الخليج العربي بحيرة عربية منذ القديم , وقد شكل مع البحر الأحمر صلة الوصل بين الشرق والغرب .كما كان الخليج وبحر العرب والمحيط الهندي ممر تجارة العرب قديما . وتؤشر وثائق السومريين منذ ثلاثة ألاف سنة قبل الميلاد أن السومريين كانوا يصلون بتجارتهم إلى ( بيجان ) أي عمان لجلب النحاس , كما ورد اسم ( دلمون ) في البحرين بوصفها مركزا تجاريا بين بلاد الرافدين وعمان . وعرف الخليج العربي بأنه مصدر رزق العرب من اللؤلؤ.

جاء الإسلام وسيطر على كل هذه المناطق المحيطة بالخليج , وظل اسمه الخليج العربي .حتى عام 1924 عندما تأمرت بريطانيا مع شاه إيران لخلع الشيخ خزعل عن إمارة الاحواز وإلحاقها بإيران , واعتقد النظام الإيراني أن الخليج صار فارسيا لان إيران تملك أطول شاطئ على الخليج , وسعت بكل جهدها مع المنظمات الإقليمية والدولية لاستخدام تسمية الخليج لفارسي بدل الخليج العربي .وحتى شركات الطيران لم تسلم من هذه المتابعة الإيرانية والضغط عليها لاستخدام التسمية الفارسية, وإلا حرمتها من المرور من أجوائها .

لقد استخدمت الأمم المتحدة تسمية الخليج العربي في المكاتبات مع الدول العربية , كما استخدمت التسمية الفارسية في المكاتبات مع دولة إيران حتى لا تزعج أي من الطرفين .أما منظمة التربية والثقافة والعلوم ( اليونسكو ) فقد استخدمت التسمية الفارسية بضغط من النظام الإيراني في غفلة من الأنظمة العربية اللاهية عن قضايا العرب كلها ومتفرغة لمتابعة الكسب غير المشروع وترضية الفاسدين.

الخليج العربي بحيرة عربية كما قلت, تحيط به كل من العراق والكويت وقطر والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والبحرين التي تقع فيه , إضافة إلى إيران .

ومع ذلك فان الأنظمة الإيرانية المتعاقبة تستهين بكل العرب وبالذات سكان دول الخليج العربي وتصر على تسمية الخليج بالفارسي , نسبة إلى القومية الفارسية التي لا تشكل أكثر من خمسين بالمائة من سكان إيران . أليست هذه قمة العنصرية ؟ ولماذا لا تسميه بالخليج الإيراني نسبة إلى إيران التي تشاطئ الخليج ؟ وإذا كان سكان إيران بحدود أل 70 مليون فعدد الفرس لا يتجاوز 35 مليون , وهذا العدد لا يساوي نصف سكان الدول العربية المتشاطئة مع الخليج العربي ؟.

قد يقول قائل لماذا هذا التعصب للقومية العربية ؟ لا ان التمسك بالحقوق والثوابت التاريخية ليس تعصبا , بل إحقاق للحق الذي ضيعه الحكام الذين ضيعوا قضايا العرب المركزية .وللأسف فان دول الخليج عندما شكلت مجلس التعاون أسمته ( مجلس التعاون لدول الخليج العربية ) , وليس مجلس التعاون لدول الخليج العربي , ومع ذلك فلم تراعي إيران مشاعر العرب عندما تصر على تسميته بالخليج الفارسي .

لا احد ينكر حق إيران في الخليج العربي كونها متشاطئة معه وتملك مضيق هرمز مع دولة الإمارات العربية المتحدة , ولكنها تنفذ أجندة توسعية في الخليج عندما احتلت الجزر العربية الثلاث ( طنب الصغرى وطنب الكبرى وأبو موسى ) منذ عام 1971 , وترفض التفاوض مع دول الخليج العربي بشأن الجزر , كما ترفض التحكيم الدولي , وإصرارا منها على فرض سياسة التوسع والهيمنة تصدر تصريحات بين فترة وأخرى من المسئولين الإيرانيين أن البحرين تابعة لإيران

وتحرض أبناء البحرين من الطائفة الشيعية على إسقاط نظام الحكم في البحرين وإقامة نظام جمهوري يتبع ولاية الفقيه في إيران , رغم انه لا احد ينكر حق أبناء البحرين في الحرية السياسية والمشاركة في الحكم . أضف إلى ذلك ما يجري في العراق من تدخل إيراني سافر وإذلال لأبناء الشعب العراقي انتقاما منهم , لأنهم جرعوا النظام الإيراني " كأس السم " أيام حكم خميني " .

لم تطرح إيران في يوم من الأيام على دول الخليج المشاركة في الخليج , على أساس أنها دول متشاطئة معها , ولم تطرح مقترحا حول تسمية الخليج , وقد سبق ان طرحت أفكار من البعض بتسميته ( الخليج الإسلامي ) للخروج من هذه الأزمة ؟ ولكنها تصر على تسميته بالفارسي وهي تسمية عنصرية بامتياز لأنها تنسب الخليج إلى قومية صغيرة قياسا إلى عدد العرب بعامة والى عدد سكان الدول العربية المتشاطئة مع الخليج .

البعض يدافع عن إيران كونها تناصر العرب , وهذا مثل الذي يقدم الفتات لينال الرغيف كاملا .ومن يدعي الإسلام والحرص على المسلمين لا يجوز أن يجزئ القضايا وينظر إليها نظرة مزدوجة ويكيلها بمكيالين .ومن مجمل التصرفات والتصريحات الإيرانية نخرج بنتيجة مفادها أن النظام الإيراني لا يكن الود للعرب بدليل انه يحرص على إبقاء كل ما يسئ إلى العرب , كحرصه على إعلاء مقام ( أبو لؤلؤة ) قاتل الخليفة الثاني عمر ابن الخطاب ( رضي الله عنه ) , بل وعد زيارته تقربا إلى الله , ولا أدري أية شفاعة لقاتل مهما كان أعتقاده ؟ ومن يريد المصالحة مع العرب لا يفتش عن منغصات لإفساد هذه العلاقة.

وبضغط من إيران أجرت شركة ( غوغل ) استفتاء على تسمية الخليج , أن هو عربي أم فارسي .وقد كانت نتيجة التصويت حتى الأسبوع الماضي 65 بالمائة لصالح التسمية الفارسية , وهذا يؤشرا لحشد الإيراني من أجل كسب هذا الاستفتاء لكي تجبر شركة غوغل على استخدام تسمية الخليج الفارسي بدل العربي .

ومقابل هذا الإصرار على تغيير التسميات التاريخية من قبل إيران , فان العرب مطالبون بان ينتصروا لقضاياهم , وخاصة أبناء دول الخليج العربي . واحسب لو أن الاستفتاء على مطرب في ستار أكاديمي لكان التصويت بغير هذه النسبة. فهل يستفيق العرب من سباتهم ويستعيدوا حقهم التاريخي ؟ .

سواء كانت النتيجة لصالح التسمية الفارسية أم لا , فلن يغير ذلك من الحقائق التاريخية في شيئ , وسوف يقيض الله من يعيد للعرب حقوقهم في قابل الأيام .