شبكة ذي قار
عـاجـل










ان العودة الى تأريخ العرب, وخاصة فترة دخول الاسلام الحنيف كرسالة ربانية الى حيز التنفيذ، وحيث بدأت أخطر وأهم عملية تغيير في الواقع العربي كمنطلق لتغيير حال البشرية كلها, يمكن ان تعطي دلالات عميقة لبحثنا هذا تسنده وتنور مسالكه. فرغم ان الاسلام قد جاء كارادة ربانية لا رّاد لها ,غير انه وجد مَن يحاول أن يرّده وبعناد واصرار عجيب وصل الى حد التفريط بالارواح. ورغم ان حامل الرسالة هو النبي الأمي العربي القرشي الهاشمي محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم من جهة، وان الذين استهدفتهم الرسالة بالتنوير ودعوة الهداية بدءا هم أهله وأبناء عمومته من جهة اخرى، الاّ ان ذلك لم يمنع بروز ظاهرة أبو لهب والتي لولا تدخل الله سبحانه في حسمها لصالح الرسول والدين الحنيف لظلت الى هذه الساعة مثار جدل وخلاف في جانبها المرتبط بحق أبو لهب ( الديمقراطي ) بمناهضة الدين (التغيير) الطارئ الذي دعا اليه ابن أخيه، وفي النظر اليه على انه فعل يسئ الى العرب وقيمهم وثوابت حياتهم الوثنية ! ..   ولولا ان الله سبحانه قد رأى ان الخلاف هنا سيكون له عواقب وخيمة على الرسالة الفتية بحيث قصم ظهر أبو لهب بآيات بينات من معجزة القرآن ونبيه الأمي لظل أبو لهب فتنة للاسلام الى يومنا هذا.

 

ان أبو لهب ومن معه من أهل الرسول وأقرباءه لم تردعهم كل العلامات التي رافقت شخصية الرسول وأعلنت عن نبوته حتى قبل أن يستكملها رب العزة سبحانه بمعجزة القرآن. ويمكن النظر الى هذه الحلقة الخطيرة من حلقات الصراع في تبليغ الرسالة السماوية الربانية في أول أيامها على انها كانت ضرورية لتثبيت اقدام الرسول ومن آمن بالرسالة وبه نبيا صادقا أمينا لان الموقف السلبي وتداعياته المرتبطة بنموذج عم الرسول (أبو لهب) قد دفعت بحسمها ربانيا قناعات الناس وتحولاتهم العقلية ميدانيا خطوات واسعة الى الامام في طريق الهداية رغم ان الجانب السلبي في موقف أبو لهب قد كان له أضراره المادية والاعتبارية على الرسول بشكل خاص.

 

وفي موضع آخر لاحق انشطر المسلمون بعد وفاة الرسول الى اجتهادات ومواقف مازال وسيبقى الدين يعاني من تداعياتها بعد أن أجبر المسلمون واقعيا على التعايش معها. فلقد تم التأسيس على خلاف (وهمي على الارجح) بين علي بن أبي طالب عليه السلام وبقية الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم وانقسم المسلمون ومنهم العرب بالدرجة الأساس الى طوائف وملل ونحل طبقا للموقف وللتفسير المرتبط بأحقية الأولوية في خلافة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ولم يتسامح أحد لا من أجل وحدة الاسلام و لا من أجل حفظ وحدة المسلمين ومنهم العرب بوجه خاص التي قاتل وجاهد من أجلها الرسول الكريم وصحبه وأنصاره حتى لحظة التحاقه بذمة الله. واستمرت عملية التشظية لتاخذ مساراتها العميقة في موقف بعض العرب من دولة بني أمية ودولة بني العباس مدعومة بدعم واسناد ظاهر أو باطن من قبل كل القوى الشعوبية التي حولت الخلافات الى خلافات عقائدية وحملتها الكثير اكثر مما تحتمل , وفي الصراعات المرتبطة بالحكم الاسلامي للعرب ولسواهم فصار هناك من يكفر الدولة الاموية والدولة العباسية بدل أن يخطئها أو ينتقد أخطاء محددة في سيرتها التاريخية ويرى فيها خروجا من نمط ما على تعاليم الاسلام . وأبرز مظاهر هذا الخلاف المرير والمواقف التي لم ترحم الاسلام ولم تختشي الى يومنا هذا من نبيه العظيم هو الخلاف على ما يسمى بموقف أهل البيت وموقف الدولة الاموية والدولة العباسية منهم . ولم يلتفت اللاعبون بهذه الورقة الى حقيقة ان أهل البيت لم تعييهم الوسيلة من اعلان مواقفهم الشجاعة ولا الثورة على ما رؤوه ظلما او خروجا على الدين . غير ان بعض العرب قد وضعوا انفسهم بين مؤيد وداعم لأهل البيت وهو في حقيقة حاله لا يعرف اسما من اسماء اهل البيت وبين مؤيد وداعم لحق الدولتين الاموية والعباسية في تصفية معارضيهم ومن تصفهم اعداء ويتصرفون بطريق التحشيد ضدهما من غير ان ينظروا الى الاستحقاق الاسلامي لأهل البيت عليهم السلام.

 

لا المؤيدين ولا المعارضين قد توفق الى ايجاد اسلام بديل ولم ياتوا باية قرانية ولا حديث يثري السنة النبوية غير ما قد نزل وحيا مباركا أو سجل كحديث لرسول الرحمة . بمعنى اخر اننا نزعم هنا ان السنة والشيعة ليست بدائل انشقاقية عن الاسلام وانها لم ترقى ولن ترقى الى بدائل عقيدية للرسالة السمحاء وتظل مهما تعاظمت خلافاتها المؤسفة لا تعدو كونها رؤى وتفاسير للكينونة الاسلامية الاصلية وهي أيضا في جوهرها الفكري لا تصل أبدا الى حد الاقتتال كنتيجة لارهاصات التباين في التفسير الفقهي لبعض ايات القران المجيد او احاديث ومواقف رسول الرحمة عليه افضل الصلاة والسلام .

 

ان العقارب والافاعي والقردة التي دخلت على الموقفين وفي مقدمتها الشعوبية المجرمة هي التي سارت بالخلاف الى مراحل الانقسام تحت رايات سياسية تقتتل بالسيف أو بالبندقية لتضعف العرب كحملة لمشاعل ورايات الهداية بالاسلام الحنيف وكبناة وناشرين لروحه الربانية العظيمة التي احتواها الجسد العربي عموما بمحبة والتزام ويقين وحاول تثبيتها وحمايتها في كل مضارب الارض.

 

اذن , فالاسلام مع كونه دين رباني ورسوله عربي قريشي وهو خاتم الديانات بمعجزة القران المجيد والنبي الامي الكريم الا انه لم يسلم ولم تجري مياهه صافية شفافة بل واجه ومازال يواجه نماذج بشرية وتجمعات وتكتلات وقوى ونماذج حكم ونماذج معارضة جعلته يمر بمنعطفات خطيرة وادت الى نتائج لا تزال تتفاعل في جسده الكريم ..بكلمات اخرى ان ربانية الاسلام وعظمته وكماله كمنهج وقيادة وتعاليم لم تمنع وقوع خلافات عليه ومعه غير انها كلها لم تتمكن من ايجاد شق يناظره على الاطلاق وظلت العقيدة محمية بارادة رب العزة رغم ان افرادا وجماعات قد حاولت ان تشقه بالسياسة و توظيفاتها غير الرشيدة.ونحن نعتقد ونرى ان هذا الحراك كله , السلبي منه والايجابي, لم يكن قط خارج ارادة الله سبحانه ولا مفروضا باية طريقة من طرائق الفرض لان هكذا صراع هو الذي يخرج من رحمه مسلما واع لانتماءه متعمق في عقيدته ويطرد من بين أحشاءه وظهرانيه كل ما هو تمثيل لزبد طافح ذاهب زائل ووفقا للقياسات الربانية وهو الذي يظهر بنفس الوقت نموذجا اخر لمسلم واهن الذات والارادة والايمان وقد يشتط ويتدحرج لأمور الدنيا تماما كما افرز اصلا قرشيا هاشميا باقرب صلاة الرحم مع الرسول غير انه تكبل باغلال اللعنة الربانية الى يوم الدين !!.

 

الحراك في الأسلام وفق ما نراه لم يكن سلبيا بالمعنى المطلق بل كان من بين عوامل الدفع الى الامام وكان من بين عوامل التحدي التي أفضت الى تأطير الديمومة العظيمة للاسلام والانفتاح الهائل للجسد الاسلامي على جدل ربما بدى بعضه ضارا غير ان جله كان في موضع الأيجابية في مسارات التوسع والتجذر. كما ان بروز شخصيات في مواقع تتراوح بين من هم بوصف قيادي وبين من هم من سواد المسلمين بلا ثبات راسخ على العقيدة وبروح منافقة أو جبانه ومرائين ونفعيين وأخيرا وليس اخرا مرتدين وكلهم شكلوا لوحة الجانب الواهن في الاسلام غير انهم لم ولن يهدموه أو يضروه بل نحن نرى انهم (حراك) ضروري بل وحيوي لاستكمال وبلوغ الكمال أو ما هو قريب من الكمال في اللوحة المقابلة  التي يملاء اطارها أهل الصدق والشرف الرفيع والامانة والاتصال الوثيق العضوي بالعقيدة . ان التمعن بهذه الصورة يجعلنا واقعيين تماما في قبول الناس كما خلقهم الله ووزعهم بين شجاع واضح وبين جبان مخاتل , بين واثق الخطى ومميز الرؤية والرؤى وبين متذبذب واهن الروح يمكن أن يسقط بعثرة حجارة صغيرة رغم ان سواه لا تسقطه جبال!.

 

ومن هنا ندخل الى مثال سنضعه نموذجا يوفق في مسعانا لربط تجربة الاسلام الحنيف العظيم مع تجربة وضعية لحركة سياسية جعلت من الاسلام نبراسا يهدي خطاها ويقوي أهدافها ورسالتها دون ان تكسر ظهره أو تلوي عنقه أو تتعكز عليه في خط سيرها وفعلها وهي تسير نحو تنفيذ رسالتها السياسية المستمدة والمستنبطة والمشتقة من صميم واقع العرب بما فيه الواقع المرتبط بهم كمسلمين أو كمؤمنين عموما . انها تجربة البعث كحزب قومي رسالي مؤمن ومنه مدخلنا القادم على طبيعة الحراك البعثي وحقنا الفكري والعقائدي كعرب وكمؤمنين في الافادة البليغة من الحراك الاسلامي الذي اشرنا لبعض مفرداته .

 

علميا, يتكون مركب الماء من عدد غير متناه من جزيئات الماء , وجزيئة الماء الواحدة تتكون وفقا لقياسات كيمياوية وفيزياوية باتت الان مؤكدة ويقينية من ذرتي هيدروجين وذرة اوكسجين . ومن نافلة القول ان الاوكسجين لوحده هو غاز يختلف كليا عن الماء والهيدروجين لوحده هو غاز لا صلة له بالماء . غير ان اتحاد الغازين بنسبة محددة ولزومية وقسرية هي نسبة اثنين الى واحد تجعل كلا الغازين يكونان أعظم مركب كيمياوي في أعراف وقياسات السماء وفي أعراف وقياسات الأرض. ان وضع كمية من الماء في قدح وامرار شرارة كهربائية عليها سيتراوح في تاثيره على الماء بين رفع تقليدي لدرجة الحرارة يفضي الى سخونة لا غير أو الى تحويل الماء السائل الى ماء غازي . أي ان الجزيئة لا تتفكك ويوصف التغيير بانه شكلي مظهري يتحول فيه الماء من حالة أو طور السيولة الى الحالة الغازية وبحيث يمكن للبخار أن يتكثف عائدا الى الماء السائل دون أي تغيير .... هذا نموذج لحراك سياسي سنأتي عليه . أما النمط الاخر للتغيير فهو الذي تكسر فيه الطاقة الكهربائية تاصر الأوكسجين بالهيدروجين وتحول كل منهما الى حالته الغازية الاصلية ...وهنا يحصل حراك اخر من نمط مناقض تماما للاول وهو ان الجزء هنا قد أفلت من عقال التركيب وصار لا يرتبط بالماء باية صلة كانت . الحراك هنا يفضي الى انفصام تام بين المكون الجمعي ( الدين أو الحزب أو الحركة ) وهو جزيئة الماء وبين المكونات الفردية التي كانت قبل الحراك منصهرة في كينونة أخرى مختلفة فلقد كانت ماءا ثم صارت هيدروجين وأوكسجين كلا على انفراد وكلا على حده وكلا بصفات جوهرية ومظهرية ( كيمياوية وفيزياوية ) مختلفة.

 

لنخلص الان الى نتيجة مفادها ان الدين كرسالة ربانية تعرض ويتعرض هنا وهناك إلى نضح أو تبخر أو عملية انحلال في عرى الربط لمجموعة أو فئة من المسلمين ولكن في كل الاحوال يبقى الدين هو الماء الذي يعود اليه ما قد تبخر منه ان وجد الظرف الملائم للعودة ويتحرر الدين كليا من النفر الذي ينتهي الى كينونة جديدة خارج صفات التكوين الاصلي ويترك أمره الى الله سبحانه في مال الاخرة كمرجع نهائي لتحديد قطعية الفعل الصالح من الفعل الطالح. وان نموذج الدين يبقى صالحا للتشبه به للحركات والقوى والاحزاب الوضعية التي تحمل رسالة انسانية كبيرة لا تتعارض مع الدين بل قد تجعل منه مثلا أعلى وقدوة كبرى في حركتها الرسالية . وفي كلا الحالتين لابد من القبول بفكرة التبخر أو التفكك كحكمة ربانية في نموذج الماء الذي تموت الحياة من دونه موتا شاملا على انها مقاربة ميدانية تتعرض لها القوى الرسالية ولا يجوز قطعا أن تتجه الحلول الى مطالبة ساذجة بان يتفكك التكوين الطبيعي كله ليلتحق بالجزء المتفكك كحل لمشكلة التفكك بل ان الاتجاه الصحيح والذي لابديل عنه هو أن يبحث الجزء المتفكك عن فرصة مناسبة ليعيد تشكيل كينونته السابقة أو أن يقبل بجدل نهاية صلته بالتكوين الاصلي . والمستحيل المطلق ان يطالب الجزء الخارج عن الكينونة أن يلتحق به باقي المكونات لتنتهي ذات الشئ أي الدخول في معاني الفناء .

 

ان البعث كحزب رسالي مؤمن لايمكن أن يكون أفضل حالا من الاسلام في ما نحن بصدده من معالجة فكرية لموضوع الانشقاق أو الخروج من الكيان المائي للحزب لأي سبب كان وبصيغة ردة مثلا . فالحزب وفقا لشرعيته الدستورية التي تؤطرها وتحميها لوائح وتعليمات ونظام داخلي وتحميها أيضا الشرعية الانتخابية هو الماء ..وعلى من يخرج عن هذه الكينونة أن يراجع حاله ليقرر هل ان الخروج شكلي وبالتالي قابل للتغيير بمجرد الخضوع لتغيير طفيف في الظروف أم انه خروج كينونة ويترتب عليه أن يقبل ان الحزب كائن حي ورسالة تتحرك الى الامام باهداف عزيزة وثمينة لايجوز ولايمكن التنازل عنها بل ان التنازل عنها سيؤدي الى تجفيف الكينونة وينحر الرسالة واهدافها العظيمه.

 

تعرض البعث إلى هجوم مباشر من قبل أميركا والصهيونية والطائفية الفارسية ومختلف قوى الردة والتخلف , ولم يقف الهجوم عند حدود استخدام الآلة العسكرية الأمريكية الجهنمية الغاشمة , بل تعداها إلى تطبيقات وقرارات هدفها تأمين نتائج الهجوم العسكري وفقا لخطة ابادة الحزب . وفي هكذا ظرف عسيرعرف العالم برمته الكثير من تفصيلاته يخرج علينا البعض بطروحات لايمكن فهمها والتعامل معها بأي حال من الاحوال الا في كونها جزء من التدابير الامريكية الصهيونية الفارسية لنحر الحزب . وتتراوح هذه الطروحات بين محاولات تغيير اسم الحزب والتطاول على قيادته , وعلى رأسها الرفيق القائد المؤسس أحمد ميشيل عفلق والشهيد الخالد صدام حسين رحمه الله وبين محاولة ابراز جناح أو أجنحة أو أشخاص على انهم (يمثلون الشرعية والخط الصحيح الذي سيتولى اصلاح حال البعث) بعد الهجوم العسكري الامريكي وتوابعه المعروفه . ان المنطق الذي بدأنا به هذا المقال يستوجب ان نتعامل برحابة صدر مع الطرح الذي يتبناه كائن من يكون ويرى فيه انه  مجتهد في إطار الحقوق والواجبات متحليا بالموضوعية الحزبية والى جانبها غيرة مبدئية صادقة لا تنقطع على البعث ورسالته . غير اننا نرى , وهذا من حقنا طبقا لمنطق الديمقراطية , التأكيد أن الشرعية البعثية واضحة كما الشمس وان الجدل والتشكيك بها هو أحد مناحي خطط نحر البعث بالبندقية الأمريكية ومختلف أسلحتها كخط فعل مباشر بدأ عام 1991 او بالاجتثاث وتطبيقاته التي بدأت عام 2003م.

 

وتأسيسا على فهمنا لجدلية العلاقة بين الديمقراطية ومصلحة الحزب ونظرية الحقوق والواجبات وعلاقتها بالضوابط الحزبية والأخلاقية التي تحكم مسيرة الحزب الداخلية وتصون وحدة الموقف الخارجي  وتحافظ  على ديمومة حركته الثورية في مواجهة كافة التحديات ,مرسخين في نفوسنا قيم البعث العظيمة  التي تؤكد أن الكينونة المائية للبعث تتمثل في :

 

1- القيادة القومية المنتخبة للبعث وأمينها العام الرفيق المجاهد عزة ابراهيم الدوري . وهي القيادة القومية التي قادت البعث لعشرات السنين وبكامل أعضائها المعروفين.

 

2- قيادة قطر العراق بقيادة الرفيق المجاهد أمين سر القطر والامين العام المنتخب بعد الغزو للقيادة القومية وهي الاخرى بكامل أعضاءها المنتخبين قبل الغزو باستثناء الرفاق الذين استشهدوا في معارك مواجهة الغزو أو الاسرى والذين تم تعويضهم برفاق قياديين معروفين من الخط الثاني أو من رفاق اخرين كانوا مرشحين للقيادة القطرية وبقرارات مصادق عليها طبقا لصلاحيات الرفيق أمين سر القطر المعروفه في دستور الحزب وفي نظامه الداخلي .

 

3- الشرعية المترتبة جهاديا ونضاليا على التحاق الرفاق أعضاء قيادة قطر العراق بخطة المقاومة الموضوعة قبل الغزو وبقاءهم في العراق كساحة جهاد ومقاومة للاحتلال الغاشم وما تمخض عنه من عملية سياسية تدمر العراق أرضا وشعبا. وما عدى ذلك فان أي تشكيل أو تمثيل فردي يدعي لنفسه الشرعية فهو لا يمكن أن يوصف الا ضمن خط الخروج على كينونة الحزب وتركيبه العضوي المتجانس وانخراط واع أو غير واع في قرارات انية قد لا يقصد منها  بالضرورة الخيانة , أو العداء للبعث , لكنها بكل يقين لا تصب في مصلحة البعث , إن لم نقل  إنها تصب  مجاري أعدائه, من حيث كونها تعبير عن قناعات فرضتها مرحلة ما بعد الغزو ومعطياتها المريرة , وبالتالي فهي غير شرعية بكل الحسابات بما تمثله .

 

4-  ان البعثيين الذين كانوا جزءا من ماء البعث وخرجوا لهذا السبب أو ذاك عليهم أن يدركوا ان وجودهم خارج الكيان العضوي للبعث لفترات زمنية تقع بين أربعين عاما وسبعة أعوام قد رتب لهم كينونات غير بعثية تماما كمثال الهيدروجين والاوكسجين كمكونات سابقة للماء وليس أمامهم سوى واحد من أمرين هو اما التفاعل من جديد وا ستدعىاء قيم المبادئ وضوابطها ليعودا جزيئات من ماء البعث ويقبلوا بالاعتذار رسميا لأنفسهم أولا و للبعث  ثانيا , لانهم كانوا قدا صبحوا بهذا الشكل أو ذاك جزءا لايتجزءا من الماكنة  التي صممت بهدف اغتيال البعث ويتركوا أمرهم لقيادة البعث لتقرر, او أن يقبلوا بحقيقة جدلية مطلقة مفادها أن تطاولهم على قيادة الحزب التاريخية تقود إلى التمرد على الحزب  وفق هذا أو ذاك من خطوط السير التي يختارونها  بل هي محض تأمر على مبادئه وشرعيته الراسخة وكينونته .

 

5- ان مطلب مراجعة المسيرة السابقة مطلب شرعي ولكنه لا يمكن أن يتم الا ضمن اطار الشرعية القائمة الان والتي تمثلها القيادة القومية والقيادة القطرية في داخل العراق . وجزء من شرعية التوجه أن يضع ايجابيات التجربة كلها ويقييمها ويؤسس عليها قبل أن ينظر في بعض السلبيات التي رافقت تجربة البعث العظيمة في العراق .أما ما نطالعه أحيانا من مطالبات المراجعة والتي تعدد نقاطا تراها سلبية في مسيرة البعث الاسطورية وتتمحور على ادانة قيادة البعث وتحملها سلبيات ماتراه هي سلبيا وتعدد أخطاءا وهفوات حصلت عبر ثلاثين عام من المواجهة بين البعث وبين تحديات جسام تتراوح بين تحديات البناء والاعمار والتطوير والتقدم وبين مقاتلة التامر بكل أنواعه بما فيه التصدي العسكري والاقتصادي لدولة البعث الوطنية القومية التحررية الاشتراكية , فهو توجه يصرخ باصوات مبحوحه منطوية شاء أهلها أم أبوا تحت ألوية الشيطنة والتجريح والتشهير والاجتثاث.

 

6- ان جزءا من منطق الشرعية أن يعطى الحق في الظروف القاهرة للقيادة الشرعية في اختيار الزمن المناسب لعقد مؤتمر المراجعة وأن يمتلك البعثي الحقيقي البعيد والمنزه عن الاغراض الشخصية الضارة بالحزب أو الذي تساقط في قافلة الاجتثاث, القناعة التامة بان المراجعة تحصل يوميا مع هدير رصاص البعث المقاوم للاحتلال ومع خططه وممارساته الميدانية الهادفة لتحرير العراق , لان لا كلام ولا مؤتمرات ولا مراجعات تطهر النفوس وتزكيها كما تفعل ساحة الجهاد والمقاومة . ومن حقنا هنا ان نتساءل وبهدوء ...اية مراجعة أعظم من مسك خيوط فرصة الجهاد والمقاومة ليعود البعث ماءا زلالا صافيا رقراقا  ويتخلص من بعض ما علق  بالسلطة من شوائب لا يمكن لاي حزب سياسي ان يتجنبها وهو يتصدى لحكم بلد صعب بكل المقاييس مثل العراق ؟ ان القيمة الاعظم للمراجعة هي في العودة الى جذور البعث وأصالته والقفز بشجاعة فوق بعض الهفوات والاخطاء التي كان لابد لها ان تحصل مرافقة لعمل جبار وارادة تغيير عظيمة ربما كانت بل فعلا كانت أكبر بكثير من ادواتها البشرية والمادية مع الاعتداد والاعتزاز بانجازات تاريخية لا تعد ولا تحصى لا يجوز اغفالها الا ان كان الهدف من المراجعة ومؤتمرها العتيد مجارات مخطط اجتثاث البعث من الداخل ليتلاقى هذا مع سياسة و إعلام وثقافة الاجتثاث الأمريكي الصهيوني الفارسي.

 

7-  ومن حقنا هنا أن نؤكد على أهمية استحضار  بعض مقومات العودة  الكامنة في الإيمان بالفكر والعقيدة البعثية واستيعابها جيدا بولوج منافذها المتعددة , بقراءة فكر القائد المؤسس ميشيل عفلق والرفيق الشهيد صدام حسين من جديد , ونضح التجربة الجهادية الفكري للرفيق المجاهد عزة الدوري الذي استلهم معطيات الحال والواقع في مرحلة ما بعد الاحتلال الغاشم والذي تبنى مقومات الجهاد واصوله ومنابعه المستندة إلى روح القومية المؤمنة, وفكر البعث المتأثر والمنطلق بهذا القدر أو ذاك متفاعلا مع روح الاسلام الحنيف.

 

إن من يصر على  أن ما حدث أو يدور خلف الكواليس هو  انشقاق في حزب البعث عليه أن يقدم للعرب نظريته وجناح عقيدته الجديد لا ان يتعكز على رد فعل من موقف أو قرار ولا ان يؤسس على كونه قد أفلت أو أجبر على الافلات من كينونة البعث بقرار من منظمته الحزبية أو من قيادة أعلى لمنظمته الحزبية لان هذا النمط من الافلات هو حراك طبيعي في كل حزب ولا يمكن الركون الى أية نتيجة تترتب عليه على انه انشقاق أو افراز لاجنحة جديدة . كما ان الافلات من ماء البعث بالطريقة التي حصلت بعد الغزو هو اجرام بحق الحزب وتاريخه وشرعيته وكل اخلاقيات الانتماء اليه . انه توافق جبان وأرتدادي مع معطيات الظرف العصيب بعيدا عن العقيدة ومبادئ البعث العظيمه وأهمها الصمود والثبات في الشدائد , فضلا عن ارتباط بانتفاعات مادية ومصالح ذاتية أنية مفضوحة .

 

ان الماء البعثي يتشكل من جزئيات الوحدة والحرية والاشتراكية باصولها وجذورها التي خطتها عقلية مؤسس البعث ووفقا لنظرية الترابط الجدلي بين الأهداف التي أثراها  القائد المجدد الشهيد الخالد صدام حسين رحمة الله  عليه في نظرية العمل البعثية, في كتابات الدين والتراث , وطريقنا خاص في بناء الاشتراكية والديمقراطية, نظرة شاملة للحياة , وهكذا نخاطب العقل الغربي ,ونكسب الشباب لنضمن المستقبل , وخندق واحد ام خندقان,  وغيرها الكثير والتي بوسع من يقارنها مع مكنونات نضال البعث سيجد انها تتطابق تطابقا فذا وفريدا وأخلاقيا مع مواقف وفكر القائد المؤسس أحمد ميشيل عفلق رحمه الله . ومن يشذ عن هذه الأصول وتفرعاتها الوارفه في خط جهاد المجاهد عزة الدوري ورفاقه فهو تكرار لنموذج الهروب من الاسلام قبل وبعد صدر الرسالة .

 

ان من يريد أن يجلد تجربة البعث العظيمة لا يمكن أن يكون من ماء البعث وكينونته ومن يريد أن يخطئ القادسية الثانية وما تلاها من وقائع البطولة في الدفاع عن العراق وخيارات شعبه و يحاول التنظير للزوغان عن البعث وعقيدته القومية التحررية الثورية الاشتراكية السائرة نحو التحرير لفلسطين وكل الارض العربية انما يقع في خطأ فادح وجسيم في محاولة إخراج البعث عن صيرورته هذه والتي انطلق البعث في العراق باتجاهها بصبر وثبات وقوة حتى لو سجلت عليه هنا او هناك عثرة أو مثلبة.وان من يسطر ما يسميه أخطاءا وسلبيات للمرحلة السابقة بحجة النقد والمراجعة فانه يضع نفسه مختارا واعيا في خط سير ماكنة اعلام الغزو والاحتلال واداتها الاجرامية المسماة بقانون الاجتثاث.

 

ويخطئ من يظن ان تجميع نفر من البشر حوله بقوة سطوة مال منهوب يستخدمه لشراء الذمم او شراء الارواح المتهالكة في زمن التجويع والتهجير والتشريد هي اسلوب ناجع لتكوين شقوق مبدئية او عقائدية . انه يمارس العداء لذاته ويوقعها في وهم مفتوح الافاق ويسلط عليها كل عناوين الضياع والتيه وانعدام اليقين. فالشرعية الباقية هي شرعية الرجال المقاتلين والمجاهدين في سوح الوغى في الداخل العراقي وماء البعث النقي الصافي الرقراق يتدفق هناك مع عزائم التحرير والترحيب  في مواجهة إحدى الحسنين , وما عدى ذلك فهو زبد سيذهب جفاءا. واليقين ان الذي يتصرف بفردية يتراى له انها تمثيل لمجموع, هو يعلم قبل غيره ان دورة حياته أقصر من أن تطال عنوانا من عناوين الخلود.

 

 

aarabnation@yahoo.com

 

 





الاربعاء٢٢ ربيع الاول ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٥ / شبــاط / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة