شبكة ذي قار
عـاجـل










كما هو دائما يبدأ القائد خطابه في نيسان بكلام الله رب السماوات والأرض ، وفي خطابه بذكرى تأسيس الحزب ابتدأ بالآية القرآنية :

 

بسم الله الرحمن الرحيم

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ

صدق الله العلي العظيم

 

حين القول "يا أيها الذين آمنوا" فهي مناداة للذين صدقوا الله ورسوله ، وفي ذلك يقول رسول الله ‏صلى الله عليه وسلم : ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله ‏إنا لله وإنا إليه راجعون ، اللهم ‏ ‏أجرني ‏ ‏في مصيبتي‏وأخلف ‏لي خيرا منها إلا أخلف الله له خيرا منها ، ومن المعروف ان مسيرتنا وتجربتنا تعرضت لتآمر الاعداء ، وخلف ذلك التآمر مصائب وأهوال ، وقد تكون أشد ، الله وحده أعلم ، إلا ان رجل الايمان والقيم دائما يكون ذو رباطة جأش وصبر على البلاء وثبات على المبادئ رغم كيد الكائدين ، وهذا يستوجب الصبر والثبات وبعون الله ومشيئته سنكون أمام وعد الله ، فالأمة التي تتطلع إلى نصر يرفع عنها الذل والهوان وينقلها من دركات المهانة والإذلال إلى درجات العزة والرفعة والسمو ، ويمن الله عليها بنصراً يعيد لها مجدها ، ولاشك أن الناصر هو الله تعالى وحده ، وهذه عقيدة الموحدين التي لا يساومون عليها ولا يشكون فيها ، عقيدة ثابتة مغروسة في النفوس .

 

تحية الجيل الأول :

قدر البعث ان يكون له صفوة خيرة مؤثرة من الرجال ، توارثت على حبهم الاجيال ، لكونهم أعلام مشهورة ، هم من غرسوا في عقولهم وقلوبهم حب البعث وتعشق مبادئه ، وكانوا بحق فرسان المسيرة تعايشوا مع الوعد والوعيد والشوق والتهديد ، وحملوا الرسالة وأفنوا حياتهم في سبيلها وأوفوا لها ، ناقشوا تفاصيل التفاصيل لتشذيب النظرية ، ساهموا بكتابة المسيرة من أجل التاريخ ، وليس لأمر يخصهم ، وكان همهم الوحيد الوطن والقومية والإنسانية ، ووظفوا الحزب لخدمة قضايا الامة بصدق وموضوعية ، وشهادة القائد لهم وسام وتاريخ ، فهو يخاطبهم بالقول " تحياتي الخاصة وتقديري العالي لرفاق الجيل الأول المتواصل في مسيرة العز والكرامة ، لمناضلي البعث في وطننا العربي الكبير، وخاصة في عراق العروبة ورسالتها الخالدة الذين رصفوا اللبنات الأولى لهذا الصرح العظيم المجيد الشامخ المتألق ، الذي تحطمت على جبهته أعتى قوى البغي والعدوان والطغيان في العالم ، ولم يزل شامخاً زاهياً يزداد متانة وصلابة ورسوخاً وتألقاً ، معبراً وبوعي عال ، وبكل قوة وجدارة وحنكة وحكمة ، عن إرادة الأمة التي أنجبته وأرضعته من لبان المكارم والمحامد ، حتى إذا استوى وبلغ أشده عبر بكل صدق وإخلاص عن إرادتها الحرة العزوم ، وعبر عن نزوعها المشروع إلى درس المجد والعزة والكرامة " هذا هو حقهم واستحقاقهم ، أليس ذلك من دواعي الأمانة والموضوعية ، فمبارك لهم ثناء القائد وتحيته وإنصافه.

 

منزلة الأمة العربية والإسلامية بين الأمم :

يحق لأبناء الامة التفاخر بمنزلتها حيث قال القائد فيها ما نصه "أخيريتها بين الامم في قدرتها على الاداء البطولي والعطاء والإبداع والانبعاث والتجدد وأوسطيتها بين الامم في الهدي والقيادة والريادة ولتكون شهيدة على الامم بما قدموا وأخروا وبما غيروا وبدلوا " الله الله هذا هو الكلام الذي يجسد الحقائق بنكران ذات بعيدا عن الانقياد الشاذ ، نعم هذه هي نظرة الحزب وقائده حين عبر بصدق وإخلاص وبثقة عن الأمة التي أكرمها الله سبحانه وتعالى لتبقى بمناى عن كل تبعية أو انقياد أعمى ، وسهلت عليهم رؤية الحق واعتناقه ، ولم يصبهم الغرور بما عندهم ليتعالوا كما فعل غيرهم فكانوا الأصلح لتحمل أعباء الرسالة ، واستنهضوا النفوس من خلال تمسكهم بالمعاني الفاضلة ، كالصدق والنخوة والعزة والإباء والإغاثة والتضحية والجهاد في سبيل الله ، وكذلك الاخلاق العربية التي هي من صميم الدين ، فلا يصلح لهذا الدين إلا انسان يعشق كل تلك المعاني ، وقد قال الرسول صلى الله عليه و سلم :

 } إنما بُعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق }

والعرب نظرتهم شمولية ثاقبة للتعاطي وحال الأمة ، فقد فضل الله أمة العرب على غيرها من الأمم بأن جعل خاتم الأنبياء منهم ، وجعل القرآن بلغتهم } ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء { {الجمعة:4} ، وليس لأحد أن يعترض } اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ { {الأنعام:124}، وإن كان مبدأ رسالة الإسلام في بلاد العرب إلا أن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم أرسل إلى الناس كافة ، قال سبحانه وتعالى : }وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ { {الأنبياء:107}، فالبشرية كلها مطالبة بالقيام لله تعالى بهذا الدين ، وعلى المسلمين أن يبذلوا الجهد في إبلاغه إلى الناس كافة ، قال الله تعالى } كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ { {آل عمران:110}، وقال تعالى } وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا {  {البقرة:143} .

 

انتداب الأمة للبعث :

بين الخطاب الاسباب الحقيقية لانتداب الامة للبعث ، وفي وقت كانت المرحلة مهيأة وتتطلب في ذات الوقت الانبعاث ومن ثم التجدد ، فكانت سمات البعث التي يحق لنا جميعا التفاخر بها سمات متألقة ليس في الرحاب القطري فحسب بل في رحاب أوسع أمده العروبة والإسلام والإنسانية ، وقد تجسد ذلك بشكل جلي في موقف البعث الثابت بعدم التنكر وعبر تاريخه الطويل للرسالة وللعروبة وللحضارة وللتاريخ ، فمعظم ما كُتب عن البعث تعمد المغالطة والتجني ، ووقع الظلم على البعث والبعثيين حين تداخلت الألوان واختلطت المعايير ، وكأنه قفزا فوق الواقع ، فلمن لا يعرف من الابواق المأجورة شيئا عن البعث وأسباب بعثه عليه ان يعرف ان البعث كتنظيم محكوم بضوابط صارمة تنظم حركته وطنياً وقومياً ،وعليهم ان يعرفوا ان شعار البعث وأهدافه هي بالضد من التخلف والاستعمار ، وتنشد المحافظة على الهوية العربية والهوية الإسلامية في معانيها وأبعادها ، فالبعث ولد في ظروف معقدة على المستويين الوطني والقومي ، اتسمت بحالة من عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي وتنوّع الرؤى ، فتمت صياغة نظريته وما يتلائم وواقع حال الأمة كفكر وكمبادئ وباعتباره مشروعاً حضارياً متكاملاً يمتلك إرثا نضاليا يسعف ويردف أيدلوجيته التي تعتبر نقطة تحوّل حاسمة في التاريخ السياسي الحديث ، فكل حركة تنبثق من صميم الشعب تنطلق من رؤى وأفكار وإرهاصات وطنية وصولا للمجتمع المثالي المنشود وتقع على عاتق البعث مسؤولية بلورة الأفكار كضرورة وطنية وايجابية ، وبالتالي بناء الإنسان والمجتمع على اعتبار الانسان هو الغاية ، والبعث كما هو دائما يختلف عن أي حزب اخر لا ينشد مصالح ذاتية ضيقة ، فلا غرابة ان تندب الأمة البعث ليفجر الثورة ويقود المسيرة الكفاحية الجهادية لأنه طوق النجاة وصمام الامان ، وقد عبر عن ذلك القائد بالقول " لقد كان بعثنا المجيد ولا يزال وسيبقى إلى الأبد يمثل روح الشعب العظيم ويمثل روح الأمة المجيدة فهو النموذج والمثل ، وهو القيادة والريادة لمسيرة الجهاد المقدس ، فهو اليوم في العراق كما أرادته الأمة يفجر ثورتها الكبرى ويؤججها ، ويقود مسيرتها الكفاحية ، ويحمل رسالتها الخالدة عقيدة ومبادئاً وأهدافاً وقيماً ومثلاً كريمة وشريفة ، هذا هو بعثنا اليوم كما ولدته الأمة قبل خمسة وستين عاماً، لم يزل نقياً طاهراً زكياً ثائراً مجاهداً ومعطاء" ، خطاب في كل كلمة وجملة وردت فيه معان وحكم تغني الباحث عن الحقيقة ، فيتم التوضيح بان البعث هو روح الشعب والأمة وبذات الجملة يبرز الجواب بلا تكلف ودون الحاجة لأدلة وبراهين ، كيف لا والبعث هو النموذج والمثل ، وهل بعد ذلك يحتاج المتلقي الى توضيح ؟ كما ويصف دور الحزب عبر مسيرته ، فحين يتذكر الشعب الانجازات لا بد من ذكر البعث بشكل تلقائي لكونها تعبر عنه ويعبر عنها ، وحين تطلبت المرحلة خطا جديدا استوجبته المستجدات ، لم يكن عصيا على البعث الولوج فيه ، وهو ما عززه بالنضال والجهاد المقدس .

 

الخطأ مردود على من أحدثه إن كان متعمدا وقاصدا :

أي شجاعة وأي عنفوان وأي سمو ونكران ذات يتحلى بها قائد البعث والمسيرة ، انه لا ينكر على الافراد ارتكاب الخطأ ، وقد يكونوا قد أخطئوا فعلا ، ولكن بنفس الوقت يشير الى ان البعث أسمى وأرفع شأنا ، ومنظومة القيم الحزبية كما هي لم ولن تتغير ، تتأثر وتؤثر بالقيم المجتمعية ، لتضفي على ما هو ايجابي بريقا ورونقا ، وتشذب كل ما هو سلبي ، وما حصل وما سيحصل يحسب على من ارتكبه ومردود عليه والأهم إن البعث بريء منه حين يقول " إن أي شيء قد حصل في مسيرة البعث فيما مضى ، أو قد يحصل لاحقاً ، من رجاله أو قياداته أو مؤسساته أو منظماته خارج هذا الوصف ، أو يتقاطع معه ، وخارج هذه المهام أو يتقاطع معها ، فهو مردود على من أحدثه ، وهو ليس من البعث ، والبعث براء منه ومن جاء به إن كان متعمداً وقاصداً" وبلاغة المعنى تكمن في القصد المسبب للنتيجة ، فالقصد من الخطأ لا ينصرف الى الاجتهاد نتيجة العمل ، وإنما يقصد به من أرتكب الخطأ ولديه معرفه مسبقة به ويصر على ارتكابه عمدا وتقصدا ، وهو ما يعرف " بالعلاقة السببية ".

 

يتبع الجزء الثاني بإذن الله ...

 

mmsskk_msk@yahoo.com

 

 





الاحد٠٨ جمادي الاخر ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٩ / نيسان / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. منهل سلطان كريم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة