شبكة ذي قار
عـاجـل










( يا أيها الذين آمنوا أصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون )

صدق الله العظيم

 

 

التغييرات العميقة في حياة الأمم والتي تفرض إرادة حدوثها تحت وطأة حاجات حضارية وتحت إلحاح التوق الشعبي لصيرورة تخرج الأمة من مأزق الارتماء في عوامل السقوط إلى الوراء من خط سير موصوف لقافلة البشرية نتيجة عوامل ذاتية وأخرى موضوعية, هكذا تغييرات تقتضي أول ما تقتضيه صهر إرادة الجزء الفاعل من أبناء الأمة في عمل جمعي يتصف بالرسالية ويعانق الخلود المقترن بصدق النوايا وتحرير الطاقات تحريرا تاما في مهمة محددة بتكثيف ثوري ضمن إطار الخط العام للأهداف المرجوة والتي تشكل روافع الرجاء الوطني والقومي والإنساني، متداخلة مع بعضها بحيث يصير كل هدف بمثابة دستور مقدس يتلذذ الرساليون بالولاء والانتماء والعمل تحت سطوته الممثلة لسطوة إنسانية الأمة ونزعاتها الحقوقية والاستحقاقية وفي ذات الوقت تطل مكثفات الأهداف وشعارها الذي هو أيضا دستور بذات الروحية والتوجه على نظرية العقيدة بآفاقها الكائنة فعلا، وتلك التي تترك نهاياتها مفتوحة للإضافة الخلاقة من قبل المنصهرون في بوتقة الطهر القومي والحاملين لأدواته التنفيذية.

 

وعلى هذا .. فان الفرق شاسع في مفهوم السياسة والعقائد المعبرة عنها اجتماعيا واقتصاديا وتربويا وبين الحزب الذي يولد ليحقق أهدافا سياسية بعينها وضمن إطار التوازنات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تفرضها اللعبة التعددية للعقائد والاتجاهات السياسية وضرورات التمثيل أو التصدي لمهمات الحكم والسلطة بحد ذاتها, وبين حزب ثائر أو حركة تحررية جمعية رسالية تقع أهدافها وغاياتها وعقائدها في مسارح أبعد ببعيد من مسرح السياسة ومهمات استلام السلطة لأنها ببساطة تمثل قدر إعادة تشكيل حال امة بكاملها.

 

إن البعث ليس حزب سلطة ولم يولد قبل 65 سنة بهدف استلام سلطة، وهو ليس حزب وحدة جغرافية عربية أخذت اسمها وهويتها القطرية بعد حرب العالم الثانية ونتائجها المعبر عنها بخاسر ومنتصر والمعبر عنها بجزيات وفديات الرابحين والخاسرين ومن بينها توزيع الوطن العربي إلى كانتونات نفوذ سميت جزافا دولا ومنحت سيادة صورية لا تتحقق ميدانيا إلا في صيغ المناكفة بين بعضها البعض في الوقت الذي تعجز فيه عن تحقيق أبسط متطلبات الكينونة المستقلة أمام مَن كان مجتهدا في بعث وجودها السرطاني المنبثق من قلب وطن واحد لا يقبل التجزئة إلا قسرا، ولن تعود له أنشطة الحياة العضوية الحقة إلا بالعودة إلى صورته التي أرادها له الله وطنا واحدا وأمة واحدة وبادراك الجميع إن إرادة الله تتعارض وتتناقض مع كيانات السيادة الزائفة التي فرختها مصالح الجزية والفدية بين الخاسرين والمنتصرين في الكونية الثانية.

 

البعث حزب رسالة ولد ليوحد الأمة ويعيد بعث عناصر الخلق والإبداع فيها ويرجع حضورها كقوة إنتاج و فعل إنسانية وكهوية تكمل خارطة الكون، وولادة البعث لم تكن بهدف إضافة اسم إلى خارطة الأحزاب القومية أو اليسارية أو الدينية أو الليبرالية بقدر ما كانت حاجة نابعة من ضمير الأمة المكبل بقيود وإرهاصات التجزئة المفروضة فرضا والتخلف المستوطن رغم قدرات الانجاز والفقر المدمر للجسد العربي رغم غنى الأمة الفاحش واستعداد أرضها للعطاء الثر وسماءها للغيث المنهمر وأبناءها للتوحد والانصهار تحت إرادة الوحدة والحرية والاشتراكية كمصدات مقدسة تمزق سكون الواقع النائم على معطيات أقحمت عليه لتميته سريريا وهو لما يزل حيا يُرزق.. البعث ولادة للحياة في خلايا حية لكنها معطلة عن أداء وظائفها الحيوية والخلية الحية هي الأمة العربية التي تعصف بها سرطانات التجزئة والاستلاب والفقر.

 

ولأن البعث ليس حزب سلطة فلقد سقطت حسابات الامبريالية والصهيونية والقوى المحلية والإقليمية التي عولت على الاجتثاث المعَد والمحسوب بقياسات، قد تنجح لحزب وُلد ونما وقاتل من أجل السلطة كغاية بحد ذاتها. السلطة عند البعث لا تعدو كونها وسيلة من بين الوسائل و مسلكا من بين المسالك التي لا يرتجي منها البعث الثائر غير خدمة قضية الانقلاب الثوري على الذات وعلى الواقع كوسيلة لتحقيق الانبعاث وتجديد الصيرورة وكمنهج لانجاز أهداف الثورة العربية القومية الوحدوية التحررية الاشتراكية وما يفضي عنها وبها لتحقيق وإدامة رسالة الأمة الخالدة القومية والإنسانية.

 

مضامين خطاب الصدمة والترويع التي أنارت ما اشرنا إليه أعلاه وأعادت صياغته من جديد ضمن قدرات البعث المشهودة في التجدد الفكري وفي إعادة عمارة وهيكلة الفكر المعبر عن العقيدة، وقفت عند مستلزمات وضرورات إدامة زخم الانقلاب العربي الشامل ورفد العقل وذراع التنفيذ بممكنات الارتقاء بالفعل البعثي يمكن أن نقتبس بعضا منها في:

 

1-  تحية النضال والكفاح والجهاد ورفقة الدرب الطويل المعمد بأوسع العطاءات والفداء تحياتي الخاصة وتقديري العالي لرفاق الجيل الأول المتواصل في مسيرة العز والكرامة، لمناضلي البعث في وطننا العربي الكبير، وخاصة في عراق العروبة ورسالتها الخالدة الذين رصفوا اللبنات الأولى لهذا الصرح العظيم المجيد الشامخ المتألق، الذي تحطمت على جبهته أعتى قوى البغي والعدوان والطغيان في العالم

 

( القائد المجاهد هنا يعبر عن منهج الوفاء وديمومة الصلة بين أجيال بعث الرسالة تأكيدا لقيم البعث الأخلاقية ولديمومة الاتصال المبدع بجذور الانطلاق الخالدة الفذة. القائد هنا يعبر عن التغذية المستديمة للحاضر بجذر الانطلاق الأول بما يؤكد على أمانة الحفاظ على إشراق المبادئ والعقيدة في نفوس الرجال الرساليون اليوم  كما جاءت في مهدها الأول وكما عبر عنها جيل مؤتمر التأسيس الخالد بأذن الله بما أنتجه من أرضيات الثورة التي تمثلت ثورة الإسلام الحنيف وانبثقت في مسماها وغاياتها من روحه المقدسة )

 

2- وعبر عن نزوعها المشروع إلى درس المجد والعزة والكرامة، وحتى عبر بحق عن أخيريتها بين الأمم في قدرتها على الأداء البطولي والعطاء والإبداع والانبعاث والتجدد، وحتى عبر بكل صدق وإخلاص عن أوسطيتها بين الأمم في الهدي والقيادة والريادة، ولتكون شهيدة على الأمم بما قدموا وأخروا، وبما غيروا وبدلوا.

 

( هذه هي تطلعات الأمة, كما حددها هنا الرفيق القائد مؤكدا ومذكرا, وهذا هو توقها الذي تمثله وهضمه بعث الرسالة وسيبقى يتمثله.. المجد والعزة والكرامة,, وكون أمتنا أمة اختارها الباري جلّ في علاه لتكون الحامل والشاهد لرسالاته عموما ولرسالة الختم الإسلامية المباركة خصوصا ... وأمة الاختيار الرباني أمة للبطولة وللعطاء الثر الدائم التي لا يمكن أن تركن أو تقبل بغير هذه الأرجحية، وهذا المقام وهي أمة شرفها الإسلام في أن تكون امة وسط بين الأمم في اعتمار قيم الهدي والقيادة والريادية )

 

3- هذا هو بعثنا اليوم كما ولدته الأمة قبل خمسة وستين عاماً، لم يزل نقياً طاهراً زكياً ثائراً مجاهداً ومعطاء. وأعلموا أيها الرفاق المناضلين في حزبنا وفي تيارنا القومي التقدمي التحرري العريق في أمتنا.

( لفتة أخرى جديرة بإثارة الانتباه والوضع تحت أضواء التوسع والتبني المشرف فالبعث ولد قبل 65 عاما طاهرا نقيا زكيا ثائرا مجاهدا معطاء ولما يزل يتحلى بذات الصفات الطيبة ولم تتمكن العاديات على كثرتها وأدوات الشيطنة والتبشيع أن تنال من طهره وعفته وزكي العطر المنبعث من فعله الثوري الجهادي البطولي )

 

4- لقد كان بعثنا المجيد ولا يزال وسيبقى إلى الأبد يمثل روح الشعب العظيم ويمثل روح الأمة المجيدة فهو النموذج والمثل، وهو القيادة والريادة لمسيرة الجهاد المقدس. فهو اليوم في العراق كما أرادته الأمة يفجر ثورتها الكبرى ويؤججها، ويقود مسيرتها الكفاحية، ويحمل رسالتها الخالدة عقيدة ومبادئاً وأهدافاً وقيماً ومثلاً كريمة وشريف

 

 ( فالبعث ليس حزب نخبة ولا حزب قبيلة ولا فئة ولا عرق، بل هو حزب الأمة كلها بكل أديانها ومذاهبها وقبائلها وعليه فهو حزب لأهداف العرب ومَن تعايش معهم على أرضهم عبر الزمن الممتد بعمق حضارة وكينونة الأمة الممتدة لأكثر من ثمانية آلاف عام.. وها هو البعث كما وُلد ثائرا وقائدا لثورة العرب ولجهادهم المقدس لاستعادة حقوقهم في الحياة الحرة الكريمة واستحقاقاتها المرتبطة في التطور والتقدم والرفاه.. انه البعث المؤمن والمحرض على الوحدة والساعي لها والمتمثل لقدريتها ولقيمتها العظمى الحياتية للعرب وهو المحرض على الثورة ورفض التخاذل والتسلط والدكتاتورية )

 

5- هذا هو بعثنا اليوم كما ولدته الأمة قبل خمسة وستين عاماً، لم يزل نقياً طاهراً زكياً ثائراً مجاهداً ومعطاء. وأعلموا أيها الرفاق المناضلين في حزبنا وفي تيارنا القومي التقدمي التحرري العريق في أمتنا. ولتعلم جماهير أمتنا الثائرة في وطننا الكبير وطنيين قوميين وإسلاميين، إن أي شيء قد حصل في مسيرة البعث فيما مضى، أو قد يحصل لاحقاً، من رجاله أو قياداته أو مؤسساته أو منظماته خارج هذا الوصف، أو يتقاطع معه، وخارج هذه المهام أو يتقاطع معها، فهو مردود على من أحدثه، وهو ليس من البعث، والبعث يراد منه ومن جاء به إن كان متعمداً وقاصداً.

 

(صدمة أخرى لأعداء البعث والمتاجرين بأخطاء وممارسات حسبت على الحزب في حين إن البعث كعقيدة كان وسيبقى طاهرا نقيا وكحزب يبقى أخلاقيا ورسالي ومنضبط ولا يمكن أن يتحمل اخطاءا ارتكبها أفراد هم وحدهم مسؤولون عنها لأنها لم ولن تقر من الحزب ككيان وكينونة. فلقد برهنت الأحداث إن مَن اخطئوا قد كانوا من نفعيين وانتهازيين ومتحزبين لأغراض محددة وان هناك من دس دسا واخترق صفوف التنظيم ليمارس اخطاءا ورذائل باسم الحزب في الوقت الذي كان فيه يقبض الثمن من احمد الجلبي الخائن أو من حزب الدعوة العميل أو من طابور إيران الخامس الأراذل ).

 

6- فلا مكان في حزب الرسالة للطيرة ولا مكان في حزب الرسالة للتشاؤم. ولا مكان في حزب الرسالة لليأس والقنوط. ولا مكان في حزب الرسالة اليوم للعنصرية والطائفية والقبلية والإقليمية والعائلية. ولا مكان في حزب الرسالة اليوم للمحسوبية والمنسوبية والمسؤولية. ولا مكان في حزب الرسالة اليوم للتردد والتراجع والتقهقر، وإنما هو ثورة كبرى شاملة وعميقة يحرق لهيبها كل الصفات الذميمة الرديئة المتخلفة السيئة في نفوس وضمائر أبناء البعث ورجاله، لكي ينير بالصفات الحميدة الشريفة في ضمائر أبنائه ويثورها وينورها ويفجرها عطاءً وإبداعاً، فتزدهر وتسفر عطاء سخياً لا ينضب. فالبعث علم وحزم وإقدام وعطاء. فرج وتجدد واستبسال وفداء، وهمة وفروسية وبطولة وصدق وإخلاص وأمانة. والبعث إيثار ومحبة وتسامح. والبعث إيمان عميق بالنصر حد إيمان عين اليقين، وتفاؤل بالخير واستبشار بالنصر على الدوام حتى يأتي الله بنصره، وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم. هذا هو بعث العروبة ورسالتها الخالدة، قد جاء منذ يومه الأول ثورة شاملة وعميقة لتحقيق التغيير الجذري والشامل في حياة الأمة وواقعها المر المتخلف المريض.

 

 ( لا مكان في البعث للطائفية ولا للطائفيين .. قول فصل صدم مَن سقطوا وتهاووا في أتون آثامها وإجرامها ولا مكان في البعث للمحسوبية والمنسوبية ولا للتشاؤم والقنوط. المجاهدون والمناضلون ينطلقون من ذوات مؤمنة والمؤمن يعيش الرجاء مع رب العزة ويعيش الأمل مع الإيمان بوعد الله الحق. والمؤمنون البعثيون الرساليون يحثون الخطى بلا تراجع نحو انجاز مهمات إستراتيجية المقاومة والتحرير ويعيشون تفاصيل النصر .. لأنهم يتصلون بروح الباري جلّ في علاه وما النصر إلا من عند الله ).

 

يتبع بإذن الله

 

 





السبت٢٢ جمادي الاول ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٤ / نيسان / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أ.د. كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة