شبكة ذي قار
عـاجـل










هذه هي القمة ال36 منذ ان تأسست جامعة الدول العربية عام 1945 , وهذه القمة الثالثة التي تعقد في بغداد . ونالت القاهرة نصيب الاسد في عقد القمم العربية حيث عقد فيها حوالي 10 قمم , وجاءت المغرب ثانية , ورغم هذا العدد الكبير من القمم , واضعاف هذا العدد من مؤتمرات وزراء الخارجية العرب , ومثله مؤتمرات الاقتصاد والتجارة والداخلية والرياضة العرب .


وللحقيقة فان المؤتمرات الناجحة كانت اجتماعات وزراء الداخلية والرياضة . اما مؤتمرات القمة فلم تسفر عن اية نتائج تذكر تصب في صالح ابناء الامة العربية . بل شهدت القمم المتتابعة العديد من المناكفات والمشاحنات واحيانا الصراخ والسباب والشتائم والتخوين , واحيانا شهدت القمم الاستهتار او النوم او الغياب وتمثيل الدولة المعنية بوزير او سفير او مندوب الدولة في الجامعة العربية .


لقد اتخذت القمم عشرات بل مئات القرارات والتوصيات التي ظلت حبرا على ورق , ولم ينفذ منها الا القليل تحت ضغط عدد من الدول المهمة والفاعلة في المحيط العربي . ويمكن القول ان القمم الناجحة كانت عندما تتوافق سوريا والعراق , او سوريا ومصر , او مصر والعراق . وعلى سبيل المثال فقد نجحت قمة بغداد التاسعة عام 1978 في ضؤ توافق القيادتين السورية والعراقية انذاك , وعزمهما على انشاء قيادة موحدة , وقد اتخذت تلك القمة قرارات في غاية الاهمية انطلاقا من المبادىء التي تؤمن بها الأمة العربية واستنادا إلى وحدة المصير العربي والتزاماً بتقاليد العمل العربي المشترك .


وقد اعتبرت تلك القمة أن قضية فلسطين قضية عربية مصيرية وهي جوهر الصراع مع العدو الصهيوني.. وإن أبناء الامة العربية وأقطارها جميعا معنيون بها وملزمون بالنضال من أجلها وتقديم كل التضحيات المادية والمعنوية في سبيلها وأن النضال من أجل استعادة الحقوق العربية في فلسطين والأراضي العربية المحتلة مسؤولية قومية عامة وعلى جميع العرب المشاركة فيها كل من موقعه وبما يمتلك من قدرات .عسكريةواقتصادية وسياسية وغيره وعلى كل الأقطار العربية تقديم كل أشكال المساندة والدعم ولتاكيد المبادئ القومية اقر المؤتمر العزم على التحرير الكامل لجميع الأراضي العربية المحتلة في عدوان حزيران 1967 وعدم التنازل أو التفريط في أي جزء من الأراضي أو المساس بالسيادة الوطنية عليها ,.


وتحرير مدينة القدس العربية وعدم القبول بأي وضع من شأنه المساس بسيادة العرب الكاملة على المدينة المقدسة.
والالتزام باستعادة الحقوق الوطنية للشعب العربي الفلسطيني بما في ذلك حقه في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على ترابه الوطني.


واقر المؤتمرعدم الموافقة على اتفاقيتي كامب ديفيد بين مصر والكيان الصهيوني وعدم التعامل مع ما يترتب عليهما من نتائج ورفضه لكل ما يترتب عليهما من آثار سياسية واقتصادية وقانونية وغيرها من آثار.


وتعهدت الأقطار العربية بتقديم مساعدة سنوية ولمدة عشر سنوات لدعم الجبهة الشمالية والجبهة الشرقية ومنظمة التحرير الفلسطينية ونضال الشعب الفلسطيني في الارض المحتلة بقيمة 3 مليارات و300 مليون دولار..


توزع هذه المبالغ على الجمهورية العربية السورية 1850 مليون دولار. المملكة الأردنية الهاشمية 1250مليون دولا , ومنظمة التحرير الفلسطينية 250 مليون دولا
وقد اقر المؤتمر نقل مقر الجامعة العربية من القاهرة الى تونس .


هل يمكن للمؤتمر الحالي الذي ينعقد في بغداد غدا الخميس ان يتخذ مثل هذه القرارات ؟ الكل اجمع ان مؤتمر بغداد الذي يعقد تحت ظل اعوان الاحتلال الامريكي في المنطقة الخضراء لن يخرج بأي قرار يعود بالخير على الامة العربية وعلى قضاياها المصيرية , وفي احسن الحالات قد يتبرع المجتمعون بمعونة مالية الى السلطة الفلسطينية التي تعاني من ضائقة مالية كبيرة , بسبب حجز الكيان الصهيوني لاموال السلطة , كاحد اشكال الحصار الذي يمارسه لمعاقبة الشعب الذي يصر على مقاومة الاحتلال .


ان المتحمسين لانعقاد القمة في بغداد اليوم هم جماعة سلطة نوري المالكي , من اجل ان يجدوا لهم مكانا في الوسط العربي الرسمي , في حين ان غالبية الشعب العراقي يجدون في انعقاد القمة في هذه الظروف هو اهانة لابناء العراق الذين شاهدوا غدر بعض الانظمة لهم , عندما فتحوا اراضي بلدانهم واجوائها وبحارها امام القوات الغازية , سواء في العدوان الثلاثيني 1991 , او في الغزو عام 2003 . ولولا الاسناد العربي الرسمي لوجستيا واعلاميا وسياسيا , لما تمكنت القوات الغازية من الوصول الى ارض العراق ابدا .


لقد انفقت حكومة المالكي حوالي نصف مليار دولار من اجل عقد قمة هزيلة بكل معاني الكلمة , وقد ذهب قسم كبير من هذه الاموال الى جيوب الفاسدين المقربين من المالكي , اذ لا يعقل ان يتم صرف 350 مليون دولار على صيانة عدد من فنادق بغداد المعروفة , بل ذهبت تلك الاموال الى السماسرة والفاسدين . ولا يهم المؤتمرين الذين لن يجلسوا في بغداد الا لساعات محدودة يوم الخميس , ان تصبغ شوارع بغداد وبناياتها بالالوان ,وهذه الاموال هي ملك الشعب العراقي وهو احق بها , لايصال الكهرباء والماء الصالح للشرب , وايجاد فرص للعمل .


لقد تصرفت الدول العربية انظلاقا من مصالح ضيقة لا تمس صميم القضايا العربية المصيرية , بل كل قطر ينطلق من نهجه القطري ومصالحه الذاتية , والجميع يسير حسب توجيهات الادارة الامريكية . فهذه الادارة المأزومة تريد كسب الوقت للوصول الى الانتخابات في اجواء ملائمة على الصعيد الداخلي والخارجي . وما يهمها في الوقت الحاضر ايجاد منفذ لحل الازمة مع ايران سلميا , وبالذات في مسألة برنامجها النووي . ومن اجل هذا الهدف مستعدة لمقايضة العراق كلة ومنحه الى ايران مقابل حل الازمة النووية , ولاسيما بعد أن سيطرت شركات النفط الغربية على الثروات النفطية العراقية , بعد ان كانت لسنوات طويلة ملكا للشعب العراقي بعد قرار التاميم الخالد عام 1972 الذي كان الشهيد صدام حسين مهندسه الاول والمشرف على تنفيذ كل حلقاته الفنية .


مؤتمر القمة في بغداد رغم فشله على كل الاصعدة , سوف يعد عقده في بغداد تحت حراب الاحتلالين الامريكي والايراني وصمة عار في جبين الذين عقدوه والذين حضروه , لانهم منحوا المحتل واعوانه شرعية مجردة من الاخلاق والقيم , كما انه تنصل من الثوابت التي اتفق عليها العرب ازاء قضية فلسطين والعراق .

 

 





الخميس٠٦ جمادي الاول ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٩ / أذار / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. حسن طوالبه نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة