شبكة ذي قار
عـاجـل










يتفق المحللون والسياسيون مع الشعب العربي على أن ثورة تونس الغراء كانت انفلات من الطوق الغربي الذي فرضه على امتنا طيلة قرون سوداء مضت حيث كانت ثورة مفاجئة للجميع في التوقيت والسبب والنتيجة وعفوية في طريقة انطلاقها وانفلتت من تبعية النظام الرسمي العربي للقيادة الغربية والسرعة العالية في حسمها رغم كل المحاولات الخبيثة التي جرت لاحقا للالتفاف عليها والانحراف بها من خلال دس مجموعات انتفاعية عميلة تحت عناوين مختلفة للتسلل إلى مركز صناعة القرار فيها وشرذمتها وتحويلها إلى صراع بيني داخلي ، تلتها ثورة شعبنا العربي في مصر العروبة وقد نجحت في تحقيق أهدافها في إسقاط نظام حكم الظلم والحمد لله ، وللأمانة التاريخية فان الثورتين كانتا نقطة انطلاق حقيقية لنهوض الأمة العربية الجديد بالتواصل ألصميمي في عمقها مع ثورة الشعب العربي في العراق مع خصوصية كل منها بين ثورة تقاوم محتل في العراق وثورة للخلاص من عميل للأجنبي في تونس ومصر وبذلك أثبتت امتنا رفضها لكل نظريات التفتيت التي وضعها الغرب لها وأنها واحدة في معاناتها وواحدة في أهدافها وان الدم الذي يجري في عروق أبنائها من الخليج إلى المحيط هو واحد لا يقبل التقسيم أو التهجين ولن يتبدل أبدا ولن تنفع في تلويثه خباثة الخبثاء ولن تستطيع أي قوة في العالم مهما بلغت من تجزئة امتنا العربية وان ما حصل ويحصل أمر طبيعي جدا لما مرت به من ظروف قاسية نتجت عن ممارسات سلطات الاحتلال وبطش أنظمة الحكم العميلة لان ليل الظلم لا يمكن أن يستمر ولم تتوقف الثورة عند الأقطار العربية الثلاث فحسب بل ظهر كما هو معروف للجميع حراك شعبي في مجموعة غير قليلة من الأقطار العربية منها اليمن والسودان وليبيا والبحرين وسوريا ولكل منها خصوصياتها من حيث الأهداف والدوافع والبقية تأتي تباعا ولا يهمنا هنا الحديث عن أنظمة الحكم فيها وطنية كانت أم عميلة لجهة أجنبية لأننا لسنا في صدد تقوم النظام الرسمي العربي بل أن ما نبحث عنه هنا الموقف الشعبي الثوري العربي وطريقة الحفاظ عليه من الانحراف لخدمة المشاريع الغربية ودورنا في كأمة في ارتداد تلك المشاريع وانهيارها.


لو رجعنا إلى فترة حكم رئيس مصر المخلوع حسني مبارك فلم نجد أن أحدا ما ممكن أن يخدم الامبريالية العالمية في تنفيذ برامجها في منطقتنا العربية أكثر منه ولن نجد يهوديا صهيونيا أكثر من ذات الصهاينة غيره ومعه أركان حكومته ومع كل خدماته لهم لم يترك التمسك في كرسيه إلا تحت تأثير العصا الأمريكية التي كان يلوح بها باراك اوباما وإدارته بشكل يومي تقريبا أي أن الأمر لو كان متروكا لحسني مبارك فمن المؤكد انه لن يتخلى عن كرسيه بدلالة سقوط العديد من الشهداء قمعا بسلاح أجهزته الأمنية ومازالت تشخص أمامنا حادثة الجمال والخيول التي هاجمت متظاهري ميدان التحرير ، فلماذا تخلت عنه أمريكا وهو جزء منها والانكى والأمر دفعت به إلى محاكمة وطنية شعبية في توقيت يخدم غاية محددة كخطوة لامتصاص غليان الثورة الشعبية وفي حالة هزيلة تستجدي العطف لا تمت إلى مواقف الرجال بصلة ، اللهم لا شماتة .


بالمقارنة مع الحالة الليبية فان معمر ألقذافي كان أكثر تماسكا وعصيانا فلم ينفع معه التلميح والتصريح الذي صدر من هذا المسئول الغربي أو ذاك الأمر الذي دفعهم إلى التدخل العسكري المباشر مع ملاحظة مهمة هي أن كل العمليات العسكرية لا ولن تطال ألقذافي المتحصن بل تقصف الشعب الليبي وان عطلت سلاحه الجوي فلن تعطل باقي أسلحته واهم من ذلك أنها منحته الشرعية والتأييد المحلي والإقليمي في مقاومة غزو أجنبي فهل دم هذا الليبي رخيص وذاك الليبي عزيز ، بمعنى أن التدخل الغربي لم ولن يكون لصالح الشعب الليبي بل انتقاما من مواقف ألقذافي من الغرب خلال فترة حكمه وتأديبا له ليكون عبرة لغيره إقليميا وعالميا وان ما يجري هو استرخاص للدم العربي وتجويع الشعب وإثارة العنف والضغينة والثأر وتدمير للبنى التحتية في ليبيا وهدر لثروات القطر فمن يمكنه أن يبيح للغرب أو لأي جهة في الكون بالاعتداء على شعب امن وان تقتل أي عربي تحت أي ذريعة ؟


في الحالتين التونسية والمصرية خضعت إرادة الغرب الذي اعتاد التسلط وإصدار التوجيهات إلى إرادة الشعب العربي فكان سهلا عليه التخلي عن عملائه حفاظا على مصالحه لان ثمن العميل في أحسن حالاته رخيص ولن يرتفع فلا أهل لمن يبيع أهله ومن يخون أهله لديه الاستعداد ليخون سيده فتلك جدلية معروفة للكل وشخصيه بهذا المستوى لا تحضا باحترام احد وحين يساق حسني مبارك للمحكمة فانه كحال أي ذليل وعميل قربان الغرب وضحيتهم وعربونهم الجديد لعلاقة من نوع جديد مع الشعب العربي المصري تختلف في شكلها الخارجي عن العلاقة السابقة وسيحاولون أن ينسحب هذا النموذج على باقي الأقطار العربية بينما يجري العمل لان يحتفظ الجميع بنفس أساسيات ومضمون الهيمنة الغربية من خلال محاولات زج جوه تمت تجربتها وخبرت مواقفها وأدوارها المهمة في خدمة المشروع الغربي من خلال الفترة التي يسمونها فترة انتقالية بمعنى أن الغرب الذي عرفنا أهدافه وإطماعه في امتنا سيحاول استثمار الجهد العظيم الذي تعفر بدماء شهدائنا لصالحه من خلال تنصيب حكومات ربما تكون أكثر عمالة من سابقاتها .


إن ما يجري في أقطار امتنا هو جزء من تغير لابد أن يمتد إلى كل البلدان التي تسعى إلى التفاعل الإنساني وبلورة وإقرار نظرية متطورة لخدمة البشرية وهي جزء من حركة شاملة ستحصل قريبا وستطال كل العالم كانت انطلاقتها التي سنفتخر بها من أرضنا وروادها أبناء شعبنا سيخلدها التاريخ لنا وهي الخطوة الأولى التي ستعيد لامتنا أمجادها بدايتها وشرارتها الأولى أطلقتها المقاومة العراقية لدحر تحالف الاحتلال على ارض الرافدين .


Iraq_almutery@yahoo.com

alqadsiten@yahoo.com

 

 





السبت٢٠ رمضـان ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٠ / أب / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عراق المطيري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة