شبكة ذي قار
عـاجـل










كنت مدعواً لحضور الفيلم الوثائقي "غزة المأساة" في إحدى القاعات الباريسية، الذي يتناول العدوان الصهيوني على غزة عام 2008، وقبيل دخولنا قاعة العرض، حملت لنا الأخبار أنباء بدء العدوان على الشقيقة ليبيا، وأن صورايخ التوماهوك والطائرات الحربية الغربية بدأت بقصف مناطق واسعة في هذا البلد العربي. كان برفقتي سفير عربي صديق، بلاده لم توافق على مقررات جامعة الدول العربية المخزية حول ليبيا، لمحت على وجهه ضيقا و توترا، وقال لي: هل ندخل القاعة أم نعود أدراجنا؟ أجبته: ندخل..والأحداث سنتابعها بعد خروجنا


إذن، العدوان الغربي على بلد عربي بدأ!! وحدث ماتوقعه كل العرب الشرفاء، وأنا واحد منهم. وهذا الموقف أعلنته سواء بالمقالات التي كتبتها، أو الأحاديث التلفزيونية التي استضافتني منذ بدء الأحداث في ليبيا. وبغض النظر عن أخطاء القذافي وخطاياه، إلا أننا لانستطيع أن نكون مطلقاً في صف أي عدوان خارجي يستهدف اي بلد عربي


منذ بداية الأحداث في ليبيا يمكن القول أن الكثير منها مريب ويرسم عشرات علامات الإستفهام والتعجب؟!وهذا الأمر ينسحب على العديد من التطورات التي يشهدها الوطن العربي وكأن هناك مايسترو" يدير دفتها من خلف الكواليس. وهذا لاينال أبداً من توق الشارع العربي للتغيير، الذي تجلى في خروج الملايين الى الشوارع، بعد أن حورب طوال عقود بلقمة عيشه وحياته وإنتهاك كرامته الوطنية والقومية. التغيير الذي يريده الشارع العربي ونريده، يجب بالضرورة أن يؤدي إلى حالة أكثر إشراقاً على صعيد الأمة كلها


عندما حملت "المعارضة؟!" الليبية السلاح وبالشكل الذي تمت به، أخذت هذه المعارضة منحى لايبشر بالخير، وعندما بدأت الدوائر الأجنبية ترسم لها خطوط تحركها وسياستها، أصبحنا أمام ظاهرة


ثوار "كونترا" جديدة داخل الوطن العربي. وإلا بماذا يمكن أن نفسر
ـ سرعة إعتراف الغرب بما يسمى المجلس الإنتقالي
ـ إسقاط "شرعية"حكومة القذافي
ـ الضغط والإغراء للكثير من الدبلوماسيين الليبين للأنقلاب على حكومة بلدهم
ـ التهديد بإستخدام القوة لـ "حماية" المدنيين!؟
ـ الحاجة إلى غطاء عربي، وهذا ماحدث من خلال قرار جامعة الدول العربية في سابقة خطيرة ومدانة
ـ التعبئة السياسية والإعلامية ضد القذافي و"شيطنة" نظامه
ـ مصادرة الأموال الليبية المودعة في مصارف العالم بحجج وذرائع بائسة
ـ استبدال العلم الليبي الرسمي والمعتمد بالعلم السابق في ظاهرة جديدة
ـ إستصدار قرار من مجلس الأمن الدولي تحت الفصل السابع بفرض حظر جوي على ليبيا


ـ تجاوز الغرب لخطوات تنفيذ الحظر الجوي، وحتى قبل أن يبدأ، بتوجيه ضربات صاروخية وغارات طيران، رغم إعلان حكومة القذافي قبولها بالقرار الآنف الذكر وتطبيقه


عندما يتحدثون عن "المجتمع الدولي" الذي يرفض إستعمال القوة المفرطة من حكومة القذافي ضد معارضيه، فإننا نصاب بسخرية مرة. أين كان المجتمع الدولي عندما قامت الولايات المتحدة وحلفائها بغزو وإحتلال العراق، دون أي تفويض من الأمم المتحدة أو قرار من مجلس الأمن؟! وأين كان نائماً هذا المجتمع الدولي عندما كان العدو الصهيوني يشن حرباً شرسة وتدميرية قاسية ضد قطاع غزة مستعملاً حتى للأسلحة المحرمة دولياً؟! وأين هو هذا المجتمع الدولي من مماطلة وتسويف الكيان الصهيوني من الضفة الغربية والقدس التي يتم تقطيع أوصالها وإقامة عشرات المستوطنات لتهويدها رغم قرارات الأمم المتحدة بعدم شرعيتها؟! و هنا تحضرني ما قلته في احدى المقابلات: عندما تتعلق قرارات الامم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بأحدى الدول العربية فأنها تلاحق حتى على الفواصل والنقاط، أما عندما تتعلق بالكيان الصهيوني فأنها ترميها على الأرض وتدوس عليها ولاتطبق أي شئ منها لأنها محمية من الغرب


أعتقد، أن مايحضر للشقيقة ليبيا، يتجاوز مايقال عن رحيل نظام القذافي. وهو يدخل في رؤية بريجنسكي بأعادة تقسيم الوطن العربي على أسس طائفية ومذهبية وعرقية وخلافه, من خلال تطور مفهوم تيار المحافظين الجدد الذي يندرج تحت مسمى الفوضى الخلاقة والفوضى المنظمة، و اعتقد ان التقسيم " الميداني" لليبيا قد دخل حيز التنفيذ، و سنرى الجيوش الاجنبية تدنس الارض العربية مجددا من خلال انتشارها وسط ليبيا - حيث آبار و مصافي النفط - بحجة الفصل بين الجانبين، و سيتركوا القذافي و حكومته في طرابلس شبه معزولة عربيا و دوليا و دون امكانيات،و يتركوا "ثوار الكونترا" في بنغازي بوضع لا يرقى الى الاعتراف الدولي و العربي


من جهة ثانية، سيقوم الغرب بالأستيلاء على الودائع المالية العربية الضخمة والهائلة الموجودة في المصارف الأجنبية، سواء تلك التي قامت أنظمة السوء بتهريبها إلى الخارج (تونس ومصر) أو الحكومية الرسمية (ليبيا)، أو الأخرى لدول الخليج تحت مسمى تكاليف تطبيق حظر الطيران على ليبيا، الذي طالبت به الأنظمة العربية من خلال الجامعة العربية وهذه الودائع تتجاوز مئات المليارات على أقل تقدير


فأين الديمقراطية التي يريد "المجتمع الدولي" تطبيقها في الدول العربية؟! هذه الأقوال مردود عليها إذا مانظرنا بعين مجردة إلى ماجرى حتى الآن


فمتى ننهض من سباتنا قبل فوات الآوان!؟


وأين القوى الوطنية والقومية و الاسلامية العربية، لتحذو حذو المقاومة العراقية والجبهة الوطنية و القومية والإسلامية في العراق، اللذين شرفونا بمواقفهما الرائعة والمميزة من مسألة العدوان على ليبيا، و كيف استشرفوا ملامح هذا العدوان منذ البداية

 

 





الاثنين١٦ ربيع الثاني ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢١ / أذار / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب علي نافذ المرعبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة