شبكة ذي قار
عـاجـل










بعد مرور عام على اندلاع الحراك الشعبي في الوطن العربي لابد إن تقرا قراءة جديدة على ما جرى  ويجري  في الوطن العربي بعد إن نغادر الحالات العاطفية  التي عاشها مثقفونا على إيقاع الانفعال ( الثوري  ) الذي صدر من النخاع ألشوكي  لا من سلطان العقل , وعلينا إن نقرا الأحداث بعد مرور عام بعيون عربية مفتوحة وعقول نافذة ومقاييس واقعية " فليس  كل مايلمع ذهبا , وليس كل من ادعى الثورية ثوريا , وليس كل من رفع راية الحرية تحرريا خصوصا بعد ما اختلط الحابل بالنابل , واتخذ المنافق هيئة الصادق وتحول حلف الناتو الى رافعة ثورية , وتصدر مشايخ الدويلات النفطية والجماعات السلفية صفوف القوى الطليعية والتقدمية والراديكالية " , وبالمقابل إن تقرا تلك الانتفاضات الشعبية الصادقة الطاهرة الوطنية قراءة عقلانية واقعية ثورية هادئة وبنفس  الوقت إن نقراها قراءة نقدية متأنية لواقع تلك الانتفاضات والحركات الشعبية من خلال المعطيات والأدلة الثبوتية المتماسكة والشواهد وأبرزها هي :

 

1_ لقد بدأت هذه الحركات الشعبية عفوية من خلال الفيس بوك  , ولا توجد لديها قيادة وتنظيم وفكر فكانت أفعالها ردود فعل على الاستبداد مما أتاحت للقوى الانتهازية والوصولية أن تخطف الانتفاضات حيث قال نابليون بونابرت " الثورة يخطط لها المفكرون , وينفذها الشجعان ويحصد ثمارها الانتهازيون " .

 

2_ أخذت بعض الانتفاضات الشعبية بالاستقواء بالأجنبي , أي إن بوصلة الحراك الشعبي سقط في أيدي غير أمينة , كما أنها لاتفرق بين النظام والدولة , فالدولة تعني شعب ووطن وسيادة لايجوز العبث بها , كيف تحالف " ثوار الناتو " في ليبيا مع فرنسا وايطاليا ؟ وكيف تحالف " ثوار سوريا " الآن مع أمريكا وتركيا وإمبراطورية قطر التي ظنت أنها دولة عظمى .

 

3_ شكل الشباب العربي طليعة الانتفاضات  وخاصة من غير المؤطرين حيث استمعنا الى شهادتهم الحية في المؤتمر الشعبي العام لدعم الثورة الشعبية العربية في تونس ومصر الذي انعقد في بيروت أواخر شباط 2011 حيث حذرنا من سرقة تلك الانتفاضات من أصاحبها الحقيقين وتستحوذ عليها القوى السلفية المتحالفة مجددا مع الامبريالية من خلال صناديق الاقتراع " بدل القوى الشبابية الشعبية التي دفعت الدم وفجرت صواعق الثورات ولكنها خرجت من المولد بلا حمص . وبالتالي حدثت بلبلة  وتفسيرات واختلافات عن الحراك الشعبي من وصفه بالربيع العربي والأخر بالثورات والبعض يسميها بالثولات حتى وصل الاختلاف بالفريق الواحد .

 

4_ اختلاف اغلب المثقفون والسياسيون والمفكرون والباحثون لتحديد مفهوم موحد للحراك الشعبي في الوطن العربي من حيث أهدافه ووسائله ونتائجه .

 

5_ لوحظ أن اغلب الحركات الإسلامية السياسية المشاركة في الحراك الشعبي  تعاونت مع القوى الخارجية التي بالأمس تعتبرها كافرة من اجل إسقاط الأنظمة العربية العلمانية بالرغم من أن أمريكا والغرب والصهيونية لديهم خلافات ظاهرية مع الأحزاب الإسلامية الأصولية المتشددة لان أمريكا تدرك " أن تلك الحركات تعرف كيف تهدم الأنظمة ولكنها تجهل أو تعجز عن بناء البديل الأفضل " .

 

6_ في مرحلة الخمسينيات والستينيات الجماهير تعرف كيف تواجه القوى الامبريالية والصهيونية والرجعية , لان هناك فرز للخنادق وعدم اختلاطها فكان خندق الوطني يقابله خندق الرجعي ,فالأنظمة العربية الرجعية كانت حليفة الامبريالية والصهيونية  والجماهير الثائرة ضد الاستعمار والصهيونية والرجعية .

 

7_ تركيز المطاليب الجماهيرية على الخبز والكرامة , وتغيير النظام أي التركيز على القضايا الذاتية والهموم الداخلية بعيدا عن النضال القومي والوطني .

 

وعلى ضوء ذلك نوصي بقيام المؤتمرات الثلاثة القومي العربي والقومي الإسلامي والمؤتمر العام للأحزاب بتبني مناقشة المقترحات التالية :

 

ا_ من الضروري أن  يتحاور المفكرون والباحثون والسياسيون لوضع مفهوم موحد للحراك الشعبي أهدافه وسائله ونتائجه

 

ب_ بات من الضروري أن ترفع بقوة  ولا مهادنة ولا مرونة شعار بإدانة أي حراك شعبي يستقوي بالأجنبي أو يحتمي به , لان الأجنبي يعمل على مشروعه بالاستحواذ على النفط والثروات الأخرى ويؤمن امن الكيان الصهيوني ويساهم بتمزيق البلاد والعباد.

 

ج_ من الضروري بلورة رؤيه استراتيجية عربية بمواجهة  المشاريع الأمريكية والغربية والصهيونية والإيرانية والتركية في المنطقة , وحماية مكونات الأمة العربية الحضارية واستقلالها من خلال :

 

أولا : دعوة كافة المؤسسات الرسمية والقوى الشعبية العربية والحزبية بكل توجهاتها ومشاربها الى وضع الخطط والمشاريع العملية المشتركة لحماية الأمة وسيادتها وثروتها .

 

ثانيا : حث قيادات المشروعين القومي العربي والإسلامي بالتوصل الى مشروع يقوم على القاسم المشترك الأعظم لمواجهة الإخطار المحدقة في المنطقة العربية .

 

ثالثا : دعوة الأمة العربية  بكل مكوناتها الى تبني مشاريع المقاومة ضد الاحتلالات الأجنبية ودعم المقاومة العراقية والفلسطينية واللبنانية, خاصة بعد أن أثبتت هذه المقاومات قدرتها على هزيمة الاحتلال الصهيوني والأمريكي والتدخل الإيراني في أكثر من مكان .

 

رابعا: الدعوة الى اعتبار إنهاء بقايا المشروع الأمريكي الغربي الصهيوني الفارسي في العراق الأولوية القصوى لكل أبناء الأمة العربية باعتبار مصير الاحتلال الأمريكي في العراق سيقرر مصير المنطقة .

 

خامسا : مطالبة إيران بوقف تدخلها في العراق وأقطار الخليج العربي الذي يثير الفرقة والخلاف والفتنة الطائفية لان ذلك يخدم توجهات المشروع الأمريكي الغربي الصهيوني .

 

سادسا: دعوة القوى السياسية العربية الرسمية والشعبية الى تأسيس منتدى دائم للحوار وبناء العلاقات العربية بين أبناء الأمة الواحدة .

 

سابعا: دعوة الحكومات العربية الى تشجيع الحريات العامة والمشاركة السياسية دون إقصاء او تهميش للقوى السياسية الفاعلة , وفسح المجال أمام العلماء والنخب المثقفة  للقيام بدورها الطليعي في المجتمعات العربية بعيدا عن استخدام العنف المسلح .

 

ثامنا : " المطلوب الآن تفكيرا استراتيجي جديد لايقوى عليه ألا الأكفاء النبهاء المخلصون المعرفون بالنزاهة والوزن الشعبي , فقد انتهى زمن المسؤولين الضعفاء والأغبياء والفاسدين الذين يتقلدون مناصبهم لقاء الولاء والطاعة وليس الكفاء ....... وانتهى عصر مزدوجي الجنسية المدعومين من خارج الحدود والمحسوبين على العواصم الغربية والمحافل الدولية ".

 

 

الكاتب والمحلل السياسي

جابر خضر الغزي

أواسط كانون الثاني ٢٠١٢

 

 





الاربعاء٢٤ صفر ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٨ / كانون الثاني / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب جابر خضر الغزي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة