شبكة ذي قار
عـاجـل










أعلنت دولة جديدة قي التاسع من تموز الجاري , هي دولة جنوب السودان ,وقد تسابقت الدول الغربية والعربية على الاعتراف بها .لأسباب واعتبارات عدة , بعضها يتعلق بالمصالح , وبعضها لاحترام حقوق الإنسان وحق تقرير المصير .وأكثر الاطرادف فرحا بقيام الدولة الجديدة هو الكيان الصهيوني ,ويمكن العودة إلى عدة تصريحات لمسئولين صهاينة يؤكد لنا ذلك . ففي عام 2008 أكد وزير الأمن الصهيوني ( أفي دختر ) في محاضرة له بان بقاء السودان موحدا بإمكاناته الهائلة يشكل خطرا على مستقبل " إسرائيل " , الأفضل تقسيم هذا البلد حتى لا يصبح سندا في المستقبل لمصر والأمة العربية .


وعودة إلى تصريحات سابقة أيضا , والى عام 1975 , فقد دعا قادة الصهاينة إلى " حوار الأديان " . وكان الهدف هو الحوار مع الطوائف الدينية الإسلامية , بحيث لا يكون الإسلام موحدا ولا قويا , وعندها يمكن السيطرة على هذه الطوائف والتحكم بمصائرها , من خلال تشجيعها على التمرد على أوضاعها القائمة في الأقطار العربية .


كانت تلك الدعوة إبان الحرب الأهلية في لبنان, وبعد 35 سنه ما الذي جرى ؟ .في لبنان ما زال التعصب الديني والطائفي قائما ويتفاقم يوما بعد يوم.وفي العراق بعد الاحتلال الأمريكي عام 2003 , تمت صياغة دستور برؤية أمريكية ـ صهيونية , يدعو إلى التفتيت والانشطار طائفيا وقوميا .في إطار الفيدراليات ,وقد خرج رئيس مجلس النواب العراقي الحالي أسامة النجيفي ـ وهو محسوب على القائمة العراقية ـ على الرأي العام بدعوة إلى قيام كيان خاص بالطائفة السنية . في حين أن القوى السياسية الوطنية قاومت هذه الفكرة التقسيمية منذ انطلاقها .


اليوم ينشطر جنوب السودان تحت هذه الدعوة الدينية أيضا ,وإذا عدنا إلى الأسباب الأولى نجد أن بريطانيا وراء كل المآسي التي تعيشها الأمة العربية والإسلامية .فالمشكلات بين الهند وباكستان منذ نصف قرن سببها بريطانيا عندما أوجدت مشكلة كشمير.والمشكلات الحدودية القائمة بين الأقطار العربية سببها بريطانيا أيضا. وتولدت لدي قناعة بان السياسة البريطانية أشبه بمرض السرطان الذي يصعب شفاؤه.فبريطانيا هي التي زرعت بذور الفتنة بين شمال السودان وجنوبه منذ كانت تسيطر على السودان ومصر ,حيث زرعت نار الفرقة بين الشطرين, وخاصة في مجال التعليم , كما ساد اعتقاد لدى الجنوبيين أن الشماليين تجار رقيق .في محاولة لتشويه صورة الإسلام , الذي ألغى الرق .وبعد انفصال السودان عن مصر طالب الجنوبيون بوضع خاص , أي ضمن فيدرالية في إطار السودان.


منذ ذاك الزمن بدأ التمرد من قبل وحدات من الجيش السوداني مطالبة بالانفصال عن الشمال .وبدلا من وضع حلول سلمية لما حصل , سارعت الحكومات المتعاقبة منذ حكومة إبراهيم عبود مرورا بحكم جعفر النميري ووصولا إلى حكم عمر حسن البشير إلى فرض الحل العسكري , الأمر الذي دعا دولا في المحيط الإقليمي والدولي إلى التدخل في الشأن السوداني بهدف تقسيمه , ومد قوات التمرد في الجنوب بالسلاح والعتاد والدعم السياسي والإعلامي للوصول إلى ما حصل قبل أيام .


لقد وقعت حكومات السودان عدة اتفاقيات مع الحركة الشعبية لتحرير السودان , ولكن كانت تنقضها لأسباب عدة منها التدخلات الخارجية وضيق أفق المسئولين في تلك الحكومات المتعاقبة .وعلى سبيل المثال فرض جعفر النميري والبشير النظام الإسلامي على الجنوب رغم أن معظم سكانه من المسيحيين أي 75 بالمائة والمسلمون 16 بالمائة و9 بالمائة من الديانات الإفريقية , كما أن غالبية السكان يتكلمون اللغة الانكليزية .


أضف إلى ذلك أن الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن وضع السودان في إحدى اهتماماته بسبب توجهه الديني وإعلانه فكرة الحرب الصليبية ضد الإسلام , وفرض عقوبات على السودان , واوهم حكومة البشير أن العقوبات سترفع إذا وقع اتفاق سلام مع الحركة الشعبية في الجنوب ,وبالفعل وقع اتفاق ( نيفاش ) عام 2005وفق شروط كلها في صالح الحركة الشعبية مثل :


ـ منح الحركة الشعبية حكما ذاتيا لمدة 6 سنوات.
ـ منحها حق تقرير المصير عام 2011 .
ـ إجراء انتخابات عام 2009 .
ـ تقاسم السلطة والثروة وإدارة المناطق لمهمشة بين الطرفين .
ـ إجراء ترتيبات أمنية تمنع اشتعال الحرب ثانية .


أعلنت دولة الجنوب ولم ترفع العقوبات عن السودان , ولم يلغى أمر محكمة الجنايات الدولية القاضي باعتقال البشير ومحاكمته , بل ما زالت قضية دارفور متجددة ومفتوحة على كل الاحتمالات , وكما فصل الجنوب قد يفصل إقليم دارفور عن السودان أيضا .


الجنوبيون فرحون لما حققوه , ولا يتورع بعضهم من رفع العلم الصهيوني إلى جانب علم الجنوب الجديد وهذا المشهد يؤكد مقدار التغلغل الصهيوني في دولة الجنوب الجديدة .وإذا كان الطرفان يعتقدان أن باستطاعتهما حل المشكلات العالقة بينهما فهما واهمين لأنها مشكلات صعبة تتعلق باختلاط السكان من الدولتين في كليهما , وكذلك مشكلة الحدود وخاصة في إقليم أبيه , والمشكلة الأكبر هي النفط وتقاسمه ومروره نحو الأسواق الخارجية .معظم الدلائل تؤشر أن دولة الجنوب ستكون معادية للشمال نظرا للمشكلات الكبيرة والمعقدة بينها و كما أن العلاقات مع الكيان الصهيوني واعترافها المبكر بالدولة الجديدة سيخلق مشكلات مع الشمال مستقبلا .


الجامعة العربية رحبت بالدولة الجديدة . فهل ستفتح الباب أمام هذه الدولة للانضمام إليها , وتصبح عضوا في جامعة الدول العربية ؟ وهل ستقبل الدولة الجديد الانضمام إلى الجامعة العربية ؟

 

 





الاثنين١٧ شعبان ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٨ / تمـــوز / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د . حسن طوالبه نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة