شبكة ذي قار
عـاجـل










كثير من الأحيان تقع تحت عين المتابع للشأن العراقي الحالي صورة معتمة سوداء عن مستقبله إذا لم يتمكن من الفرز الدقيق والمركز بين عناصر هذه الصورة التي رسمتها القوى الطامعة في العراق والأمة العربية وتحاول إظهارها على أنها حقيقة ثابتة لا يمكن تغييرها , تناحر وصراخ وقتل وتصفية حسابات واختلافات مصطنعة وسرقات للمال العام ومليشيات تقتل في وضح النهار تحميها وتديرها أجهزة المخابرات الأجنبية ضمن سياستها في نشر حالة اليأس بين العراقيين أولا والعرب بشكل عام لذلك فان المرحلة الحالية تعتبر صفحة مهمة في مرحلة الحسم الحقيقي من تاريخ العراق المعاصر وفق كل المقاييس , وصراع مرير بين مجموعة من القوى والإرادات الداخلية التي ظهرت نتيجة للاحتلال وبعده كأدوات تنفيذية , والخارجية التي تدير الصراع من خارج الحدود وفقا لمصالحها وكل منها يحاول فرض ما يناسبه من مشاريع لرسم الخطوط العريضة لمستقبل العراق لما له من إمكانية التأثير إقليميا وعالميا وهذا الصراع ليس باختيار شعبه بل دفعه إليه قسرا تحالف الغزو الأمريكي الفارسي الصهيوني , وإذا كان الشعب العراقي في المرحلة السابقة يعيش مرحلة دفاعية على حدوده الخارجية عن ثوابته وما حقق من انجازات عظيمة على كل الصعد وفرتها له سعة أدراك نظام الحكم الوطني ووعيها لكل ظروف المنطقة التي خلفتها ظروف الاحتلال الأجنبي متعدد الوجوه والأشكال للعرب لقرون طويلة مضت , فان الواقع الجديد الذي فرضه الاحتلال الجديد بعد أن تغلغل إلى مفاصل حياته اليومية خلف صراعا داخليا متشعبا يتوجب معه استحضار كل التجارب الدفاعية السابقة لإنجاب عوامل جديدة تتناسب مع الظرف الحالي لديمومة بقاءنا .


فالاحتلال بثالوثه البشع وتحت شعار الحرية قمع الحرية وبالديمقراطية انشأ دكتاتورية المحاصصة الطائفية وبالانتخابات دفع مجموعة من عملائه إلى صراعات على المناصب والى السعي الحثيث إلى فتنة طائفية وعرقية وتستميت من اجل تذوب الهوية الوطنية في ذات الوقت أطلق لنفسه حقوق مطاردة أهل البلد وكل صوت وطني يدعو إلى التحرر والخروج من الوضع المتردي الراهن ومن ينجو من التصفية فان مصيره الاعتقال لا محالة وإلا فلا خيار له إلا الهجرة في ارض الله وقد لا ينجو فيها أيضا وتلك هي واحدة من أهم الوسائل التي وضعوها لتفتيت وحدة شعبنا ومحو مقومات قيامه ككيان له ثقله الإقليمي والدولي الفاعل بالمعنى العام المعروف.


وإذا كانت هجمة الاحتلال قد استهدفت وجود العراق كجزء مهم من هجمة اكبر على الأمة العربية فان الشعب العراقي كما أثبتت الأحداث قد أدرك غاياتها , فكانت صفحات القتال المقاوم التي أطلقها الشعب خير دليل على هذا الفهم ونجح في التعاطي معها وإفشالها وامتلاك زمام المبادرة وتحويل المعركة من دفاعية إلى هجومية وأرغم المحتل على إعادة حساباته بعد أن استنفذ كل أوراقه في اعنف المعارك التي عطلت كل تقديراته فلجأ إلى إثارة الفتنة العشائرية .


إن إصرار الشعب العراقي على مواصلة الجهاد ضد المحتل وأدواته في المجابهة باستخدام كل الوسائل المتاحة وابتداع وسائل خلاقة جديدة من خلال محاكاة انتفاضات الشعب العربي في باقي أقطاره بوقفته البطولية في ساحات التحرير التي انتشرت في اغلب محافظات القطر واستمرارها منذ الخامس والعشرين من شباط إلى يومنا وستمضي بإذن الله إلى غايتها دليل واضح على أننا شعب مكافح يحب الحياة في نفس الوقت الذي يرفض الذل ويرفض القيود ومصادرة حريته التي بدأتها حكومة الاحتلال بممارسة جديدة منحت من خلالها شلة ممن باعوا ضميرهم وعقال العروبة تحت يافطة مجالس الإسناد لتكملة الدور الخبيث الذي بدأتها مجالس الصحوات .


مخاض لولادة جديدة صعبة يعاني منه شعبنا اليوم وسط تلاطم أمواج تيارات عملاء الاحتلال فالحفاظ على هوية الشعب العربية وولائه الوطني والقومي هدفه المحدد ولازال يقدم من اجله تضحيات عظيمة تتحملها الغالبية المسحوقة والمهمشة من عامة العراقيين الذين لم تنهكهم سطوة المليشيات الطائفية وانعدام فرص العمل وتجويعهم ألقسري الذي تفرضه عليهم حكومة الاحتلال وصمت أبكم واصم من كل المنظمات الدولية المهتمة بحقوق الإنسان وحتى المرجعيات الدينية تخلت عن مبادئ الدين الإسلامي الحنيف إلا القليل منها وراحت تدافع عن انتمائها القومي غير العربي والطائفي لتساهم من خلال هذا الصمت في دعم المشروع ألصفوي وتعمل على تذويب الولاء الوطني .


إن أطراف الاحتلال راهنت على الفتنة الطائفية فأفشلها صبر شعبنا وأشعلت الفتنة العشائرية في غرب وشمال القطر عن طريق ما يسمونها صحوات وبئسا لمن شارك فيها ووضع نفسه بين سندان حكومة الاحتلال ومطرقة شعبه ولا ضمير له ليحاسبه فخسر نفسه وها هي اليوم تعيد الكرة باتجاه فتنة عشائرية في وسط وجنوب العراق فدفعت بسقط المتاع وقطاع الطرق واللصوص إلى واجهة الأحداث تحت عنوان موالين ومناصرين لحكومة الاحتلال لضرب التيار الوطني المسالم الذي يتظاهر ويطالب بإسقاطها .


أهم ما لا يدركه المحتل وأتباعه إن شعب العراق حليم وصبور وحريص على سلامة كل عراقي ويطمح إلى عدم إراقة أي قطرة دم بل ويطمح إلى إصلاح مواقف من دفعته الحاجة إلى الانخراط في دوائر حكومة الاحتلال وهذا ما يزيد من تماديه وطغيانه ولكن هذا الصبر له خطوط حمراء لا يجب تجاوزها ولحلمه حدود إذا غضب فويل لمن عاداه , فلا قبر للخونة والعملاء لان أرضه ترفضهم أحياءا أو أمواتا ولنا في سنواتنا القليلة الماضية أمثالا وعبرة لمن يعتبر .

 


Iraq_almutery@yahoo.com

alqadsiten@yahoo.com

 

 





السبت٢٣ رجـــب ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٥ / حــزيــران / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عراق المطيري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة