شبكة ذي قار
عـاجـل










الولايات المتحدة الأمريكية غزت العراق دون غيره من دول المنطقة وخططت لان تتبعها بخطوات تعيد من خلالها رسم خارطة المنطقة كما أعلن حينها جورج بوش الابن بدوافع شتى من بينها السياسية والاقتصادية وغيرها وكلها تلبي مصالحها أولا وتعزز سطوة جودها في المنطقة وهي بمجملها بلا شك ناتجة عن تحكم رأس المال في سلوك الحركة الامبريالية وطمعه وهو ما يدفعها إلى التخلي عن كل القيم والمبادئ والشعارات التي ترفعها ومعها المجتمعات الغربية التي بنت نفسها على أساس رأسمالي , فالولايات المتحدة الأمريكية ما كانت لتعبر آلاف الاميال وتستنهض كل طاقاتها وإمكانياتها للضغط على كل دول العالم وتشن حربا ظالمة على العراق وتحت ذرائع يعرف كل من اشترك معها في العدوان مسبقا أنها كاذبة لتعيد استنساخ نفس اللعبة القذرة التي بدأتها أمها العاهر بريطانيا العظمى في فلسطين فرأس المال دائما يسعى إلى تنمية نفسه ويخلق الحجج والذرائع ليكبر حجمه وهذا هو ديدن الرأسمالية بل ويفرض نفسه على رجال السياسة ويسخرهم لخدمة أهدافه ويحرك رجال الجيش في نفس الاتجاه ويفتقد إلى ابعد حد بل لا يعرف شيء اسمه الرحمة والشفقة ويتجاوز كل القيم الإنسانية , وقد بنت تقديراتها في العراق حسب رغبتها وبمشيئتها التي صورتها إدارة بوش لنفسها وللعالم باعتمادها على تقارير استخباراتية مررها عملائها تلبية لمصالحهم واختلقت هي باطلا وكذبا قسم منها وفرضتها بناءا على معاداة نظام الحكم الوطني الذي يتقاطع معها إستراتيجيا أولا وقد وضعت نفسها في ذلك عند أول خطوات الفشل والانكسار لاختيارها المكان الخطأ في التوقيت الخطأ وان نجحت في تصفية قسم من قادة العراق ونخبه الوطنية فإنها سارت باتجاه هاويتها لأنها لم ولن تدرك إن الشعب العراقي قيادات وجماهير هم على درجة واحدة من الولاء للعراق والعروبة مع الحفاظ على خصوصية ودرجة أهمية كل موقع .


الولايات المتحدة الأمريكية لم تبدأ غزوها للعراق في 2003 بل مهدت إلى ذلك منذ بداية تسعينات القرن الماضي بخطوات تكتيكية وصفحات أثبتت السنوات اللاحقة فشلها فنشرت طابور العملاء بالتعاون مع حليف الشر وجار السوء إيران التي لا تحمل إلا الحقد لم تجني من عدوانها على العراق عام 1980م غير الثأر بعد تجرع السم الزعاف التي خلفت ثمان سنوات للتمهيد بنشر الفكر الطائفي الذي لازالت تراهن عليه كسلاح غاية في الأهمية والأكثر خطورة لتفتيت لحمة الشعب العراقي ثم حشدت أمريكا لحصار متواصل استمر لثلاثة عشر عام وحرمته من ابسط مستلزمات الحياة اليومية في اكبر حملة إبادة عرفها تاريخ البشرية تلتها بخطوات ركزت على تناول تجربة وفكر حزب البعث العربي الاشتراكي الذي احتوى كل الشعب العراقي كقائد وموجه لحركة الجماهير ( مع مراعاة اختلاف درجة الإيمان بمبادئ الحزب ودوافعها ) والإساءة إليه كمقدمة لمشروع الاجتثاث بهدف خلق فواصل بين الحزب وجماهيره , أي أنها حاولت الفصل بين الجماهير وقيادتها لتكون كمن يفصل الجسد عن الرأس وحينها تضمن إن الجماهير ستفقد بوصلتها التي تصل من خلالها إلى بر الأمان وبناء مجتمع متطور وذلك ليس إلا جانبا من صفحات العدوان الأمريكي , على أنها كانت قد هيأة قيادات بديلة لتشغل الفراغ السياسي الذي سيحصل بعد العدوان , ولان الصراع على ارض العراق اخذ اتجاهات متعددة حتى بين المتحالفين في العدوان حسب جهات الدعم المالي والإعداد وحسب المشاريع والولاءات وان قسم من الأسباب فرضتها طبيعة المواجهة على مسرح الأحداث إرادة الشعب العراقي ومقاومته الباسلة فقد فرخ أعداد هائلة من الرؤوس الهشة الضعيفة ( وهو تكتيك مرحلي ) استمرت في التناحر حتى بعد إجراء أكثر من مسرحية يسمونها انتخابات ديمقراطية لتوحيدها ظاهريا كجزء من سيناريو الغزو الوحشي البغيض لأنه في أحسن أحواله سيخلف سلب إرادة وطاقة الجماهير الفعالة وتفتيت توحدها .


إن الولايات المتحدة تدرك أنها لم ولن تنجح في عدوانها على الشعب العراقي لو كانت لوحدها رغم تفوقها في آلة العدوان العسكرية لذلك فقد سعت ومعها حلفائها التقليديين الفرس والصهيونية العالمية إلى إيجاد مجموعة كبيرة من دكاكين الأحزاب المحلية لاستقطاب المواطن العراقي فاصطدمت بواقع أكثر إيلاما فقد خلت تلك الأحزاب من الرواد إلا بقدر ما تسخر إمكانياتها المادية لشراء بعض الذمم الضعيفة , ورغم أنها تتشابه إلى حد كبير في المنطلقات والسلوك وحتى المرجعية التي تدير دفتها السياسية فإنها تتصنع الخلاف الظاهري وتشترك جميعها في الغالب بتمثيل مصالح مطلبية طائفية أو عرقية أكثر مما هي وطنية كطريقة تضع فيها الجماهير الشعبية بين جذب وشد وضغط رعب التفجيرات بالسيارات المفخخة والتصفيات الفردية والإرهاب والاعتقال الذي تمارسه حكومة الاحتلال ومليشياتها والبطالة من جهة , والعوز ونقص الخدمات المتعمد وجذب الأحزاب الطائفية مع التضخيم الإعلامي من جهة ثانية وبذلك تضمن إيجاد شبكة مطيعة لها ومتعاونة معها وابتعاد المواطن عن التفكير بهدفه الأساسي تحرير القطر .


إن السعي إلى خلق صراع حتى بين كتل تتفق في توجهها الطائفي يعمل على خلق صورة مشوشة ومشوهة وجو مضطرب يؤدي إلى إرباك المواطن ويساعد على ضياع اتجاه بوصلته إذا غاب الحزب الثوري الذي يقوده تحت وطأة المتناقضات والمزايدات وورقة يعتقد من يعمل عليها أنها رابحة إذا أحسن استعمالها عند الحاجة في نفس الوقت الذي يسعى إلى إشغال الجماهير عن دعم المقاومة , فاصطناع الأزمات وتصاعد وتيرة العنف وسيلة تأتي في أوقات محدد لغايات محددة لتمرير مشاريع غاية في الخطورة تمثل هدف العدوان الأساسي وغايته .


إن العملاء أغبى من اختيار توقيت تفجير الأزمات واختلاقها بل إن هناك من يديرها ويتحكم بها من الداخل والخارج ولأهداف محددة قد يذهب ضحيتها قسم من العملاء ذاتهم رغم أهمية دورهم للعدو والذي قد يتسبب في عجز مشروع الاحتلال بعدها تنتهي لتبدأ أزمة مفتعلة أخرى , فأمريكا التي احتلت بلدنا وتكبدت هذا الكم المرعب من الخسائر البشرية والمادية لن تستسلم بسهولة وان إدارتها الحالية التي فازت ووصلت إلى الحكم بعد أن رفعت شعار إنهاء الحرب في العراق لن تسمح لنفسها بالتخلي عن مكتسبات الإدارة السابقة إلا تحت ضربات عنيفة تفقدها صوابها فلا تجد منفذ ينقذها إلا بمغادرة ارض العراق ولكي تمنع هذا لابد من مناورة جديدة كالتي تحصل اليوم في صراع قوائم العملاء في تبنيّ زخم الشارع العراقي المطالب برحيل الاحتلال وإسقاط حكومته المترهلة مقابل تصعيد حدة الهجمات التي تستهدف المواطن العراقي فتظهر الحاجة إلى إبقاء قوت الاحتلال وتمديد اتفاقية الذل .


إن الواجب الوطني اليوم يحتم على جميع القوى الوطنية أكثر من أي وقت تكثيف جهودها لاستثمار فشل أداء حكومة الاحتلال وتناحر المشتركين فيها لتصعيد مواجهتها شعبيا وكشف كل ممارساتها اللا إنسانية مع مواصلة الطرق على رأس المحتلين بقوة أكثر لإجبارهم على التخلي عنها وإسقاطها نهائيا على أن تبقى العيون مفتوحة على ما يجري خلف الكواليس .

 



Iraq_almutery@yahoo.com

alqadsiten@yahoo.com

 

 





الخميس١٤ رجـــب ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٦ / حــزيــران / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عراق المطيري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة