شبكة ذي قار
عـاجـل










نعيش في عالمنا السياسي العربي الآن مجموعة غير قليلة من المتناقضات تحتاج إلى تفسيرها عين ثاقبة لا ندعيها وتأني في إصدار الأحكام ومعرفة الجهة التي تدير الصراعات التي تدور وغاياتها ودورنا نحن كشعب عربي في حسمها على أن نضع في كل اعتباراتنا أننا الوسيلة والغاية أو الهدف لتلك الأحداث ، فمما لا شك فيه أن أمريكا التي تمتلك اكبر قوة عالمية يصطف معها الغرب في حلفهم المعروف باسم شمال الأطلسي أو الناتو تلعب أهم واكبر الأدوار في تحديد مصير أنظمة الحكم العربية الآن من خلال إدارتها للحروب السرية أو حروب المخابرات بالتحالف مع القوى الإقليمية التي لا تخلو من ادوار لإيران والصهيونية العالمية كشركاء حقيقيين وأصحاب مصالح وبدور واضح وتركيا بدور اقل حدة علما أنها عضو مهم في الحلف الغربي من خلال موقعها القريب منا.


محور الصراع الآن يدور في المشرق العربي في اليمن وسوريا بعد أن حسمت النتائج في تونس ومصر والبحرين وليبيا على أن لا ننسى دور الشعبين العراقي والفلسطيني في تنمية روح الجهاد العربي وكسر حاجز الخوف الذي كان يلعب دورا مهما في تعطيل جهد المواطن العربي للخلاص من حالة الانتكاسة التي سيطرت عليه لعقود طويلة ويقينا أن حركة تغير الأنظمة ستشمل لا محال الأنظمة العربية التي تمد يدها وتشارك بدور ما ولو بالتأييد في الخفاء بما يجري لاحقا لافتضاح أمرها الذي يرفضه شعبها على طريق الويكيلكس الذائعة الصيت كمرتزقة بالمجان أولا ولان الغرب سيحتقرها لأنها خانت شعبها وأهلها العرب أو جيرانهم ثانيا ولانتفاء الحاجة إليها بعد أن تستنفذ أسباب وجودها ثالثا ، بمعنى أن ما يدور الآن سيشمل الجميع بلا استثناء تباعا وحسب الأهمية وهو جزاءا وعقوبة لابد منها كما أن ارتداداته العكسية ستصل إلى الغرب لتطاله في عقر داره وإن يتأخر ذلك بعض الوقت.


إن سيناريو اللعبة التي تدور الآن تقوم على أساس تهيئة الأدوات التي تقع عليها مهمة التنفيذ أولا وتبريزها وتقديمها للمجتمع الدولي عامة والعربي خصوصا من خلال مؤتمرات ولقاءات وما شاكل وزجها في القطر المعني وتزويدها بمستلزمات الدعم المالي واللوجستي المطلوب وتحديد شعاراتها التي تركب بها موجة المد الجماهيري وإسنادها بوسائل الإعلام التي تلعب دور مهم في تسليط الأضواء الكاشفة على ردود الأفعال التي يرافقها سفك الدماء وتشريد الآمنين وخراب ودمار غير قليل لتوسيع الهوة بين الحاكم والمحكوم الذي هو الشعب حيث سيطلب منه كواقعا مرغم عليه تحمل كل التضحيات لحسم النتائج ثم العمل على منح تلك الأدوات النماذج الشرعية المحلية ثم الشرعية الإقليمية وأخيرا الشرعية الدولية عن طريق مجلس الأمن وعندها يتم تحديد الأدوار حسب أهمية المصالح تحت رعاية الولايات المتحدة الأمريكية ثم المرحلة النهائية الانقضاض وتغيير الوجوه وفي أحسن الأحوال لن تكون أحسن من سابقتها .


طبعا هذا السيناريو ليس جديدا فقد جرت أحداثه في العراق بفارق كلف الولايات المتحدة الأمريكية الكثير إبتداءا من هيبتها إلى الانهيار الاقتصادي وإنتهاءا بهروبها السريع من ارض الرافدين الكريمة ولكن بصعوبة بالغة لان الدوافع لم تكن متوفرة فسيقت أكاذيب كثيرة من قبيل أسلحة الدمار الشامل لم تنطلي على الشعب العربي ولا على كل شعوب العالم فانطلقت تظاهرات احتجاجية عمت كل المعمورة تندد بالحرب التي سقط كل روادها ومريديها ومنفذيها بلا استثناء ، فجرى تطبيق نسخة محسنة منه تجاوزت أخطاء ما حصل في العراق إلى صيغة تم دراستها بعناية أكثر في ليبيا أتت أكلها وانتهت بإزاحة حكم معمر ألقذافي بغض النظر عن مواقفه من القضايا الوطنية والقومية وطريقة إدارته للقطر الليبي ولا يعلم إلا الله بما تخفيه الأيام المقبلة رغم ظهور بوادر ومؤشرات واضحة الدلالة ليس من المناسب استباق الأحداث والتكهن فيها الآن لأن الشعب العربي في ليبيا حر وشهم ولا نتمنى له إلا الخير والسلام وقد أصابه ما أصابه من ويلات خلال الشهور الفائتة كما لا نتمنى أن تتكرر مأساته في أي قطر عربي آخر .


ورغم أن القطر التالي الآن نظام السيد بشار الأسد الذي يمتلك محصنات أكثر مما كانت لمعمر ألقذافي لتعلقها بمصالح العديد من الدول التي تلعب ادوار المصدات الدفاعية إبتداءا من إيران كمرتكز للتوازن الذي تريده الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة مرورا بروسيا التي لا تريد أن تفقد موطئ قدمها في المشرق العربي وإن كان ضعيفا والصين إلا أنها جميعا لن تقف حائلا أبديا ضد إسقاط النظام السوري أمام الضغط الغربي الذي يدفع باتجاه الحصول على تنازلات كبيرة لضمان أكثر للأمن الصهيوني أولا وقبل أي إجراء .


وبتتبع مسار الأنظمة التي كانت الهدف وتسلسلاتها باستثناء الثورة التونسية الغراء لخصوصية انطلاقتها ونضع خارطة للأنظمة التي ستليها وحينها نضع النقاط على الحروف لأننا سنكتشف بسهولة دوافع ما يجري ففي كل الأحوال بغض النظر عن النتائج وقبل كل شيء فان المستفيد الأول من كل أحداث المنطقة هو الغرب بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية وان من يقف معهم سيساهم في تصريف آلة الحرب والدمار وتجريبها فوق رؤوس أبنائنا الأبرياء والغرب لن ينفق درهم واحد قبل أن يضمن طريقة مناسبة لاسترداده مضاعفا من ثرواتنا التي اكتنزتها أرضنا وهذه المرة في ليبيا وما سيليها بأيدي الخونة ممن يحملون الجنسية العربية أي انه ضمن سلامة جنوده من خلال إبعادهم عن ميادين المعارك واكتفى بإدارتها عن طريق توجيه المرتزقة الذين سيشترون منه ما يعيدون به إصلاح البلدان التي تدمر بمعنى أن الأمريكان وحلفائهم المستفيد الأول والأخير مما يجري في الوطن العربي في حين نعود نحن بأقطارنا إلى الخلف عشرات السنين مع خسارة لا تقدر بثمن من الأرواح والثروات مقابل تبديل وجوه بوجوه أكثر عمالة له، وان من يبطش بشعبه اليوم لابد أن يستمر في نفس النهج غدا ولنا في حكومة العمالة التي شكلها الاحتلال في العراق مثالا بالغ الأهمية يحتفظ كل منا بمئات الآلاف من الأدلة على أنها لا تعمل أبدا لخدمة الشعب بل وتساهم بشكل فاضح في تنفيذ برنامج الاحتلال الغربي لإسقاط أنظمة قائمة الآن .


إن طريق الخلاص من أنظمة الحكم العربية مهما بلغ بطشها وقهرها لشعبها معروفة وواضحة المعالم لمن يبتغيها وهي ليست السيناريوهات المعدة في أجهزة المخابرات الأجنبية ، وان نكون ثوار أحرار لإسعاد شعبنا وتقدمه شيء نقيضه المطلق العمالة للأجنبي بثوب جديد أو الاستعانة به يتبعه تدمير أي قطر تقوم فيه وعلينا كعرب أن نعي خطورة المرحلة وان لا نجلد ذاتنا لنكون أكباش الفداء الرخيصة .



Iraq_almutery@yahoo.com

alqadsiten@yahoo.com







الجمعة٠٤ شـوال ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٢ / أيلول / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عراق المطيري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة