روسيا والصين)، وهي أن تصويتكما بالإمتناع معناه قبولكما إمرار القرار، ولو كنتما ضد مبدأ تخويل إستخدام القوة بذرائع (التدخل الإنساني) كما تدعيان في أدبياتكما، لصوتما ضد القرار وأسقطتماه بالفيتو، وكلمة للأعضاء غير الدائمين (البرازيل والهند والمانيا) الذين صوتوا بالإمتناع : إن التصويت بالإمتناع معناه قبول المبدأ والإعتراض على التفاصيل، وكان بإمكانكم التصويت ضد القرار لتجنبوا دولكم أية تبعات قانونية أو أخلاقية نتيجة إمرار هذا القرار الذي هو جريمة أخرى يرتكبها مجلس الأمن والأمم المتحدة، والتي بدأ ضحاياها من المدنيين الليبيين يتساقطون منذ مساء يوم 19/3/2001 مع أول زخة صواريخ كروز (الذكية جدا) التي سقطت على المدن الليبية.

 

5 – أما معارضو العقيد القذافي ومن حملوا السلاح ضده فإنهم اليوم أمام قرار مصيري، فإما أن يؤكدوا وطنيتهم وقوميتهم وإسلامهم الحق برفضهم قرار مجلس الأمن ورفض أي إنتهاك غربي لأرض وسماء ومياه ليبيا، أو أنهم سيخسرون أنفسهم. إن الوقائع تشير إلى أن بعض فصائلهم دفعت بقوة لفرض منطقة حظر الطيران، وأن بعضهم يقول الآن، كما قال العميل كنعان مكية، (صوت الصواريخ التي تتفجر على طرابلس تشنف أسماعي كأجمل سمفونية). وندعو الله لهم الهداية، وهو المستعان .

 

 

 





الاحد١٥ ربيع الثاني ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٠ / أذار / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. عبد الواحد الجصاني نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة