شبكة ذي قار
عـاجـل










كنا سابقا نسمع كثيرا عن البطالة المقنعة أيام ما قبل غزو القطر وتدمير مرتكزات نهضته حيث يتم تعيين كل عراقي وخصوصا الخريجين منهم حتما وحسب نظام التعين المركزي والانسيابية في دوائر الدولة وحسب التخصص العلمي والكفاءة وحتى العاجز والمتخلف عقليا كان يصرف له راتب في دوائر الضمان الاجتماعي, وكان التعيين في بعض الدوائر يزيد عن الحاجة الفعلية بكثير فيبقى الموظف بلا عمل يمارسه بينما يحاول مدير الدائرة إشغال جميع الموظفين عن طريق توزيع العمل الذي سرعان ما ينتهي ويبقى الموظف بلا واجب يؤديه فكثر استعمال مصطلح البطالة المقنعة في الدوائر وأصبحت هذه الظاهرة في وقتها مؤشر سلبي ينبغي معالجته ، وحين وضعت الخطط الإنمائية الانفجارية التي استوعبت كل شباب العراق من الجنسين بل واستقطبت الأيدي العاملة العربية والأجنبية وبمختلف الكفاءات والمستويات العلمية وبأعداد كبيرة دفعت بالقيادة الوطنية حينها إلى إلزام الشركات المعاملة في القطر ببناء مساكن لمنتسبيها وفي هذا دلالة واضحة على حجم الاستقطاب السكاني والأيدي العاملة الذي حصل في القطر وأسبابه .


ما بعد الاحتلال وبقدرة تحالف الاحتلال الذي قاده قراصنة العصر الأمريكان وإرادته شحت الدرجات الوظيفية وفرص العمل حتى في القطاع الخاص وتكاد تكون معدومة لتذهب سنوات التعب الدراسي هباء " على الرغم من أن القطر أصبح طاردا للسكان بارتفاع أعداد المهاجرين العراقيين وخلو القطر من الأجانب عدا المليشيات الأجنبية والمرتزقة في الشركات الأمنية " فلا يجد الشاب المتخرج حديثا فرصة عمل يسترزق منها لبناء مستقبله ويوفر لقمة لمن انتظره طول العمر ليرى جهوده تثمر إلا إذا استحصل تزكية من رجل دين أو من إحدى تكتلات سلطة الاحتلال ودكاكينها وبرشوة عالية بينما صارت ظاهرة البطالة المقنعة واسعة الانتشار بين أرباب المناصب العالية في حكومة الاحتلال على كثرة الاستحداثات التي حصلت لها لأنها فرصة مناسبة لهم لتقسيم غنائم النهب والسلب من قوت الشعب المظلوم فيما بينهم كما في رواتب ما يسمونها رئاسات في دولة عراق الاحتلال تفوق ميزانية دولة متوسطة في كثافتها السكانية .


ما دعانا إلى هذا وفق اغلب القوانين والأعراف الدولية إن الإنسان إذا انتهت خدماته في المناصب المتقدمة لدوائر الدولة فانه بالتأكيد يحال إلى التقاعد في راتبه الأساس أي راتب تحصيله الدراسي وما يتناسب مع سنوات خدمته وفي أفضل الحالات قد يضاف إليه شيء ما تحت تسمية مخصصات أو شيء من هذا القبيل أو يعاد إلى درجته الوظيفية السابقة , ولكننا نجد أنفسنا أمام حالة مختلفة مع أعضاء حكومة الاحتلال في العراق سواء في المناصب التنفيذية أو التشريعية , فعلاوة على ما سرقه من منصبه يخصص له راتب خيالي لا يخضع لمقاييس خدمة الموظفين في دستور الاحتلال لجمهورية العراق تجاوزا على نفس الدستور غير ما يخصص له من أفراد كحماية شخصية رغم أنهم يدعون أنهم منتخبين من الشعب بمعنى أن من انتخبهم أولى به أن يوفر لهم الحماية , ولا نجد تفسير لهذه الظاهرة غير إن نسميها استفحال لبطالة سياسية مقنعة واستنزاف المال العام ناهيك عن الترهل فيما يسمونها وزارات حيث إن أكثر من خمسة عشر وزيرا فائض عن الحاجة بلا وزارة ويعلم الله كيف يقضون يومهم وما هي الواجبات التي يحاولون انجازها غير حل الكلمات المتقاطعة أو ربما يقضون شهرهم في عد رواتبهم المبالغ فيها ارضاءا للمحاصة السياسية والطائفية وهذا باب آخر يعملون على جعله سبب إضافي لازمة جديدة تبرر إخفاقاتهم أمام الشعب في تلبية حاجات المواطن وخلافاتهم المستمرة على تقاسم الكراسي.


المهم في الأمر إن ميزانية العراق تذهب بنسبة تقارب 80% كرواتب في دولة استهلاكية من الدرجة الأولى وتقدمت كافة دول العالم في الفساد المالي والإداري فلا زراعة ولا صناعة كشرطين لابد منهما للنهوض باقتصاد الدولة وأصبحنا نعتمد بعد أن دمرت معاملنا على الصادرات النفطية في حين أخفيت عائدات الدولة من تصدير الفوسفات والكبريت التي كانت تشكل صادراتها عائدا مهما لخدمة اقتصادنا ولا احد يتحدث عنها في حين نلاحظ أن إنفاق ما تبقى من الأموال يبتعد عن المشاريع الإنمائية والخدمية ويقتصر على بناء مشاريع ترفيهية غير مطلوبة لا تخدم المواطن ولا تخدم اقتصاد الدولة وتم تحويل القطر من بلد يكاد يكون قد حقق الاكتفاء الذاتي زراعيا وصناعيا خصوصا في فترة الحصار الذي فرضته أمريكا على شعبنا أو في اقل تقدير متعادل في ميزانه التجاري إلى بلد مستهلك ومعتمد كليا على الاستيراد لا بل أن بلاد الرافدين صارت تستورد من دول الجوار المياه الصالحة للشرب .


حقيقة الأمور أن ذلك طبعا يجري وفق تخطيط ومنهج يستهدف الشعب العراقي وألامة العربية معد منذ عشرات السنين وهو جزء من لعبة الصراع المتشعب القائمة ولن تنتهي في المنظور القريب بل أنها تزداد تعقيدا مع تطور أساليب مقارعة الاحتلال فتظاهرات ساحات التحرير صعدت من حدة خلافات العملاء لمزيد من خطف الأنظار كي يتمكنوا من تمرير المشاريع الخطرة كتمديد اتفاقية الذل وبقاء قوات الاحتلال لفترة إضافية أخرى بينما تتصاعد أصوات العملاء الصغار في المحافظات لتقسيم القطر حتى صار الشعب يغرق في معاناته بينما هم يرتعون في وادي بعيد آخر.


أنهم جميعا يدركون إن بقائهم مرهون بوجود المحتل الذي جاء بهم ويدركون جيدا إن الشعب العراقي بكل أطيافه وتحت إي ظرف لن يتقبل المحتل وعملائه لكن لا حيلة لهم فهم بين سندان المحتل ومطرقة الشعب وليتمتعوا بسرقاتهم إلى حين فقد لا يجدون مثلها غدا .

 


Iraq_almutery@yahoo.com

alqadsiten@yahoo.com

 

 





الجمعة١٢ رمضـان ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٢ / أب / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عراق المطيري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة