شبكة ذي قار
عـاجـل










الحماس الزائد عن اللزوم .. قد يخفي شيئاً غير مطمئن .
والجهل في بعض أوجه الحقيقة .. ينتهي إلى مواقف خاطئة .
الحماس والجهل .. يزيدان الطين بله ويشتركان في لعبة التدمير.
ألم يرَ البعض مواقف الخارج حيال ليبيا وسوريا ؟!


مقدمة :


من دواعي الموضوعية في معالجة الأحداث وفي مقدمتها أن يبتعد الكاتب أو الباحث السياسي عن الحماس الزائد عن اللزوم ، وإذا كان يفتقر إلى حقائق الحدث وعناصر مكوناته والعوامل المحركة للصراع، فلا ينبغي أن يتورط في مداخلة تجره إلى الإحراج وبالتالي الموقف الخاطئ .. أما التغريد خارج السرب فلهذا التغريد مآرب أخرى .!!
إن نبش الماضي، بالرغم من التسليم في حقائقه، قد يكون توقيته سيئاً وفي غير محله، الأمر الذي يدل على سذاجة سياسية واضحة لقراءة غير صحيحة وغير سليمة للحالة الخاضعة للتحليل، ليس ذلك فحسب، إنما عدم إدراك نتائج البعد المتوقع لحالة النبش في توقيتها الخاطئ .. وبالقدر الذي يعكس فيه الحماس في الموقف إرباكاً، يعكس الشكوك التي تضع علامات استفهام حول الغاية من هذا النبش في غير زمانه، ومَنْ يخدم، والآثار الناجمة عن مثل هذا الأمر، وهل يخدم الحركة الوطنية السياسية العربية القومية في ظرف تتكالب فيه قوى الشر في العالم على أمة العرب بلداً بعد بلد !!


فماذا يتوقع الذي " ينبش " موضوعاً معيناً في حالة مضطربة وشائكة هي محصلة مؤامرة كبرى أجمع عليها القاصي والداني حيكت لزمن المطالبة بالحقوق وكسر أطواق القهر والظلم والإهانة ؟! ، ألم يدرك أن هنالك مشروعاً معداً من قبل (لتدمير دولة) في ليبيا ، ومشروعاً معداً من قبل (لتدمير دولة) في سوريا ، ومشروعاً نفذ في تدمير دولة العراق من قبل ؟ ألم يفرق بين النظام السياسي والدولة ؟! النظام السياسي ليس دولة بكل هياكلها وقوانينها ومشروعاتها ومناهجها الثقافية والفكرية والحضارية والاجتماعية والاقتصادية والتنموية والعسكرية والإستراتيجية ..إلخ ، إنما النظام السياسي يتكفل بإدارة شؤون الدولة قانونياً وشرعياً .. يذهب النظام السياسي ولا تذهب الدولة .. ألم يدرك المعني في الموضوع أن الغرب الإمبريالي الصهيوني الرجعي العربي يريد تدمير الدولة في ليبيا وفي سوريا وإعادة هيكلة كافة الوحدات السياسية للنظام العربي الرسمي .. وما حصل في العراق نموذجاً متوحشاً قل نظيره في التاريخ ؟! ، ألم يسمع ويقرأ ، والساحة الإعلامية في أوكرانيا مفتوحة ، سلسلة المواقف والتصريحات والتحركات المريبة الأجنبية والعربية المتواطئة، التي توظف كل ما لديها من إمكانات وطاقات لهذين المشروعين ؟! .. ثم يأتي أحدهم ليقول، وعلى صفحات جريدة الثورة الغراء في عددها الأخير تحت عنوان " لتأخذنا الشفقة بالشعب أولاً " .. ( ودولة تتجول فيها الدبابات من أقصى القرى شمالاً لأقصى القرى جنوباً، تعزف سمفونية الموت والتهجير، تطلق النار وتقتل عشرات المئات وتجرح الألوف، وتعتقل عشرات الألوف بسلاح دفع الشعب المسكين الغلبان ثمنه بعرق جبينه، ويعتقل بالألوف في ملاعب تتحول إلى سجون شيدها ليمارس الرياضة لعله ذات يوم ينافس الأمم المحترمة . دولة تنشئ مليشيا سرية طائفية لتدافع عن الرئيس إذا ما ادلهمت الخطوب، وكيف تدلهم الخطوب .. فعندما يتجرأ الشعب وتتفجر معاناته ويسأم معاملة العبيد، تنطلق تلك القطعان يقتلون ويعذبون ويعتقلون بهمجية يحسدهم عليها هولاكو )؟!


- ألم يكن هذا الكلام يمثل صورة طبق الأصل لما تقوله وتنشره فضائية الجزيرة وفضائية العربية، وهما كما يعلم الجميع وبدون تجني على أحد، تسيران بدون حياء على نسق توجيهي واحد مع الإدارة الأمريكية، ومع (الناتو)، ومع الكيان الصهيوني .. فلماذا خلط الأوراق بهذه الطريقة الفاضحة ؟!


- لماذا تظهر مثل هذه الكتابات الآن في زحمة النشاط الإعلامي المحموم على الوطن العربي عامة وعلى ليبيا وسوريا بشكل خاص ؟! .. لسنا إطلاقاً في وضع الدفاع عن أي نظام عربي في أي بلد عربي، ولكن ألم ندرك البعد الحقيقي لتوجهات الدوائر الإمبريالية وذراعها الطويلة (الناتو) ومجلس الأمن ، ومخططات تغيير النظم بتطبيق نظرية (الفوضى الخلاقة) وتأسيس (الشرق الأوسط الجديد) لحساب الصهيونية العالمية ؟!


- إذا لم يدرك البعض مفهوم الثورة، ومدلولاتها السياسية والنظمية وأبعادها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وتحولاتها المرحلية، فلا ينبغي أن يصف ما يحدث بـ(الثورة) .. فبأي معيار يقيس فيه الكاتب حالة الثورات هذه ؟ هل أن مجرد خروج الناس إلى الشوارع يعتبر ثورة ؟! ، وهل يريد أن يضفي عليها (شرعية واقعية) وهي في وضع تقودها عناصر مدربة تدريباً سياسياً وعسكرياً وصلت إلى درجة تقبيل العلم الأمريكي في ليبيا ، واستقبال السفير الأمريكي بحفاوة في سوريا ؟! ، هل هذه العناصر القيادية المدعومة علناً وسراً من الخارج ، التي اعتقلتهم المخابرات الأمريكية في تايلاند وفي أفغانستان وفي باكستان ومن خريجي سجن (غونتانامو)، وحققت معهم ثم وظفتهم إستخبارياً لأغراض التسلل إلى صفوف التظاهرات المشروعة وقيادتها وإغراق عناصرها بالأموال والهواتف الجوالة المتطورة وبالسلاح ، وتعمل على تنفيذ مخطط الأجنبي بتدمير الدولة الليبية والسورية ومرتكزاتها بإتباع أسلوب القتل والتدمير والحرق وحز الرؤوس بالسكاكين والقبور الجماعية .. هل هذه هي (الثورة) التي يقصدها الذي كتب في جريدة الثورة الغراء ؟!


والغريب في الأمر حين يتساءل ( أين المغامرة في أن نفعل أي شيء وكل شيء لنتحرر من هذا الحال، فبماذا نخاف ؟! ، والمعنى في هذا إننا قد يقتضي الأمر، وفي سبيل أن نتحرر، أن نعمل أي شيء حتى لو اقتضى الأمر أن نضع أيدينا ، كما وضع (أحمد الجلبي) وعيره يده مع المخابرات الأمريكية والصهيونية لكي نتحرر ؟! ، ويضيف بماذا نخاف (بالحرية التي لا يحق إلا أن نحلم بها، بالخبز الذي ما شبعته يوماً شعوبنا ، بالكرامة التي طالما تمرغت تحت حذاء أصغر رجل أمن .. فماذا تبقى لكم إيها القابعون في القاع، سوى أن تحطموا بقبضاتكم الغشاء الذي يمنع التنفس والهواء النقي ليدخل الضوء والهواء ) ؟!


- ألم تكن هذه الكلمات والعبارات يطلقها الإعلام الغربي لتحريض الشارع العربي لأغراضه الخاصة في كل مكان، ويتصدر هذا الإعلام فضائيات، مثل الجزيرة والعربية ؟!


ثم نعود إلى كاتب آخر من زملاءنا الكرام ، يمتهن الحماس صفة زائدة عن اللزوم في السياسة، ويفتح ناراً ليست في وقتها ولا تؤذيه وهو مستقر في أوكرانيا منذ سنين .. ويبدو أنه لا يعي المرحلة الخطرة التي تمر بها المنطقة ومنها حركة التحرر في العراق المحتل، كما أنه لا يفرق بين الثورة الحقيقية والتآمر الخارجي، ويفتقر إلى إمكانيات الربط الموضوعي بين العوامل المحركة للصراع في رحم الشعب العربي في كل مكان، وهي عوامل مشروعة، وبين ما تخطط له (أكاديمية التغيير) في لندن ، و (منتدى المستقبل) وفروعه في قطر والإمارات وتركيا .. ويتجاهل ما انتهت إليه قرارات قمة (الناتو) في أنقرة، وما أسفر عنها التدخل التركي السافر في الشأن العربي الليبي والسوري تحت يافطة (الصديق الوسيط) و (المحايد النزيه) الخالي من أي غرض كما قال أحدهم من قبل !! .. ويتجاهل صور وأخبار (ليفني) الصهيوني، وكذلك (عبد الحكيم بالحاج) وهو يقود من أسماهم بالثوار الليبيين - سكتت عنهما فضائية الجزيرة والعربية .. ويتجاهل وقاحة " هيلاري كلنتون " حين أعلنت أن جهات أمريكية معينة - إستخبارية - تعمل حالياَ على توسيع اتصالاتها مع (الثوار الليبيين) .. ويتجاهل صواريخ الناتو التي دمرت وقتلت وأحرقت الأخضر واليابس .. ويتجاهل السفن القطرية وهي تحمل أسلحة الموت إلى (الثوار الليبيين) بتوجيه من الناتو .. ويتجاهل هذه السفن وهي تسوق بطريقة السرقة نفط الشعب العربي الليبي لدعم (الثوار الليبيين)، لأن خزائن الناتو أوشكت على الإفلاس .. ويتجاهل دور فضائية الجزيرة والعربية القذر، التي لا هَمَ لها صباحاً ومساءً سوى (الثورة) في ليبيا و (الثورة) في سوريا ، وتصمت صمت القبور حيال ما يحدث من دمار في العراق ومن مجازر !! .. وبالتالي يأتي ليبرئ مذيعوها، رغم أنهم موظفون مأجورون ولكنهم ليسوا شرفاء ، لأن الشرف لا يقاس بالدولارات وهم على مثل هذا المنوال الذي رسمه (وضاح خنفر) و (سيفي ليفني) و (بيريس) و (جبر بن حمد آل ثاني) منسق علاقات الفجور مع تل أبيب وواشنطن والناتو!!


أحياناً تكون النتائج مذهلة حين يكشف الجوهر عن نفسه بغتة ومن دون سابق إنذار لعل في ذلك درساً يفيد في رسم التعامل، الذي ينبغي أن يرتكز على شيء من التقييم على معايير لا الهوس بالإعلام الذي يشوه ويفبرك، يعظم ويقزم ، يهول ويترك الأمور وكأن شيئاً لم يكن، كما يرى الإعلام الغربي والعربي الحالة في العراق دون أن يحرك ساكن الحماس، وفي باقي أركان أمة العرب .. فعلينا أن نفحص ما يكتب قبل النشر لأن في ذلك مدعاة للاحتراس، وعدم الاحتراس من الثغرات التي تتسلل منها الكلمات والأفكار يضعنا في مأزق ، لأن مواقعنا مسئولة وملتزمة ولا يحميها مسؤولية الكاتب عن ما يكتب .. ونتائج الأضرار والتخريب من يتحمل وزرها .. دعونا نعيد النظر !!

 

 





الاحد٢٨ رمضـان ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٨ / أب / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة