شبكة ذي قار
عـاجـل










التهويل بالكائنات الغريبة والترويع بالطفرات الجديدة وفقدان التنوع الحيوي في الاهوار

خيارات الموت الديمقراطي في العراق الجديد

من تماسيح العمارة والديوانية الى افعى سيد دخيل وظهور القرطة وفصائل كلبية شرسة

المخبر العلمي الامريكي والتجارب على الفئران البشرية في العراق

 

 

يتسائل العراقيون بسخرية حول جدوى الموت الديمقراطي وباختيار طريقة الانتحار البطئ  لتعساء وادي الرافدين بعد "تحرير العراق" امريكيا وتسلط الجهلة والاميين والمتحاصصين على أرقام القتل الجماعي لشعب بات أسير الخراب الامريكي والطائفي الشامل، وما بين الموت بعضّات الأفاعي القاتلة وخيار القبول بالفناء المرسوم بين فكي تمساح امريكي زائر تعترض مسار الحياة اليومية للعراقيين صور صناديق جثامين نقل الضحايا الى المقابر الجماعية المسكوت عنها إعلاميا.

 

البارحة الاحد 25 من ايلول 2011 يصر شهر سبتمبر ان يسجل فضائح بقية الكارثة العراقية المستمرة، حين شهدت وكالات الانباء والفضائيات مباراة خطابية وكلامية لوزيرين من حكومة المالكي الناقصة حول تداعيات افعى سيد دخيل، ففي تصريح اعلامي متشنج ووقح منسوب لوزير الصحة موجه الى قناة البغدادية يرى ان حصتها التلفزية التوثيقية التي بثتها مساء الاربعاء الماضي 21 من ايلول الجاري والتي مكّنت عوائل وضحايا عضات الافعى تقديم شهاداتهم وعرض معاناتهم بالارقام الحقيقية عن تعداد القتلى، بغياب وتهرب اي مسؤول رسمي، وخاصة وزارة الصحة، يأتي رد الوزير بعد اربعة ايام ان كل ماقيل انه: ( انها مجرد زوبعة اعلامية ) وكشّر الوزير عن انياب حكومته بوجه النقد الموجه ضد وزارة الصحة والموت العراقي مُكّذِبا ترسانة المعلومات التي باتت محركات البحث في الشبكة المعلوماتية، ومنها محرك البحث جوجول، تنوء بها من هول أخبار جرائم الافاعي في العراق.

 

وفي ذات الوقت ينبري للرد على وزير صحة الموت المالكية من خلال نفس القناة  محمد شياع السوداني وزير حقوق الانسان بنفس الحكومة مؤكدا ان تلك الزوبعة الاعلامية، هي الحقيقة بعينها، وكانت اخبارها قد طرقت ابواب المنطقة الخضراء برلمانا وحكومة وسفارات أجنبية، وهي الشغل الشاغل لإجتماع وزاري سبق أن ترأسه المالكي نفسه في هذا الشهر، وتم اعتماد إجراءات ومخصصات اضافية ومالية وتعليمات خاصة لمواجهة نكبة ناحية سيد دخيل ومنها الاستعانة بالخارج لوضع حلول لقضية الامصال ومعالجة الضحايا. وأكد وزير حقوق الانسان حضور وزير الصحة والموت في المستشفيات في ذات الاجتماع. ويبدو ان وزارة المالكي تجتمع وفق قاعدة حوار الطرشان ووزرائها مغرومون باللوذ والتهرب من المسؤوليات بحكايات الزوابع الرملية والسياسية والاعلامية التي تهب على حكومتهم، فوجدوا في إثارة توابع جريمة افعى سيد دخيل وقبلها تماسيح الديوانية والعمارة من قبل قناة  البغدادية وقبلها ريبورتاجات عشرات المحطات والفضائيات والاذاعات ومئات المقالات والتصريحات مجرد زوابع اعلامية، هاهم  متجردين، كما عهدناهم من الحس الانساني في معالجة مئآسي العراق اليومية التي تسطرها يوميات الاحتلال وحكومات الاحتلال المتتابعة. نعيد لحكومة المالكي وتوابعها وحراس المنطقة الخضراء شريط الاحداث تسجيلا للحقائق العلمية علّ ان تنقشع من أمام عيونهم رمال العواصف التي أعمتهم عن رؤية الحقائق كما هي على ارض العراق.

 

منذ فترة عاشت الديوانية رعباً واستنفاراً أمنياً، وقبلها كانت العمارة بسبب ظهور التمساحٍ لاول مرة في تاريخ العراق في جداول وانهار الجنوب وسط تجاهل لعدد من السابحين الصغار في نهر المدينة. وتمكنت الشرطة أخيراً من قتل احد التماسيح بعد 3 أيام من ملاحقته بين ضفاف النهر واعماقه وسط حملة اعلامية تذكرنا بالفتوحات والانتصارات الامنية لدولة القانون.

وفيما حذرت السلطات السكان من عدم الاقتراب من الانهار لحين التأكد من خلوّها من تماسيح أخرى، كان الناس يتندرون بالموت بطريقتهم العراقية عند مواجهة المحن الكبرى. قيل نقلاً عن الناطق الرسمي للشرطة المحلية والوحدات الخاصة التي تجندت لمهمة القائد العام للقوات المسلحة في الديوانية: ( لقد  تم ـ قتل التمساح الكبير- بعد أن صعد الى شاطئ النهر، لكن التمساح الصغير إختبأ بين الأعشاب داخل النهر ) . خبر التمساح وشكله مرعباً وغريباً لسكان مدينة تجاور البوادي العربية وليست في مجاهل وادغال افريقية أو حوض الامازون. وتؤكد الحقائق المسجلة : ( هذه أول مرة يظهر تمساح على شاطئ الديوانية ) وربما في العراق.

 

 تشير مديرية البيئة في محافظة الديوانية الى: ( أن مصدر تلك التماسيح إما مسطحات مائية خارج العراق، وإما حديقة حيوانات قريبة من النهر، أو بفعلِ فاعلٍ وإن كان عددها بين 2 و3 ) . كل فقرة من النص السابق يحتاج الى التحليل والتوقف العلمي والبيئي. فلا توجد هناك حدائق حيوان ولا غابة افريقية سوى بوابة شط العرب على الخليج العربي والمسافة بين الديوانية والعمارة ليست سهلة على الانتقال لتماسيح صغيرة مثل تلك التي شاهدناها على شاشات التلفزة. اما " فعل الفاعل"فمتروك التعليق عليه لنباهة العقل العراقي وذاكرته التاريخية في التعامل مع الغرائبيات والأساطير وحتى معخرافات القرن الامريكي. لكن القضية لاتحتمل الاسطرة ولا التخريف؛ فالتماسيح امام الكامرات عُرضت في مشهد احتفالي مثيرا للدهشة عبر قناة تلفزية أمريكية هي "الحرة"، وتناقلت الخبر مرارا إذاعة امريكية للاحتلال عنوانها "راديو سوا"، والحملة الامنية على التماسيح قامت بها وحدات خاصة لجيش المالكي الذي أمرالهجوم عليها بالرشاشات ان لم تكن بقذائف المدفعية والآر بي جي سبعة.

 

وفي مثل هذه الحالات تنشط  تصريحات مدراء البيئة والصحة وحتى الداخلية وقيادات قوات المحافظات. يقول مسؤول مديرية بيئة الديوانية: ( حسب المواصفات الأولية التي حصلنا عليها، التمساح المذكور هو أحد أنواع تمساح النيل، ومن أخطر الأنواع. والمفارقة الغريبة أن التماسيح تعيش في المياه الضحلة، ولكنها ربما تكيفت للعيش في نهر الديوانية ) . لا رقابة ولا جمارك على مثل هذه التصريحات التي تطلق من كل حدب وصوب.

 

وشر المصيبة ما يضحك فقد قيل ان القيظ اللافح في الديوانية واستعار صيف جنوب الوطن لم يسمح للسابحين في شط الديوانية حتى فرصة الهرب او الخوف من خطر السباحة بمشاركة التماسيح الغريبة الضيفة على انهارهم، وقد أظهرتهم فعلاً الكامرات التلفزية وهم غير مكترثين بالتمساح القتيلِعلى الشاطئ ولا بإشاعة بقاء تمساحين آخرينمتربصين باقين في عمق النهر. والسبب يعلله العراقيون بدهشة قبول الموت بأية طريقة يصل الى اجسادهم سواء الموت بسبب ارتفاع درجات الحرارة أوانقطاع الكهرباء، أو تخيّل الموت اللذيذ بين فكي تمساح جائع يرون الاقامة في جوفه برودة وراحة خير من انتظار الكهرباء التي انطفأت في اسلاكها لاكثر من 20 ساعة في اليوم طوال موسم الصيف.

 

نهر الديوانية هو احد تفرعات نهر الفرات، ويدخل الى الديوانية بعد مروره بمحافظة الحلة ثم يتجه إلى محافظة المثنى، وشهد النهر نقصا واضحا في منسوب مياهه خلال السنوات الأخيرة، نتيجة التبخر الشديد لمياه النهر ولاقتطاع كل من سوريا وتركيا كميات أكبر من حصصهما المقررة، وبالتالي التأثير على حصة العراق من مياه الفرات، وجفافه لا يشجع التماسيح والكائنات المائية الاخرى على الاصطياف فيه.

 

لكن الغرابة هنا لها منحى سريالي أمريكي على قاعدة الصدمة والدهشة والترويع ؛ فعندما يقل الماء ويحل التصحر تُصّدر التماسيح الينا وتتكاثرت الأفاعي من كل نوع في جنبات بيوتنا حتىبتنا نفتش عن التوازن الايكولوجي بكل ثمن للوصول الى هدنة بيئية مع الكوارث المتلاطمة فوقنا واحدة إثر الأخرى، وها نحن ندفع أثمانا أبعد من قيمة الحياة نفسها، وخسارتنا لا تتوقف عند تقديم حيواتنا وآلام أجسادنا فقط ؛ بلبفقد الكثير من فطنتنا العراقية وذكاء أهلنا المعروف، عندما كنا نفهم الامور و"هي طايرة" كما يتندر العراقيون يوما عند وقت الشك والريبة في الآخر وتعامله معنا.

 

منذ سنوات بحدود 2007 شاهدت فيلما تلفزيونيا ناطقا بالانجليزية يبدو انه من انتاج أمريكي مترجما بالعربية تدور كانتأحداثه حول خطة امريكية  تسعى لتطوير انتاج افعى سامة في أحد مخابر الجيش الامريكي، بقصد نشرها في العراق، ولهذه الافعى  القاتلة مهمة قتل البشر لدغ الانسان ولا يقاوم سم لدغتها أي مصل أو ترياق، وهكذا اظهر الفلم كيف جرى تهجين وانتاج وإعداد تلك الافعى في مخيم عسكري ضمن قاعدة عسكرية في جنوب العراق، اين تم تجهيز هذه الافعى وتطويرها ليتم نشرها وفق خطة مبيتة في العراق، قصد الترويع والإفناء الحتمي، ولكن دارت الدوائر بعكس ما اشتهى المجربون البيولوجيون الامريكيونوما ارادهصانعي الشرور، وكما تدور احداث الفيلم، فقد فلتت الأفعى من المخيم بعد لدغها بعض العساكر، وبدات في التكاثر حول المخيم ومن ثم بدأت تتسرب الى المخيم نفسه فقتلت الكثيرين، ولم تتم السيطرة عليها الا بعديد من مغامرات الفلم الامريكي الهوليودي، وبدا الباحثون أولاً في محاولات استخلاص المصل اللازم لعلاج اللدغة، لكنهم توصلوا الى مصل آخر، فالأفعى كفيروس الايدز طورت سمومها  وتكيفت في بيئة جديدة خارج نطاق وظروف المخبر الامريكي التجريبي. ينتهي الفلم بقرار تفجيرالمخيم ونسفه طلبا للخلاص، وبلقطات مخيفة ومرعبة متمثلة في افاعي متجمعة في مغارة قريبة من المجمع، ولقطة لافعى كبيرة كانت تتوهج نارا من رأسها وعيونها تبرق بالشرر.

 

ومنذ شهوروانا اليوم اتفاجأ بالسيناريو على ارض الواقع ومسرح الخبر ناحية سيد دخيل، مشهد حقيقي ومرعب يتحدث حول وجود افعى في العراق قامت بقتل العديد من الضحايا من الشباب والاطفال والرضع والعجائز، داخل وخارج البيوت. والغريب انها تحمل نفس المواصفات في الفيلم الامريكي المشا اليه. انها  تقتل الشخص بمجرد لدغه مباشرة. قبل الغزو وخلال سنوات الحصار الظالم على العراق سربت المخابر البيولوجية الامريكية عشرات الفيروسات والبكتيرات والفطور لتدمير غذاء وبيئة العراقيين في حرب بيولوجية بدت صامتة ولكنها لم تكن منسية سجلناها في توثيق رسالة دكتوراه لنا قدمت الى جامعة وهران. ولكن ما تناقلته وكالات الانباء منذ نجاح الغزو الامريكي للعراق 2003 يبدو ان مرحلة اخرى للحرب البيولوجية الامريكية على العراق ستستمر. لا يختلف مشهد الافاعي والتماسيح الغريبة عن فكرة الفلم.وسيناريو فلم الافعى الامريكية المتسربة من المخبر العسكري الامريكي والمنفلتة في تكاثرها في ناحية سيد بخيت وما جاورها يتطلب الاسراع في تشخيص صنف سمومها وترياقها المطلوب بيولوجيا وبيئيا وحتى سياسيا.

 

يقول رئيس اللجنة المكلفة بمتابعة ملف أفعى سيد دخيل في مجلس محافظة ذي قار السيد هلال حسين السهلاني: ( إن الأفعى القاتلة يوجد 11 نوعا منها في ناحية سيد دخيل ( 20 كم شمال شرق الناصرية ) أخذت تتكاثر وتزحف نتيجة الجفاف ومحدودية استخدام المبيدات الزراعية باتجاه القرى ودور المواطنين، مشيرا الى تعرض 121 شخصا للدغة الأفعى المذكورة توفي منهم 40 شخصا في الآونة الأخيرة ) . رقم موثق نضعه امام أنظار لجنة  النائب البرلماني جواد البزوني وغيره للاطلاع والتأمل قبل التصريحات السياسية لنفي الظاهرة او التقليل من عدد الضحايا واختزالهم بحادثة واحدة هذا العام على حد ما نُسب اليه من تصريحات مسجلة رسميا

 

 وحسب مصادر أخرى متداولة وعديدة وموثقة : تسببت "افعى سيد دخيل" بنحو 150 لدغة، توفي منها نحو 40 شخصا منذ عام  2003 وحتى الان.

 

تقع ناحية سيد دخيل على بعد 15 كم جنوب شرق مدينة الناصرية، 380كم جنوب العاصمة بغداد،وتقدرمساحتها ب ( 220 ) ألف دونم،وتتبعها 75 قرية. ويقدرعدد سكانالناحية بـحوالي 87 الف نسمة، 75 % منهم يمتهنون الزراعة.

 

وردَّ هلال حسين السهلاني خلال اجتماع لمجلس المحافظة عقدت مؤخرا وحضرتها صحيفة المدى العراقية، ( أسباب تزايد أعداد الوفيات بين المصابين الى عدم توفر المصل الواقي من سم أفعى سيد دخيل في المؤسسات الصحية في المحافظة ) .

 

وحمّل السهلاني الذي يشغل أيضا منصب رئيس لجنة منظمات المجتمع المدني في مجلس المحافظة المؤسسات الصحية في  المحافظة مسؤولية وفاة هذا العدد الكبير من المواطنين، مشيرا الى تلكؤ تلك المؤسسات في تأمين المصل اللازم لإنقاذ الضحايا.

 

في كل مرة يُعاد التعريف بهوية افعى سيد دخيل:تعرف الآن أفعى سيد دخيل، أو ما يطلق عليها "أم الصليب"  بأنها من أصول آسيوية، تتراوح أطوالها بين ( 30 - 100سم ) . وتسير بشكل حلزوني، وتحمل علامة الصليب بمقدمة رأسها. وغالبا ما يتعرض ضحاياها،في حال تأخر العلاج لأكثر من ست ساعات إلى نزف في اللثة والأطراف، ولاسيما في أصابع القدمين .

شاعت  الاخبار منذ سنين عن أفعى سيد دخيل، نسبة الى تلك المدينة المنكوبة الواقعة بالقرب من مدينة الناصرية التي اجتاحتها فسببت مقتل العشرات واصابة المئات من الضحايا  دون رحمة وامام تفرج السلطات المحلية، وصولا الى رئاسة الحكومة والبرلمان ووزارات الصحة والبيئة والزراعة والاهوار صارت المأساة قضية عراقية جديدة يقابلهاصمت الجهات الامريكية التي اكتفت فقط بدفع قناتها التلفزية"الحرة ـ عراق"الى اعداد حصة تلفزية عن رعب " افعى سيد دخيل" في الناصرية، وحصة اخرى عن ظهور ثلاث تماسيح في القادسية، واكتشاف تمساح آخر في العمارة. وتتحدث التقارير الصحفية الاخرى عن تسجيل ظهور فصائل كلبية من حيوانات غريبة عن محيط الجنوب العراقي، تذكر الناس بأساطير القرطة وام المساحي وغيرها من الحيوانات التي كانت تدرج ضمن خرافات الفولكلور العراقي في الجنوب.

 

تجمع التقارير الاعلامية على عجز السلطات الصحية في الناصرية وعن تقديم العلاج، والاكتفاء بترحيل الضحايا الى مستشفيات البصرة والسماوة لعدم توفر المصل الكافي. ويزداد الامر سوءاً فقد اعلنت اخيرا مديرية بيئة محافظة ذي قار ( خبروصول افعى سيد دخيل الى مدينة الناصرية والى مركز محافظة ذي قار عن طريق الشاحنات المحملة بالتراب" . ) .

 

وافعى سيد دخيل المعروفة في المنطقة منذ عقود تختلف عن نظيرتها الجديدة التي ظهرت بعد غزو عام 2003 بدرجة سميتها القاتلة، التي لا تمنح الفرصة للضحية الحياة الا بضع ساعات من العذاب. ويختلف الخبراء في تصنيفها ومظهرها الخارجي وسلوكيتها. فالافعى الاولى كانت توصف انها  تعيش في المناطق الرطبة وقرب المياه  ولا تقترب من البيوت ومنازل السكان  وهي افعى مصنفة انها "دفاعية" اي ليست هجومية، ويمكن معالجة ضحاياها بتوفير المصل الخاص بها  والعديد من ضحاياها غالبا ما تماثلوا للشفاء بعد الاسعافات الاولية الصحيحة او الحصول على المصل قبل فوات الاوان. أما الافعى الجديدة التي توصف بوجود صليب على رأسها وتتحرك حركة افقية وحلزونية سريعة وتلجأ الى البيوت والمنازل تاركة المناطق الرطبة واللجوء الى اليابسة، وهي تهاجم الضحايا عند توفر الفرصة لها او الغفلة منها. والجديد في رعبها انها قاتلة ومميتة رغم توفر بعض من الامصال تعود اليها او الى صنفها.

 

صارت أفعى سيد دخيل الخبر العاجل للوكالات الاخبارية وانشغال تقارير الوزارات والهيئات الحكومية منذ أشهر، فهي اليوم ضمن الخبر الرسمي للدولة وتتصدر تصريحات المسؤولين وآخرها : ( الأفعى السامة الملقبة بأم الصليب والمعروفة بـ [ أفعى سيد دخيل ] وصلت الى مركز مدينة الناصرية وذلك عن طريق الشاحنات التي تحمل التراب والقادمة من أطراف محافظة ذي قار .. وتم اكتشاف بيوض تعود للأفعى المذكورة في بعض الشاحنات المحملة للتراب الذي يستخدم لاغراض البناء او ماشابه ) .و ان: ( المديرية قامت بابلاغ ومخاطبة الجهات الامنية بمنع دخول مثل هذه الشاحنات ومرورها عبر السيطرات الرابطة بين مدينة الناصرية والقرى والضواحي القريبة منها وقد استجابت الاجهزة الامنية لهذا النداء ) .وفي لجة الرعب الاعلامي والاشاعات وتوارد تقارير موت الضحايا من قرية سيد دخيل فقط صار لهذه الافعى حصة في التقارير العلمية على مواقع الانترنيت نجملها معا للتعريف والتوثيق : ( .. أفعى سيد دخيل تُعد من اخطر أنواع الأفاعي في العالم من حيث السمية، كما صنفها أطباء ايطاليون عند زيارتهم للناحية 2008 .. ويعزو باحثون ظهور بعض انواع الافاعي وبعض الحيوانات الخطيرة في محافظات العراق الى التغيير البيئي الحاصل في المنطقة بما فيها شح المياه وعمليات التصحر .. وكان مصدر طبي في محافظة ذي قار قد اكد للوكالات ان العلاجات التي تقدمها دائرة صحة المحافظة للمصابين بلدغة الافعى غيرمجدية، وغير نافعة للمرضى، مما يؤدي الى عدم تحسن حالتهم الصحية وبالتالي تتسبب بوفاتهم ) .

 

وعندما زار وفد برلماني المنطقة رفع تقريره الى المالكي ومجلس النواب، مكتفيا بان التهويل الاعلامي عنها يدرج في خانة نظرية المؤامرة والتشويش على عمل الحكومة ووزاراتها التي كان خبرائها يفتشون عن مبررات لتفسير إستشراس هذه الافعى ومشاركتها الناس بيوتهم في قرية "سيد دخيل". وعندما ترافق الحدث مع ظهور تماسيح القادسية الثلاث وتمساح العمارة اصبحت تقارير الوكالات لا تخلو من الطرافة والنقد عند اختيار عنوان الخبر المشترك: [ أفعى سيد دخيل» وتماسيح الديوانية تقترب من بوابة «المنطقة الخضراء» في بغداد].

 اذن لم تعد اخطار الافاعي والتماسيح تطرق ابواب محافظات العمارة والقادسية والناصرية والسماوة والبصرة بل داهمت وزارة المالكي ومجلس نوابه ومحافظاته الجنوبية. وفي مثل هذه الحالات يتبرع أصحاب التصريحات الاعلامية ومن ليس لهم علم لا بالافاعي ولا بسمومها بتقديم التصريحات والايضاحات امام كل ميكروفون مفتوح على الهواء؛ فنائب رئيس لجنة البيئة البرلمانية يصرح  لـ «الشرق الأوسط» بملئ فمه: ( لا نستبعد نظرية المؤامرة ) .  وهو يتهم الإحتلال ، سواء كان استنتاجه على يقين أو منطلق عن معطيات ملموسة على الارض، أو أطلقها بلا وعي، لكنه  قال الحقيقة وأصاب كبدها: لان هناك فعلا مؤامرة امريكية في ظهور مثل هذه الكائنات وتوقيتها واستفحال شرورها في فترة انسحاب القوات الامريكية التي تذكرنا بما تركته القوات الاسرائيلية عند انسحابها من ثغرة الدفرسوار بعد حرب 1973، فعلى ارض دلتا النيل ومن سيناء ان اطلقت وحدات الحرب البيولوجية الاسرائيلية الخاصة اصنافا من الحيوانات والكائنات المدمرة للبييئة، كما هو حال الجرذان المعدّلة وراثيا التي افتكت بطعام الشعب المصري وهاجمت حقول القمح والمزروعات، وخربت الانتاج والاقتصاد الزراعي المصري في دلتا النيل لسنوات طويلة قبل ان يتم اكتشافها بكونها كائنات تعرضت الى طفرات وراثية تستهدف تنفيذ الحروب الاقتصادية ضد الخصم.

 

 بطبيعة الحال نتوقع ان نقرأ عددا من التصريحات والمقالات التي ستربط شراسة الافعى وتغير درجة سميتها بالجفاف وتبعات النظام العراقي السابق كالعادة وتتجاهل الدور والمختبر الامريكي الجاثم خلف الكارثة والاحتلال. فالافعى يربط ظهورها في المنازل مع حالة الجفاف في الاهوار وقلة الاراضي الرطبة التي كانت تقطن فيها. لكن لا احد تحدث عن سر مجيئ التماسيح الى جنوب العراق ومن الذي وضعها او وضع بيوضها لتتفقس هنا وهناك حيثما هو مقررومرسوم في خارطة الطريق للرعب الامريكي ما بعد الانسحاب من العراق.

 

من بغداد: كتب حمزة مصطفى  الى الشرق الاوسط: ( منذ عام 2002 ضربت العراق موجة من الجفاف، تميزت بقلة الأمطار، لا سيما الأمطار المبكرة التي كانت تروي الزراعة الديمية التي عرفت بها مناطق شمال العراق، والأمطار الرعدية التي كانت تهطل بغزارة من فبراير ( شباط ) من كل عام حتى بدايات أبريل ( نيسان ) والتي كانت تروي مساحات واسعة من الأراضي في وسط وجنوب العراق. وبموازاة ذلك، فإن كمية المياه التي بدأت تدخل العراق عبر نهري دجلة والفرات من تركيا وسوريا بدأت أقل من معدلاتها منذ عقود طويلة من الزمن، في حين بدأت إيران، وعلى الرغم من علاقاتها المتميزة مع الأحزاب والقوى السياسية العراقية، سياسة مائية هي الأكثر قسوة عندما حولت مجاري بعض الأنهر وأغلقت البعض الآخر وآخرها نهر الوند. وتسببت هذه الظروف الجوية والسياسية في تغييرات هائلة في البيئة العراقية، تمثلت بظهور أنواع من الحيوانات والحشرات الضارة والسامة، ومنها أفاع لم تعرفها البيئة العراقية من قبل، مثل الأفعى التي أطلق عليها الآن «أفعى سيد دخيل» طبقا للمنطقة التي ظهرت فيها وهي ناحية سيد دخيل في محافظة ذي قار جنوب العراق، التي يجري تداول حكايات عنها منذ نحو ثلاث سنوات، وأخيرا ظهور تماسيح في محافظة الديوانية ( 180 كم عن بغداد ) .

 

وتختلف التأويلات السياسية والشعبية في تفسير هذه الظواهر، التي وإن كانت لا تزال بعيدة عن تخوم وهموم المنطقة الخضراء المحصنة، إلا أنه بدا يجري تداول أحاديث عنها وإتخاذ إجراءات بشأنها من قبل الحكومة والبرلمان قبل ان يستفحل الامر الى ابعد من ذلك. لم يستبعد نائب رئيس لجنة البيئة والصحة في البرلمان الدكتور حمزة داود الكرطاني، في تصريح لـ «الشرق الأوسط»، ما سماه ( نظرية المؤامرة التي يمكن أن تقف خلف هذا الانتشار لهذا النوع الغريب واللافت من الحيوانات»، مضيفا أن «التلاعب بالبيئة العراقية سياسة تقف وراءها دول وأجندات، وفي مقدمة من شجع على كل هذه المسائل هو الاحتلال الأميركي». وأضاف الكرطاني أن «المعروف لدينا أن ما يسمى عندن ( أفعى سيد دخيل ) أو الحية السوداء موطنها الهند، وبالتالي فإن ظهورها في العراق خلال هذه السنوات وعدم وجود مصل شاف لها، على الرغم من أنها قتلت حتى الآن أكثر من 30 مواطنا من تلك المناطق وباتت تهدد باجتياح مناطق أخرى - أمر بدا يلفت نظرنا، ومثلها حكاية التماسيح التي ظهرت في الديوانية، وكلها بيئات مختلفة عن بيئاتها الأصلية ) .

 

وفي الوقت الذي انتهى فيه الجدل الخاص بتمساح الديوانية، حيث لم يؤشر ظهور تماسيح جديدة في تلك المنطقة، حيث يتفرع نهر الديوانية من نهر الفرات، فإن الجدل بشان «أفعى سيد دخيل» بات يطرق أبواب السياسيين بقوة، لا سيما أن أعضاء البرلمان العراقي عن محافظة ذي قار بدأوا يحذرون من وصول هذه الأفعى إلى مركز مدينة الناصرية وهو ما يعني اتساع رقعة انتشارها ومخاطرها معا. لكن وزارة الصحة لجأت الى مسكنات التصريحات المهدأة حين أعلنت منذ أيام: أنه تم توفير المصل المضاد لسموم هذه الأفعى التي من المتوقع أن تبدأ بالاختباء تدريجيا مع انخفاض درجات الحرارة لتعاود الظهور الصيف القادم، في وقت لم يعد بمقدور أحد أن يتكهن بنوع الحيوان الغريب الآخر الذي ينتظره العراقيون صيف عام 2012.

وفي انتظار اخبار التفجيرات والسيارات المفخخة من مدن العراق بيوم العيد وخلال شهر رمضان ،  جاءت الاخبار الصاعقة والعاجلة من قرية سيد دخيل، حيث كتب : احمد عبيد مظلوم في يوم الأحد 4 سبتمبر  2011 عن : ( افعى سامة  ظهرت في اول ايام عيد الفطر المبارك وهجمت على عائلة في الريف في ناحية سيد دخيل في محافظة ذي قار في العراق، ولدغت العائلة باكملها وقتلت 20 شخص ) وعقب الراوي ( .. وهناك افاعي جديده ظهرت في المنطقه أدت الى نزوح الاهالي الى مناطق اخرى وناشد مدير ناحية سيد دخيل صحة ذي قار لايجاد علاج للدغات هذه الافاعي، وطالب الحكومه التدخل ) واضاف : ( .. وهناك انواع كثيره من الافاعي تحاول دخول مركز المدينة واسم هذا النوع من الافاعي "ابو صليب"  ظهرت اول مرة في العراق عام 1914، وظهرت الان في ناحيه سيد دخيل وهذه ليس قصة وانما حقيقة ) .

 

أما عضو مجلس النواب عن محافظة ذي قار كميلة الموسوي عن حزب الفضيلة الإسلامي وزميلتها من كتلة المواطن فقد طالبتا رئاسة الوزراء ومجلس النواب ووزارة الصحة ولجنة الصحة البرلمانية الى اتخاذ إجراءات عاجلة لإنقاذ سكان المحافظة من خطر أفعى سيد دخيل .قالت الموسوي في بيان لمكتبها الاعلامي: ( من خلال زيارتنا للمسؤولين في المحافظة ومصادرنا الخاصة تأكد لنا ان وصول افعى سيد دخيل الى مركز المحافظة ليس مستبعدا، وانها باتت تشكل خطرا على حياة المواطنين ولابد من معالجة الامر ) .وأضافت: ( سنخاطب الجهات المعنية كافة بكتب رسمية أيضا للحيلولة دون تعرض المزيد من المواطنين الى خطر لدغات أفعى سيد دخيل. وتعد هذه الأفعى من اخطر الأفاعي المهجنة في العالم، لصغر حجمها ومفعول سمها القاتل والذي لم يكتشف له علاج لحد الان ) .

 

بتاريخ 17 سبتمبر اعلن مرة اخرى عن: ( ارتفاع الإصابات بلدغة "أفعى سيد دخيل" في ذي قار ) وعن ( ارسال مجلس النواب وفدا من لجنة الصحة والبيئة النيابية إلى محافظة ذي قار للوقوف على حجم الإصابات التي شهدتها المحافظات جراء لدغات أفاع .. وقال عضو اللجنة جواد البزوني إن الوفد سيطلع في زيارته على الإجراءات الصحية المقدمة للمصابين بلدغات الأفاعي. ) . وفي الوقت الذي سمع الرأي العام العراقي والدولي عبر حصة ( قضية راي عام ) التي بثتها قناة البغدادية يوم 24 سبتمبر 2011 مسجلة من قرية سيد دخيل وتحدث العديد من اهالي الضحايا عن تعداد قتلاهم وضحاياهم ومعاناتهم، التي لم يكفي لاستيعابها وقت الحصة التلفزيونية على مدى ساعة ونصف بغياب ممثلي السلطات الرسمية من صحة وبيئة وزراعةوالتي لم تحضر البرنامج رغم دعوتها للرد على التساؤلات والاتهامات الخطيرة التي احتج بها المتحدثون عن مأساة عوائلهم. رغم الحقائق نقرأ تصريحا لاحد اعضاء لجنة مجلس النواب المدعو البزوني الذي نقلت عنه الوكالات قبل ذلك بتصريحه: ( .. نفى البزوني الإحصائيات التي أشارت إلى وفاة 50 شخصا في ذي قار بسبب لدغات الأفعى المعروفة بأفعى سيد دخيل، موضحا أن الإحصائية الحكومية تشير إلى وفاة شخص واحد خلال العام الجاري ) . هل سيتجرأ السيد النائب بالاعتراف بخطأ تصريحاته.

 

ولا ادري ما إذا سيرد البزوني على الرأي العام المحلي والعراقي وهو يرى احد مضايف ناحية سيد دخيل وهو مكتض بممثلي الاسر المنكوبة وقد جاءت للحصة التلفزية لطرح مأساتها مع هذه الافعى. شاهدناالعشرات منهم بقى خارج اطار صورة الكامرة التي لم تستوعب كل اعضاء المشهد المأساوي لسكان سيد دخيل. وهل الاكتفاء ببعض العبارات للمواساة والتضامن اللفظيةسيعفي السلطات عن المسؤولية التامة باكتفائهم القول: ( ويتسبب ارتفاع درجات الحرارة، فضلا عن شحة المياه في فصل الصيف إلى خروج أعداد كبيرة من الأفاعي والحشرات الزاحفة من مناطق الأهوار باتجاه مدن جنوبي العراق، الأمر الذي يتسبب بارتفاع عدد الإصابات بلدغات الأفاعي ) .

 

 وما ذا سيرد البزوني وممثلي محافظة ذي قار في البرلمان والمجلس المحلي للناصرية على التقارير الصحفية لمعظم الفضائيات العراقية والامريكية ومنها ما جاء في تقرير مراسل "راديو سوا" في بغداد عمر حمادي: باختصاره المأساة من خلال الخبر التالي الذي نقله الى مستمعيه صباح الاربعاء 7/9/2011 بالصيغة : ( أودت بحياة أكثر من 50 مواطن .. أفعى سيد دخيل .. الكابوس واللغز ) .

 

في الثامن من سبتمبر 2011 قام فريق من متحف التاريخ الطبيعي التابع لجامعة بغداد بزيارة ميدانية إلى ناحية سيد دخيل شرق الناصرية مركز محافظة ذي قار للوقوف على ظهور أفعى سيد دخيل ومهاجمتها للأهالي.نقل بيان لوزارة التعليم العالي تلقت وكالة "كل العراق" [أين] نسخة منه عن مدير المتحف محمد صالح القول: ( ..  زيارتنا الى منطقة سيد دخيل تأتي بتوجيه من وزارة الصحة لمعرفة نوع هذه الأفعى وإيجاد الأمصال المناسبة له ) .وأضاف صالح أن:  ( ظهور هذه الأفعى هو نتيجة للتغيرات البيئية التي حصلت في المنطقة بما فيها شح المياه وعمليات التصحر وعدم توفر الزراعة ) .

 

وأوضح صالح:  ( قمنا بوضع ملصقات توجيهية في شوارع الناحية تتضمن عددا من النصائح للأهالي بضرورة الالتزام بها تفاديا من تعرضهم لمهاجمة هذه الأفعى فضلا عن أنواع الأمصال التي يجب أن تتوفر في المنطقة مع صحة المحافظة وتوفير سيارات إسعاف لنقل المصابين الى المستشفى بأسرع وقت ممكن ) . وأشار صالح إلى أن  ( متحف التاريخ الطبيعي وبالتعاون مع جامعة ذي قار سيقيم ندوة مطلع الأسبوع المقبل في ناحية سيد دخيل للحديث عن هذه الأفعى، والوقاية منها، وأنواع الأمصال التي يمكن أن تعالج الأشخاص المصابين به ) . لافتا النظر إلى: ( .. إن هذه الأفعى تعتبر احد أربعة أنواع الأخطر في العالم والتي تفتك بأرواح البشر؛ حيث ساعدت ظروف قلة الزراعة وشحة المياه وظاهرة التصحر ، على انتشاره ) .كما أن نوع الأفاعي الموجود في ارض العراق ليست من نوع الكوبرا القاتل الذي ظهر في الناصرية أو النوع الثاني الذي يسمى " ام الصليب " التي تبيض من 4 إلى 5 بيضات، وفي كل بيضة 60 أفعى صغيرة تخرج باعداد هائلة متجة الى المناطق والبيوت.

 

المفارقة ان الرابط بين مأساة الافاعي وظهور التماسيح في العراق في وقت متقارب هو أن الحيوانين من النوع البيوض، وهما من الحيوانات التي تتكاثر بسرعة عالية، كما أنهما من أخطر المخلوقات على وجه الأرض ليس منهما اية فوائد لا بيئية ولا اقتصادية. والمعلومات المتداولة تفيد أن تماسيح نهر الديوانية من نوع تماسيح القارة الأمريكية، اما الأفاعي فهي من النوع الأفريقي أو الآسيوي. وهذه ليست معطيات علمية دقيقة بقدر ما هي إشاعات قابلة  للتثبت او الدحض العلمي، ولكن الثابت والمنطقي أنه يستحيل أن تصل هذه الحيوانات والكائنات وتتسرب الى العراق بشكل طبيعي.ومعنى هذا أن "يدا" و"جهة" معينة جلبتاها الى العراق، وأن العملية تندرج في إطار الإرهاب البايولوجي، والتخريب للتوازن البيئي، وهو الأرهاب الامريكي الجديد الذي بدأ منذ تسعينيات القرن الماضي وما زال مستمرا،وسيدمر بيئة العراق والعراقيين ومحيطهما الاقليمي.

 

ان كل الاصابات التي تناقلتها وكالات الانباء والشهادات التلفزيونية كانت قاتلة تزامنت وتشابهت في صورة معاناة الضحايا المنقولين بمساعدة عوائلهم الى مستشفى الناصرية مع عذابات التسمم القاسية الموصوفة: بحالات العمى والنزيف الموضعي الحاد عند موقع العضة ومن ثم الاطراف، اضافة الى نزيف الانف والاذن والحنجرة والتقيؤ والهستيريا العصبية ونوبات فقدان الوعي. وعند وصول الضحايا ابواب المستشفيات الموصدةلايقابلوا بالرعاية الصحية والانسانية في المستشفى المختزلة خدمتها بالتهرب عن المسؤولية من خلالعبارات " لا توجد لدينا أمصال" أو " هاتوا قناني من الدماء" او " اذهبوا الى البصرة" كي يموتوا أخيراً باليأس من جدوى الحياة وهم يقطعون طريق الآلام الى البصرة.

 

لقد بخلت الدولة على قرية سيد بخيت حتى بالاسعافات الاولية وسيارات الاسعاف الكافية او بالقيام بالتوعيةالمطلوبة والملصقات التوضيحية والارشاد وتقديم الاجراءات البسيطة اللازم اتخاذها للعناية بالضحايا قبل نقلهم الى مركز المحافظة، منهم فتاة أنقذها القدر المحتوم عندما شد والدها رجلها بضمادة بقوة لمنع انتقال السم الى ساقها عبر الدورة الدموية وتسمم البدن.هكذا عاشت الطفلة زهرة حسين ناصر بشهادة ووعي والدها الشجاع امام محنته وقيامه باجراء ابسط وسائل تقديم المساعدات الاولية التي يمكن ان يقدمها اي مركز صحي في الناحية،ومهما كانت امكانياته قبل نقل الضحية الى المستشفى البعيد في الناصرية. ان شهادات مماثلة لحالة الطفلة زهرة حسين تؤكد انقاذ حالات مماثلة بعد ان تم تقديم الاسعافات الاولية المطلوبة للضحايا.

 

تصف عوائل الضحايا ومرافقيهم لوسائل الاعلام مشاهد الرعب واللامبالاة وسيادة الرشوة لإدخال الضحايا الى بوابةواسرة وردهات الموت في مستشفى الناصرية او عند نقلهم الى البصرة، يكفي تكرار الناس اخبار  أفعى سيد دخيل، ورعبها أو ما يطلق عليها " حية أم الصليب" التي يتم تداول أخبارها منذ سنوات، قيل عنها  بأنها من أصول آسيوية أو من صنف الكوبرا الهندية وانها سمية وقاتلة. رآها الناس في بيوتهم وحملوها الى المسؤولين من ناحية سيد بخيت حتى المنطقة الخضراء، فهي تتراوح أطوالها بين ( 30 – 100 ) سم. وتسير بشكل حلزوني، وتحمل علامة الصليب بمقدمة رأسها وقابلت المسؤولين من كل التخصصات حية وميتة ولم يهتز لها ضمير الواجب المطلوب.

 

شهادة احد الناجين المدعو حسين كوين الذي يبلغ من العمر ( 55 ) عاماً، من سكان قرية الجزرة، وهي احدى القرى التابعة لناحية سيد دخيل في محافظة ذي قار، يروي تفاصيل الحادث الذي تعرض له قائلا: ( هاجمتني الأفعى المعروفة بـ"أفعى سيد دخيل" حينما كنت في طريقي الى القرية المجاورة ليلا لزيارة أحد الاصدقاء .. فبينما كنت أسير احسست بوجود شيء غريب تحت قدمي، واذا بي أرى الأفعى وقد التصقت بإحدى قدمي، حاولت جاهداً أن اتخلص منها من خلال تحريك ساقي بقوة لكنها لم تتركني الا بعد أن لدغتني في أحد أصابع قدمي ) .

 

ويضيف حسين كوين: ( بعد مرور أقل من دقيقة بدأت أتصبب عرقا وأصبت بدوار، وما هي الا لحظات حتى بدأت أفقد الوعي شيئاً فشيئاً، ولم استفق الا في المستشفى حيث قضيت عشرة أيام أتلقى العلاج، وقد نجوت من الموت بأعجوبة ) . وتابع كوين انه بدأ ينزف دماً من أسنانه وأصابع قدميه، خلال مدة علاجه، وكان الملاك الطبي في المستشفى يعوضه بقناني الدم بإشراف الدكتور حيدر الياسري، ثم بدأ يستعيد صحته تدريجياً لحين تماثله للشفاء التام ومغادرة المستشفى. ( ..  بدت علامات الخوف تغطي وجهه عندما استفاق ليجد نفسه مستلقياً على سرير بين أربعة جدران، ولا وجود لأي أثاث سوى منضدة صغيرة متحركة وكرسي قديم، سرعان ما تيقن أنه راقد في ردهة مستشفى حينما رأى جهاز إعطاء مربوطاً بأنبوب بلاستيكي يخترق طرفه الآخر إحدى ذراعيه،استعاد حسين كوين ذاكرته حينما دخل عليه أحد افراد عائلته كان يرافقه في المستشفى حيث يتلقى العلاج اثر تعرضه الى لدغة الأفعى المعروفة بـ"أفعى سيد دخيل". ) .

 

  لقد كان حسين كوين واحدا من المحظوظين الذي عاش رعب الموت وهو ينتظر بقاء الحياةبوصول المصل او العناية المطلوبة به، وحين وجد طبيبا متفهما لحالته الانسانية والطبية عالجه بصبر من دون وجود الامصال، وهناك من تبرع له بقناني الدم المطلوبة لسد فقدان النزف .

 

ولم يكن حسين كوين وزهرة حسين ناصر، الضحية الوحيدة التي نجت، فهناك عشرات الضحايا الذين تعرضوا للدغة الأفعى في تلك المنطقة وعاشوا بعد تقديم المساعدة.  يروي الضحية عبد الله مزعل من قرية أم الدهن التابعة للناحية نفسها تفاصيل حادث مماثل تعرض له في الحقل حيث كان يمارس عمله في الزراعة، يقول: ( بينما كنت اسير بين الواح الخضرة في الحقل  شعرت بوخزة في قدمي اليسرى تشبه الى حد ما وخزة الإبرة، لكنني تجاهلت ما حصل وحاولت مواصلة المسير ولم اخط سوى خطوات معدودة حتى ساورني الشك بما تعرضت له، قررت اثر ذلك أن أعود أدراجي الى المكان الذي أصبت فيه حيث وجدت أفعى رمادية اللون تحمل علامة الصليب في مقدمة رأسها، علمت حينها ان الوخزة كانت لدغة أفعى سيد دخيل ) . ويضيف قائلا: ( سارعت فوراً بالعودة الى منزلي القريب وتم بعد لحظات نقلي الى المستشفى العام وهناك تلقيت العلاج بعد أن فقدت كمية كبيرة من الدم، وتماثلت للشفاء بعد ذلك بأيام ) .

 

والحال لم تختلف كثيرا مع سعد مهدي داغر، وهو من سكنة قرية آل حسن التابعة للناحية. اذ يقول: ( في أحدى الليالي وبينما كنت في طريقي الى الحقل هاجمتني افعى بتراء رمادية اللون يبلغ طولها نحو نصف متر، وتحمل على رأسها صليباً، فتأكدت أنها الأفعى القاتلة المعروفة بأفعى"سيد دخيل"، وبعد أن لدغتني من قدمي، أسرعت بربط ساقي بقطعة قماش في محاولة لمنع سريان السم في أنحاء جسدي. ويضيف: "تم نقلي الى المستشفى ورقدت فيه تسعة ايام فقدت خلالها كمية كبيرة من الدم من جميع أنحاء جسدي، لكنني خضعت الى علاج طبي وتحسنت حالتي الصحية تدريجي ) . وتابع: ( وبعد مرور اربعة ايام تعرضت شقيقتي حسنة مهدي البالغة من العمر25عاما الى لدغة الافعى ايضا عندما كانت تجني محصول الخيار من الحقل وفارقت على اثرها الحياة بعد ساعات قليلة ) .

 

وعندما يشهد أحد المواطنين من ضحايا عضة افعى سيد دخيل عام 1994، انه عاش بعدها ، ولم يتوان لحظة عن تقديم المساعدة لضحايا آخرين و: ( انه كان يلبي طلبات الناس بالتوجه الى المستشفيات بالتبرع بدمه لمن يحتاج الى التطعيم او المصل وقد تبرع باكثر من 26 لترا من دمه للملدوغين دون ان تهتم السلطات الصحية بحالة صحته التي استنزفها التبرع المتكرر بالدم ) .

 

حضرت تصريحات مسؤولي البيئة المحلية وغابت وزارات الصحة والزراعة والاهوار وخبراء وزارة التعليم العالي ومخبر الاحياء المركزي بجامعة بغداد الذي اكتفى بوضع الافعى ضمن مقتنياته الثمينة ووضعها على رفوفه الاكاديمية واوصى بنشر ملصقات في قرى ناحية سيد دخيل متمنيا لهم الشفاء والوقاية من شرور سموم الافاعي. ذلك هو المشهد الدرامي لناحية سيد دخيل ظل متوقفا عن اجراء الحراك العلمي المطلوب من جامعات القطر وليست جامعة ذي قار الفتية التي لا تملك شروى نقير في عالم السموم والامصال. صار المشهد مجرد اجتماعات وتوصيات على الورق حين اختلف الفقهاء في السياسة والقانون والادارة في تسمية حالة ناحية سيد دخيل: هل هي  ناحية منكوبة أو في حالة كارثية، او مجرد في حالة طوارئ مؤقتة. اكتفى الآخرون بالتفرج على نقل الجثامين الى مقابر النجف لدفنها لمن استطاع اليها سبيلا.

 

لم يخف المواطنون مأساتهم منذ عقود سواء مع الافعى او غيرها من كوارث العراق المنكوب وقد أوجزها حسنة الابراهيمي، نيابة عن العشرات المنتظرين للتصريح امام كامرة قناة البغدادية مساء 21/ 9/ 2011 في برنامج "قضية رأي عام" : ( بأن الأفعى هي الارهاب بغياب الكهرباء .. وان الافاعي نعرفها هنا منذ الثمانينيات .. ولم تقدم مصالح البيئة او الصحة لنا شيئ ..  وان الوصول الى مستشفى الناصرية ودخوله لا يتم الا برشوة علنية وعلى رؤوس الاشهاد من الباب الى الردهة والسرير ..  و بعدها يُطلب من اهل الضحية نقلها الى مستشفى البصرة بحجة عدم توفر الامصال .. خيار البقاء في الناصرية عذابا او الانتقال الى البصرة يأساُويعني الموت المحقق للضحية ) .ويحتج مواطن آخر: ( إن اجبارنا على التنقل مع الضحية المشرفة على الموت الى البصرة باتت وسيلة ليتخلص فيها مسؤولوا صحة ذي قار من تسجيل عدد الوفيات في مستشفاهم ) .

 

ومن دون تردد صرخ أحد المواطنينأمام كامرة البغدادية: ( حتى في زمن الطاغية كانت تتوفر الامصال .. اين الحكومة التي استقبلناها في وقت الحملات الانتخابية ) واضاف حسين شيال: ( انا اعيش هنا منذ 40 سنة والفت رؤية كثير من انواع الافاعي من الكوبرا الى ام رأسين ومنها باطوال تزيد على المتر، ولكن لم اعتد ان ارى الافاعي تدخل بين النوم وتلدغ ابني وتقتله ) .

يحذّر مدير بيئة ذي قار المهندس راجي نعيمة، من خطورة زحف أعداد من هذه الافاعي باتجاه مركز مدينة الناصرية، موضحا ان الظروف مهيأة تماما لذلك بسبب اتساع مساحات التصحر وارتفاع درجات الحرارة. لكن المواطنين بخبرتهم الحياتية وحسهم الفطري يضيفون أسبابا أخرى، اضافة الى الجفاف والتصحر وارتفاع درجات الحرارة، هي الصيد الجائر للطيور والسموم التي انتشرت في البيئة التي قضت على الكثير من الحيوانات والطيور القادرة على القضاء على هذه الافاعي كالقنافذ والجرذان والصقور والاهمال الرسمي الذي تجاهل الكارثة قبل استفحالها، ويذهب البعض الى التشكيك في ظهور عدد من الانواع من الافاعي والحيوانات لاعهد للسكان بها قبل الغزو كفصائل من الكلاب الشرسة. ان تعليق الاخطار على مشجب تجفيف الاهوار لا يمكن ان يفسر الظاهرة بشكل ناجع وعلمي دقيق.

 

تطرح ارقام متفاوتة بالتقديرات المتباعدة عن وضع الحالة الكارثية، وتداول الظاهرة يتم من دون احصاء أومرجع رسمي يمكن الاعتمادعليه، وبات توزيع أعداد وفيات الضحايا في مستشفى الناصرية منها، أو في مستشفيات البصرة أو السماوة او الموت في بيوت المنكوبين في قرى ناحية سيد دخيل سياسة عامة وممنهجة؛ تسعى الى تبعثر الرقم الحقيقي للضحايا ونثره ما بين المؤسسات.وما بين التصريحات الصحفية المضللة، وصمت الجهات الرسمية المسؤولة تكمن المتاهة، لكن الحقيقة المؤكدة تبقى هي  ان عدد الضحايا الذين فارقوا الحياة بات يتصاعد يوميا، ويميز ما بين الحالات المتداولة والمسجلة  ما قبل  وما بعد عام 2003 جرّاء تغير نوع الافعى وبيئتها وسلوكها العدواني ولجوئها الى البيوت، وتعرض المواطنين من مختلف الاعمار الى عضاتها في اغلب القرى التابعة لناحية سيد دخيل، خاصة بغياب الاسعافات الاولية وتجاهل مستشفى الناصرية وصحة محافظة ذي قار لحجم الاخطار المتفاقمة والنتظرة حتى وصلت بيوض ورؤوس الافاعى وصغارها الى باب المحافظة عبر نقل الاتربة المنقولة الى مركز المحافظة. وتتعرض جميع القرى من أصل 17 قرية تابعة للناحية لمخاطر هذه الافعى ، واغلب الضحايا من قرى أم الدهن وآل حسن والفرهة والكبص والحمران وغيرها بلا أمل بالشفاء عند تعرضهم للاخطار.

 

بشأن معالجة هذه المشكلة، يقول معاون مدير دائرة صحة ذي قار الدكتور عدنان المشرفاوي: ( قمنا وبمساعدة المجلس البلدي في ناحية سيد دخيل وبالتعاون مع فريق من كلية العلوم، بأخذ عينات من أفعى سيد دخيل وارسالها الى معهد التاريخ الطبيعي لغرض ايجاد مصل يعمل بشكل سريع لمعالجة المصابين ) . والمعلوم ايضا هنا  هو وصول الافعى حية وميتة الى ارشيف معهد التاريخ الطبيعي ببغداد ولم يصل ترياقها الى سيد دخيل بعد.

 

تؤكد مديرية صحة المحافظة إمتلاكها مصل ( بولي فولنيث ) القادر على علاج الحالات خلال ست ساعات من تعرض الشخص للدغة؛ بيد أنه كما توضح المديرية : أن تأخر وصول المصابين خلال تلك المدة يحول دون التمكن من علاجهم. وما بين وجود وتوفر الأمصال بات الجدل محتدما بمصداقية تلك الادعاءات وصحتها لتناقض التصريحات التي قرأناها عن الموضوع ما بين وجود مصل او عدم وجوده او انتهاء مفعوله او انه مصل لافاعي اخرى. وهكذا اختلط الحابل بالنابل. أهو جهل ام عمى البيروقراطية في زمن الديمقراطية في العراق. أشار المسؤول الصحي: ( الى ان هناك اجتماعات مشتركة للدوائر ذات العلاقة انعقدت في مجلس محافظة ذي قار للبحث في ايجاد حلول لهذه الظاهرة ) . ولم نسمع سوى بتصاعد أعداد الوفيات وكثرة الشماتة بالادارة من خلال السخرية السوداء.

 

كتب جواد كاظم خلف، احد زوار المواقع  الالكترونية بتاريخ : الأربعاء 07-09-2011 ، واحدة من المعالجات المقترحة على المسؤولين التي غابت عنهم الفطنة منذ سنين: ( عليكم بإكثار الصقور والقنافذ والقطط، وهذا أفضل حل طبيعي، لا كيمياويات ولا هم يحزنون لأنها تؤثر على صحة الناس والغطاء النباتي ) . وعلق نفس الزائر على كلفة تنفيذ مشروع مكافحة بيولوجية كهذا : ( .. الموضوع فيه مبالغة أيضاً، وخاصة في المناطق الريفية .. فشراء مائة صقر صغير السن من أوربا لايكلف أكثر من عشرة آلاف دينار، ويتم تطبيعها لأسابيع في بيئة جنوب العراق قبل إطلاقها، وهي التي سوف تتعامل مع الأفاعي بشرط عدم أصطياد الصقور! ) . وعلّق آخر بخبث وذكاء مقصود: ( .. لابد من وزارة جديدة لاستيراد وتربية وتغذية الصقور .. ويجب ان توضع لها ميزانية خاصة لا تصل الى جيوب مدراء الفساد الاداري والمالي في الوزارات والمحافظات وحتى منظمات المجتمع المدني .. اما القنافذ المقترحة لإصطياد أفعى سيد دخيل فهناك خشية من تطور الافعى أساليبها الهجومية وتعلمهاإستراتيجيات جديدة للهجوم لاصطياد وابتلاع القنافذ والقطط وحتى الصقور قبل ان تهاجمها وتخّلص سكان سيد دخيل من شروره ) .  تعليق آخر لا يقل طرافة،إشارة الى العلامة التي تُمّيز رأس افعى سيد دخيل هي طبعة الصليب على رأسها المثلث بقول أحدهم: ( انها حرب صليبية تكمل حروب بوش العسكرية والبيئية في العراق التي تمت تحت رايات صليبية رفعها المحافظون الجدد ) .

 

دعا النائب البرلماني محمد كاظم الهنداوي حكومة المنطقة الخضراء الى التدخل السريع لانقاذ اهالي ناحية سيد دخيل في محافظة ذي قار من الخطر الذي تشكله ظاهرة انتشار الافاعي السامة والمعروفة بأفعى سيد دخيل. واشار الهنداوي في مؤتمر صحفي عقده في مبنى البرلمان قبل أيام: ( ان الافاعي التي انتشرت نتيجة الجفاف الذي اصاب الاهوار تسببت بمقتل 36 شخصا حتى الان ) . وبتصريحه هذا يكذب تصريح زميله السابق جواد البزوني الذي اختزل الرقم المتداول بين السكان  من 50 ضحية الى تسجيل ضحية واحدة فقط خلال هذا العام. طالب النائب محمد كاظم الهنداوي الجهات المختصة ( باعتبار ناحية سيد دخيل منطقة منكوبة، وبناء مركز صحي يوفر اللقاحات والأمصال لإنقاذ المصابين بسموم تلك الافاعي ) ؛ في حين كان البزوني يعتبرها مجرد اشاعات يمكن دحضها بالتجاهل التام لها. وهناك كل العذر للسيد النائب البزوني، كونه ينام تحت سقف مكيف وجهاز تبريد أمريكي تخشى افاعي سيد دخيل من الوصول اليه، وهو تحت حماية شركات الحماية الخاصة،وفي الوقت الذي نقلت الى قاعة البرلمان برقيات الوكالات ومنها موقع الرأي نيوز ونصه: ( يعيش أهالي ناحية "سيد دخيل" التابعة لمحافظة ذي قار جنوبي العرق ذعراً حقيقياً بعد أن تسبب الجفاف الحاد وقلة الأمطار والمياه الى ظهور أفعى تعد واحدة من أخطر أربعة أنواع من الأفاعي السامة في تلك الناحية والتي أطلق عليها "حية سيد دخيل" على إسم المنطقة الريفية التي ظهرت فيه .. وفي الوقت الذي كانت فيه حصيلتها خلال أيام العيد الثلاثة الماضية مقتل أربعة مواطنين ورقود اثنين آخرين في المستشفى لتلقي العلاج فإن مجموع من لدغتهم هذه الأفعى وفارقوا الحياة خلال السنتين الماضيتين بلغ 35 مواطن ) .، رقم آخر يحتاج الى الدحض او التبني بشجاعة والاعتراف بالتقصير. يا نواب المحاصصات الطائفية.

 

والكارثة في قيمة الإعتراف المطلوب ان الكتل النيابية المتصارعة في البرلمان العراقي حول محاصصاتها في ميناء مبارك الكويتي،وما بين القبول به أو المساومات المالية والرشى حوله،أو التزام جانب الاستنكار ضد انجازه تتسرب برقية هامة من وكالات الانباء، لا تستبعد جزءاً من الحقيقة المطلوب تدقيقها في قراءة الخبر التالي: ( صرّح مصدر مُطّلِع فـي ذي قار يكشف عن تهريب أفعى الكوبرا من الكويت .. نُشر بتاريخ : الخميس 22-09-2011 08:16 صباحا   ) على مواقع الانترنيت، فقد كتب السيد حسين العامل من الناصرية: ( .. في تصريحات وصفها المراقبون بانها جاءت لتبرير العجز الحكومي في مواجهة حية سيد دخيل كشف مصدر مطلع في محافظة ذي قار عن مخطط لتهريب أفعى كوبرا من دولة الكويت إلى محافظات ذي قار والبصرة والمثنى، وذلك في تصريح صحفي لشبكة اخبار الناصرية القريبة من مركز القرار الحكومي في ذي قار.

 

 وجاء في الخبر الذي نشر الثلاثاء الماضي على الموقع الالكتروني لشبكة اخبار الناصرية واثار موجة من التعليقات الساخرة والمستهجنة للتلكؤ الحكومي في مجال تامين الخدمات ومكافحة الفساد : (  كشفت مصادر مطلعة في ذي قار عن معلومات تفيد بتهريب أفعى كوبرا من دولة الكويت إلى محافظات ذي قار والبصرة والمثنى. ) . واشار الموقع إلى: ( إن المصدر الذي رفض الكشف عن إسمه أكد إن هناك معلومات أمنية تفيد بمحاولات لتهريب أفعى الكوبرا من الكويت إلى محافظات العراق الجنوبية عن طريق أشخاص في هذه المحافظات ) . وأضاف المصدر: ( إن الأجهزة الأمنية المعنية بهذا الأمر، ومنها شرطة كمارك تعمل على منع أية محاولة للتهريب وهناك إجراءات احترازية لإحباط مثل هذه المحاولات ) . ووصف عدد من المتابعين للخبر بان التصريح لا يعدو كونه محاولة للتغطية على عجز الحكومة المحلية في مواجهة "حية سيد دخيل" التي اخذت تزحف الى القرى المجاورة ودور المواطنين بفعل التصحر وغياب برامج مكافحة الآفات الزراعية.

 

وفيما سخر قراء آخرون، وضمن تعليقاتهم على الخبر في موقع شبكة اخبار الناصرية من ضعف الأداء الحكومي في مجال مكافحة الفساد وتامين الخدمات، قال السيد عدنان الركابي بلهجة عراقية مُرّة : ( هسه كوبرا شتسوي بالناصريه ( .. ) وبعدين حتى اذا تجي للناصريه، تشرد من الحر. لا وفوكاها  الكهرباء 5 بـ 1 ، والسنه الجايه يكولون ماكوا للتالي ؟ ونهر دجلة والفرات هم راح تسده تركيا، والحصه التموينيه ماكو، يعني تموت الحية من الجوع وترجع لأهلها أحسن ) . وأضاف الكاتب في تعليقه الساخر: ( يجوز تاخذله جم عظة كبيرة من كعكة العراق وتشرد لبريطانيا الأمريكا، بس تخمط وتطلع حالها حال بقية الأحزاب والوزراء والسياسيين، واذا تبقى تموت من الحر ) . فيما ربط محمد الجابري في تعليقه الساخر بين الإرهاب ومخاطر سم الأفاعي قائلا : ( والله الافعى أرحم من الارهابيين اللي جاي تجندهم دول الجوار وترسلهم الى العراق ليقتلوا الابرياء ..  وليش هذا الخوف من الافاعي والترويج لهذه الاخبار اللي ما منها مصلحة الا إثارة الرعب والخوف لدى الناس ) . بينما ختم خلف المدرس تعليقه وهو يسخر من تردي الاوضاع في مدينته  بالقول: ( والله هي القضية بالناصرية عايزة بس الكوبرا وتكمل السبحة ) . وعلق احد اعضاء منظمة بدر مشيدا بتهديد هادي العامري وزير النقل في حكومة المالكي عن المجلس الاسلامي الاعلى وقائد مليشيا  انه قرر اغلاق الحدود مع الكويت حتى يتبين الوضع الحقيقي واسباب الخلاف بين العراق وقضاء الكويت السابق هل حول ميناء مبارك ام عدد الافاعي والتماسيح والكواسج الغريبة التي تدخل العراق بلا رقيب او حسيب. هذا اذا ما تناسينا عطف الجارة الاسلامية ايران وارسالها عدد من الحروز ونصوص الادعية الشافية من عضات العقارب الصليبية.

 

يقول المثل من اين نستمع والكل في المندبة وصراخها يسد الأذان. لندع قضية تجفيف الاهوار وتوابعها البيئية مؤقتا ونستمع الى احدى الصرخات.  قال محسن الياسري لـموقع  أصوات العراق: (  ( ان ظهور الافاعي يعد شيئا ثانويا لمصيبة حلت على ناحية سيد دخيل، التي كانت منطقة زراعية مزدهرة، ولكن جفاف نهر آل ابراهيم بسبب تجاوز المناطق التي تقع شمالنا دون رادع أدى الى جفاف النهر ) ، مضيفا : ( وصرنا نأتي بالمياه لنا ولحيواناتنا عن طريق شرائها من المناطق الحضرية وهو امر غريب لايقبله مخلص رغم ان وزارة الموارد المائية تسعى الى ايجاد حل عبر تبطين نهر آل ابراهيم لتقليل الهدر منه الا انها لم تنتبه الى ان معظم السكان بداوا بالهجرة الى النجف وكربلاء للعمل كفلاحين هنالك كما ان الثروة الحيوانية هلكت بالمنطقة وحتى الارض لن تعود بعد سنوات الجفاف الى حالتها الاولى لان المشروع يستغرق عدة سنين ) .  والمفارقة  ان محللا سياسيا اعتبر ان اثارة قضية الافعى هي للتغطية على مشكلة اكبر تعجز الحكومة المحلية عن حلها.وبهذا الصدد قال صلاح غني الحصيني لـموقع "أصوات العراق" : ( ان مشكلة افعى سيد دخيل تم تضخيمها اعلاميا للتغطية على العجز الحكومي بمعالجة كارثة الجفاف التي تمر بها المنطقة، وأدت لهجرة سكانها منها، بسبب عدم وجود مياه للشرب وليس للزراعة فقط، دون ان تبذل الحكومة أي جهد لانقاذهم ) . وفي مثل هذا القول يكمن جزءا من الحقيقة.

 

وعندما يقول السيد محسن الياسري:  ( ان هنالك خشية لدى الاهالي من الافاعي التي لايوجد مصل لها رغم اننا قبل عام 2003 كنا نجد لها علاجا بالمستشفيات. ) فإن الغريب ايضا هنا ان وفداً من وزارة الصحة العراقية سبق أن زار ناحية سيد دخيل وتوقع: ( ان خزن المصل ادى الى فقدانه الفعالية المطلوبة ) . ومع هذا فلا زال البعض يحقن الضحايا به عند توفره .وقال ثائر سليم سلمان مدير شعبة التحصين بوزارة الصحه لـموقع أصوات العراق: ( أن المصول المضاده لسم الأفاعي من نوع " اكيس"  متوفر في المستشفى، والمصل الجديد المزود لصحة ذي قار اسمه " فافريت "، فرنسي المنشأ، ويعمل بشكل جيد، ونحن نأخذ باحتمالية ان تكون هناك عائلة جديدة من الأفاعي لا يعمل عليها هذا المصل؛ فضلا عن احتمالية وجود خطا في طريقة خزن المصل، لذلك سحبنا عينات منه لإجراء الفحص عليها في بغداد ) . وأضاف: ( ان مشكلة الافعى، لو حدثت باي بلد لوجدت ان حلها بسيط لايستحق حتى الاشارة له؛ لكننا للأسف نفتقد أي مختبرات او باحثين  حقيقيين، رغم ان المحافظة تضم جامعة، الا انها فاقدة لأي نشاط علمي أو بحثي يخدم المجتمع.  والعاملين فيها مجرد موظفين ينتظرون انتهاء الشهر لإستلام رواتبهم دون تقديم خدمة نافعة،  فهي[الجامعة] اصبحت عالة على المحافظة بدل ان تكون سببا لتطورها، والدليل ان المسؤولين بالمحافظة لم يستطيعوا تسمية الأفعى التي يتحدثون عن اوصافها التي تنطبق على اكثر من نوع، ولايمكن ايجاد مصل للشفاء بهذه الطريقة ) . والاوصاف التي ذكرها السكان للمحللين للافعى تنطبق على نوعين من الافاعي: هما أفعى الطفى المنشارية ( Echiscarinatus ) ، وهي من الأفاعى السامة التي تمتاز ببوز قصير ومستدير ورأسها المثلث مغطى بحراشف صغيرة، وعليه شكل يشبه السهم، ويميز الرأس. قد يصل طول الأفعى البالغة الى 720 مم .وتكثر هذه الافعى في البيئات الرملية المغطاة ببعض الأعشاب والحشائش غسقية المعيشة، وتتغذى على الفئران والطيور والسحالي والضفادع والعقارب والديدان.و قد تسبح في الماء وتتحرك أحيانا بحركة جانبية كالأفعى المقرنة؛ الا أنها قد تتحرك بطريقة ثعبانية مثل باقي الثعابين الأخرى. وتعد من أخطر الأفاعى فسمها؛ فعال وقد يتناثر رذاذاً، أذا بقيت هذه الأفعى مدة طويلة دون أن تفرغه في فريسة وهي سريعة الحركة واذا ما هوجمت فانها تعض أكثر من مرة وبسرعة متناهية وتعتبر من أشد أعداء الانسان، ولها ضحايا كثيرون في بقاع العالم، وسمها يهاجم الجهاز الدموي بالجسم وتبلغ كمية السم القاتلة للانسان نحو ( 3 ـ 5 ) ملي غرام.

 

والافعى الاخرى هي حية السجاد الشرقي ( Echiscoloratus ) : وهي أفعى سامة جداً صغيرة الحجم لها نابان إبريان متحركان يستقران في سقف الفلك العلوي، الرأس صغير ومميز عن العنق وعلى التاج شبه الصليب، وهو يُمّيز افراد هذا الجنس من الأفاعي، اللون بيئي محمر، يشبه لون البيئة الصخرية التي تعيش بها هذه الأفعى. الجسم غليظ، وعليه بقع فاتحة اللون تشبه الأشكال الهندسية للسجاد الشرقي؛ ولهذا فأنها تسمى أحيانا بأفعى السجاد الشرقي. الذيل صغير، وهو في الذكور أطول منه في الأناث. وقد يصل طول الأفعى 75 سم، تنتشر في شبه الجزيرة العربية وبلاد الشام وسومطرة وشرق مصر. وتستوطن هذه الأفعى البيئات الصحراوية، غسقية المعيشة وتتغذى على الفئران والسحالي والعقارب. تعتبر من أخطر الأفاعي .. فلها طبائع الأفعى السابقة نفسها،  وقد تقذف رذاذ السم إذا ما حوصرت. وتبلغ كمية السم للأنسان ( 3-5 ) ملي غرام .

 

ومنذ تفاقم النكبة وفي غياب المؤسسة العلمية المسؤولة صار الموضوع ساحة نزال للتصريحات والنقل بين الاوساط الشعبية وحتى الحكومية التي بات يقلقها ارسال جثامين الضحايا الى النجف الاشرف وتصاعد حمى الخوف من زحف افعى سيد دخيل القاتلة باتجاه القرى ودور المواطنين بعد تعرض الأراضي الزراعية للتصحر والجفاف وصولا الى مركز المحافظة .

 

هل صار قدر العراقيين والعرب أسودا ومدلهما الى تلك الدرجة فمنذ ايلول الاسود 1970 والتراجع مستمر ليمر عبر بوابة 11 سبتمبر 2001 ويمهد لاحتلال العراق، ثم تستفحل قضية افعى سيد دخيل في الذكرى العاشرة لذكرى 11 سبتمبر وتحول اعياد الفقراء في ناحية سيد دخيل الى جحيم جديد بوصول هذه الافعى الى تخوم المدن السومرية مدينة مدينة بعد ان شوهدت اسلافها على مسافة خارج حدود مدينة سيد دخيل – 17 كم جنوب الناصريةوها هي انسالها القاتلة تنتقل بصلبانها في جنبات ومدن العراق الجنوبية .هذه الأفعى تعتبر احد أربعة أنواع الأخطر في العالم والتي تفتك بأرواح البشر ، حيث ساعدت ظروف قلة الزراعة وشحة المياه وظاهرة التصحر، وتدهور الاحوال البيئية في ارض السواد على انتشارها .

 

يشار إلى إن الاهالي يؤكدون ان أفعى سيد دخيل تتصف بسيرها الأفقي دون الالتواء ويكون طولها من 20 الى 30 سم ، وهي نوعان الأول من نوع الكوبرا وهي قاتلة اما النوع الثاني فهي " ام الصليب " ، كما إنها تبيض من 4 إلى 5 بيضات وفي كل بيضة 60 افعى صغيرة تخرج باعداد هائلة متجة الى المناطق والبيوت .

 

في ناحية سيد دخيل بمحافظة ذي قار - و خلال عطلة العيد، دخل المستشفى عدد من الفلاحين - اثر تعرضهم الى لدغات الافعى المعروفة باسم «افعى سيد دخيل»، فيما حذرت مديرية بيئة ذي قار من زحف الأفعى إلى مراكز المدن ما لم تتخذ الإجراءات اللازمة للحد من انتشارها.

 

مدير ناحية سيد دخيل- قوله: أن امرأتين ورجلين من قريتي آل حسن والحصونة التابعتين للناحية لقوا حتفهم اثر تعرضهم إلى لدغات أفعى سيد دخيل.

 

واضاف أن امرأتين اخريين من قرية الحصونة تعرضتا إلى لدغة الأفعى وتم نقلهما إلى مستشفى الحسين العام وسط المدينة لتلقي العلاج، مؤكدا أن هذه الأفعى فتكت بالعديد من أبناء الناحية دون- إيجاد حلول مناسبة- او الأمصال لعلاجها، لافتا الى ان المسؤولين في الناحية خاطبوا الجهات المعنية في الحكومتين المحلية والاتحادية بهذا الغرض لكن دون جدوى.

 

من جهته، حذر مدير بيئة ذي قار - من زحف أفعى سيد دخيل الى مراكز المدن، مشيرا الى ان الظروف مهيأة تماما لوصولها- بسبب التصحر- الذي تشهده المحافظة، مشددا أن على المسؤولين التحرك لإيجاد حلول مناسبة وإنقاذ أرواح الناس من سموم هذه الأفعى القاتلة وإيجاد أمصال لها وبناء مركز خاص بالسموم في الناحية.

 

يذكر ان افعى سيد دخيل هي من الافاعي السامة من صنف ( ecchis-carrinatus ) ولا يتجاوز طولها المتر وسمكها بضعة سنتمترات، وتظهر غالبا في مواسم الحصاد، وقد تسببت عضاتها بوفاة 50 شخصا في ناحية سيد دخيل - وتنتشر هذه الأفعى في نواحي سيد دخيل والغراف والإصلاح.

 

مدير بيئة محافظة ذي قار قال -وصول افعى سيد دخيل الى مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار عن طريق الشاحنات المحملة بالتراب.

ان " الأفعى السامة الملقبة بأم الصليب والمعروفة بـ[سيد دخيل ] لدى الاوساط الشعبية قد وصلت الى مركز مدينة الناصرية وذلك عن طريق الشاحنات التي تحمل التراب والقادمة من أطراف محافظة ذي قار".

واضاف انه " تم اكتشاف بيوض تعود للأفعى المذكورة في بعض الشاحنات المحملة للتراب الذي يستخدم لاغراض البناء او ماشابه " مشيرا الى ان " المديرية قامت بابلاغ ومخاطبة الجهات الامنية بمنع دخول مثل هذه الشاحنات ومرورها عبر السيطرات الرابطة بين مدينة الناصرية والقرى والضواحي القريبة منها وقد استجابت الاجهزة الامنية لهذا النداء ".

يذكر أن أفعى سيد دخيل تعد من اخطر أنواع الأفاعي في العالم من حيث السمية كما صنفها أطباء ايطاليون عند زيارتهم للناحية 2008.

 

ويعزو باحثون ظهور بعض انواع الافاعي وبعض الحيوانات الخطيرة في محافظات العراق الى التغيير البيئي الحاصل في المنطقة بما فيها- شح المياه -وعمليات التصحر، والعلاج المقدم - للمرضى غير مجدى- ، ويؤدى الى الوفاة.

 

لم يمر فى تاريخ العراق الحديث اهمال وعدم احترام حقوق ومصالح الشعب كما هو الان والدول والحكومات المحترمة والمتحضرة تشكل غرف عمليات وتعالج المشكلة من قبل وزارة الزراعة و-كليات الطب البيطرى والصيدلة وهى منتشرة فى العراق والحكومة المحلية اكتفت بعقد اجتماعات ومناقشة الترتيبات ومناشدة السلطات فى بغداد وظلت - ناحية سيد دخيل تعانى من الرعب والدمار والخوف. مشهد الموت العراقي بات يهز الوجدان في وقت لم تصحو بعد تلك الديناصورات الامريكية التي جاءت لتحكم المنطقة الخضراء كروبوتات امريكية معتمدة للتنفيذ. منذ فترة كنت في زيارة الى المانيا وفي احد ضواحي برلين شاهدت مشهدا خشيت على نفسي من حجم التجهيزات البشرية والآلية التي اقتحمت العمارة التي سكنتها لعدة ايام بضيافة صديق عراقي وزوجته اليمنية. هالتني حالة الانذار وحجم الحصار المطبق على البناية. ظننت انها قوات مكافحة الارهاب طالما يسكن هذه العمارة عرب ومسلمين الا ان صديقي هدّأ من روعي وانا اشاهد الحشد الالماني من خلف النافذة. قال لي صاحبي ان فرق مكافحة الحشرات وصلتها شكوى بوجود صرصور في البناية. والفرقة هذه سوف لن تعود الى مقرها وادارتها الا بعد ان تتأكد من خلو البناية من ذلك الصرصور. حمدت الله ان الحملة لا تستهدفنا نحن العرب من عراقيين ويمنيين وسودانيين.

 

قرأت ايضا  انه في استراليا وهى قارة - تتحرك طوافاتها الطبية على مساحتها القارية االشاسعة. وتتأهب كافة مفاصل حكومتها لو إن نداء لإسترالي ملدوغ ورد من أقصى الشمال أو نواحي الجنوب. واتسائل مع من كتب ان دولة غنية وبامكانات واسعة وظفت  نائبا اسمه عادل عبد المهدى يحمل شهادة دكتوراه من فرنسا وعاش هناك لفترة من الزمن وعين نائبا لرئيس جمهورية العراق وهو الان نائبا فى البرلمان العراقى - عن محافظة اهله واجداده اسمها الناصرية تجتاحها افعى وتتلاعب بها التصريحات الرسمية وغير الرسمية.

 

وانه لأمر محير وغريب وسريالي إن تكون الأفعى – والتماسيح قدر جديد لغزو مهد الحضارات التي رسمت على لوحاتها الجدارية صور الكائنات التي ألفتها بيئتها وكتبت بحروفها المسمارية كل المعارف على الواح الخليقة الاولى، وهي التي تجاهلت، بفطنة حضاراتها، استحالة عيش التماسيح بجانب الجاموس والبقر والخنازير البرية في بيئة اهوار ومستنقعات العراق الجنوبية. ما ذا ستقول النخب العلمية والطبية والسياسية والبيئية لأهالي سيد دخيل المستضعفين بفعل تمرد افعى عليهم وتترك تساؤلات اهل العمارة والديوانية بين فكي التماسيح  الموردة عبر الحدود. ليست الافاعي ولا التماسيح من صنف الاسماك المهاجرة عبرت مياه الخليج المالحة نحو المياه العذبة في شط العرب وجداول واهوار العراق الجنوبية. وهل سيكتفي الاميون من وزراء المالكي بترديد مقولة الزوابع الاعلامية من الخصوم والمعارضين لسياساتهم التي تخدم تكريس الاحتلال ..

 

اليوم كل العالم يتابع أخبار مئآسينا  خبرا إثر آخر تتصدرها: ( افعى - بطول نصف متر؟؟ تقض مضاجع الناس في ناحية سيد دخيل وتستبيح حياتهم وتضج الناس بالشكوى والدعوى ولا من مجيب-؟ . أتسائل مرة اخرى لماذا حورب الصرصور في ألمانيا بشراسة مكافحة الارهاب وتركت الافاعي تعبث بمدننا التي علمت العالم التحضر، في زمن الحضارة والعولمة الكونية المتأمركة. اين محطات المراقبة البيئية والصحية و ما هو العلاج لحالة مثل هذه لا تستدعي منا سوى الموقف الانساني وبعض الجهد، من اين  ستتزود المستشفيات والمراكز الصحية في الناصرية والبصرة والسماوة وغدا العمارة والكوت بالأمصال المناسبة، ومتى تعرف صيدلياتنا  انه لكل نوع من أنواعها مصله المنتزع من دم ضحاياها. واذا ما عرفنا ان تلك الافاعي تنتشر  فى عموم الهند التي تفوق مساحتها مساحة العراق عشرات المرات، والهند تقف على قدميها في مكافحة السموم، فلماذا توقف العراق في كبوة حضارته، وقد عرفت هذه الافعى في العراق وصنفت كما يفترض علميا بشكل كامل منذ عقود. واذا ما أعدها البعض انها من اخطر أنواع الأفاعي في العالم من حيث السمية، فلماذا تم السكوت عن مخاطرها لتستشري بفمها الملئ بالسموم بفقراءنا. وكما صنفها أطباء ايطاليون عند زيارتهم لناحية سيد دخيل عام 2008، حسب التصريحات المحلية فاين التحالف الدولي الذي هب لاحتلال العراق ومنهم امريكا وايطاليا واليابان الذين لا تبعد قواتهم سوى لحظات عن موقع المشهد الدرامي الفتاك. حسب قول لمدير البيئة راجي نعيمة منشد لوكالة ( أصوات العراق ) : ( قدمنا مقترحا لوزارة البيئة لإيفاد لجنة الى مركز السموم المختص بالأفاعي بالهند الذي ابدى استعداده لإيجاد مصل للدغة الافعى في حال جلبها او الحصول على سمه ) ، مضيفا: ( إن اللجنة ستتكون من اساتذة بجامعة ذي قار والمجلس البلدي وعضو مجلس المحافظة بالإضافة لمديرية البيئة ) . كثيرة هي اللجان والقرارات طالما ان الورق من ارخص المواد في الادارات العراقية. وهكذا نسمع جعجعة ولم نر طحينا كما يقول المثل العربي. الزمن لا يتوقف امام الزواحف وخاصة الافاعي التي وجدت بيئتها للتكاثر. تؤكد الارقام  والايام الاخيرة تشهد ازديادعدد المتعرضين للدغة افعى ناحية سيد دخيل و مستشفى الحسين بالناصرية لا يخلو في اي يوم من الايام من الضحايا. يقول الاطباء:  ( جربنا عليها المصول المجهزة من وزارة الصحة ولم تعط نتائج ايجابية حتى الان ) . اين الخلل يتساءل المواطن في عصر الانبعاث الديمقراطي في العراق وحرية اختيار الموت كما يشاء القتلة المحتلون واتباعهم الأدلاء على دخول بوابات بغداد الصابرة.

 

اللهم اننا قد بلغنا وسنبلغ الرسالة الى من يهمه الامر ونضع الحقائق أمام أنظار شعبنا الصابر المحتسب.

 

وان غدا لناظره قريب

 

 





الاثنين٢٨ شـوال ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٦ / أيلول / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ا.د. عبد الكاظم العبودي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة