شبكة ذي قار
عـاجـل










إذا كانت الشعارات والأهداف والفكر النظري المعبر عن الأيديولوجية عوامل تضع هوية الحزب أو الحركة السياسية موضع المحاكمة والقبول والرضا، ومن ثم الانتماء, من قبل الجمع الشعبي أو النخب التي يخاطبها الحزب فان استلام السلطة واللعب في ساحتها تعتبر هي لحظة الحقيقة الفاصلة بين القول وبين الفعل, والمسافة الفاصلة بين القول وبين الفعل هي التعبير الأدق والأصح عن الهوية السياسية بشقيها النظري والعملي وهي الفيصل الذي يقطع رقبة الشك باليقين بين الادعاء والحقيقة.

 

قدم حزبا الدعوة الإسلامية والحزب الإسلامي العراقي نفسيهما إلى الجمهور على إنهما حزبين دينيين احدهما يتوسل الولاء لشيعة أهل البيت ومحبتهم ويتوسل أيضا الدفاع عن شعائر عاشوراء التي توحي ظاهريا بتمجيد ثورة الإمام الحسين بن علي عليه السلام وبإبقاء جذوة شهادته متقدة على المدى كما يزعمون واعتبارها شعائر إسلامية مقدسة يخرج من لا يمارسها أو يدعمها أو يواليها من ملة محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم  تماما، كما أن مَن يمارسها وهو ليس في حزب الدعوة فان أجرها وثوابها لن يُقبل لأن حزب الدعوة هو قناة الوصل بين الممارس وبين الإمام عليه السلام ومن ثم فانه هو قناة الاتصال بين الإمام وشيعته وبين الله سبحانه وتعالى هذا إن لم يصل بعض دهاقنة الدعوة إلى ادعاء  أخطر أنهم واسطة مباشرة بين العبد وبين الله سبحانه. ثم في حلقة تطور أخرى قدم الدعوة نفسه للناس على انه يمثل حق الشيعة في التمثيل السياسي وفي استلام السلطة أو المشاركة بها على أساس إن أية مشاركة شيعية لا تتم إلا عبر تمثيل سياسي طائفي وكل ما سواها خروج عن المذهب والدين. باختصار شديد أعطى حزب الدعوة لنفسه صفة صكوك غفران مارتن لوثر وأعطاها قدسية لا أحد يعرف مصدرها.

 

الحزب الإسلامي العراقي هو الآخر أعطى لنفسه قدسية تتعكز على الإيحاء بأنه يمثل السنة النبوية الشريفة ويحمل مفاتيح الصلة بين أهل السنة وبين رب العزة جلّ في علاه. تشكيل طائفي اخر يتوسل ولاء الإنسان إلى ربه عبر مذهب أو مذاهب إسلامية كريمة ليكسب الناس ويؤطرهم ضمن خلاياه التنظيمية لأنه لا يمتلك الفكر ولا الممارسات التي تجعل الناس تؤمن به كحزب أو حركة سياسية فصار التستر بالدين هو حلقة الكذب والنفاق الأولى التي سقط بها.

 

إذن, الدعوة والإسلامي, كلاهما قدم نفسه للناس على انه حزب ديني يمثل طائفة ويمتلك قدسية دينية أعطته مفاتيح الولوج إلى عقول مَن صدقوا بأن هذين الحزبين وكل على شاكلته وتشكيله الطائفي هما مَن سيقيم حكم الله في الأرض.. أحدهما ضمن إطار نظرية ولاية الفقيه وتعديلاتها والثاني ضمن أطر الخلافة الإسلامية المعروفة.

 

يوم زهق الباطل

السقطة الأولى أو قل أنها الخطيئة التي قصمت ظهرَي الحزبين هي قبولهما بالتعاون مع الاحتلال الأمريكي سواءا في مرحلة الإعداد للغزو أو بعد يوم 9-4-2003 لا فرق. إن التعاون والاستقواء باليهود والنصارى دينيا هو أمر محرم بنصوص صريحة في القرآن الكريم ((يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا)) ( النساء آية 143) و((يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين)) (المائدة آية 56) و((لن ترضى عنك اليهود والنصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من ولي ولا نصير)) ( البقرة آية 119) و غير ذلك عديد من نصوص مقدسة صريحة لا تحتاج إلى فقه تفسير أو تشريع مذهبي كلها تجعل ممن يتخذ اليهود والنصارى وليا فانه سيصبح منهم ولن يدفع عنه كفره وشركه أي ادعاء). ونحن هنا نضع جانبا العوامل الوطنية والإنسانية التي تحرم هي الأخرى التعاون مع الأجنبي لاحتلال البلد وتدميره من أجل إسقاط نظام واستبداله بنظام من المتعاونين مع القوى الخارجية في الوقت الذي نشير ببساطة إلى قانون الإسلام العام المعبر عنه بآيات بينات في القرآن المجيد. إذن, تهافت حزبي الدعوة والإسلامي على السلطة على ركام عراق دمرته الصواريخ والطائرات وسحقت أبناءه الدبابات الأمريكية ومعها قوات عشرات الدول وأموال عشرات مضافة وعلى معطيات حصار شامل ظالم لم يرَ تاريخ البشرية له مثيل، دام 13 عاما مدعوم بعدوان عسكري متواصل فأنتج ملايين من الأميين وأنصاف المتعلمين والمرضى والجياع وملايين المهجرين هربا من أوضاع اقتصادية سحقها الحصار حتى صار سعر الدينار العراقي لا يساوي شيئا بعد أن كان أقوى عملة في المنطقة كلها، وكانت الأحزاب التي تدّعي الدين والمذهب أطرافا محرضة ومساندة لهذا الحصار من أجل أن تضع شعبنا بين خيار الموت أو الموت وصولا إلى حلق القناعة الشعبية السائدة .. مَن يرى الموت يقبل بالسخونة ...ثم تعاطي هذين الحزبين مع العملية السياسية التي أنتجها الحاكم المدني بول بريمر في أسابيع الغزو الأولى وضلوعهم عبر ميليشيات ومجاميع موت في إراقة دماء ملايين العراقيين وتهجير واعتقال الملايين من غير ذنب تضعهما في موضع العداء للدين لان القتل وإيذاء الناس بدون ذنب محرم إسلاميا ومَن يمارس المحرمات في الإسلام فهو غير مسلم.

     كلا الحزبين فتحا الأبواب مشرعة لكوادرهما لممارسة الفساد والإفساد عبر تهافت غير مسبوق للإئراء بمال حرام يأتي عن توزيع مقاولات وهمية وقوائم رواتب وهمية وإشغال مناصب في الدولة بشهادات مزورة واستلام رواتب خيالية بدون تقديم الخدمة العامة التي يُمنح الموظف عليها الراتب. هذا فضلا عن السرقة المباشرة لأموال الدولة والاستيلاء على عقارات مختلفة لمواطنين أو للدولة وتسجيلها باسماءهم وأسماء أولادهم والاتجار بالمواد الفاسدة والرديئة ومن منافذ رديئة والارتزاق من الاحتلال عبر تزويده بمعلومات وتقارير تتجسس على العراقيين وتشي بالشرفاء والأخيار و ممارسة تجارة الموت حيث يستلم كل عضو من أعضاء فرق الموت مبالغ محددة ومعرفة عن كل إنسان يقوم بقتله ... وغير ذلك آلاف من وسائل جني المال الحرام والسقوط في براثن الرذيلة هي الأخرى عوامل إخراج من الدين لأنها كلها تتعارض مع شرائع وقيم ديننا الحنيف وسنة نبيه الكريم ...

 

كل هذه الممارسات الميدانية تسقط الادعاء العقائدي النظري في أوحال الكذب والنفاق والتزوير وتضع حزبي الدعوة الإسلامية والحزب الإسلامي العراقي في خانات الكفر والفسوق والفجور والرذيلة، وفضحت تماما زيف وكذب وتستر هؤلاء المرتزقة الفاجرين بالدين الحنيف وبمذاهب الإسلام الكريمة. واليقين إن شعبنا العراقي العظيم في كل أرجاء العراق قد اسقط الستار الديني الطائفي عن هذين التجمعين والبؤرتين الفاسدتين ولم يعد احد ينخدع بمناوراتهما وانفض معظم من خدعتهم الشعارات الدينية والطائفية ونفضوا أيديهم نهائيا من نجاسة الأنجاس.

 

وسقطوا ميدانيا:

منذ يوم 9-4 الأسوَد والى يومنا هذا تعاون كادر الدعوة  والإسلامي على إدارة العملية السياسية تحت حماية وتوجيه أميركا إلا أن مخرجات العملية السياسية والاقتصادية والاجتماعية لم تفصح إلا عن فشل ذريع ولم يرَ العالم في دولة الديمقراطية الجديدة التي أنتجتها حوافر المارينز والقوة الأمريكية الغاشمة سوى مظاهر فساد جعلت العراق يتقدم بأشواط في سجل الانهيار الأخلاقي في جانبي الإدارة والمال. وفشلت دولة الديمقراطية الأمريكية في بناء مؤسسة واحدة محترمة على أنقاض مؤسسات العراق المغدورة، ولم تتمكن من إعادة الروح إلى أي خط من خطوط الخدمات التي لا يمكن أن توصف دولة ما بأنها دولة ما لم تكن قادرة على تقديمها لابناءها.. لا ماء ولا كهرباء ولا خدمات بلدية ولا صحية، وان الموجود الآن هو الجزء المتبقي مما لم يدمره الاحتلال وحزبي الدعوة والإسلامي وربهم المحتل من بقايا دولة العراق الوطنية. لقد تحول الدعويون إلى تجار سحت حرام وقتلة وتحول الإخوان العراقيون إلى شهود زور وخيالي مآتة تحت بساطيل الأمريكان من جهة، وتحت خلفيات الدعوة من جهة أخرى لضمان مشاركة خاوية في حكومات العار الاحتلالية حتى ليظن المرء ان هذين الحزبين هما حزبان مجرمان بالفطرة وفاجران فاسقان بالسليقة بل هما حزبان لكفرة مشركين لا دين لهم .

 

هكذا يكون عملاء الاحتلال قد فقدوا حجابهم المقدس الذي حملوه لإغواء وإغراء البسطاء والمغرر بهم والمظللين من أبناء شعبنا، وسقطوا في أوحال الخيانة حيث فقدوا كل أنواع الشرف وسحقوا كل القيم وأضاعوا كل الأخلاق من أجل سلطة لا قدرات لها سوى القتل والنهب والسلب والفساد والإفساد. وفقدوا أي احترام أو هيبة بعد أن اثبتوا أنهم ليسوا أهلا لقيادة وإدارة الدولة.

 

بعد هذا ... هل يستطيع المالكي عن دعوة العمالة والسامرائي عن الإسلامي المنافق أن يعطوا للعراقيين وللعالم تعريفا لمعنى العلمانية التي يشتمونها لإثبات إسلاميتهم؟ هل بوسع احد هؤلاء القردة الخاسئين أن يمسح عن جسده عار الخيانة وذل العمالة ليعلن عن أن أحزاب العراق الدعية المتبرقعة بالإسلام وبالمذاهب ما هي إلا عصابات ومافيات وفرق ارتزاق بالقتل، وكل عضو فيها لا يمكن أن يتجاوز التمثل بأبي لهب؟ أنهم محض فراخ ضفادع أنجبها زخ رصاص الاحتلال وستنفق مع رحيله, وهو راحل لا محال بفضل جهاد العراقيين الشرفاء وفعل مقاومتهم المسلحة الباسلة بإذن الله جل في علاه ..

 

 





الاثنين٠٨ رمضـان ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٨ / أب / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أ.د. كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة