شبكة ذي قار
عـاجـل










بعد ثماني سنوات عجاف من الاحتلال المركب البغيض عانينا منها من الويلات والمصائب ما لم يعرفه شعب على الأرض , لم يعد لنا خيار بين العمل المقاوم أو الركون إلى ظل غيرنا , فالعمل الوطني وخدمة العراق شعبا وقضية واجب لا يحتاج إلى مكان أو زمان والعمل في الخارج لا يقل أهمية عن العمل في الداخل بل هما عاملان يتوحدان كليا ليحققا واجبا لا يعلو عليه في الأهمية واجب وأي تلكؤ في أداء أي منهما سيشكل عامل ضعف وخلل في مسار عملية تحرير العراق , وللظروف التي مر بها القطر ونتجت عن الغزو الأمريكي – الصهيوني – الفارسي الهمجي وما تبعها من سلسلة حلقات محددة الأهداف من ابرز إفرازاتها تهجير كل القوى الوطنية العراقية وفق منهج مدروس يلبي المصلحة الطائفية كعامل مهم وهدف استراتيجي يرسخ الحالة الأكثر تأثيرا والأكبر بعدا في نشر الجهل والتخلف بين العراقيين والذي اتبع بتهجير العقول والطاقات الوطنية ومختلف الكفاءات التي نحن بصدد الحديث عنها .


ولست ابرر لمن هاجر منا إلى الخارج هجرته ولا مدافعا عن هذا ولكن هذه الملاحظات كانت في حساباتنا في إعادة طرح الموضوع تجنبا وابتعادا عن تحسس شريحة كبيرة جدا من أبناء شعبنا بذلت وأعطت وقدمت كل ما تملك ولا زالت تقدم الكثير من العمل الوطني مما تفخر به يزيد عددها عن الأربعة ملايين إنسان بنماذج مختلفة يمتازون بعلامة بارزة هي رفض مبدئي لمشروع الاحتلال وما خلفه جملة وتفصيلا .


ورغم إني شخصيا لم ابتعد عن حدود العراق شبرا واحد طيلة حياتي إلا مع جيشنا العقائدي البطل في معارك الكرامة أثناء صد العدوان الفارسي على قطرنا إلا إننا ومن خلال متابعتنا للأدوار التي ينهض بها العراقيين في خارج القطر نستطيع تحديد نمطين للعمل يتقاطعان كليا , الأول يعمل لانجاز تحرير العراق وينطبق عليه وصف المجاهد بما يحتوي هذا الوصف من معاني كريمة والثاني يقف في الضد منه ويسخر كل الطاقات التي يمتلكها كدولة احتلال بإمكانيات هائلة وكعملاء لتكريس الاحتلال وإفساد وإفشال كل انجاز يقدمه النمط الأول في الوقت الذي يصفق ويطبل للاحتلال ويزينه ويعمل على إخفاء ممارساته والتعتيم على ما يحصل في العراق من جرائم تندي جبين الإنسانية ويروج للفكر المعادي لمشروع التحرر والنهوض القومي طبعا من خلال تبني شعارات تخفي حقيقة توجهاتها وتتستر تحت يافطات مختلفة .


ولو أتيح لقوى الاحتلال وعملائهم لا سامح الله إبدال الشعب العراقي بأي شعب في الأرض لما تأخرت ولا لحظة واحدة لما يمتاز به العراقي الحر من صفات البطولة والإباء ولتحقيق هذا الهدف فقد حشد كل إمكانياته في تجنيد مليشيات القتل والترويع والاجتثاث والتجويع التشريد وحملات الاعتقالات المنظمة , وهنا تتجلى أروع صور القدرة العراقية على الصمود والمطاولة فإما البقاء على ارض الوطن وهو ما يعني بالنتيجة الحتمية إفشال مشروع الاحتلال وهذا له ثمنه الباهظ وإما الهجرة إلى الخارج وهو بنتيجته مساعدة المحتل وعملائه على إنجاح مشروعه مع الاعتذار لكل المهاجرين بغض النظر عن أسباب الهجرة ومبرراتها .


ورغم اعتراضنا الشديد وتقاطعنا مع الهجرة فان من واجب من هاجر إلى خارج الوطن مهما كان وضعه الاقتصادي وظروفه المعايشة ومهما كان تحصيله العلمي أو مستوى ثقافته أن ينهض بمهمة كشف ممارسات الاحتلال التي عانى منها قبل الهجرة أو التي تعرف عليها من اتصاله بأهله وإخوانه المتواجدين في الداخل من خلال عشرات القنوات والوسائل في اقل تقدير لها التظاهر أمام سفارات حكومة الاحتلال وأمام سفارات أمريكا التي احتلت قطرنا ودمرت شعبنا بذرائع أثبتت السنوات ألثمان العجاف زيفها وبطلانها ولنا في مواقف الامبريالية العالمية والغرب مع غيرنا من الشعوب الكثير مما يخدم هذا الاتجاه وإذا تجاهلنا كل ما مهيأ لهم من إمكانيات فان الجانب الأمني الذي يمتازون به ونواجهه نحن في الداخل بشجاعة وصبر من الله افقد الأعداء صوابهم , وحده يكفي لقيامهم بالكثير من الفعاليات , وهذا لابد أن يكون متواصل ولا يتوقف أبدا كتواصل هجمات أبطال المقاومة على تحشدات المحتلين الأنجاس.


نحن نقرأ على الشبكة العنكبوتية للكثير من المنظرين والمحفزين والداعمين للعمل المقاوم ولكننا لا نجد من فعلهم ما يتناسب مع ما يطرحون من نظريات إلا القليل فلا خير في كلام إذا لم يكن مقرونا بالفعل الجهادي في الوقت الذي يكون محركهم في كتاباتهم أما الحافز الطائفي أو المصلحة الخاصة على حساب المصلحة الوطنية العراقية لتميعها وإفراغها من مضمونها كما حصل في الدعوات العديدة للتظاهرات في مختلف دول العالم بعد العمليات الإجرامية التي حصلت في كنيسة النجاة .

 

تجلت إرادة شعبنا في قهر مشروع الاحتلال وبصدور عارية إلا من الإيمان بالله وعدالة القضية فانطلقت جموع المتظاهرين السلمية لترافق العمل البطولي للبندقية المجاهدة وهذا لم يأتي من فراغ وإنما من جهاد يواصل الليل بالنهار في حملات منظمة ومتواصلة للتثقيف والتوعية بمخاطر مشروع الاحتلال الذي لبس الرداء الطائفي والاثني دفع كل عراقي وطني ثمنه ومن خلالها تم بناء قواعد صلبة تقف عليها القوى الوطنية الآن قاربت من إعلان النصر النهائي إن شاء الله ولكي نعطي البعد الحقيقي الفاعل لهذا الانجاز البطولي لابد أن يتعزز برديفه الذي يجب أن يضطلع به أبطالنا في الجانب الآخر ممن تحتم عليهم الهجرة وبخلافه فأنهم باستثناء القلة القليلة قد تخلفوا عن أداء التزاماتهم الوطنية ومحط عتب شديد .


إن العراقي الذي هاجر قد ترك خلفه أخت انتهك عرضها وزوجة رملت وأم ثكلت بأولادها وأخ اغتيل أو اعتقل أو مطارد وطفل يتيم عاري إن أتيح له الذهاب إلى المدرسة فانه بلا مقعد دراسة , ذنبه الوحيد إن أبوه أحب العراق وشعبه , فليسأل نفسه من هاجر ماذا قدم ليوقف هذا الألم وهذه المعاناة وما هو الدور والواجب المطلوب منه ليسهل عودته إلى العراق وبماذا يحدث ابنه وعن أي دور كان له في صناعة تاريخ العراق الجديد وعليه أن يستحضر كل قيم الشرف والرجولة والفروسية العربية التي عرفناها في العراقي الأصيل ويضع نفسه أمام خيارين ثالثهما إننا لسنا بحاجة لادعائه بالعراقية أو لكلامه ونظرياته لأنه سيضع نفسه في خانة العملاء والجواسيس الذين فقدوا ضمائرهم أو الأعداء لان تجربتنا مع المحتل أغنتنا بالكثير , فعليه إما العودة إلى ارض الوطن والجهاد لتحريره أو أن ينهض بدوره الوطني الذي يحرج حكومات الغرب المعتدية ويجبرها على الاعتراف بحقنا في حياة حرة كريمة نختارها نحن .


اعتذر من كل الأبطال الرجال والماجدات خارج القطر الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه ونذروا حياتهم عطاءا لتحرير العراق وأهله فهم سفراء المقاومة الشرعيين وغير معنيين في هذا الكلام .



Iraq_almutery@yahoo.com

alqadsiten@yahoo.com

 

 





الاثنين٢٠ جمادي الاخر ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٣ / أيـــار / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عراق المطيري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة