شبكة ذي قار
عـاجـل










صارت قصة شهرزاد وشهريار المشهورة من القصص العالميه التي ترجمت الى عدة لغات عالمية , وفيها عبرة لكل الحكام العرب الذين اصيبوا بمرض السادية , اي حب تعذيب الاخر لارضاء ذاته المريضة . وشهرزاد تعود اليوم في حالة الانتفاضات الشعبية التي تعم العديد من بلدان العرب والعالم وتطاول في صبرها وانتفاضتها السلمية لعل وعسى ان تنال بعض حقوقها التي اقرتها شرائع السماء وقوانين الارض . ولكن الحاكم الظالم يتلذذ في تعذيب ابناء الشعب وقتلهم من اجل ان يبقى في السلطة ولو على جماجم الفقراء . نشاهد تصرفات هؤلاء الحكام على شاشات التلفاز يوميا , يدعون العدل والانصاف والحكم الرشيد , وفي الوجه الاخر وحوش كاسرة تلتهم جثث الابرياء بدعوى انهم ارهابيون لانهم يطالبون بحقوقهم المشروعة التي نادت بها رسالات السماء وقوانين الارض . الذين يمثلون دور شهريار في حكومة المالكي فهم كثر , ويتلذذون بتعذيب الاخرين من ضعفاء القوم . ولكن الاشرفيين فلديهم القدرة على المطاولة والصبر امام جبروت رجال نظام الملالي في طهران واعوانهم في بغداد .وكم عانوا من جبروت الظلمة المدججين بالسلاح والعربات عامي 2009 و 2011 , وقرروا تفويت الفرصة على الجبابرة ان ينالوا منهم بالغدر والاحتيال .


ذكرت في العنوان ( ليبرتي ) اي الحرية , ولكن هذا الاسم لا يعني اي شئ من الحرية الحقة . انه معسكر للقوات الامريكية الغازية للعراق عام 2003 . وقد غادرته نهاية عام 2011 تجر اذيال الخيبة , بعد الضربات الموجعة على يد المقاومة العراقية الباسلة , التي اوقعت في القوات الغازية الوف القتلى ومئات الوف الجرحى , وخسائر مادية ومالية كبيرة جدا ارهقت الخزينة الامريكية .


تركت القوات الامريكية المهزومة مخيم ( ليبرتي ) خرابا , وزاد من خرابه العبث الذي جرى فيه على يد قوات الامن العراقية التي استلمته , وفكرت حكومة المالكي ان تجعلة سجنا للاشرفيين الذين يعيشون في مخيم اشرف منذ ثلاثة عقود ونيف . وفي الحقيقة لقد حول الاشرفيون خلال العقود الماضية في ظل الحكم الوطني مخيمهم الى مدينة صالحة للسكن الكريم , فاسسوا البنى التحتية والخدمات العامة من مضخات المياه واجهزة تحلية الماء ومولدات الكهرباء والملاعب والمستشفى والمقبرة والعيادات الطبية وغيرها الكثير . هذا الوضع لم يعجب نظام الملالي في ايران , ولاسيما ان الاشرفيين هم اعضاء في منظمة مجاهدي خلق المعارضة لنظام الملالي , فقد تمكنت المنظمة من كسب ود المنظمات الانسانية في العالم , وتمكنت من شطب اسمها من قائمة الارهاب الذي وضعت فيه قبل سنوات , وصار لها من المؤيدين المؤثرين في اوروبا والولايات المتحدة من نواب ومحامين وحقوقيين واساتذة جامعات ومنظمات حقوق الانسان العدد الكبير , فقد ساهموا ومعهم قيادة المنظمة في فضح سياسات نظام الملالي , وسلوكه الارهابي ضد الدول ومصالحها في العالم , وبالذات قوات القدس التي يقودها قاسم سلماني التي لها اذرع ارهابية في البلدان العربية وبلدان العالم .هذا النشاط السلمي ألب الرأي العام العالمي ضد نطام الملالي الذي اشتهر بالاعدامات الكيفية في شوارع المدن الايرانية ونالت اهالي واقارب اعضاء منظمة مجاهدي خلق والقوى المعارضة لهذا النظام .


لقد تفتق العقل الارهابي لنظام الملالي عن فكرة تحاصر بها منظمة مجاهدي خلق , وركزت انظارها على اعضائها الساكنين في اشرف , ولا سيما بعد ان تسلمت قوات الامن العراقية مسؤلية مخيم اشرف من القوات الامريكية . وبتعليمات من وزارة اطلاعات الايرانية نفذت القوة العسكرية التابعة لمكتب المالكي هجمات عسكرية عامي 2009 و 2011 على الاشرفيين وقتلت العشرات وجرحت المئات منهم . ومن ثم جاء قرار المالكي بانذار الاشرفيين بالرحيل من مخيمهم والا فالقتل مصيرهم . وعندها تحرك الرأي العام العالمي وبالذات الاوروبي والامريكي والامم المتحدة على حكومة المالكي , الامر الذي جعلة يقرر نقل الاشرفيين الى مخيم ليبرتي المهلهل وفق شروط ومواثيق كتبت بين الحكومة العراقية والامم المتحدة منها :


1 . السماح بنقل كل ممتلكات الاشرفيين من عجلات واجهزة ومعدات كهربائية ومضخات الماء والاجهزة الطبية والمكتبات وما شابه ذلك .
2 . السماح للاشرفيين التواصل مع محاميهم في الخارج .
3 . تواجد قوة أمن عسكرية عراقية خارج سور المخيم .


4 . السماح للمفتشين التابعين للامم المتحدة بزيارة الاشرفيين والاستماع الى مطالبهم وايجاد حلول للمشكلات التي تعترضهم .


منذ اليوم الاول لوصول الدفعة الاولى من الاشرفيين الى ليبرتي واجهتهم المصاعب والقيود التي وضعتها قوات الامن العراقية المرافقة لعملية النقل , فقد منع عليهم نقل ممتلكاتهم من السيارات والاليات الخدمية والطبية , ومنع حمل الكتب والاشرطة والكاسيتات وغيرها .وعلى خلاف الاتفاق المبرم بين الطرفين , فقد انتشرت القوات الامنية العراقية في كل ارجاء المخيم الجديد , واقيمت نقاط للامن في اماكن حساسة بحيث تراقب الاشرفيين نساء ورجالا في كل حركاتهم وحتى عند دخولهم الى الحمامات و وهذا التواجد الامني الكثيف يسمح بتواجد عناصر من قوات القدس الايرانية مع قوات الامن العراقية لافتعال المشاكل والتضييق على السكان , ومحاولة كسبهم وارجاعهم الى ايران .


والمعضلة الكبيرة التي واجهت الاشرفيين ولاسيما بعد وصول الدفعة الخامسة الى ليبرتي هي الماء الصالح للشرب والاغتسال , حيث لايوجد الا صنبور واحد يبعد عن المخيم حوالي 12 كم , وترد علية العديد من المنشأت العراقية الواقعة حول المطار . ومن المشكلات البيئية تراكم الاوساخ في المخيم اذ لم يسمح للسكان ان يستأجروا سيارات من خارج المخيم لنقل الاوساخ الى خارجه حفاظا على البيئة .وبمعنى اخر تم نقل الاشرفيين من سكنهم الاول اللائق لسكن البشر الى ليبرتي السجن الكبير , تمهيدا للخطوة الثانية التي تم اقرارها عند زيارة المالكي الى طهران يومي 22و23 نيسان الماضي , حيث قدم هو ومستشاره الامني فالح الفياض العامري تقريرا الى محمود احمدي نجاد وقاسم سلماني حول الاجراءات التي اتخذتها الحكومة العراقية بشأن سكان اشرف , وقد نالت تلك الاجراءات رضا الجانب الايراني , وطالب الوفد الضيف بالاسراع في نقل الاشرفيين الى ليبرتي , واحكام الحصار عليهم , ونشر المزيد من رجال الامن في المخيم تمهيدا للخطوة التالية . والاتفاق المهم هو " ارسال وفد من الخارجية العراقية ووزارة حقوق الانسان الى دول اوروبا , لشرح الاجراءات المتخذة بحق الاشرفيين , وضرورة نقلهم الى بلدان اخرى . والهدف الاساس من هذه الحركة الدبلوماسية تشويه سمعة منظمة مجاهدي خلق امام الرأي العام الاوروبي , وهكذا يتضح مقدار تبعية حكومة المالكي لنظام الملالي بحيث تقوم بالدعاية له وضد معارضية نيابة عنه في دول اوروبا .


الاجراء الاهم الذي تمخضت عنه زيارة المالكي الى طهران الاتفاق بين الطرفين على ان ترسل الحكومة الايرانية لجنة من منظمة الصليب الاحمر الايراني الى بغداد للاتصال مع الاشرفيين , والتمثيل عليهم ان هذه اللجنة تحمل اليهم رسائل من اهلهم في ايران , وتدعوهم الى العودة الى ايران . وتستغل هذه اللجنة الظروف الصعبة التي يعيشها الاشرفيون في مخيم ليبرتي ولا سيما في فصل الصيف اللاهب في بغداد , حيث لاماء للشرب ولا تبريد , اضافة الى المضايقات التي ستفضي الى اعتقال البعض من السكان , وقد يصل الامر الى مصادمات بين السكان وقوات الامن المنتشرة في كل جنبات المخيم .


بات واضحا كم هي تبعية المالكي وحزبه واعوانه الى النظام الايراني , وكيف ينفذ تعليمات المرشد علي خاميئي ونجاد , وكلهم يتقمصون دور شهريار السادي في تعذيب البشر الابرياء , انهم يكيلون بمكيالين , فيبرؤون المجرم والارهابي كما هو الحال في تبرئة دقدوق عضو حزب الله اللبناني الذي نفذ عشرات العمليات الارهابية ضد العراقيين , ويحكمون على الابرياء بالسجن بدون محاكمة .

 

 





الاربعاء١٨ جمادي الاخر ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٩ / أيــار / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. حسن طوالبه نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة