شبكة ذي قار
عـاجـل










المقدمة :

 

حين يتحدث الإنسان الموضوعي عادة، يتحدث بما له وما عليه في تلك الشفافية ولا يخشى لومة لائم .. أما أن يغالط الإنسان بما هو حقيقة موضوعية شاخصة عبر الزمان والمكان ، فهذا أمر يدعو، ليس إلى الاستغراب فحسب، إنما يؤكد عدم الموضوعية .. وخاصة أن هذه المغالطة تصدر من شخص بمستوى السيد حسن نصر الله، الذي يقود تياراً تابعاً لا يمت للبنان بصلة، لا فكراً ولا سياسة، ويتصدر قائمة الشخصيات ويتميز عنهم ظاهرياً بأنه يجمع بين الطائفية والسياسة أو بين السياسة والطائفية التي ما زال الغرب يلعب على أوتارها الحساسة المتهرئة ، أو بالأحرى أن السياسة مركبة لديه بجلباب الدين، فهو يتكلم باسم طهران ولا يتكلم باسم لبنان على أرض لبنان وبين ظهراني شعبه العربي الأصيل بكل طوائفه الدينية وأحزابه وشخصياته .

 

السيد يقلب حقائق التاريخ كما يقلب حقائق الجغرافيا التي تقول بصوت عالٍ أن العراق هو البوابة الشرقية المدافعة عن الأمة العربية .. وإن العراق هو السد الذي يحمي الأقطار العربية جميعها، وخاصة دول الخليج والمشرق العربي من الإنسياح الإيراني عبر التاريخ، كما أن العراق يمثل حجر الزاوية في التوازن الإقليمي للقوى عبر التاريخ أيضا .. والحقائق التي يعرفها القاصي والداني، إلا السيد حسن نصر الله، وربما يعرفها، هي أن أعداء الأمة العربية التاريخيين لم يجرؤا أبداً على التدخل أو التحرش أو تهديد أي بلد عربي سواء كان خليجياً أو مشرقياً أو مغربياً طالما كان العراق قوياً وقادراً على الصد والردع، ولنا في التاريخ شاهداً .

 

يقول السيد حسن نصر الله .. إن العراق يمنع إيران من تحرير فلسطين ؟!  فهل يعقل هذا أيها السيد ، ومن يصدق هذا الكلام ؟! إن هذه الأطروحة المجافية للحقيقة لا تليق بسياسي محترف عليه أن يعترف بالحقائق، حتى وإن التف حولها وشوَهَ وجهها أو غطاها بغربال فستبقى حقائق ناصعة كعين الشمس .. فهل يعقل ما قاله بأن العراق يحمي الكيان الصهيوني من ( القوة الإيرانية ) لتحرير فلسطين ؟!
فإذا كان العراق يحمي ( إسرائيل ) كما يقول، فمن الذي أطلق عليه ( 43 ) ثلاثة وأربعون صاروخاً ؟  ومن حطم عمقها الإستراتيجي، ومن أفشل نظرية الأمن الإسرائيلية أيها السيد ؟!


وأود هنا أن أسأل .. من احتضن مؤتمر الحاخامات في طهران ؟ ومن سهل للشركات الإسرائيلية العمل في إيران ؟ ومن وافق على استثمارات هذه الشركات في حقول النفط الإيرانية ؟ ومن يعمل في حقل الصناعات الغذائية والإروائية أيها السيد ؟  أليس همُ إسرائيليون بجوازات سفر مختلفة لا تخفى عن المخابرات الإيرانية ؟!


المعروف أن القاعدة التي ابتكرتها أمريكا عام 2001، بعض قياداتها تعمل على الأراضي الإيرانية .. والسيد يعلم علم اليقين أن إيران وبالتوافق الإستراتيجي مع أمريكا الشيطان الأكبر يعملان بتوجيه القاعدة كي تضرب في العراق قتلاً وتدميراً .. فهل أن إيران عدو لأمريكا ؟ فإذا كانت كذلك، فلماذا يعملان معاً في احتلال العراق وتدميره ونهب ثرواته واستعباد شعبه ؟! وهل أن ما تقوله عن المقامة أنها ترتضي لنفسها منهج احتلال العراق ؟! وباعتبار السيد حسن نصر الله ( مقاوم ) فهل يسمح لنفسه بالصمت حيال احتلال العراق وتمزيق شعبه، وهو البلد العربي المسلم؟


طيلة فترة الحرب الإيرانية- العراقية، التي أشعلت فتيلها إيران وتعنتت في استمرارها سنين طوال تمخضت عن ضحايا جسيمة جراء هذا التعنت .. ألم يسمع السيد عن ( إيران كونتر ) ؟! فإذا كانت طهران تعادي ( إسرائيل ) ، فلماذا تستلم من عدو العرب والمسلمين أسلحة وذخيرة ومعدات حربية لإدامة الحرب ضد العراق ؟ فهل أن العراق في هذه الحال يمنع إيران من تحرير فلسطين ؟! هل يعقل هذا الكلام أيها السيد ؟!

القاعدة التي تديرها أمريكا ، والقاعدة التي تديرها إيران في العراق وغيرها لم تطلق اطلاقة واحدة في ( إسرائيل ) .. لماذا ؟! والقاعدة تفجر في العراق وتفجر في دول المغرب العربي وفجرت حصراً في السعودية ، وفجرت في باكستان وفي أفغانستان والشيشان إلخ .. ولكن لم نسمع بأن القاعدة التي تتحكم في سياساتها أمريكا ، ولا القاعدة التي تسييرها إيران قد قامت بعملية واحدة في فلسطين المحتلة لتحرير الشعب الفلسطيني العظيم ؟! ثم .. لماذا تستبقي إيران على أراضيها بعض قيادات القاعدة وشمولهم بالرعاية والتدريب والتسليح والحماية ؟!


لماذا هذه المغالطة التي أطلقت الآن أيها السيد ؟ ولماذا تجازف في أمر ينقلب عليك ولا يصدقك أحد ؟ .. إن حقائق التاريخ وخاصة حقائق الجيو- سياسة ، التي تريد أن تلويها لا أحد يستطيع أن يغطيها بغربال !!

 

 





السبت٠٢ ربيع الثاني ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٥ / شبــاط / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة