شبكة ذي قار
عـاجـل










اعتادت الولايات المتحدة الأمريكية كغيرها من الدول ذات النزعة الامبريالية على خلق مناطق توتر وصراع كجزء من سياستها لفرض نفوذها وفق مبدأ فرق تسد ومن خلاله تستطيع أن تخلق حالة من شد شعبها في الداخل إلى تأييد سياستها الخارجية من جهة ومن جهة ثانية تسعى إلى إيجاد تحالفات من خلالها تنفذ برامجها التي تخدم مصالحها وبأقل الخسائر البشرية والمادية دون أدنى اهتمام بالشعوب التي يقع الاختيار عليها كضحايا ومن المنطقي إن هذا الاختيار لم يأتي عن عبث وإنما عن تخطيط وفق إستراتيجيتها البعيدة المدى التي تعدها دوائر المخابرات واللوبيات الرأسمالية وتلتزم بها كل الجهات صانعة القرار في أمريكا حتى وان اختلفت أو غيرت من تكتيكاتها المرحلية وبصورة عامة فان تلك السياسات لا تبتعد أبدا عن فرض سيطرتها على منطقتنا العربية التي يسمونها بكثير من التعالي بجزء من العالم الثالث وان اختلفت في قوة درجتها وحدتها وفق ظروف المنطقة وقوة الضغط الشعبي فيها , وإذا كانت الحقبة الزمنية الحالية خالية من منافس أيديولوجي بعد انهيار الاتحاد السوفيتي السابق وانكفاء المعسكر الاشتراكي الذي يمثله اليوم الصين على ذاته مع الطوق الرأسمالي المفروض حوله خصوصا فان المعسكر الغربي ركز جل اهتمامه على منطقتنا العربية ليشن حربا قاسية على الإسلام والفكر القومي العربي بعد أن استنفذ طاقاته في حربه ضد المعسكر الشرقي .


إن فراغ العالم من جهة استقطاب شيعية قوية ومتنفذة دفع بالولايات المتحدة بالتعاون مع الحركة الصهيونية العالمية إلى تنمية وتطوير علاقاتها مع إيران الصفوية سرا كشفته بعض الهفوات وان تقدم لها كل وسائل الدعم خصوصا بعد أن دفعت بالمقبور خميني صاحب بدعة نظرية ولاية الفقيه على أنقاض حكم الشاه محمد رضا بهلوي حسب ما تقتضيه ضرورات المصالح بينما استمر ظاهر العداء يتصاعد ليحقق مزيدا من الالتفاف الشعبي المحلي لكلا الطرفين ولذلك دلالات كثيرة منذ وصول الملالي إلى حكم إيران آخرها وصول احمدي نجاد اليهودي الأصل والهوى إلى الحكم وإعادة فترة حكمه رغم الرفض الشعبي الإيراني .


لقد سعى المعسكر الغربي كجزء مرحلي في تغيير اتجاهات الصراع المتطرفة إلى تنمية وتعميق الخلافات العقائدي في الإسلام مع وجود الرغبة القوية في تعدد أعمدة متلهفة لبسط نفوذها السياسي من خلال بسط النفوذ الطائفي مع أساس تاريخي موروث ضارب أطنابه بقوة بين شعوب المنطقة فبالإضافة إلى إيران الصفوية ونزعتها الشعوبية هناك تركيا التي لازالت تحن إلى إمبراطوريتها العثمانية ورغبتها في لعب دور رئيس في المنطقة وهناك المملكة العربية السعودية التي تستغل وجود أهم الرموز الإسلامية قاطبة في أراضيها لتزعم العالمين الإسلامي والعربي وهي لا تحظى بدعم غربي إلا ضمن حدود وفي حالات معينة غير وجود جهات إقليمية إضافية ذات تأثيرات محلية محدودة يمكن أن تنشط عند الضرورة لأداء مهمات خاصة .


لقد شخصنا منذ بداية العدوان وأثبتت الأحداث صحته إن الولايات المتحدة الأمريكية حاولت استنساخ التجربة اللبنانية ونقلها إلى العراق مع بعض التعديلات التكتيكية التي لا تمس المضمون فوفرت بعد أن حشدت أكثر من ثلاثين دولة لغزو العراق مناخ مناسبا لتأجيج تلك الصراعات وجعلت أرضه مسرحا لها دون الاكتراث إلى ما سيلحق بالشعب العراقي من ضرر قاتل ومدمر والى حجم التضحيات التي سيخلفها العدوان فيه وأسست لإنشاء مليشيات ترعاها كتل تدين بالولاء الطائفي على حساب الولاء الوطني والقومي وشرعت دستور يرسخ هذا التوجه تحت ذريعة الديمقراطية , فجعلت العراق ساحة لغليان المتناقضات الاثنية والطائفية ذهب ضحيتها الملايين بين تهجير وتصفيه وهي تحاول اليوم توسيع دائرة الصراع إلى كل أقطار المنطقة ومن خلال هذا التوسيع ستحقق إن نجحت – لا سامح الله – مجموعة من الأهداف التي تخدم إستراتيجيتها التي تحدثنا عنها في مقدمة المقال بأقل الخسائر , فأوجدت من يحقق لها مصالحها ويقاتل عنها بالنيابة ويحافظ على ضعف أقطار المنطقة وبهذا تضمن امن الكيان الصهيوني الذي أنيط به دور اكبر واهم حيث ينشغل كل قطر بعلاج جراحاته الناتجة عن اقتتاله البيني وتحقق أقصى استنزاف لموارده البشرية وثرواته المادية وبذلك تعيق أي نمو وتقدم شعبي وتمنع أي نهوض قومي يحقق أهداف امتنا العربية .


إن أهم ملامح هذه الإستراتيجية الغربية تتوضح من خلال الصمت المطلق أو الإشارة المحدودة للنشاط المتصاعد لملالي إيران وتدخلهم السافر في شؤون دول المنطقة الداخلية كما حصل في العراق من خلال حكومة الاحتلال وفي البحرين من خلال الجماعات المتطرفة وفي الكويت من خلال شبكات التجسس واليمن من خلال الحوثيين والانفصاليين وسوريا من خلال تزويدها بالأسلحة وبخبرات وتجربة حرس خميني وإطلاعات في قمع الاضطرابات الإيرانية وفي لبنان من خلال حزب حسن نصر الله وسعيه لعدم استقرار البلد وفلسطين من خلال دعم انفصال حماس عن إجماع الفصائل الفلسطينية والفتنة الدينية بين الأقباط والمسلمين في مصر ناهيك عن دورها في الصومال وجيبوتي وحتى جزر القمر فهذه الدول جميعها تشكل طوقا طائفيا شيعيا حول المملكة العربية السعودية في نفس الوقت الذي ينشغل كل قطر عربي في المنطقة عن أي توجه قومي .


إن أهم علامة بارزة يمكن ملاحظتها الآن هي إن أكثر الأحداث حدة وسخونة في العالم تلك التي تجري في منطقتنا العربية بالدرجة الأولى وتليها في الدول الإسلامية بالدرجة الثانية وقد جرت بعد تغييب الحكم الوطني العراقي الذي كان يشكل مصد وحاجز قوي يستحيل معه التغلغل إلى الوطن العربي وذلك ما يعني بالضرورة التي لا يمكن الاختلاف على صحتها إن تفتيت الأمة العربية لا يمكن أن يتم إلا بتفتيت العراق شعبا وأرضا وهذا ما أثبتت نفس الأحداث استحالته رغم التضحيات العظيمة التي قدمها ولا زال يقدمها شعبنا ولن ينجح هذا المخطط ما دام في العراق عرق ينبض .


يبقى أن نشير إلى إن تحالف الغرب بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية يحتاج إلى مراجعة تاريخ العراق منذ بدء الخليقة لكي يدركوا حقيقة أدرك مضمونها من سبقهم في السعي إلى إنهاء وجود العراق وبتر ارتباطه بأمته هي إن العراقي حليم وصبور لكنه لا ينام على ضيم وان انفجاره بركان غاضب وعنفوان متجدد لن يتوقف إلا عند حياة حرة كريمة تسر الصديق أو ممات يغيض به العدى وهذا ما أثبتته المقاومة العراقية الباسلة منذ أن انطلقت مع بداية العدوان عام 2003 .

 


Iraq_almutery@yahoo.com

alqadsiten@yahoo.com

 

 





الخميس٣٠ جمادي الاخر ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٢ / حــزيــران / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عراق المطيري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة