شبكة ذي قار
عـاجـل










 

المقاومة العراقية الباسلة برهان تواصل المعركة وعدم الاستسلام

 


الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس  / أكاديمي عراقي مقاوم
( خاص بالرايــــــة )


عندما تقتضي ضرورات المعركة ومنها طبيعة ذراع موازنة القوة بين أطراف الصراع أن تنتقل الدولة المقاتلة دفاعا عن الوطن أرضا وشعبا وسيادة واستقلالا ضد غزو خارجي كمثل الذي تعرض له العراق و قامت به أميركا وحلفاءها المكونين من دول العالم العظمى والكبرى وقرابة ثلاثين جيش والتي شكّلت في صورتها الإجمالية حربا كونية ظالمة مجرمة جائرة, أن تنتقل من حالة الحرب الدفاعية النظامية إلى حالة حرب غير تقليدية فان هذا يعني من بين ما يعنيه ماديا واعتباريا إن الحرب لم تنته، وان المعارك مستمرة وان الدولة والنظام المدافع عنها لم توقع صكوك الاستسلام. إنها مسلمة وبديهية الصمود الأسطوري للعراق العظيم ومواجهته التاريخية مع القوى الامبريالية والصهيونية والطائفية السياسية التي تبنتها وساندتها أميركا والصهيونية. وهي في ذات الوقت إعلان انساني خارق عن الإيمان بالله وبالوطن والأمة والعقيدة القومية التحررية الثائرة التي لم ولن تتخاذل، ولم ولن تستسلم أمام العدو حتى لو كان ذاك العدو هو أعظم قوة عسكرية واقتصادية في العالم وتسانده كل أنياب الامبريالية وإذنابها، بل ستبقى رايات عزها ومجد نضالها وجهادها دلالة لبقاء وخلود امة العرب ودلالة لروح البطولة الفذة لأبناء العراق الحر الأبي العربي المؤمن.


لقد برهنت المقاومة العراقية الباسلة عن قدرات قتال أسطورية عبر اعتماد اسلوب قتالات اضرب وغادر ثم اضرب من جديد في مكان آخر إضافة إلى قتالات المواجهة المباشرة وهجمات الصواريخ والمدفعية التي أدت إلى إسقاط مشروع الاحتلال عسكريا وسياسيا وإعلاميا في مستنقع مهلك وكبدت دول العدوان خسائر جسيمة في الأفراد والمعدات وأدخلت اقتصاد أميركا في خانق مهلك مما أجبر أميركا على وضع الانسحاب على طاولات الحوار الإعلامي على الأقل ووضعه كاحتمال قائم لضمان نوع من الكرامة الفارغة وبياض لوجه اسود بأفعال إجرامية شائنة وقبيحة بعد أن انكفأت خاسئة في معسكرات وقواعد بعيدة عن الشارع بانتظار نداءات الاستغاثة من خدمها جرذان المنطقة الخضراء في بغداد وفي باقي محافظات العراق المقاتلة. ومع خصوصية التواصل بين قتال الدفاع البطولي لجيش العراق العظيم في معركة الحواسم التاريخية والقتال غير المنظم للمقاومة الممتدة كنتاج طبيعي من دولة العراق الوطنية جيشا ونظاما وحزبا وشعبا فان العلامة الفارقة الأخرى لمقاومتنا التي أحييت الأموات بإذن الله طبقا لتعبير تاريخي للرفيق القائد البطل عزة إبراهيم إنها لا تلقى أي إسناد أو دعم من أية جهة كانت غير العراقيين النجباء، بل ما زالت تعتمد في الأعم الأغلب على الذخيرة التي أعدها الرئيس الشهيد الخالد صدام حسين رحمه الله وقيادة الحزب والدولة قبل الغزو المجرم والمدد الذي يأتيها من رجالها أنفسهم أو من بعض العراقيين الشرفاء.


إن الحديث عن المقاومة المسلحة يحمل دائما شجونا خاصة من أهمها ما يسعى له مقاتلوا البعث العظيم وشركاءهم من اسود الرافدين لتوحيد فصائل المقاومة البطلة كخطوة لا بد منها ليس فقط لأهميتها في تحقيق النصر، بل ولأهميتها السياسية في الإفصاح والتأكيد عن النهج الديمقراطي للنظام السياسي الذي ستتبناه دولة العراق المحررة ولهويتها الوطنية والقومية المؤمنة البعيدة عن العرقية الشوفينية والطائفية المجرمة وهو الخط الوحيد الذي يكرس وحدة العراق أرضا وشعبا ويبعد عنه أشباح الحروب الأهلية واحتمالات التمزيق والتشظي التي جعلها الغزو والاحتلال المجرم كوابيس تقض مضاجع ملايين العراقيين لأنها تضع بلدهم الحبيب على حافات الضياع. ولا تمر مناسبة إلا ونكرر إيماننا المطلق بهذه الوحدة وندعو كل رجال الرباط إلى نبذ كل عوامل الماضي وما خلفه من بعض عوامل الافتراق تحت ضغط ظروف الطوارئ التي عاشتها الدولة العراقية لسنوات طويلة وانتهت بالغزو والاحتلال المجرم.


لقد أنجزت مقاومتنا المسلحة البطلة بناء روح معنوية عالية عند كل أبناء الأمة العربية المجيدة ونحن لا نبالغ إن قلنا أنها كانت رافدا مهما من روافد الحراك والانتفاضات الشعبية التي هدت عروش حكام عرب شاركوا في ذبح تجربة العراق الوطنية والقومية الرائدة والغدر بقادته التاريخيين مدنيين وعسكريين كثمن وبرهان لولائهم وعبوديتهم للصهيونية والامبريالية وتأجيج الثورات في وطننا العربي ووضع شباب الأمة لأول مرة أمام مسؤولياتهم في إعادة تشكيل الخارطة السياسية في وطننا الكبير على أمل أن يكون هذا التشكيل وطنيا خالصا وعروبيا متطلعا إلى الوحدة والتحرير. فنحن ندرك حجم التأثير القومي الهائل الذي خلقته ثورة تموز المجيدة عام 1968 وتواصلت في تجذيرة واتساعه طيلة سنوات حكم البعث في العراق من يوم الثورة الخالدة وحتى ساعة وصول الغزاة إلى بغداد السلام. ونحن على يقين بان مقاومة شعبنا تتسع وتتجذر كل يوم عبر التظاهرات والاحتجاجات التي ترتقي يوما بعد آخر بغاياتها الوطنية لتكون ساندا ومعينا ورافدا للمقاومة المسلحة من اجل التحرير الناجز بإذن الله.


نعم .. لقد امتدت الذراع القومية لعراق البعث إلى كل زاوية في وطننا فكرا وبناءا حيث ساهم العراق في التنمية البشرية عبر بناء المدارس والجامعات وتجهيزها وبناء المستشفيات والمراكز الصحية وبناء الطرق والجسور والنشاط الصناعي والزراعي في أقطار المغرب العربي ومصر والسودان واليمن والأردن وفلسطين ولبنان فضلا عن إن المد القومي العظيم المنطلق من العراق قد بسط أجنحته فوق كل أجزاء الأمة في السلم فكريا عبر طرح النموذج العقائدي القومي التحرري وفي الحرب عبر الحضور العراقي الفاعل في كل ساحات المواجهة بين الأمة وأعداءها من البحرين حتى نواكشوط. لقد تحول العراق بفضل سياسات الحزب الوطنية والقومية إلى نموذج للأمة العربية فوق أرضها المحررة في العراق . وسيبقى فعل ثورة تموز القومي وتأثيراته العربية يعبر عن نفسه ليس فقط في صيغ انتفاضات ثائرة، بل وفي الاعتزاز والولاء الذي يعلنه أبناء المغرب العربي والأردن وفلسطين واليمن وسوريا ومصر والسودان يوميا وفي كل أنشطتهم الحياتية. ونحن نسمع يوميا الكثير من العرب يعلنون بوسائل مختلفة، إن ما انتهت إليه أحوال بعض الحكام العرب الطغاة، إن هو إلا نتيجة طبيعية لعقاب رباني لما اقترفوه بحق العراق أرضا وشعبا وقيادة.


ونحن نعيش أيام تموز الحب والثورة فان الحديث عن المقاومة العراقية الباسلة يأخذ منحنيات وأفق فيها ما هو مبعث فخر وسعادة وفيها ما هو موجع. غير إننا نؤمن بالله ونضع كل العوامل في صفحة الانطلاق في ميادين الجهاد من أجل الحرية والعزة. ونرى النصر قائما في ألواح شهداء العراق الذين زاد عددهم عن مليونين منذ الغزو المجرم وفي جباه الأيتام وعيون الأرامل وهم بالملايين أيضا ونتحسس النصر ونتلمسه ونتحسس مذاقاته الربانية إن شاء الله في عزم الرجال وإصرارهم.


مقاومتنا البطلة هي التعبير الأنصع عن نهجنا البعثي المناضل والذي أعلن عن نفسه منذ 60 عاما وتجسد خير ما تجسد في ثورة تموز 1968 في العراق وما حققته من انتقال أسطوري في حياة العراق والعراقيين من حالة التخلف إلى حالة الرقي والتقدم والازدهار حتى تدخلت أميركا وأعوانها لإنهاء هذا النموذج العربي الفذ الذي عبر كل الخانات والخطوط والعلامات الحمراء التي وضعت سياجا بين العرب وبين الحياة المتطورة.


تحية لمقاومة العراق التي تحقق النصر والتحرير وتحقق تواصل التأثير القومي للعراق ولبعثه الصامد البطل في أطره الثورية والتحررية. تحية لمقاومة العراق التي تنفذ بروح العروبة والإنسانية إلى ساحات الحراك العربي في كل مكان وتفرض حضورها ككائن عربي عصي على الإقصاء والاجتثاث والتغييب. تحية لقائد الفصيل المقاتل الكبير عزة إبراهيم وهو يحرك وحدة العراق الفعلية عبر جيوش جبهة الجهاد والتحرير والخلاص الوطني بتشكيلتها الوطنية والقومية والإسلامية العابرة بإيمان وجداره للأطر الطائفية والمناطقية حيث تعمل على كل ساحة العراق بخطوطها الجهادية المختلفة. تحية لسراة التحرير ضباطا ومقاتلين ومواطنين مدنيين يحركون مشهد النضال والجهاد ليل نهار رغم الظروف القاهرة وشراسة العدو وقدراته المعروفة. تحية لكل فصائل الجهاد البطلة والى كل عراقي وعربي يقف مساندا لمقاومة العراق البطلة.


تحية لجيش تحرير العراق الذي سيكون بإذن الله هو الجيش الذي يحمل رايات التحرير للعراق من أقصاه إلى أقصاه .. الله اكبر والنصر للمرابطين أباة الضيم سراة التحرير.

 

 





الاحد٠٢ شعبان ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٣ / تمـــوز / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أ.د. كاظم عبد الحسين عباس ( خاص بالرايــــــة ) نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة