شبكة ذي قار
عـاجـل










أثار مسلسل ( الحسن والحسين ) زوبعة كبيرة في المنطقة الخضراء ، مما دفع حكومة ( القامّة والزنجيل ) إلى أتخاذ قرار يمنع بث المسلسل على القنوات العراقية ، على أعتبار أنه يثير الفتنة الطائفية ويشوه التاريخ!!، السؤال الذي يطرح نفسه ، كيف تثار فتنة طائفية بسبب عمل فني يعكس واقع العلاقة الطيبة والمتينة بين الصحابة وآل البيت ( رض ) ؟!، فمن البديهي أن طرح هكذا صورة إيجابية ( وهي بلا شك واقعية ) تقرب من وجهات النظر بين أفراد المجتمع الأسلامي وتخفف من حدة الخلاف القائم منذ زمن طويل ، وعلى من يريد أن يجمع شمل المسلمين ويوحد كلمتهم أن يدعم هكذا أعمال ويشجع على بناء ما هدمته معاول الحاقدين منذ ظهور عبد الله أبن سبأ وأنتهاءاً بالخميني وأتباعه ( لا غفر الله لهم أجمعين ) ، لكن كما هو واضح أن هناك من يتاجر بالطائفية ، فلولا الطائفية ما وجد ( حرامية ) المنطقة الخضراء لهم كراسي يجلسون عليها ، وما أصبحت لهم حسابات مصرفية بالمليارات بعد أن كانوا لاهثين خلف الفضلات ، أما القول بأن هذا المسلسل يشوه التاريخ فلي معه وقفة.

 

المعروف أن الأعمال الفنية أصبحت مصدراً مهما لحفظ التاريخ ، والتشويه الذي يمكن أن يلحق التاريخ يتم من خلال تناول حقبة زمنية بغير حقيقتها ، مثل المسلسلات التي تعرضها قناة البغدادية والتي أعتمد فيها المؤلف على كلام يدور في الشارع وآراء شخصية متأثرة بعوامل طائفية أو حزبية ، وهذا هو التشويه المتعمد للتاريخ ، ورغم أن التشويه يكون مكشوفاً أمام من أدرك الفترة التي يتناولها العمل الفني بسبب التصادم الحاصل مع الواقع والشواهد الموجودة ، إلا أن الأجيال القادمة ستقتنع بما يطرحه العمل الفني خصوصاً عندما تهمش الشواهد أو تفسر بغير حقيقتها ، وهذا لا يمكن أن يحصل مع تاريخ آل البيت والصحابة ( رض ) فالشواهد ومنها روابط المصاهرة التي كانت تجمعهما أكبر من أن تهمش أو تأخذ غير تفسير واحد ، بالإضافة إلى وجود عدد كبير من المصادر الموثوقة والمتطابقة في المحتوى والتي تكون أقرب للواقع وأصدق من روايات المخالفين التي تختلف من مصدر لآخر.

 

لو فرضن ( جدل ) أن هناك خلاف بين آل البيت والصحابة ( رض ) كما يصر الطائفيون على وجوده ، فلماذا علينا أن نعيش فيه ونغذيه للأجيال القادمة مادام فيه خلاف وفرقة المسلمين؟!، أليس من الأصلح أن نتجاوزه بدلا من صب الزيت على النار من أجل الحفاظ على بيضة الأسلام على أقل تقدير ، وأذا كانت الحقيقة التاريخية أكثر أهمية من وحدة المسلمين لماذا لايطبق ذلك على الطائفة أيضاً ؟!، وتكون قضية الخلاف الكبير والعداء بين الخميني الخوئي وما خلفت من أنقسامات بين المؤسسة الدينية الشيعية مسألة مطروحة بدلا من التستر عليها خوفاً على وحدة الطائفة!!، وحتى لايقول أحد أن خلاف الصحابة مع آل البيت ( رض ) بسبب الولاية والخلافة وهذا يدخل في صميم المعتقد ، فأن خلاف الخميني مع الخوئي ايضاً سببه الولاية وزعامة الشيعة وهذا يدخل كذلك في صميم المعتقد!!، فلماذا ذاك حلال وهذا حرام؟!، على أية حال ، لو كان مسلسل الحسن والحسين أنتاج إيراني ويطعن بالصحابة وأمهات المؤمنين ( رض ) وينتقص من العرب لما قالوا عنه يثير الفتنة ، بل لأتخذوا منه مصدراً مقدساً يحاججون به الناس!!، كما هو حالهم مع المسلسل ( الإيراني ) المختار الثقفي الذي ينتقص من العرب بشكل واضح ، ومع هذا ما قال أحد أنه يثير فتنة قومية!!، وأتوجه لكل ( طائفي ) أرعبه مسلسل الحسن والحسين وأطرح عليه سؤال ، هل أندثرت الفتنة الطائفية عندما عرضت إيران ( مهزلة ) يظهر فيها عمرو بن العاص عارياً في معركة صفين؟!، وهل الطعن بالصحابة وأمهات المؤمنين ( رض ) سيجمع شمل المسلمين ويوحدهم!!، أما أذا كانت الفتنة الطائفية التي يقصدونه ( الجماعة ) هي داخلية ، أي داخل الطائفة ، فهذا بحث آخر ، فمن وجهة نظري الشخصية أن لهم الحق أن يخافوا من الحقيقة التي يطرحها هذا العمل الفني ، لأنه ينسف ما يدعوه ، فالباطل يكون هش ( لأنه مبني على أساس باطل ) ، والهشاشة لاتصمد أمام نسمة هواء فكيف يكون حالها وهي تواجه إعصار كمسلسل الحسن والحسين!!، فهذا المسلسل ينقل صورة منطقية عن واقع الحال في تلك الفترة ، ويوضح جميع الأمور التي لاتجد لها تفسير مقنع في روايات أتباع إيران ، كما أن هناك جانب مهم سيلفت له الأنظار ، فالمسلسل لم يطعن أو ينتقص ( لاسامح الله ) في آل البيت ( رض ) ، بل نقل الصورة الحقيقية والمشرفة عن ريحانتي رسول الله ( أفضل الصلاة والسلام عليه ) ووضح موقف وحكمة الأمام علي ( كرم الله وجهه ) في مواجهة الفتنة ، وهذا سيترك علامة أستفهام كبيرة تتبع سؤال سيطرحه المنخدعون بالإعلام الطائفي ، أين هم المبغضون لآل البيت ( رض ) والناصبين لهم العداء؟!، وهذا هو بالضبط ما يخشاه أصحاب الدعوة الطائفية ، فعندما يفيق البعض من الغفلة وتتضح لهم الصورة الحقيقية فأن هذا يعني خسارة يتكبدها دعاة الطائفية!!،

 

ولهذا منع الطائفيون عرض هذا المسلسل ، وهم بلا أدنى شك سيحاولون أيجاد الرد الذي يجعل الغمامة باقية أمام أنظار المنخدعين ، ولا أستبعد أن تصدر فتوى سيستانية تحرم متابعته ، وعلى ذكر السيستاني فقد تلقى الطائفيون صفعة كبيرة عندما تجاهل المنتجون للمسلسل مرجعية السيستاني ولم يطلبوا رآيه بالموضوع ، بالعراقي يقال ( لبسوه ) !!.   

 

 

بلال الهاشمي

باحث في الشؤون الإيرانية والتاريخ الصفوي

http://bilalalhashmi.blogspot.com/

alhashmi1965@yahoo.com

١٦ / أب / ٢٠١١

 

 





الاربعاء١٧ رمضـان ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٧ / أب / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب بلال الهاشمي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة