شبكة ذي قار
عـاجـل










الأرض العربية .. والشعب العربي .. لهما الأولوية كمبدأ .
البعث في نضاله .. مع هذه المبدئية .
ينبغي التفريق بين العمالة .. والسلوك الخاطئ لرأس النظام.
والرؤية ينبغي أن تكون موحدة .. وليست تغريداً خارج السرب !!


المدخل ..
في رحاب الأيديولوجية مفردة أسمها المرونة الثورية .. وفي عالم السياسة هنالك مرونة أسمها التقدم والتراجع المحسوب، وليس في هذا الإطار تناقضاً..فلا الأيديولوجية عصا يابسة يمكن أن تكسر إذا امتنعت عن استخدام المرونة الثورية .. ولا السياسة شالاً رطباً يمكن أن يعصر إذا لم تستخدم المرونة التكتيكية..إنما كليهما يمثلان القاعدة التي يتعذر أن تترك قمتها في مهب الريح.


فالسياسة لا تشتغل لوحدها، والأيديولوجية هي الأخرى لا تعمل لوحدها، وكما الأيديولوجية يحكمها قانون الحركة والسكون، فأن السياسة تحكمها التحولات والمحددات والتوازنات في القوة والمصالح، فهي أقل ثباتاً وأكثر مرونة، فيما تجد الأيديولوجية نفسها أحياناً أسيرة مواقف عافتها المتغيرات السياسية الجذرية .


السياسيون يدركون مكون الفعل السياسي ونقلاته في الفعل ورد الفعل ومسبباته، إذ ليس في عالم السياسة مثالية طافحة، وليس فيها صديق دائم، ولا عدو دائم، ولا مصالح دائمة، ولا توازن في القوة والقوى دائمة .. والتحولات في السياسة والقوة تنبه وتستفز وتخلق إثارة تستجلب تحولات من نوع آخر في القوة والقوى على أساس التحالفات .. أما الذين تتحدد معارفهم في بلاغة الإنشاء اللغوي، وإنشاء اللغة البلاغية، مع خالص الاعتزاز الكبير باللغة، فهم في واد لا يحفل بهم علم السياسة ولا دهاقنته المحترفون !!


للنظر في طبيعة التفكير، وطبيعة الفكرة .. فالذي نعرفه، أن أي إنسان أو كاتب أو مفكر، حين يتحدث أو يكتب، عليه أن ينطلق من قاعدة فكرية تمثل منهجيته مع ما تتضمنه من محددات، وترسم له أهدافه بحيث يصل بالفكرة، التي يتناولها إلى الهدف في ضوء جملة من الشروط .. بمعنى وضوح الفكرة وواقعيتها، التي تقوم على وضوح الهدف وواقعيته أيضا في ترابطهما واتساقهما وعدم تقاطعهما مع منطق القاعدة الفكرية التي استوجبت اتخاذ الموقف.. وهذا يعني لا فكرة بدون منطلق فكري يحدد لها معناها وحدودها، وإذا ما تقاطعت الفكرة أو تعثرت مع هذا المنطلق حصل الاضطراب وحل التشويش، الأمر الذي يؤدي إلى نتائج تؤثر على الخط السياسي العام وتضعف من مضمونه الجوهري.


أجدني مضطراً للحديث بهذا المنطق .. لماذا ؟ لأن الأرض العربية والشعب العربي لهما الأولوية في القاعدة الفكرية عند التحليل كمبدأ يترسخ في هذه القاعدة، والذي ينبغي أن لا يغيب أبداً .. كما أن التفريق بين النظام السياسي ورأس النظام و فيما إذا كان عميلاً أو مخطئاً ، هو الآخر يحظى بالتفريق المبدئي، والفرق كبير وكبير جداً بين العميل والمخطئ، أما وإنهما يشكلان تبريرين للطعن بالمبدأ الذي يحكم الأرض العربية والشعب العربي، فلا مسوغ في أن يكونا مدخلاً للتدخل الخارجي، تبعاً لمقولة (أن المعارضة التي ترتبط مع جهات أجنبية معادية للأرض والشعب لها الحق في الإستقواء بالأجنبي) .. فماذا بعد الإستقواء بالأجنبي وتدخله ؟!


تدخل الأمريكيون في الصومال ، فماذا حصل في هذا البلد حتى الآن ؟ وتدخلوا في أفغانستان، وماذا حصل فيه ؟ وتدخلوا في العراق وما زالوا يعملون على تقسيمه وتفكيكه وتمزيق مجتمعه طائفياً وعرقياً ؟ وكذا الأمر تدخلهم في عدد من الساحات العربية وتحريفهم لاتجاهات انتفاضاتها السلمية المشروعة نحو الفوضى والتخريب ؟!


وحيت تتم المقارنة الماثلة في نموذجين، بين العميل والمخطأ يظهر إن (بن علي) عميلاً ، و (حسني مبارك) عميلاً مؤكداً أساءا كثيراً لشعبيهما وللأمة العربية برمتها .. ولكن (علي عبد الله صالح) وطنياً ولكنه مخطئاً في بعض مفاصل الحياة العامة ومتطلباتها الاجتماعية، وهذا لا يستدعي قبول حالة خلط الأوراق وتعريض (الأرض اليمنية والشعب اليمني) إلى مخاطر التمزق والفوضى والتدمير لأن رأس النظام أو النظام ذاته قد ارتكب أخطاء أو تقاعس عن تلبية متطلبات أو أخفق في تحقيق منجزات ؟! وكما هو معلوم أن هذه الموضوعات تحل عن طريق الحوار والاحتجاجات السلمية، التي لا تسمح بالتصعيد لحد التدمير وتفكيك الأرض وتمزيق الشعب واستدعاء الأجنبي .


البعض يسقط في متناقض فكري ليس لديه ما يبرر صمته على تفكيك الأرض والشعب بدعوى الاقتصاص من النظام الوطني المخطأ .. لأن المبدأ هنا كخط أحمر، وشعب هذه الأرض لا يساوم عليها أبداً . البعث في نضاله مع هذه الأولوية .. أولوية الموقف مع الأرض العربية وأولوية الموقف مع الشعب العربي على ساحته .. ويساند أي نظام عربي إذا تعرض لغزو أجنبي أو عدوان .


والمبدأ هذا ، هو مبدأ أيديولوجي ثابت، وليس سياسة تكتيكية أملتها الظروف والتحولات بغض النظر عن طبيعة النظام العربي الحاكم .. على سبيل المثال .. السعودية عملت على مساعدة الغزاة ضد العراق، وتلك حقيقة تاريخية معروفة ، ولكن إذا تعرضت أرض السعودية وشعبها العربي إلى غزو أجنبي فأن موقف البعث هو مع الأرض والشعب العربي في السعودية، مهما كان النظام السعودي عميلاً وجائراً ومسيئاً ومخطئاً .. وكذا الحال مع الكويت والأردن ومصر وغيرهم .


فمن الخطأ القول ( أما مع الشعب العربي في اليمن .. ولست مع علي عبد الله صالح) و ( أنا مع الشعب الليبي .. وليس مع القذافي ) .. هذا المنطق لو وضعناه على منضدة التشريح لوجدناه قاصراً .. لماذا ؟ ، لأن القذافي يقارع الغزو الأجنبي ، بمعنى يرفض التدخل الخارجي .. وإذا كان الموقف (أنا لست مع القذافي) فهذا يعني أنا مع الأجنبي الغازي الذي تدخل لأهداف استعمارية خبيثة. تدخل في لحظات حاسمة عبر خلالها الشعب الليبي بعفويته المعهودة عن مطالب مشروعة، ليدفع بالشارع الليبي نحو التخريب المتعمد والقتل المتعمد والنهب والسلب المتعمد، فضلاً عن تصعيد في الشعارات، من شعارات مطلبيه إلى سياسية تقع في مقدمتها المطالبة برحيل رأس الدولة أو تنحيته وإسقاط النظام !!


هذا الواقع يرسمه (سيناريو) يكاد أن يكون طبق الأصل لما يحصل في سوريا اليوم، وهي الخطوات ذاتها التي وردت في مخطط (بندر بن سلطان) العميل السعودي للمخابرات المركزية الأمريكية.


والآن سقط القناع عن الوجوه الكالحة والقبيحة للنظم في السعودية والقطرية والإماراتية والأردنية وظهرت عورات العصابات الحاكمة في المنطقة الخضراء، وسيدهم وقائدهم المخابرات والاستخبارات الأمريكية وتحالفهما مع الموساد الإسرائيلي واطلاعات الإيرانية، التي لعبت دوراً قذراً في البحرين والكويت والعراق وغير ذلك من الساحات.


فإذا كانت أمريكا تقول ( أنا مع الشعب الليبي وعلى القذافي أن يتنحى ) ، وإذا كانت أمريكا تقول في الوقت ذاته ( أنا مع الشعب اليمني وعلى علي عبد الله صالح أن يرحل ) .. فكيف لنا أن نقول ( نحن لسنا مع القذافي ) وهو يصارع الإمبريالية في أبشع صورها ، ونرى الغزو، ونرى البلاد تتمزق والعباد شر ممزق ؟ّ!

 

 





الخميس١٠ جمادي الاول ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٤ / نيسان / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة