شبكة ذي قار
عـاجـل










مقدمة :


ليس غريباً أن يدين الإنسان نفسه وهو يعلم ، ولكن الغرابة كلها حين يدين الإنسان نفسه وهو لا يعلم بأنه يدين نفسه بنفسه !!
قال المالكي في مقابلة تلفازية يوم 11/8/2011 ، هناك قرار تعطيل في مفاصل الدولة ، يشمل البرلمان والوزارات والكتل النيابية الممثلة لأحزابها .. وإن هذا القرار في محصلته لا يسمح بإنجاز مشروعات مهمة للبلد، وخاصة الكهرباء والزراعة والإعمار والأمن إلخ . !!


هل ترون ... رئيس وزراء يعترف بوضوح وصراحة بأنه (طرطور) ليس لديه ما يفعله وهو مسئول عنه وعن إنجازه أمام الشعب ، وليس بمقدوره حتى أن يسمي هؤلاء الذين يعطلون، سواء كانوا أشخاصاً أو أحزاباً أو منتمين لتيار أو وزراء ، ويصعب عليه من ثم مجابهة من يعطل الحياة العامة التي تمس متطلبات الناس الحياتية من خلال دائرة المسؤولية القضائية طالما تبجح بوجود عناوين رنانة وضخمة مثل ( القضاء النزيه، والقضاء الدستوري، وهيئة نزاهة، والفصل بين السلطات، والدستور الفيصل الحكم في كل أمور التناقضات والصراعات والتنافسات ، فضلاً عن ما يسمى المحكمة الفيدرالية والسلطات الفيدرالية تشبهاً بالهيكل الدستوري الأمريكي .. إلخ ) !!


فمنذ ثمان سنوات وقرار تعطيل المشاريع أنفة الذكر ساري المفعول، ولا شيء قد تحقق على أرض الواقع سوى الدم والإذلال والجوع والمرض والموت .. فأين هي إذن مسؤولية ( دولة القانون ) حين يعترف رئيس وزرائها بكل صراحة عن قرار التعطيل ؟!


دعونا نحلل ما تفوه به المالكي في المقابلة موضوع البحث :


1- يؤكد الحديث على أن القوى التي تعمل في نطاق المنطقة الخضراء متشابكة بعضها مع البعض الآخر في صراعات ونزاعات لن تستقيم أبداً، بل تتصاعد كلما تصاعدت الأزمة السياسية بين أطراف العملية السياسية من جهة، والأزمة الكبرى القائمة بين الشعب العراقي العظيم وبين الاحتلال الأمريكي الغاشم والتدخل الإيراني السافر في الشؤون الداخلية للعراق من جهة أخرى.


وهذا التشابك بكل أبعاده يضم بين ظهرانيه لعبة قرار تعطيل الحركة العامة في البلاد كما يقول (المالكي) !!


2- يؤكد أن لا مشاريع أنجزت، ولا خدمات قدمت، ولا إنجازات كرست ، الأمر الذي أدى إلى كوارث على مستوى الإنسان والمجتمع والبيئة الطبيعية بكل تفاصيلها المخيفة .


3- يؤكد على أن الاحتلال الأمريكي، لا يعنيه شيئاً من كل هذا ، لا الإنسان ولا المجتمع ولا البيئة التي أصابها التلوث والدمار، إنما مصلحته في تأمين (النفط) وتأمين (جريانه) المستمر بأسعار زهيدة والعمل على تعزيز مخزونه الإستراتيجي من هذا النفط إضافة إلى حقن الآبار الأمريكية الخاوية لضمان الحاجة الاستهلاكية المتزايدة ولعقود قادمة ، لأن ما يستهلكه المجتمع الأمريكي من النفط ومشتقاته يفوق أضعاف ما تنتجه أمريكا من آبارها .. ولما كانت أمريكا وما تزال إمبريالية من الطراز الأول ، فقد بلغت القمة وهي الآن تنحدر إلى السفح - كما قال الشهيد صدام حسين رحمه الله – فأن محاولاتها إنعاش وضعها بمزيد من النهب الإمبريالي لثروات الشعوب، ومنها على وجه الخصوص النفط، هي محاولات مفضوحة تماماً وتتحمل كامل المسؤولية في المستقبل .


4- يؤكد ، بما لا يقبل مجالاً للشك لدى المواطن العراقي ، بأن عناصر العملية السياسية وكتلها النيابية لا تكترث إطلاقاً بما حل بالعراق أرضاً وشعباً ، وإن جل اهتماماتها تنصب على النهب السريع وتصدير الأموال واكتنازها في الخارج، وتوسيع دائرة النفوذ، واقتراح مشاريع وهمية مختلفة مع شركات أجنبية وهمية ، الهدف منه واضح هو النهب وإيهام الرأي العام بما تكتبه صحافة الحكومة العميلة حول خطط المشاريع التي لم ولن ترى النور أبداً .


والآن ، ماذا يعني كلام (المالكي) كشخص في دائرة المسؤولية ؟!


5- إن إقرار " المالكي" بوجود ( قرار تعطيل في مفاصل الحكومة يتفق عليه الفرقاء المعنيون بالعملية السياسية)، وهو في موقعه كرئيس وزراء، ومسئول مسؤولية مباشرة عن أي خلل أو أي إشكالية تحدث، فإنه يضع نفسه في دائرة الاتهام كمختلس ومجرم بحق الشعب العراقي، كما أن اعترافه هذا وهو في موضع المسؤولية يضعه في صفة (الطرطور) الذي لا يستطيع أن يفعل شيئاً أو يصرف شؤون مسؤولياته، وعاجز وغير قادر على أن يسود ويقود .


6- ولكن " المالكي " هو جزء من (الخبطة) التي تحكم، وهو جزء مهم من قرار التعطيل الذي يتحدث عنه، وجزء مهم من عمليات الاختلاس والنهب المنظم، وجزء حيوي من حملات التصفيات بكواتم الصوت، وجزء حيوي من احتكار السلطة القمعية باسم الديمقراطية الأمريكية وديمقراطية ولي الفقيه، وجزء حيوي يكرس السجون السرية ، كما هو رأس التعطيل الذي وصفه بامتياز !!


7- وبالقدر الذي يتصف به "المالكي" بالازدواجية لكل من أمريكا وإيران، ولكن يجب أن لا ننسى أن إيران في آخر المطاف ملاذه الوحيد ، وكذا الأمر بشأن الخط القيادي الأول لكل الأحزاب الطائفية، التي تحكم، فأن ملاذهم الوحيد إيران .. فيما يكون ملاذ الآخرين من حلقات قيادية أخرى وحسب جنسياتهم وجوازات سفرهم، الفرار إلى العواصم التي ترعاهم .


الخلاصة :

ما كان يرمي إليه "المالكي" هو دفع التهمة عنه وإحالتها إلى أطراف لعبته السياسية التي أوشكت على الانتهاء، لأن قواعد اللعبة ليست بيد "المالكي" ، كما أنها ليست بيد أطراف عمليته السياسية المتهالكة، ولا كلها بيد أمريكا ، ولا كلها بيد إيران .. إن الأمر يؤل للشعب العراقي ومقاومته الباسلة، التي لديها إمكانية التحكم في الفعل المقاوم .. والشيء الذي يمكن أن يقدم لأعضاء البرلمان والحكومة وغيرهم من الحلقات الدنيا أن تعيد النظر بارتباطاتها عسى أن تخفف عنهم أعباء الاتهامات وقسوة القصاص .. إنه الشعب العراقي أيها الأغبياء !!

 

 





الاحد١٤ رمضـان ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٤ / أب / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة