شبكة ذي قار
عـاجـل










من المسلّم به، أن القوانين هي إنعكاس لإرادة المجتمع، فالقانون الوضعي الوطني ينبغي أن يعّبر عن حاجات المجتمع في الوطن الذي ينظم علاقاته الإجتماعية، أما فيما يخص تنظيم العلاقات بين الدول والمنظمات الدولية والإقليمية فأنه يعرف بالقانون الدولي .

 

في موضوعنا هذا، القانون الدولي الإنساني وكيف أن إمبراطورية الشر أميركا تنتهكه ، ولا تحترمه ولا تلتزم به ، فما هو هذا القانون؟ وما هي مواده؟ وما هي أهدافه؟ هذه الأسئلة وغيرها سأحاول ألإجابة عليها بشكل مركز .

 

نلاحظ إن هذا القانون ، هو قانون ودولي وإنساني ، ومفهوم (قانون) ( قاعدة عامة مكتوبة ، تقرّها السلطات العامة بعد التداول ، وتتضمن قبول المحكومين لها بصورة مباشرة أو غير مباشرة) . اما القانون الدولي ، فقد عرّفه الكثيرون من فقهاء القانون ، ومن بين هذه التعاريف هو : مجموعة القواعد القانونية التي تحكم الدول وغيرها من الأشخاص الدولية في علاقاتها المتبادلة ، ومن هذا يتضح بأن أشخاص هذا القانون هم الدول والمنظمات الدولية والفرد أكان طبيعيا أم إعتباريا.

 

ومنذ وجود هذا القانون نراه قد إهتم بظاهرة النزاعات المسلحة ، والتي هي الأخرى لها قانونها الخاص ، والذي يتعلق بتحكم وسائل وأساليب القتال والإحتلال والحياد التي وردت في قواعد إتفاقية لاهاي الصادرة في 18 كانون أول / ديسمبر1907م .

 

أما القانون الدولي الإنساني ، فقد عرّفته اللجنه الدولية للصليب الأحمر بأنه ( مجموعة القواعد الدولية التعاهدية والعرفية التي تستهدف معالجة المسائل الإنسانية الناجمة عن النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية والتي تقيد لمبررات إنسانية ، حق الأطراف المتصارعة بإستخدام الوسائل والسبل في الحرب بهدف حماية الأشخاص وألأعيان التي يمكن أن تتاثر بالنزاع ) .

 

من هذا التعريف ، يتضح لنا أن هذا القانون يتّسم بالآتي :

- قواعده آمرة ، أي أنها ملزمة للآخرين ، فهي ليست (قواعد أخلاقية) في حالة إنتهاكها يكفي الشجب أو الإستنكار ، فإذا هي قواعد قانونية ، في حال إنتهاكهاا تشكل جرائم حرب ، وهذا ماتجسّد في النظام الأساس للمحكمة الجنائية الدولية التي أعتمد في روما بتاريخ 17 تموز/ يوليو 1998 ، وأفرد المادة 8 منه لجرائم الحرب ، ولا يعتد بأن بعض الدول لم تنظم إلى هذا المعاهدة مثل أميركا ، لأن هذه القواعد لا يجوز للدول أو غيرها من أشخاص دولية مخالفتها متى إلتزمن بها ، وأشكال الإلتزام مختلفة فقد تكون تعاقدية أي بموجب التصديق أو الإنظمام إلى معاهد ما ، وقد تكون هذه القواعد مقننة في معاهدات بالنسبة لبعض الدول وعرفا بالنسبة لدول أخرى .

 

- التمييز بين المدنيين وغير المدنيين في العمليات العسكرية .

-  التناسب ، ومعناه ، التناسب بين آليات قصف الأهداف والأضرار الناجمة عنها والميزات العسكرية المنتظرة ، حيث يمنع إستخدام وسائل الحرب التي تسبب أضرار مفرطة في الأعيان المدنية أو أضرارا طارئة للمدنيين .

 

أهداف القانون الدولي الإنساني :

نستطيع القول أن للقانون الدولي الإنساني هدف رئيس هو : حماية ضحايا النزاعات المسلحة دولية كانت أو غير دولية ، وتتوزع هذه الضحايا كا لآتي :

 

- السكان المدنيون  .

- المقاتلون ، ما أن يرموا سلاحهم ، وهذا يشمل ( الأسرى والجرحى والمرضى المقاتلين )  .

- حماية الأماكن المدنية من جسور ومحطات كهربائية وغيرها .

- حماية الأماكن الثقافية .

- حماية أماكن العبادة ، والأشخاص القائمين عليها .

- المنشآت الصحية والآليات التابعة لها .

-  حماية ألأشخاص والمؤسسات ألأعلامية  والمنظمات الإنسانية والعاملين فيها .

 

مواد القانون الدولي الإنساني :

قد يتصور البعض إن هذا القانون كغيره من القوانين له مقدمة ومواد متسلسلة، لكن مواد هذا القانون وفي تقديرنا أهم من بقية القوانين ، ذلك لأنها تتألف من إتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949م اللاتي قنن القواعد التي يجب أن تسلكها القوات المسلحة في النزاعات المسلحة ، وألحقت بهذه الإتفاقيات برتوكولان لعام 1977 م، وإن مجموع هذه تكون ما نعرفه بالقانون الدولي الإنساني ، وهي كالآتي :

 

   - الإتفاقية الأولى المتعلقة بتحسين أحوال المرضى والجرحى خلال الحرب البرية.

   - الإتفاقية الثانية المتعلقة بتحسين أحوال الجرحى والمرضى والغرقى في الحرب البرية .

   - الإتفافقية الثالثة المتعلقة بشأن أسرى الحرب.

   - الإتفاقية الرابعة المتعلقة بحماية المدنيين في أثناء النزاعات المسلحة الدولية .

   - البروتوكول الأول المتعلق بالنزاعات المسلحة الدولية .

   - البروتوكول الثاني المتعلق بالنزاعات المسلحة غيرالدولية .

 

مما تقدم يظهر جليا إن هذا القانون يهتم بحقوق الإنسان ولكن زمن الحرب ، والبعض يسميه ( قانون حقوق الإنسان زمن الحرب ) .

 

لو طبقنا بنود هذا القانون على مافعلته أميركا ، فلا يحتاج المرء لبذل جهد لكي يخرج بنتيجة بأنها قد أنتهكت  هذا القانون إبتداءاَ من اليابان وفيتنام وأمريكا اللاتينية والصومال ويوغسلافيا وأفغانستان وليس آخرا العراق . ( ومذ خرجت أميركا من الحرب العالمية الثانية كقوة عظمى، تحولت إلى شيء آخر ، في العالم القديم الذي جاءت منه ، أصبحت أميركا رمزا للأنانية الخطرة بدلا من الإمكانات الجديدة كقوة عظمى، هي فظة في تصرفاتها، غير مكترثة ولا مبالية بآثار سيطرتها الثقافية على الشعوب الأجنبية، أنانية بقسوة في سياستها الخارجية، لاترحم أعدائها وعشوائية في إستعمالها للأسلحة الهائلة الموجودة تحت تصرفها ) . وهي ليست كباقي الأمبراطوريات القديمة بل أضحت إمبراطورية من طراز جديد بمعنى أنها تقود الشر في العالم ، وإذا كانت الإمبراطوريات القديمة كالوحش في البحر الذي يريد أن يأكل السمك الصغير ، فإن أميركا تريد أكل البحر كله  .

 

وخير دليل على إنتهاكات أميركا للقانون الدولي الإنساني ، هو أنها تركت سجل إجلاامي في العراق عند إحتلالها لهذا البلد ، فنتحدث عن مليوني شهيد ، وخمسة ملايين يتيم ، وثلاث ملايين أرملة ، وخمس الشعب العراقي أُمي ، ناهيك عن تدمير البُنى التحتية .

 

والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو هل يكفي التنديد بما فعلته هذه المارقة على القوانين ؟ ، الجواب عند الشعوب التي كانت ضحية لأفعال أميركا وحلفائها .

 

المصادر:

- محمد حسنين هيكل ، 29 / 7 / 2004 قناة الجزيرة ، مع هيكل

- د. امل يازجي ، كلية الحقوق ، جامعة دمشق ، القانون الدولي الإنساني ، ورقة عمل مقدمة إلى الضابطة العدلية في قضايا حقوق الإنسان والأمن الإنساني / عمان - الأردن

-  بيتر سكاون / أميركا - الكتاب الأسود / الدار العربية للعلوم 2002 .

باسيل يوسف ، منظور الولايات المتحدة الأمريكية للقانون الدولي الإنساني في القرن الحادي والعشرين ، مجلة بيت الحكمة - دراسات قانونية 2002 .  

اندريه هوريو ، القانون الدستوري والمؤسسات السياسية .

 

 





الاثنين٠٣ جمادي الاول ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٦ / أذار / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. ميثم علي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة