شبكة ذي قار
عـاجـل










جدير بمن يريد أن يفهم الظاهرة العراقية بميزاتها وخصوصياتها، أن يعود للمنظور التاريخي ليتيقن أن النفس العراقية عنودة، وتعمل عكس ما يفرض قسرا، فالمحتل وعملائه لم يفهموا طبيعة هذا الشعب فتوهموا به، فغاصوا في مستنقعه وأثبتت الايام عكس ما ظنوا، فها هو العراقي اليوم، وبرغم إقرارنا بالتشويه المتعمد الذي حصل على طبيعته، نقر في الوقت نفسه بان صبّره جاء من طاقة وسطوة ليس لها مثيل، جسدها بالحرب المضادة الفورية بما يتماشى ومستوى إدراك الأمور كل حسب اجتهاده.

 

وبغض النظر عن إدعاءات الفرقاء ثمة أمر هام، حين نجد أن الوعي العراقي يعاني من خلط يستوجب إعادة قراءة الحقائق بماضيها البعيد والقريب وفق منهج عقلي وأخلاقي يشذب ما علق به من تناقضات حكمتها رغبات ونزوات أملتها الأحداث والظروف، وبالنتيجة تقع علينا جميعا مسؤولية وشرف المساهمة في حل كل إشكال وطني يحاول الايحاء عن عمد بالامتناع عن التفاخر بالمتحقق، وأن حجج وترويجات أحقية هذا الطرف أو ذاك في الوقت الراهن ما هي إلا إذكاء وتحريض يصدر ممن هو بعيدا عن الميدان، فالوقت لا يسمح بالرد على تفاهات تطلق بقصد شق الصف أو فتح جبهات فرعية، وبالتالي التأثير المتعمد على الهدف المركزي ألا وهو تحرير العراق، لذا فلا غرابة بسماعنا اليوم العجب العجاب فعدد ليس بالقليل من هؤلاء لهم مآرب وغايات، يقف في مقدمتها تشتيت الوعي الجمعي، ومن يدعي عكس ما يقوله الواقع ستكون الاحداث كفيلة بتخطيه وهذا هو الحل.

 

جدير بنا أن نعي أن ثمة مكيدة وفخ منصوب لهذا البلد والشعب بأن لا تقوم له قائمة، فخلق مفهوم الأقليات والأكثريات والقوميات والمذهبيات وهكذا أمسينا في متاهة ونكوص قيمي، كل مستعد أن يتعاون مع الشيطان من أجل رد الاعتبار لنفسه ومصالحه الأنانية..إلا البعث.. الذي أستطاع بعمقه وخبرته وحنكته أن يعمل للوصول الى تكذيب القاعدة التي تقول "الشعوب على دين سلاطينها"، لنرى ونلمس صدق النهج من خلال تماسكه ليستقطب شعب العراق الشعب العجب بعيدا عن الطائفة والعرق بعد أن فهم أن إقامة دولة العدل الفاعلة القوية أن أريد لها أن تكون، فأنها ستكون دولة الأمل وفي ذلك تكمن المراهنة الكبرى على البعث الذي جربوه وعايشوه سلما وحربا، فهم يدركون انهم والبعث أكثر التصاقا بالأرض، وأخذت علاقتهم بعدا عاطفيا وأمست محبتهم متواشجة مع ما قدموه للعراق مالا ودما وعرقا، واليوم ثبت ان البعثيين ( يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة )، فالشجرة الطيبة من الاكيد ستكون ثمارها طيبة، هذا هو البعث الذي وضع في التاريخ بصمته، وهذا هو البعث الذي يحتار اللسان في ماذا ينطق عنه.. وماذا يقول؟ وماذا يحصي له من انجازات؟ فكلها مرتبطة باسمه.

 

في الوقت الذي نجد المرتزقة اليوم يتمسكون بأن مصالحهم تحظى بالأولوية على حساب المواطن، من خلال تحويل العراق الى غابة يأكل فيها القوي الضعيف، نجد ان البعثوفق منظوره يرى من المتعذر والمستحيل أن يحصل تغير في السلوك والمنحى العام إلا باستحضار القيم والأخلاق، وإذا ما رجعنا إلى التاريخ المعاصر للاستزادة وقارنا بين قتال المناضل الفييتنامي المنظم بجبهة تحرير جنوب فييتنام وقتال المرتزق الفييتنامي تحت راية العملاء نجد ان الأول يقاتل قتال الأسود والثاني يقاتل قتال بنات آوى، مع أنهما من بلد واحد وشعب واحد وهذا هو الفرق بين قتال الجندي المؤمن والجندي الذي يقاتل بدون هدف وبلا قضية، وهذا هو الفرق ما بين التقليدي والعقائدي، كما وأن تاريخ البشرية يؤكد بشكل قاطع أن الأخلاق تمثل دائما واحدة من الدعامات الأساسية لكلّ تقدّم بشريّ، ففضائل الأمة ومكارم أخلاقها هي مصدر قوتها وتماسكها ومنارتها التي تدلها على سبيل التطور والتقدم، وكلما غابت الأخلاق والقيم كان ذلك إيذانا بانهيار الدول وانحلالها وتفكك عراها.

 

ان القيم لا يفهم دلالاتها إلا من يساهم في صنعها ويتعايش معها ويعشقها، والمبدأ الجوهري وفق سياقات الرؤية البعثية التي جسدتها طروحات الرفيق القائد المجاهد عزة ابراهيم الامين العام للحزب هي ان يكون البعث صادقا امينا على المبادئ الوطنية والقومية والإنسانية وان يرتقي الى مستوى الأهداف من حيث عمق معانيها وشموليتها وبذلك تتجسد توصياته لتجسيد الترابط السياسي والأخلاقي والترابط مابين النظرية ككلام وتطبيقاتها العملية كواقع في الممارسة، ومن خلال تأكيده على ضرورة ان يكون البعث كما هو دائما سورا منيعا وحصنا أمينا يستظل به من يستحق أن يكون في حضنه الدافئ، فالبعث أقوىلكونه الأكثر عفة ونقاوة وقدرة، أقوى لكونه مازال حاملا لواء التحرير ولواء الامة، كما وأنه رغم كل ذلك لم يعتمد اسلوب الدعاية لأنه يريد الانجاز بهدوء من خلال التحرير المتناغم وبناء مجتمع التوازن الفكري والاجتماعي والسياسي والاقتصادي والتعليمي.

 

ان كل ما قدمه البعث دلل على أصالة التجربة وعلى أنها لاقت في عقول وضمائر العراقيين الصدى العميق واللمسة المرهفة التي حركت المشاعر والطموح الى كل ما هو عظيم وتأريخي، وفي مثل هكذا اجواء تجد الحرية تربتها الخصبة للنمو، وتجد الديمقراطية مناخ ازدهارها لذا يحق لنا أن نقول البعث يزداد تألقارغم الجراح، وعلى هذا الأساس كان التقاء العراق والبعث لقاءا مصيريا وتاريخيا، فحينما يعتز العراقي بعراقيته ذلك يعني أنه يعتز بعروبته وهذا جزء مهم مما حققه البعث حيثما اتيحت له فرصة جدية لتطبيق أفكاره في مرحلة هي أخطر مما مر فيه عبر تاريخ نضاله فكيف سيكون عليه الحال وهو يطبق أفكاره في أجواء أكثر أمنا، فكل شيء له تاريخ، وحتى المفاهيم لها تاريخ.

 

البعث أصبح هو الرائد والطليعة وهو المنطق والقلعة المحصنة والموقف، وفي عراقنا اليوم مواقف تسجل وذاكرة لا تمحى والأمر يتعلق بالطريقة التي عبرها يمكن بث القيم الفكرية والأخلاقية والسياسية في الوعي الجمعي والتعبير عنها، لذا نجد أن العيون للبعث ناضرة والعقول لنصرته مهيأة ومتحفزة وبفكره وفعله سيكون طوق للنجاة الذي يجسد روح المواطنة باعتبارها واجبا وطنيا وليعود شعبنا أعز وأقوى مما كان تطوراً وارتقاءً، بعد أن ثبت ان الاحتلال ومن يسير في خطاه حمقى لأنهم تورطوا برجال لا تكل ولا تمل، فبارك الله برجال البعث الاسود في ساحات الوغى.

 

mmsskk_msk@yahoo.com

 

 





السبت٢٣ ربيع الثاني ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٧ / أذار / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. منهل سلطان كريم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة