شبكة ذي قار
عـاجـل










تناولت في الحلقة الأولى ما يشهده الوطن العربي منذو أشهر من حركة شبابية احتجاجية تفاعلت معها أوساط اجتماعية مختلفة طال ما انتظرها الإنسان العربي الذي تعرض الى الإحباط والانكسار لجسامة الهجمة الشرسة التي شنتها وتشنها القوى المعادية للأمة العربية والمتمثلة بثالوث الشر والرذيلة أمريكا والصهيونية وإيران الصفوية ، واليوم أتطرق الى الواقع الفعلي الذي تمر به الأنظمة العربية التي لا تزال تظهر ارتباكا كبيرا في التعامل مع الثورة العربية المندلعة في أكثر من بلد ، حتى وان بدأت بعض هذه الدول تتشجع على اعتماد خيار القوة ضد المتظاهرين في محاولة تهدف الى إجبارهم على الاكتفاء بما تقدمه تلك الأنظمة من إصلاحات دون تحديد سقفها ، فأقول إن الحسم الثوري السريع في كل من تونس ومصر وفي فترة قياسية أصبح النموذج الذي يسيطر على عقول الشباب العربي ومثلا دافعا قويا لحركة شباب الثورة في الوطن العربي وبما جعل الثوار يتمسكون وبإصرار بخيار تقويض النظام السياسي في بلدانهم من أساسه ودون الإقرار بالإصلاحات الجزئية او المرحلية ، ويظهرون ترددا في قبول عروض الإصلاح المقدمة والتي تم تفسيرها بأنها مجرد محاولات من السلطة للمراوغة والالتفاف على الثورة ومنع الشباب من التواصل مع أماني وتطلعات الشعب بكامل أطيافه والتي هي ذاتها تطلعاتهم وأمانيهم ، وأصبح جليا إن خريطة الواقع العربي قد كشفت بصورة جلية عن الآليات التي يوظفها شباب الثورة في معركتهم من اجل التغيير في الواقع القطري والقومي تمهيدا لانتصار ألامه ، كما أوضحت أساليب ردود الفعل التي تنتهجا الحكومات المرعوبة لإعاقة تيار الثورة وعدم تمكينه من تحقيق الأهداف النبيلة التي يرفعها الشباب ومن تضامن معهم في التصدي للأنظمة التي أصبحت في مربع أعداء ألامه بل اليد الطولي لها من اجل تقويض أي فرصة تمكن ألامه العربية من تحقيق قدراتها وإمكاناتها ، وإذا كانت التجربة الثورية في كل من تونس ومصر أصبحت لدى الجماهير المتعطشة للتغيير الجذري والحاسم لنماذج للحكم الجاثمة على صدور أبناء الشعب ، فإن بعض الأقطار العربية شهدت انحسار مرحلي في حزمة ألمطالبه والاتساع حيث خفت المطالب الاجتماعية الداعية للتغيير بشكل لافت بعد الإعلان من قبل أنظمة تلك الأقطار عن جملة من الإجراءات الاقتصادية و الاجتماعية التي استهدفت التصدي للبطالة ومشكل الأسعار ، والاستجابة لبعض المطالب السياسية ومثال ذلك إقالة ملك الأردن عبد الله الثاني لرئيس الوزراء سمير الرفاعي ، وإعلان الحكومة الجزائرية رفع حالة الطوارئ ، وما اتخذه ملك المغرب من إجراءات وجملة الإصلاحات والإجراءات الاقتصادية التي أقدم عليها الملك السعودي عبد الله ، أما ما حصل ويحصل في اليمن والبحرين يشكل حاله أخرى بالرغم من مشروعية بعض المطالب والشعارات التي رفعها الشباب المتظاهرين ومن تفاعل معهم لان الحالة اليمنية و الحالة البحرينية تمثلان نموذجا خاصا رأينا فيه مدى قدرة الشعارات المرفوعة لتغيير النظام على التعبئة التجييش من جهة مع مراوحة الثورة في مستوى معين لم يستطع بعد أن يصل مستوى تغيير النظام القائم أو تقويضه رغم كل جهوده المبذولة بهذا الخصوص . ولا ريب إن الخلافات المسجلة بين القوى الأساسية المشاركة في الاحتجاجات باليمن والبحرين و المتمثلة في تمسك قوى الحراك الجنوبي اليمني بالانفصال ، وتأطير الحركات الشيعية لصراعها مع السلطة البحرينية على انه صراع طائفي بين السنة والشيعة ـ وهو ما دعمه التدخل الخليجي في الصراع بالبحرين ليدخل نظام الملا لي في إيران بتصريحاته لمناصرة الشيعة البحرينيين ومن هم سائرين في اتجاهاته إن كان على مستوى الأحزاب الطائفية او التيارات الشعوبية او الحركات التي تعبر عن المنهج ألصفوي الذي تتبناه إيران عوامل كان لها تأثيرها في إضعاف مستوى التعبئة ، والاتفاق على أهداف الاحتجاجات وأجندتها المرحلية والمستقبلية ، فضلا عن الاتفاق على خطة واضحة المعالم للتخلص من النظام ، وتحديد نوعية النظام الذي سيقام على أنقاضه وكان الرئيس اليمني علي عبد الله صالح واضحا في اشتراطه بضرورة معرفة هوية الشخص الذي يخلفه لقيادة اليمن ومدى ولائه للهوية اليمنية ، وعلينا ونحن نستعرض تداعيات الثورة العربية أن لا نغفل عن أن هناك أجندة استثمرت ثورة الشباب العربي كي تنفذ من خلالها لتحقيق هدفين هما


حرف الثورة عن مسارها الحقيقي وبما يحافظ على المصالح الإستراتيجية لأعداء ألامه
تفتيت البنية الاجتماعية للأقطار العربية من خلال إثارة النعرة القومية والطائفية المذهبية وصولا للاقتتال الداخلي وكما هو حاصل ألان في ليبيا وجملة المحاولات التي حصلت في مصر لا يقاض الفتنة بين الأقباط والمسلمين وما تشهده الساحة اليمنية والسورية من عمليات مسلحة تستهدف مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية وغيرها


وهناك دول لم تنجح فيها الدعوة للتظاهر ضد النظام وبقيت في حدودها الدنيا كما هو الحال في موريتانيا والمغرب التي بقيت في مستوى ضعيف ، أو في كل من الإمارات والسعودية وقطر التي عجزت الحركات الشبابية عن تحقيق أي نجاح في تأليب شعوبها ضد أنظمتها وإذا كانت القاعدة العامة تحيل الى سلمية الثورات العربية في شعاراتها وآلياتها في كل من تونس ومصر واليمن والبحرين والعراق وسوريا والجزائر و عمان وموريتانيا والمغرب ، فإن الاحتجاجات في ليبيا قد أخذت استثناءا واضحا تجسد في رفع المحتجين السلاح في وجه النظام ، وسيطرتهم على المدن ، وتأسيس مجلس انتقالي بديل للسلطة وهذا نابع من خلفية الواقع الذي اعتمد لإدارة المؤسسة دون أن تكون هناك رؤية واضحة للإلية في إدارة الدولة وخاصة المؤسسة العسكرية التي لم يظهر منها سوى الكتائب التي تم إنشائها كقوة مرتبطة برأس النظام حيث ظهر وبدون أي شك غياب الجيش بتشكيلاته الهرمية مضاف الى الاختراق الحاصل في ذات المؤسسة ومثال ذلك وزيري العدل والداخلية و مندوب ليبيا في الأمم المتحدة ووزير الخارجية وغيرهم والذين استثمرتهم القوى الغربية تحقيق برنامجها المستهدف ليبيا كبني تحتية ونظام سياسي ووحدة التراب الوطني وفقا لبرنامجهم التوسعي والاستثماري البعيد المدى



يتبع في الحلقة الثالثة

 

 





الاثنين٢١ جمادي الاول ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٥ / نيسان / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامــل عـبــد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة