شبكة ذي قار
عـاجـل










لكل شعب من شعوب الأرض دستور ينضم العلاقات بين السلطة وبين عامة الناس من أبناء الشعب , يوضع ويقر بناءا على أعراف وتقاليد نشأت عن تراكمات تجارب وخبرات الشعب ذاته , ووفق هذا المنظور فان إي مجتمع ومن هذه الناحية ينقسم إلى قسمين هما الجهاز الإداري الذي يشكل منظومة أجهزة الدولة كطرف وعامة الشعب كطرف مقابل والجميع في الحالة الطبيعية يعمل لتلبية المصالح العامة , وما يهمنا هنا أن الأغلبية العامة التي لا تجد من يمثلها دائما وليس لها صوت مؤثر أو مسموع إلا في حالات محددة وتسمى بالفئات المهمشة وهي في معظم الشعوب تتكون من جماعات اغلبها من النساء والأطفال والشيوخ والطبقات الفقيرة ماديا والأقليات الدينية أو العرقية ومن سكان المناطق البعيدة والنائية وفي اكثر الأحيان لا ينالها إلا الحيف والظلم والقهر وهذه الجماعات في المجتمعات النامية وفي حالة كالتي يمر بها العراق ما بعد غزو تحالف الشر الأمريكي الصهيوني الفارسي حيث الدستور معد خارج القطر ومستورد لتلبية أهداف معينة ومحددة مسبقا مع إصرار على إبعاد وتغييب واجتثاث التنظيمات الحزبية الوطنية التي تمثل الجماهير تمثيلا حقيقيا بمختلف عقائدها تحاول هذه الجماعات فرض إرادتها أو إسماع صوتها إلى السلطة الحاكمة عن طريق السعي إلى تشكيل تكتلات مناطقية أو اتحادات أو نقابات مهنية تستمد شرعيتها وقوتها من المجموعة التي تمثلها من خلال ممارسات سلمية كالاعتصامات المستمرة أو التظاهرات الجماهيرية وتنسيقها أو الاتصال في المنظمات الدولية المهتمة بالشأن الإنساني أو رفع الدعاوى الجزائيـة في المحاكم .


في عراق ما بعد الاحتلال وحسب الهدف المرسوم مسبقا أصبح كل الشعب مهمشا بينما اتسعت دائرة العملاء والخونة وتطورت أساليبها إلى حد فرض السيطرة على كل مرافق الدولة في العاصمة بغداد أو المحافظات وخصوصا أجهزة الجيش والشرطة التي تحولت مهماتها عن حماية الشعب واهتمت باستقطاب المجرمين وقطاع الطرق والمليشيات التي تضرب أي صوت وطني يطالب بحق اغتصبته الجماعات المشاركة في تنفيذ برنامج المحتل عن طريق حكومته العميلة , ولان الشعب العراقي يستوعب دواعي تهميشه سياسيا واقتصاديا وثقافيا واجتماعيا وترابطها الوثيق مع بعضها فقد تم التركيز على الجانب الاقتصادي لأنه يكشف الاتجاهات والأساليب التي يتم من خلالها نهب الثروات , فمدخولات العراق وعائداته النفطية خصوصا والتي وصلت قيمتها إلى أرقام خيالية تفوق ميزانيات عدد من الدول مجتمعة تعتبر غنية ودخل الفرد فيها يرتقي به إلى مستوى معاشي جيد ولكن تلك الأموال في العراق حقيقة تصب في جيوب اللصوص والسراق ومعظمها تتحول إلى أرصدة وعقارات خارج الحدود في وقت يعيش فيه المواطن العراقي تحت خط الفقر بحسب المقاييس العالمية .


إن تهميش وإقصاء المواطن العراقي ومحاولات إبعاده عن المشاركة في صنع القرار قسرا هدف تسعى إلى تحقيقه كل مجموعة الأحزاب المشاركة في الحكومة العميلة بدون استثناء يسير بالتوازي مع الخلاف الظاهري والصراع على توزيع كراسي السلطة طائفيا أو قوميا , ومحاولات إبراز شمال العراق كتجربة تضفى عليها بأي شكل صفة النجاح , مع انتشار حالة الفوضى الناتجة عن استهداف القوى الوطنية وحملات التصفيات والاعتقالات المنظمة , وفشل أداء الجميع رغم كل التبريرات غير المقنعة الغرض منه الوصول إلى ما بدأنا نتلمس نتائجه اليوم في الأصوات النشاز الداعية إلى إقامة حكومات لامركزية أو فدراليات أو أقاليم تؤسس بمجملها لتقسيم القطر وهو الغاية الأكبر التي سعى إليها وفشل في تحقيقها المحتل منذ البداية , وكحق يراد به باطل تتعالى أصوات العملاء لركوب موجة المد الجماهيري والانحراف بها من طرد المحتل وإسقاط حكومته إلى توزيع عادل لثروات التي أصبحت تحت رحمة الشركات الأجنبية وما يتبقى من ثروات القطر الهائلة لا توزع بعدالة بين المحافظات العراقية وإيقاف حملات الاعتقالات أي إصلاح حكومة الاحتلال بدل إسقاطها مع خروج المحتل .


إن المفارقة التي تحصل اليوم هي إن الشعب العراقي الذي تعرض إلى التهميش والإبعاد ينادي بمطالب تتجاوز التجويع وتوزيع الثروات ونقص الخدمات , المواطن العراقي لأنه أدرك أبعاد المؤامرة التي نسجت خيوطها قبل الغزو في المؤتمرات التي أدارتها أجهزة المخابرات المعادية للعراق والطامعة بثرواته وحيكت مع دخول قوات الاحتلال كما عبر في تظاهراته , الشعب العراقي يطالب بإخراج المحتل وإسقاط حكومته العميلة لأنه أدرك إن السبب المباشر في آلامه وفي معاناته هو المحتل وحكومته , على طرف آخر نرى إن من يطالب بالأقاليم هم أطرف الأحزاب الطائفية التي تدير حكومة الاحتلال وتنتشر تفرعاتها في باقي المحافظات تحت ذريعة الإقصاء والتهميش , بمعنى إن الأحزاب العميلة التي تسيطر على مجالس المحافظات هي نفسها من تشاركت في حكومة الاحتلال وما يسمونها العملية السياسية , أي إن قياداتها هي التي أهملتها وعزفت عن تلبية مطاليبها, وان صح هذا الادعاء فلا شك انه تم التوجيه بهذا بعد أن افشل شعبنا كل المحاولات السابقة التي أدارتها حكومة الاحتلال من أعلى هرمها لتبدأ الدعوة إلى الانفصال هذه المرة عكس ما سبقتها من المحافظات وصولا إلى المركز لإظهارها بمظهر المطلب الشعبي بعد أن فشلت كل محاولاتهم في قمع الصوت الذي ارتفع في ساحات التحرير والمنادي بخروج المحتل .


تظاهرات العراق رغم التعتيم الإعلامي والمضايقات التي تحصل في ساحات التحرير أخذت مداها الواسع وهزت الاحتلال وحكومته لذلك كان لابد لهم من جهد مضاد يثير الفوضى ويذر الرماد في العيون ويطغى على صوت الشارع العراقي لتمرير اتفاقية بقاء القوات الأمريكية بصيغة جديدة مقابل التراجع المؤقت عن التقسيم , لذلك فإن سياسة حكومة الاحتلال تتجه خلافا لما ترفع من شعارات فحتى بعد أن صادرت دور الشعب وهمشته , فشلت كل الأساليب الخبيثة التي مارستها ضده وثبت عجزها وفشلها فأصبحت تسير بخطى سريعة نحو نهايتها الحتمية وتدق المسمار الأخير في نعشها .


إن المعادلة في العراق مع تصاعد أزمات الاحتلال تشير إلى قرب إعلان انتصار الشعب العراقي بإذن الله .



Iraq_almutery@yahoo.com

alqadsiten@yahoo.com

 

 





السبت٠٨ شعبان ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٩ / تمـــوز / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عراق المطيري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة