نظرت الى الجبال فلم اراها
وعن سحب بحثت فلا نداها
وعن ماء الفرات اروم قطر
فغاصت مقلتي بدم تزاهى
وفي الوديان دجلة قد تلاشى
وضاعت في رحى حرب كراها
تمزق كل شبر في ربوعي
وما عادت تظللني رباها
تقطع حبل اوتادي وامسى
مضيف القوم منفصم عراها
اذّل الله اصحابي واودى
بنافذة الاخوة واعتراها
وساورني من الاحباب شك
وخيط الوصل قد قطعت وراها
تخلف اخوتي عني واني
ادجج بالسواد على بلاها
أسائل محنتي فيسيل قيحي
على خيل العروبة ما دهاها
وذابت لحمتي وغدوت عظما
وحق الله ان اخي شواها
وديست روضتي كفراء وحش
وجيد الغانيات علا فراها
تعظمت المصائب في بلادي
وراس الغدر كان قد اشتراها
مصابي ليس من دنس الاعادي
ولكن المصيبة من ذراها
انا بغداد ما راودت نفسي
على الدنيا ولو عظمت قراها
انا الجذع المؤصل والاماني
وسعفي راح يشرق في سماها
انا العلم المؤطر بالقوافي
انا السيف المجرب في لظاها
انا المنصور اذ بلغ المعالي
وما اصطنع المروءة وافتراها
انا الهارون يصبح في سفوح
ويمسي فوق رابية سقاها
انا الدنيا اذا خبت الاماني
انا الأجرام مؤتلق سماها
فكم عجز الاعاجم من شموخي
وكم سقطت على شممي قواها
انا التاريخ يصدق حين يتلى
بأن الله بشّر واصطفاها
انا الحصن الحصين بلا رزايا
انا القول المرتل في سماها
انا القرطاس محفوظ بلوح
يبشر بالحياة ومرتجاها
انا دار السلام وذاك وصفي
فويل للطغاة على اذاها
انا زهو الشهادة فجر عيد
على الاشهاد صدام تلاها
