شبكة ذي قار
عـاجـل










بسم الله الرحمن الرحيم

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا ) النساء 71

صدق الله العظيم

 

 

في البدء نود ان نقدم اعتذارنا للقراء الكرام عن التأخر الحاصل في انجاز هذه الدراسة الموجزة والتي نحاول فيها تسليط الأضواء على جوانب مهمة من تاريخ حزبنا المجاهد ومن تاريخ عراقنا العظيم لم يتم التطرق إليها بهذا الشكل وبهذا الاتجاه .

 

تمهيد :-

لقد تحدثنا في الجزء الأول من بحثنا هذا عن المأزق الذي يحيط بالمشروع الجهادي العراقي حيث أكدنا على إن سبب المأزق لا ينبع من داخل العراق إنما من محيطه العربي .

 

فللأسف لم تقف جل حكومات أقطار امتنا العربية والإسلامية الموقف الصحيح من العراق منذ عقدين على اقل تقدير ، فلم نرى جيشا عربيا او مسلما يقف الى جانب الجيش العراقي الباسل والذي هب يمنيا وشمالا للذود عن أقطار الأمة ، ولم نرى أي دعما قويا للمقاومة العراقية بعد انتهاء الحرب النظامية ، بل لم تقف تلك الحكومات موقف المتفرج فحسب .. بل راحت هي الأخرى تتأمر على العراق وعلى جهاد أهل العراق وبشتى الطرق والأساليب . وحتى ان هذه الحكومات لم تدعم أي جهة عراقية تطالب بإيقاف التغلغل والنفوذ والهيمنة الإيرانية في الشؤون العراقية . ولم تقف الى جانب القائمة العراقية وتدعم مطالبها لتقليص النفوذ الإيراني المعادي وتخفيف الأعباء الثقيلة التي يرزح تحتها المواطن العراقي البسيط .. نقول ذلك بكل صراحة رغم رفضنا وعدم إيماننا واعترافنا بما يسمى بالعلمية السياسة التي تجرى في العراق تحت الغزو الأمريكي والنفوذ الإيراني . هذه الحكومات التي على ما يبدو نست حكمة العرب بان من حفر حفرة لأخيه وقع فيها .. وها هي الأيام تدل على ذلك فبعد تخليهم عن العراق ها هي الولايات المتحدة وإيران الصهيونية تتأمر عليهم .. على من كانوا في الأمس القريب حلفاء لها شاركوا في ذبح أخيهم العراقي وبكل تفاخر بعمالتهم وخسة موقفهم .

 

ولكن ومن اجل بيان الحق وحتى لا نخلط الأمور على القارئ الكريم ويذهب بعيدا عما نشير له نقول ان ليبيا واليمن وسوريا كانت لها مواقف مشرفة في دعم أهل العراق وسيأتي اليوم الذي ينصف فيه القيادة الليبية واليمنية والسورية ، ولن يستطيعوا أهل التزوير والكذب والفجور ان يزورا التاريخ هذه المرة .. ولو علم ويقين إدارة العدو الأمريكي الإيراني الصهيوني بهذه الحقائق لما تكالبوا على هذه الأقطار مثلما نرى اليوم . وقد تحدثنا في عدة مناسبات عن المؤامرات الخبيثة التي تحاك على أقطار امتنا ن وحذرنا أهلنا فيها ، ولفتنا انتباه من يخصه الأمر لهذه الحقيقة ، وبينا وبما يسمح به الظرف من دلائل على صحة ما اشرنا إليه وصدقت توقعاتنا وحساباتنا والله خير معين .. ونسأله جلى وعلا ان يحفظ امتنا من أهل السوء والشر ويرد كيد الكائدين الى نحورهم .

 

ونعود لموضوع بحثنا هذا ففي الجزء الثاني منه تناولنا أهمية دوائر المخابرات في الحياة العامة للدول وخاصة في الدولة العراقية وكيف نشئت. كما تحدثنا عن الظروف التي رافقت ولادة جهاز المخابرات الوطنية وعن دور حزب البعث " فكريا وسياسيا وامنيا " في خلق جهاز مخابرات عراقي بمستوى متطور قادر على تنفيذ المهام الموكلة إليه . وهنا لابد من الإشارة الى ملاحظة مهمة للغاية وهي ان رجال المخابرات العراقية الوطنية قد بذلوا الغالي والنفيس في سبيل الدفاع عن عراقنا العظيم ، وما ذكرناه بحق هؤلاء الرجال وبحق هذا الجهاز الحيوي ليس سوى النزر القليل ، ولو سعى أحدا لينصف هذا الجهاز وهؤلاء الرجال لكتب مئات الصفحات ان لم نقل الآلاف منها .

 

ونود الإشارة هنا الى إننا لا ندعي أبدا بان جهاز المخابرات الوطني كان سوبر مان العراق ان صح التعبير ، فليس هناك عمل بلا خسائر وليس هناك إيمان حقيقي بلا تضحيات .. ان العمل الكبير والإيمان الصادق يستدل عليه من حجم التضحيات ، فان أخفقت هذه العملية هنا او هناك فهذا دليل الحياة والحيوية . ومثلما يقول القائد المؤسس احمد ميشيل عفلق رحمه الله واسكنه فسيح جناته:

 

(( إياكم والنظرة الجامدة التي لا تفهم سر الحياة وكنه الحياة، فليس من عمل جدي يؤثر في الواقع ويخلق منه واقعا جديدا الا ويكون هذا العمل عملا فيه ما في البحر الواسع المتحرك من شوائب، فإذا أردتم عمل حزبكم تاريخيا فليكن كالبحر لا كالساقية الصافية، فمن السهل أن تكون حركتنا ساقية صافية ولكنها لن تروي أمة ولن تصنع تاريخا. ففي الحزب كثير من النقص، وبين ما تحقق وبين ما نرجو أن يتحقق فارق  كبير، ولكننا نستطيع أن نقترب من مثالنا اذا نحن تابعنا السير، اذا ضاعفنا الهمة، لا اذا وقفنا وحولنا حيويتنا الى نقد جامد وتفكير نظري، فالحياة لا تعرف التوقف وتيار الحياة تيار مبارك طاهر مهما تكن الشوائب التي تعلق به )) .

 

كما نود ان نلف انتباه القارئ الكريم الى إننا لم نتطرق الى العديد من جوانب عمل جهاز المخابرات العراقية الوطنية حفاظا على  امن الرجال النشامى وحفاظا على امن المشروع الجهادي وخاصة ان المعركة لم تنتهي بعد وان تدوين بطولات رجال المخابرات اكبر بكثير مما يمكن ان تكتب حبرا على ورق .

 

اما في الجزء الثالث من بحثنا هذا فقد تناولنا الستراتيجية الأمريكية لإسقاط نظام الرئيس صدام حسين ووضحنا بأنها ستراتيجية شاملة ومتكاملة ، وليس مجرد فعل على احداث الحادي عشر من ايلول / سبتمبر / 2011 كما قد يعتقد البعض ، وليس مجرد ثأر شخصي بين آل بوش سيئ الصيت وبين القيادة العراقية ، بل انها ستراتيجية شاملة ومتكاملة أعدت قبل إحداث أيلول سبتمبر 2001 بسنوات عديدة والتحديد منذ عام 1998.

 

لقد اعتمدنا في الجزء الثالث على سرد جزء يسير مما كان يجري ويحاك للعراق واهل العراق وقيادة العراق ، خلال سنوات الحصار الجائر ولماذا اعتمدت القيادة العراقية على المناورة مع مجلس الأمن ورفض وقبول قراراته رغم جورها وتعسفها والتي قد يروج لها اعلام العدو ومرتزقته بانها كانت سياسة عراقية غير مدروسة ونوعا من انواع التخبط السياسي .

 

ان القيادة العراقية قد اعتمدت على سياسة المناورة مع مجلس الأمن سئ الصيت ومع تطبيق قراراته بشكل مدروس ومخطط ، وذلك من اجل تعرية مجلس الأمن أمام أنظار العراقيين وشعوب العالم وحكوماتها ومن اجل تعرية العدو الأمريكي من أي شرعية يسعى لامتلاكها في التبرير لعدوانه المرتقب على العراق . وقد أثمرت تلك السياسة بالفعل وأفلحت وعرت الولايات المتحدة من أي غطاء دولي او شرعي ولهذا رأينا كيف قاد بوش الأرعن حربه ضد العراق بدون تحالف دولي حقيقي ذا وزن .. ورأينا كيف شن عدوانه بلا أي مبرر وبلا أي قرار وبلا أي شرعية مزعومة .. واستطاعت القيادة العراقية من تفكيك التحالف الدولي الذي عمل بوش المجرم الأب على عقده في عام 1990. فانضمت ألمانيا وفرنسا ودول أخرى الى معسكر روسيا والصين الرافض للحل العسكري ، ورغم عدم قيام هذه الدول ما من شانه إيقاف بوش الأرعن عند حدوده ومنع عدوانه على العراق ، الا ان القيادة العراقية استطاعت بسياستها الحكيمة إحداث اول شرخ في الاعتبار الذي كانت تتمتع به الولايات المتحدة في العقود الماضية ، حتى باتت هي وديمقراطيتها المزعومة مثار للسخرية وجردت عن أي اعتبار أخلاقي كانت تدعي به الولايات المتحدة .

 

إما في هذا الجزء فسنتطرق إلى مسالة مهمة للغاية طالما حاول العدو ومرتزقته في الإعلام الترويج لها . ان الإعلام المعادي وعبر تشويه الحقائق وفبركة الوقائع وتزييف التاريخ روج لنظريتين قائمتين على ركيزة أساسية مشتركة ، فقد اعتمد العدو ومرتزقته على الادعاء بان الجيش العراقي قد فقد إرادة القتال . وادعوا هؤلاء الأوغاد بان سبب ذلك يعود الى أمرين ، أولهما : ان الجيش العراقي لم يعتبر المعركة .. معركة الدفاع عن العراق ، وثانيهما : لان القيادة العراقية لم تمتلك خطة دفاعية منسجمة ومتكاملة .

 

 

اولا // نظرية تمرد الجيش العراقي على أوامر قيادته :-

ان من بين أهم ما اعتمد عليه العدو الأمريكي الإيراني الصهيوني للنيل من العراق العظيم ومن شعبه المجيد وقواته المسلحة الباسلة وقيادته المجاهدة  نظرية ان الجيش العراقي فقد إرادة القتال ، وتمرد على تنفيذ أوامر قيادته السياسة ، لأنه أي الجيش العراقي لم يعتبر المعركة .. معركته .. معركة الدفاع عن العراق ..!

 

ويروج هؤلاء الأوغاد الى ان الجيش العراقي الباسل قد اعتبر الحرب الجارية بأنها حرب الإدارة الأمريكية لتصفية حساباتها مع القيادة العراقية التي وضعت نفسها في زاوية مميتة وكانت السبب في جلب البلاء على العراق وأهله ، على حد مزاعم هؤلاء الأوغاد. بل ان بعض كبار ضباط الجيش العراقي ابعد نفسه عن هذه المعركة حتى يضمن عدم ملاحقته قانونيا من قبل الولايات المتحدة بعد انتهاء الحرب وزوال النظام ..!!

 

دحض النظرية :

ان العدو ومرتزقته في الإعلام ممن يروج لهذه الأفكار والنظرية ، قد وقع في شر أعماله وانكشفت حيله وأكاذيبه وفبركته للحقائق وتزويره للوقائع . فلو كان الجيش العراقي بمثل ما ادعوا هؤلاء الأوغاد ،

 

فلماذا اتخذت سلطات العدو الأمريكي الغازي قرارها بحل الجيش العراقي البطل..؟!

ولماذا تم اجتثاث قادة والجيش العراقي ..؟!

ولماذا لاحقتهم فرق الموت الأمريكية والإيرانية ونكلت بهم وبعوائلهم ..؟!

ولماذا اعتقل عشرات من قادة الجيش العراقي ومئات من كبار ضباطه والآلاف من بقية مراتب الجيش العراقي ..؟!

ثم من الذي قاتل في ام قصر والناصرية والنجف وكربلاء وبابل وإطراف بغداد كالدورة والتاجي وابو غريب ومنطقة مطار صدام الدولي ..؟!

 

 

ثانيا // نظرية عدم امتلاك القيادة العراقية لخطة دفاعية متكاملة :-

روج العدو لهذه النظرية ووقع البعض ممن نحسن الظن بهم بهذه الأكذوبة ، فاعتقد بان القيادة العراقية وقفت عاجزة عن فهم الستراتيجية الأمريكية لغزو العراق ، او أنها لم تحسن اختيار الخطط والتكتيكات الحربية للدفاع عن العراق وبغداد بالأخص ، الأمر الذي افقد الجيش العراقي إرادة القتال .

 

ان البعض ولأسباب انعدام الثقة بالمستقبل وبالأمل وبسبب تأثره بالحرب النفسية التي مارسها العدو ومرتزقته في الإعلام ، قد يـُخيّل له بان هذا الكلام صحيح ، لاسيما مع الستراتيجية الغامضة الغير تقليدية التي اعتمدت عليها القيادة العراقية في التصدي للغزو الأمريكي إبان المعارك النظامية في الأسابيع الأولى للحرب .

 

ان طبيعة المعركة التي فرضها العدو الأمريكي الغازي ، كانت قائمة على أساس غزو واحتلال العراق ، أي غزو واحتلال مدن وبلدات العراق كافة وأهمها هي العاصمة بغداد . وليس لغزو واحتلال الأراضي الجرداء لإقامة قاعدة أمنة له ولعملائه او طمعا في ثروات منطقة محددة يسعى لاحتلالها في العراق او لشن حروب حدود استنزافية لتحقيق أهداف معينة وإرغام القيادة العراقية على القبول بها . وبالتالي فان القيادة العراقية أمام خيارين :

 

الخيار الأول :-

ان يتم تهيئة ساحة عمليات مناسبة لانتشار قطعات الجيش العراقي ، حيث تتم فيها أعمال حفر الخنادق والملاجئ وإقامة السواتر الترابية وزرع حقول الألغام ونصب الأسلاك الشائكة ومسح المنطقة وتربيعها وتعيين أهداف افتراضية مسبقة لتسهيل عملية الرصد والاستمكان وبالتالي سرعة معالجة الأهداف المعادية سواء عبر القصف الصاروخي او المدفعي او الجوي ، بالإضافة الى فتح الممرات والطرق الترابية والمعبدة لتسهيل عمليات النقل والدعم وتحريك القطعات والمناورة بها وإقامة شبكة اتصالات سلكية ولاسلكية لضمان نقل الأوامر والمعلومات عن أي حالة طارئة قد تحدث أثناء القتال .

 

وهذا الخيار يتطلب وجود غطاء جوي جيد فضلا عن وجود غطاء ناري مدعم بالقصف الصاروخي والمدفعي ، وهو الأمر الغير الممكن عمليا نظرا لتفوق العدو جويا والذي يملك أقوى سلاح جوي في العالم مزود بالأقمار الصناعية بمختلف أنواعها ومزود بطائرات التجسس والتشويش الالكتروني وبكاميرات المراقبة والرصد وبطائرات قاصفة ستراتيجية من النوع العملاق كالبي 52 ومن النوع الخفي كبي 1 والبي 2 وسلسلة من طائرات الاعتراض والقتال الجوي بالإضافة الى المروحيات المضادة للدروع والملاجئ والإفراد وغيرها الكثير من وسائل الكترونية غاية في التقدم بعضها صنع خصيصا للعراق .

 

الخيار الثاني :-

ان تهيئ القيادة العراقية المدن والبلدات العراقية الواقعة على خط السير المتوقع لقوات العدو المتقدمة تجاه بغداد كونها المدينة الأهم في معركة غزو العراق وإسقاط نظامه الوطني بحيث تكون ساحة المواجهات العسكرية والمعارك الحربية داخل أزقة وشوارع تلك المدن ، وهي المدن والبلدات الواقعة على نهر الفرات بالدرجة الأولى ونهر دجلة بالدرجة الثانية .

 

ولخوض مثلا هكذا نوع من المعارك فلابد للقيادة العراقية ان تهيئ تلك المدن للقتال بكل ما يعزز سيطرة القوات العراقية على زمام الأمور كنصب وإقامة شبكات الاتصال والدعم وتهيئة مخازن الغذاء ومستودعات الوقود واللوازم والعدد الطبية والأدوية الضرورية ومسح وتربيع المدن وساحاتها الخالية ان وجدت وتعيين الأهداف الافتراضية مسبقا لتسهيل عملية معالجة الأهداف المعادية وبغية توخي الحذر في إحداث خسائر جانبية في صفوف الممتلكات العامة والخاصة للعراقيين . بالإضافة الى دراسة خرائط المدن ومحيطها لمعرفة كيفية استغلال العوائق الطبيعية كالأنهر والبحيرات والاهوار والمستنقعات ولمعرفة أفضل الطرق سواء لانسحاب قطعات الجيش او لتعزيزها داخل المدن . فضلا عن توزيع القوات العراقية على شكل مجاميع متفرقة هنا وهناك ، سواء كدوريات راجلة او ثكنات مزودة بأسلحة ثقيلة ومتوسطة او كمجاميع القنص المنتشرة على البنايات والأماكن العالية وانتشار الآليات المدرعة والمصفحة والدبابات على نقاط معينة من المدينة لتحقيق إمكانية المناورة في القتال داخل المدن أيضا .

 

ان اعتماد القوات المسلحة على ستراتيجية معارك المدن وعدم الانتشار في الأراضي الجرداء او المكشوفة لطائرات العدو ، سيحيد الطيران المعادي نسبيا ، ويرغمه على زج قواته البرية داخل المدن العراقية المهيئة مسبقا للقتال والتي يسعى العدو لاحتلالها أصلا . الامر الذي يجعل كفة الميزان في المعارك تميل الى جانب القوات العراقية حيث تمتاز القوات العراقية بكفاءة المقاتل العراقي على حساب أسلحته على عكس قوات العدو الامريكي التي تمتاز بكفاءة وحداثة الأسلحة ولكن على حساب الجندي الامريكي .

 

الخيار الأفضل:

ان القيادة العراقية والتي فهمت جيدا ستراتيجية العدو الأمريكي في الحروب والقائمة على تدمير الخصم بالقصف الجوي والصاروخي الدقيق والجراحي وأنهاك قواه عبر إطالة أمد العمليات الجوية التمهيدية ومن ثم الزج بقواتها البرية برفقة قواتها المحمولة جوا وبغطاء جوي هائل ، قد رأت انه من الحكمة ومن اجل عدم تعريض أهل العراق لحرب قد تؤدي الى خسائر جسيمة في الأرواح والممتلكات ومن اجل الحفاظ على سلامة اكبر عدد ممكن من مقاتلي الجيش العراقي وباقي تشكيلات القوات المسلحة العراقية البطلة للمرحلة الثانية من الحرب ولضمان سرية العمل في ستراتيجيتها الثانية ، عدم الاعتماد على الخطط التقليدية التي من المفترض أن يجري استخدامها في مثل هكذا ظروف ، كتوجيه الأوامر بالحفر والتخندق والاختفاء والتمويه كما جرى في ام المعارك عام 1991 .

 

ان الذي جرى في الأسابيع الثالثة الأولى من المعركة .. معركة الدفاع عن العراق وعن شعب العراق وعن قيادة العراق .. معركة الدفاع عن حضارة وتاريخ وأمجاد وشرف العراق .. حرب غير متكافئة بين طرفين ، بين المعتدي الغازي المدجج بشتى أنواع الأسلحة الحديثة والمخصصة للحرب بظروف العراق الطبيعية والبشرية ، وبين المُدافع عن بلده والذي تعرض لأكبر موجة قصف في تاريخ الجيوش والأمم في عام 1991 ومن ثم فرض عليه اعتى حصار عرفته البشرية منذ الخليقة ومن ثم فرضت عليه معركة قاسية في ضل هذه الظروف وفي ظل تأمر وتكالب الأخ قبل العدو.

 

فمن غير المعقول ولا المسموح به بالنسبة للقيادة العراقية ان تزج جيشها في معركة غير متكافئة بكل المقاييس المادية ، ومن غير المعقول ان يقاتل الجندي العراقي ببندقية كلاشنكوف او بقاذفة اربي جي او الستريلا كتل ضخمة من الحديد والصلب وموجات البث الالكتروني التي ملئت الفضاء العراقي فضلا عن الآلاف المقذوفات والصواريخ الغبية منها والأغبى في الأراضي المفتوحة ، أي ان القيادة العراقية قد تخلت عن الخيار الأول .

 

ولهذا فلم يتبقى أمام القيادة العراقية غير الخيار الثاني وهو الاعتماد على ستراتيجية قتال العدو في المدن وهي الستراتيجية التي مكنت القيادة العراقية من التحول الى المرحلة الثانية من الحرب مرحلة حرب العصابات  بأفضل حال وأيسر السبل واقل قدر ممكن التضحيات سواء في صفوف المدنيين او المقاتلين وسواء في الجانب المادي او البشري وبتجربة جديدة تضاف الى سجل تجارب القوات المسلحة العراقية ليتم الاستفادة منها في المرحلة الثانية.

 

ان ستراتيجية قتال العدو في المدن ، وهي الستراتيجية التي تبعتها القيادة العراقية في الأسابيع الثالثة الأولى من الحرب أي في الحرب النظامية بين الجيش العراقي من جهة والقوات الأمريكية البريطانية في الجهة الأخرى قد أثمرت بالفعل وحققت العديد من الانتصارات وان كانت جزئية أي وان لم تستطع طرد قوات العدو الغازية خارج حدود العراق الدولية ، إلا أنها أوقعت مئات وربما الآلاف الإصابات في صفوف العدو . ان معارك ام قصر والناصرية والنجف وكربلاء وبابل وإطراف وضواحي بغداد لهي خير شاهد ودليل على صحة وصواب خيار القيادة العراقية وعلى ستراتيجيتها الحربية .

 

دحض نظرية عدم امتلاك القيادة العراقية لخطة دفاعية متكاملة :-

من خلال ما تقدم يتبين لنا وبشكل جلي لا يقبل اللبس او التأويل او الشك بان نظرية عدم امتلاك القيادة العراقية لخطة دفاعية متكاملة ما هي الا ادعاء كاذب ونظرية مفبركة لتشويه الحقائق وفبركة الوقائع وتزييف التاريخ للطعن بالقيادة العراقية الحكيمة وبالقوات المسلحة العراقية الباسلة .

 

وهل ان الدليل على امتلاك القيادة العراقية لخطة دفاعية او ستراتيجية حربية متكاملة يقتصر على قيام القيادة العراقية بزج قواتها المسلحة في معارك خارج المدن في ظل الظروف التي تحيط بالعراق وشعبه وجيشه وقيادته .. في ظل عدم التكافؤ التقني بين الطرفين وفي ظل غطاء جوي كثيف لقوات العدو الغازية .. ؟!

 

وهل من الحكمة والصواب ان تتخذ القيادة العراقية مثل تلك الخطط ليقال عنها أنها تمتلك خطة .. خطة مهلكة يـُمني العدو نفسه بها ليتمكن من أهل العراق .. أولي البأس الشديد .. إلا خسئتم انتم أيها الأوغاد والصعاليك وعملائكم المرتزقة الحمقى وخدمكم البائسين.

 

ان الترويج لهذه النظريات والأفكار السخيفة يراد بها تخوين الجيش العراقي البطل برمته ، وإسقاط اعتباره بعيون العراقيين والعرب وكل محب للعراق وأهله وقواته وقيادته. ان هؤلاء الأوغاد حاولوا خاسئين النيل من عزيمة المقاتل العراقي قبل غيره وشن حرب نفسية مريرة عليه وجعل القيادة تتخبط في مكانها وتتعثر بدل الانطلاق في تنفيذ ستراتيجيتها للمرحلة الثانية من الحرب النظامية ، سترتيجية الحرب الثورية أو حرب العصابات كما يصطلح عليها عالميا .

 

 

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الرفيق رأفت علي والمقاتل النســـر

بغداد الجهاد

٢٨ / أيـــار / ٢٠١١

 

 





السبت٢٥ جمادي الاخر ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٨ / أيـــار / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الرفيق رأفت علي والمقاتل النســـر نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة